التفسير العلمي لمقولة (في الماضي كان هناك خيرات أكثر) الخاصة بكبار السن

[حكمت]

لا بد وأن الكثيرين منكم قد سمعوا من آبائهم وأجدادهم العبارة التالية (في الماضي كان هناك خيرات أكثر)....
طبعا هذه العبارة بشكل خاص، منتشرة بين أبناء القرى، او ذوي الأصول القروية. يتحدثون فيها عن ذكرياتهم القديمة ، وكيف كانت الخيرات تعم الجميع، وكان هناك وفرة في الماء، وكانت الخضروات ذات مذاق أشهى وألذ من خضروات هذه الأيام....
ولا يمكن أن ننسى المقولة الشهيرة، وهي (كان هناك بَرَكة) وذلك دلالة على كثرة الشيء بالنسبة لأغلب الناس، والسعادة رغم الفقر....ولكن ما هو تفسير ماسبق؟
هل يعقل أن هناك بركة من قبل، واختفت هذه البركة نتيجة تغير النفوس، وفقدان للناس لضمائرهم، وخروجهم تدريجيا عن العادات والتقاليد؟
دائما ما تصور جداتنا لنا، أيام الزمن الغابر، خصوصا في منطقتنا العربية، حيث كانت الشهامة، والرجولة، والقيم، والأخلاق...ويردفون لنا في قصصهم التي يحبونها لنا في ليالي الشتاء الباردةبجانب المداغئ، بأن تخلينا عن عاداتنا وديننا وقيمنا الأصيلة، هي السبب في مانحن فيه، فذهبت (البركة), وندرت (الخيرات).....ولكن هل هذا صحيح يا ترى؟؟
من المؤكد لا....فلو أردنا النظر بطريقة علمية لما حدث نستنتج مايلي:
.
** أهل الأرياف والقرى اعتادوا منذ صغرهم على العمل في الزراعة، والأكل مما تنتج أيديهم، أما في العصر الحالي فقد دخلت الزراعة سرداب العلم، ولم تبقى عشوائية وتعتمد على خبرة الفلاح التي تلقاها من أبيه ومن جده.
.
**في الوقت الحالي، أصبحت الكثير من الزراعات ضمن البيوت البلاستيكية، ولم تعد الخضروات والفواكه منتح طبيعي، فقد درج استخدام للمبيدات والهرمونات، والبذور المحسنة وراثيا، ومواد لإنضاج الثمار قبل أوانها، وحقيقة هذا سبب تغيرا في طعم الخضروات، والحصول على منتح ذي طعم غير معتاد وغير مستحب من قبل للأجيال السابقة، ولو أجرينا مقارنة حقيقية، لوجدنا الخضروات التي يتم انباتها بشكل طبيعي ألذ وأطيب بألف مرة من المنتجات الحالية، وهذا ما سبب اختلافا وتغيرا بالنسبة لكبار السن.
.
**سابقا كان للناس يشربون من الينابيع الجوفية، أما في الوقت الحالي نتيجة الاستهلاك الغير منظم لهذه الموارد، لاحظنا نضوب العديد من الينابيع، التي كانت بالنسبة بهم أكثر بكثير من مجرد مصدر لماء الشرب.
.
**في السنوات الأخيرة لاحظنا موجات هحرة كبيرة من الريف إلى المدينة، واهمال الزراعات، مما أدى لتناقص المساحات الخضراء، إضافة إلى الزحف العمراني نتيجة تزايد الهجرات وتزايد عدد السكان، هذا الزحف العمراني الذي يتنامى على حساب الأراضي المزروعة والمساحات الخضراء.
.
**نتيجة التطور العمراني والصناعي على مستوى العالم، ازداد التلوث البيئي، وارتفعت درجة حرارة الأرض، ونتيجة الاحتباس الحراري، تأثرت ظواهر عديدة سلبيا، فقلت الأمطار، وقلت الثلوح، وحدثت تغيرات مناخية لم يعتد عليها آباؤنا وأجدادنا.
..
..
نتيجة الأسباب أعلاه وأسباب أخرى، حدثت تغيرات عديدة في أيامنا الحالية، وربما نحن نراها عادية وطبيعية نتيحة ولادتنا ضمن هذه الظروف، فلم نلاحظ تغييرا يذكر...
إضافة إلى أن عصرنا أصبح أكثر تعقيدا وتطورا من قبل، مما شكل فارقا نوعيا بالنسبة لمعاصري الأزمنة السابقة، فما اعتادوا عليه في طريق الزوال تدريجيا، والأسباب المذكورة أعلاه، تؤدي إلى تغيير كبير جدا بالنسبة لهم....
مما سبق نستنتج أن مانعيشه اليوم هو نتيجة طبيعية لما ذكرناه سابقا، ولكن أهالينا لا يستطيعون تخيل ماحدث، فلا زالوا متمسكين بالبركة والخيرات، وينسبون اختفاءها إلى تغير نفوس الناس، وعدم اتقائهم لله، وتخليهم عن عاداتهم ومبادئهم التي لا يزول بريقها مهما طال الزمن...
تحياتي...

[تهارقا]

لا اعرف عزيزي ابو فهد.
هذه كلها انطباعات تتشكل في اذهاننا تجعلنا نحن الي الماضي لدرجة التقديس كما نحن الي من كان في الماضي لدرجة التقديس
انطباعات لا اكثر
ولكن حين نبحث
عن الحقيقة فالحقيقة هي ان العالم اليوم أفضل
فالأمان والسلم
أقوي من اي زمن في التاريخ
علاقاتنا الاجتماعية أوسع وان كانت علاقاتنا الاسرية اضعف نوعا ما
الحياة اسهل
والمجاعات اقل والطاعون منعدم والصحة متطورة
والإنسان عموما اكثر تطورا و تعلماً

اليوم أفضل من البارحة ولكن انطباعاتنا عن البارحة أفضل منها اليوم

[حكمت]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تهارقا

لا اعرف عزيزي ابو فهد.
هذه كلها انطباعات تتشكل في اذهاننا تجعلنا نحن الي الماضي لدرجة التقديس كما نحن الي من كان في الماضي لدرجة التقديس
انطباعات لا اكثر
ولكن حين نبحث
عن الحقيقة فالحقيقة هي ان العالم اليوم أفضل
فالأمان والسلم
أقوي من اي زمن في التاريخ
علاقاتنا الاجتماعية أوسع وان كانت علاقاتنا الاسرية اضعف نوعا ما
الحياة اسهل
والمجاعات اقل والطاعون منعدم والصحة متطورة
والإنسان عموما اكثر تطورا و تعلماً

اليوم أفضل من البارحة ولكن انطباعاتنا عن البارحة أفضل منها اليوم

يبقى للماضي نكهة خاصة صديقي..
الحياة كانت بسيطة جدا، دونما تعقيد كما اليوم....
خصوصا كبار السن، لا يستطيعون التأقلم مع مفردات هذا العصر....
ربما عندما كنا صغارا، كان عقلنا محدودا، وأحلامنا لا تتجاوز سن طفولتنا.....
ولكن بعد أن نكبر، ندخل معترك الحياة، الذي كنا بعيدين عنه، ونقاسي صعوبته ومشاكله، ربما لذلك يبقى شيء في داخلنا يجعلنا نحن للماضي....
تحياتي عزيزي وشاكر مرورك...