هل على العربية أن تساير الرداءة؟

[Ahmed]

هذه طبعة ثانية مبكرة، لكتابي "حقوق العصر" قمت بها بعد توارد ملاحظات عديدة تتعلق في معظمها باللغة. يمكن تحميل نسخة pdf مجانا طوال شهر فيفري على الرابط https://payhip.com/b/CMeU

هل على اللغة العربية أن تنزل بأسلوبها إلى مصاف اللهجات بدعوى أنها تخاطب مستوى متواضعا؟ لماذا نضع شروطا مدمرة للغتنا على كُتاب العربية، في حين نجتهد في تعلم اللغات الأخرى و قد نفوق أهلها من أجل فهم طلاسم الطلاسم في عيون آدابها؟

نقرأ من الكتاب:
[ على افتراض أن معنى كلمة إلحاد، عدم الاعتراف بوجود خالق الكون بوصفه العلة الأولى لكل شيء كما يردد، و يحلو لهم الترديد، إخواننا المؤمنون، فهناك نوعان من الإلحاد..، إلحاد بسيط و إلحاد مركب.
الإلحاد البسيط ← نفي العلة الأولى و القطع الوثوقي بعدم وجودها وراء العالم المشهود.
فالملحدون بالوصف البسيط، الطبيعي، الذي لا يضر الحياة و لا الإنسان و لا الاجتماع، هم من نعرف في ثقافتنا الجارية اليوم باسم الملحدين. قد يكون المأخذ الوحيد عليهم هو أنهم يتمسكون بحكم نهائي مسبق في مسالة علمية لم تتضح بعد جميع تفاصيلها..و هي مسالة بعيدة عن حياتنا و شؤوننا الخاصة و حتى العامة.. و هي بعيدة عن بلدنا.. و بعيدة عن قارتنا.. و بعيدة عن كوكبنا.. و بعيدة عن مجرتنا.. فهي تتعلق بفرضيات ما وراء العالم.
مسألة علمية بحتة، لا يزال العلماء الحقيقيين في حيرة و اختلاف بشأنها، في حين أن الشطار عندنا، وصلوا إليها "بنباهتهم الفائقة" - و لعلها "البصيرة"- و ضبطوها.. ثم سرعان ما أدرجوها ضمن أساليبهم في تجهيل و استعباد البشر.
و لوا بقوا على اعتقادهم ذلك، كافين شرهم بخيرهم لما ناوأهم أحد.. و لكنهم سيسوه و أدرجوه ضمن السياسة العامة، و مَعرَفوه و أدرجوه ضمن العلوم "ما فوق الدقيقة"..
و على هذا المحال، كان موقف الملحد البسيط، و تمسكه الوثوقي بعالم الشهود، رد فعل على حماقاتهم، و لم يكن ليكون لو لم تظهر ديانات. و عليه، فالتسمية الدقيقة للملحد البسيط هي الشهودي أو اللاديني.
و مهما كان الأمر، يبقى الملحدون بالوصف البسيط، مجرد أصحاب رأي في واحدة من ألغاز الكون و فقط، و هي مسألة علمية بحتة من اختصاص علماء الكون.. ثم بعد ذلك، يكون الرأي بالرأي، و الاختلاف عندهم لا يفسد للود قضية.
الإلحاد المركب ← عدم الاكتفاء بنفي العلة الأولى كما في الإلحاد البسيط، و لكن صنع بديل عنها..، و بناءه من جديد في خيالنا و إعطاءه صبغة الكمال كما تريده رغباتنا و خياراتنا الثقافية و مناطق الراحة في خلايانا المُبَنجة. و تخريج شرائع و أحكام من ذلك التصور نضفي عليها الإطلاق و القطعية و القسر، على الزمان و المكان و الإنسان.
أي – مع تقدير الفارق طبعا - لا نكتفي بتغييب صاحب الحق ( أ )، و لكن نزيد في التجني و الافتراء عليه بأن نضع شخصا آخر ( خ ) مكانه، لا يساوي ساق بعوضة أمامه على افتراض وجودهما معا، ثم نقول للناس، هذا ال ( خ ) هو الشخص ( أ )..،
ثم لا يهدا لنا بال حتى ينحاز الآخرون إلينا و إلا فإنهم:
• ملعونون وجب قتالهم إذا كان بنا بأس و قوة ( إرهاب ) ،
• مساكين أنجاس وجب إرشادهم إذا كان بنا ضعف و هوان( تنكيد)
فالملحدون بالوصف المضاعف، الشاذ عن الطبيعة، الذي يتعدى ضرره إلى الحياة و إلى الإنسان و حتى إلى تشويه الحقيقة، هم - مع الأسف- من نعرف في ثقافتنا الجارية اليوم باسم المؤمنين.
فهم فضلا عن تجنيهم على أسرار الكون كما أسلفنا، ليسوا أصحاب رأي، بل أصحاب موقف نفسي من مخالفيهم. فما عداهم نجس..، و الاختلاف عندهم يفسد حتى على الرحم القضية.
فالمؤمن إذن ليس ملحدا فقط، و لكنه ملحد و مفتري... مع تقديراتنا.]