شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول الحِوارات الفلسفية ✎

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 07-16-2016, 10:13 PM   رقم الموضوع : [1]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي معزوفة الصدفة .....




يا ألد أعداء المؤمن .... من أنت ؟ بل انك من ألد أعداء كل رجل عقلاني يسير في الأرجاء وهو يصرخ : "لكل فعل فاعل ولكل نتيجة سبب ولكل شيء في هذا العالم علة تفسره "
أنت عدوة العقل , عدوة هيجل
أنت مرادف اللاتحدد , فعندما نقول أن الشيء حدث بالصدفة , فهذا يعني أنه لم يكن هنالك عامل خارجي أو داخلي كان مسؤولا عن حدوث ذلك الشيء بتلك الكيفية .

انظروا الى الشيء الذي تحكمه الصدفة , انه عنوان للجنون . وجدت ان بين الكلمتين (الصدفة من جهة والجنون من جهة أخرى ) رابطة حميمية . ذلك أن الصدفة ليست شيئا آخر سوى غياب القوانين , وغياب القوانين يعني أننا لم نستطع أن نخضع الموضوع لنظم معينة (normes), فما ان نحكم عليه بشيء حتى يثبت لنا لاحقا أننا تسرعنا وبأن حكمنا كان خاطئا , أليس هذا ينطبق تماما على المجنون ؟

ثم وجدت بين الصدفة و الارادة الحرة (أو الحرية المطلقة) علاقة حميمية . فعدم الخضوع لقانون داخلي أو خارجي (أي الاتسام بالعشوائية ) هو شيء أكبر من الحرية الهيجلية التي تعني التحديد الذاتي (أي التحديد بقوانين داخلية) .

ثم وجدت بين الصدفة و الرقص علاقة حميمية . فالرقص بما هو حركات عفوية و وضع للأقدام في كل المواضع بلا استثناء هو مقابل الصدفة التي "تختار" للشيء أن يكون على هيئة من بين عدد لامتناه من الهيئات الممكنة التي لا تستثنى منها امكانية معينة بقانون ما , وكل الهيئات متساوية الاحتمال أمامها , وبالامكان ابدال الواحدة بالأخرى دونما حرج , أليس هذا رقصا ؟ بلا , اذا لم يكن يقصد بالرقص ذاك الذي يمشي على ايقاعات أو "قوانين".

ثم وجدت بين الصدفة و العبث علاقة حميمية , وهذا تحصيل حاصل لأن العبث هو غياب القوانين داخلية كانت أم خارجية .

لقد كان هنالك في الفلسفة دائما خانتان : خانة الميتافيزيقا (أي تحدد المواضيع بقوانين خارجية ) وخانة الدياليكتيك (أي تحدد المواضيع بقوانينها الداخلية) , ولا أرى الصدفة الا خانة جديدة ينبغي أن تضاف ( لا تحدد المواضيع مطلقا).
لكن , من هذا الجريء الذي يزعم أنه غير متحدد داخليا و خارجيا ؟
ان قوله ذاك سهل الدحض . ويكفينا أن نخبره أن جسمه , بما هو مادة , خاضع لقوانين الفيزياء الكلاسيكية , كقانون التجاذب الكوني , والمبدأ الثاني لنيوتن , ومبدأ القصور ....لكن من السهل أن يرد علينا بأنه خلافا للأجسام الأخرى, فانه يستطيع أن يفر من كل هذه القوانين لأنه يملك ارادة حرة , وفي الوقت الذي ينبغي فيه ميكانيكيا لجسم صلب يزن نفس وزنه أن ينزلق على سطح مائل بزاوية معينة عن السطح الأفقي , فان صاحبنا, اذا ما وضع على نفس السطع المائل , سيغرس أضافره كالقط على ذلك السطح المائل رافضا الانزلاق ومعطلا قوانين الميكانيك .
لكن هل حسب نفسه قد تخلص من اللاتحدد ؟ لا وألف لا . ذلك أننا سنجيبه هذه المرة بأن الارادة الحرة التي يزعمها هي في حد ذاتها قانون داخلي يحكمه , وان قال لنا بأن التحدد الذاتي هو الحرية عينها (كما قال هيجل) , فسنقحمه معنا في غمار علم النفس لنبين له بأن تلك الارادة الحرة المزعومة ما هي الا نتاج مجموعة من الظروف الخارجية والداخلية التي وجهت تلك الارادة لتتجه في هذا المنحى دون ذاك , و نأتيه بنظرية اللاشعور التي ستبين له بأن جل سلوكاته وتصرفاته تجد أصلها ومبررها في عوامل تخفى عنه هو نفسه , فأين التحديد الذاتي في هذا ؟ لينقلب المسكين مدحورا مخذولا.

هكذا وجدت أن بين الصدفة والتحرر (داخليا وخارجيا) علاقة حميمية . لقد صارت الصدفة مطلبا جماعيا أمميا . وأجمل شيء في العالم هو أن نكتشف أن الشر يحدث في العالم بالصدفة , فهذا وحدثه الذي سيكفل تقبله وتبريره بل وشرعنته من طرفنا , وان وقوف أي قانون (واعيا كان أم لاواعيا) وراء الشر ليجعل ذلك القانون عرضة أكيدة لاحتجاجنا و امتعاضنا .
هكذا وجدت بين الصدفة والبراءة علاقة حميمية . ان الصدفة ببساطة تلعب , كالطفل الصغير , ولا تعرف الفرق بين الخير والشر , لا تعرف أن اصطدام سيارة برجل مسن غافل أثناء قطعه الطريق ستؤدي الى ايلام أسرته و أصدقائه و من سمع عنه , كما أنها لا تعرف أن تصدق رجل على مسكين بمبلغ مهم سيفرح أولاده ليلة العيد . ان الصدفة , ان تحولت بشكل مجازي الى ذات (لأن الحال أنها اسم معنى ) , ستكون الاله البريء المطلق البراءة , الاله الذي يصلح لهذا العالم المليء بالشرور والأحقاد , الاله المستحق للعبودية بحق .
قال أينشتاين يوما : ان الله لا يلعب النرد , وقد كان يريد من قوله تنزيه الله عما لا يليق به . كان خيرا لنا وللآلهة , لو كانت تلعب النرد .

ثم وجدت بين الصدفة والأمل علاقة جد حميمية . ان تقلد الصدفة دفة العالم يعني ببساطة أن كل شيء صار ممكنا , وأن الأمور ليس لها أن تركن الى حال معين نهائي . كل شيء ممكن مع الصدفة , هلاكك كما استمرارك , غناك كما فقرك , ضعفك كما قوتك , اكتشافك للحقيقة كما بقاؤك جاهلا بها .
أما القوانين , أي ضد الصدفة , فهي قدرية بطبعها (نسبة الى القدر) , فلنأخذ مبدأ القصور الغاليلي الذي يقول بأن الجسم المعزول أو شبه المعزول ميكانيكيا في معلم غاليلي يكون اما في حالة سكون أو في حالة حركة مستقيمية منتظمة ويستمر في هذه الحالة ما لم يتغير وضعه المعزول (أو شبه المعزول) , انني أجد غاليلي هنا يلبس عمامة ويحدث كرجل دين عن القدر, قدر الجسم في ظل ظروف معينة , ولا يمكن للجسم أن يخالف هذا القدر أو هذا التنبؤ العلمي كما لا يمكن للعالم أن يخالف قدر الله أو التنبؤ الالهي . الصدفة لا تؤمن بكل هذه التراهات . ولحسن الحظ لن يستطيع غاليلي أن يرفع التحدي في وجهنا وفي وجه الصدفة , ولو صدقت كل التجارب التي قام بها هو( أو من جاءوا من بعده) بخصوص الجسم شبه المعزول ميكانيكيا , لسبب بسيط هو أن التجربة لا تملك قوة الضرورة الاقناعية المنطقية , ولو أن كل الأجسام شبه المعزولة التي وقعت عليها دراستنا سارت في حركة مستقيمية منتظمة , فلن يمنع هذا من وجود جسم في ركن من هذا العالم شبه معزول يسير في حركة دائرية .
كأننا بالصدفة تحترم المنطق ! والحال أن المنطق سيكون هو نفسه من بين ضحاياها . فالصدفة لا تعترف بالحرام أو الممنوع , ومعلوم في المنطق أن هذين المفهومين حاضران بقوة (الانتقالات المنطقية الممنوعة أو المغلوطة أو المحرمة).

وجدت الصدفة اذن معزوفة سعيدة وردت فيها الكلمات التالية : الأمل , الحرية , العبث , الرقص , التحرر , الحياة ,البراءة , العفوية ,....



  رد مع اقتباس
قديم 07-18-2016, 11:40 AM ابوخالد غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
ابوخالد
عضو بلاتيني
 

ابوخالد is on a distinguished road
افتراضي

لاشي غير الصدفه ولا سبيل غير ذلك

وجدت بين الصدفة و العبث علاقة حميمية , وهذا تحصيل حاصل لأن العبث هو غياب القوانين داخلية كانت أم خارجية




  رد مع اقتباس
قديم 07-18-2016, 01:46 PM Macbeth غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
Macbeth
عضو برونزي
الصورة الرمزية Macbeth
 

Macbeth is on a distinguished road
افتراضي

غريب جدا توارد الخواطر
من الصباح وتتمزاج في مخيلتي تصورات كثير عن وحول الصدفة ..
لي عودة



  رد مع اقتباس
قديم 07-19-2016, 03:11 AM ابوخالد غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
ابوخالد
عضو بلاتيني
 

ابوخالد is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة macbeth مشاهدة المشاركة
غريب جدا توارد الخواطر
من الصباح وتتمزاج في مخيلتي تصورات كثير عن وحول الصدفة ..
لي عودة
لاتبخل علينا بمعلوماتك
في انتظارك لتثري الموضوع الشيق



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
معزوفة, الصدفة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امكانية الصدفة في هذه الحروف الشريد2 الجدال حول الأعجاز العلمي فى القرآن 10 10-07-2019 10:52 PM
العلم وراء الصدفة الأسطورة العلوم و الاختراعات و الاكتشافات العلمية 0 01-25-2019 01:39 AM
معزوفة الحب الماركسى خلوووود مقالات من مُختلف الُغات ☈ 0 07-05-2017 11:26 AM
الصدفة والصانع ابوخالد حول الحِوارات الفلسفية ✎ 5 04-27-2016 05:09 PM
مفاهيم في الالحاد: الصدفة السيد مطرقة11 الأرشيف 1 08-30-2013 12:02 PM