شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول المادّة و الطبيعة ✾ > الأرشيف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 08-30-2013, 07:53 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي بين الفيزياء والميتافزياء .

حية طيبة ...

مقال رائع للكاتب الأكثر من رائع... جواد البشيتى .

النظرية (أو الفرضية) لا تنشأ إلا تلبية لحاجة معرفية، فالبشر يحتاجون، دائماً، إلى شرح وتوضيح وتفسير "الحقائق"، فهُم، أوَّلاً، يحدِّدون تلك الأشياء والظواهر الطبيعية التي ينظرون إليها على أنَّها "حقائق"، ثمَّ يسعون، عبر "نظرية معيَّنة"، إلى شرحها وتوضيحها وتفسيرها. وكلمة "لماذا" تكون، عادة، هي "المبتدأ" في السؤال الكبير (المفتاحي) الذي مِنْ أجل إجابته وُضِعت "النظرية".

هل الكون، في الوقت الحاضر، يتمدَّد ويبرد؟ الكوزمولوجيون يعتقدون أنَّ كوننا مستمر، حتى الآن، في تمدُّده وبرودته. وينظرون إلى اعتقادهم هذا على أنَّه "حقيقة لا تشوبها ذرَّة مِنَ الشك". وقد جاءت نظرية "الانفجار الكبير" لشرح وتوضيح هذه "الحقيقة"، أي أنَّها جاءت لتشرح لنا وتوضِّح "لماذا" كوننا ما زال مستمراً، حتى الآن، في تمدُّده وبرودته.

الحاجة المعرفية إلى نظرية "الانفجار الكبير" وُلِدت سنة 1920 عندما اكتشف هابل Hubble أنَّ المجرَّات البعيدة عن مجرَّتنا تتحرَّك بعيداً عنَّا، وأنَّ المجرَّات الأكثر بُعْداً هي الأكثر سرعةً في ابتعادها عنَّا، أو في ارتدادها. وهكذا استنتج هابل نفسه أنَّ الكون كله يجب أنْ يكون في حالة تمدُّد.

تمدُّد الكون، الذي ما زال مستمراً حتى الآن، يعني، على وجه الدقَّة، أنَّ مجرَّاته جميعاً يرتد بعضها عن بعض، وكأنَّها شظايا قنبلة. ويعني، أيضاً، أنَّ مجرَّاته المتباعدة الآن كانت، في الماضي، متقاربة، أي أنَّ حجم الكون كان أصغر. وهكذا استنتج (أو افترض) كوزمولوجيون أنَّ الكون قد جاء من "نقطة مفردة" Single Point.

عندما نرى ونتأكَّد أنَّ مجرَّات الكون هي الآن في تباعد مستمر فإنَّ المنطق يفرض علينا أنْ نستنتج أنَّ هذه المجرَّات كانت في الماضي قريبة مِنْ بعضها بعضاً، ولكن ليس مِنَ المنطق في شيء أنْ "نتطرف في هذا الاستنتاج"، فنُعْلِن أنَّ الكون قد جاء مِنْ تلك "النقطة المفردة" ذات الخواص الميتافيزيقية. ثمَّ ما هو القانون الفيزيائي الذي يمنعنا مِنْ أنْ ننظر إلى هذه "النقطة المفردة" على أنَّها كانت تعدل "الشمس"، أو "الأرض"، أو "البطيخة"، في حجمها؟!

لماذا هذا الإصرار، الذي ليس مِنَ الفيزياء في شيء، على أنْ تكون "النقطة المفردة" معدومة الحجم، وعلى أنْ نفهم "انفجارها" على أنَّه تلك "القوَّة الميتافيزيقية" التي خلقت المادة، والزمان، والمكان، وكل شيء؟!

التصوُّر الكوزمولوجي المسمَّى "Big Bang" إنَّما يقوم، في جوهره، على الفكرة (الميثولوجية) البسيطة الآتية: لا شيء غير "العدم" كان قَبْلَ "الانفجار الكبير"، الذي هو، في هذا التصوُّر، في منزلة "الخالق" في الأديان، فهذا "الانفجار"، الذي لا يشبهه انفجار، هو الذي خلق كل شيء.. خلق الزمان والفضاء والطاقة والجسيمات والمادة..!

إنَّ "النقطة المفردة" هي "العدم" Nothingness الذي بفضل "الانفجار الكبير" وعبْرِه تحوَّل إلى "وجود" و"مادة". "لقد انفجر العدم فخُلِق الكون"!

هذا هو "العمق الفلسفي" لأهم نظرية كوزمولوجية في القرنين العشرين والحادي والعشرين!

بَدْءُ الكون بانفجار يحمل على الاعتقاد بتصوِّر خاطئ بحسب وجهة نظر أنصار نظرية "الانفجار الكبير". وهذا التصوُّر هو تصوُّر "الانفجار" على أنَّه مِنْ نمط الانفجار المألوف في المعرفة والتجربة البشريتين، أي أنَّه انفجار حدث في موضع ما في الفضاء.

خطأ هذا التصوُّر إنَّما يكمن، بحسب وجهة نظرهم، في النظر إلى "الفضاء" على أنَّه شيء كان له وجود قَبْلَ حدوث "الانفجار الكبير"، فهذا الانفجار، في معتقدهم، هو القوَّة التي خلقت "الفضاء"، ثم قامت بمطِّه ومدِّه. وليس تمدُّد وتوسُّع الكون (أي تباعد مجرَّاته) سوى تمدُّد وتوسُّع "الفضاء"، فلا شيء (لا فضاء ولا مجرَّات) حول "سطح البالون (الكوني)"، ولا شيء في داخل هذا البالون، فالكون كله، بفضائه ومجرَّاته، إنَّما هو "سطح البالون". وكل "نقطة" (أو مجرَّة) على سطح البالون يمكن النظر إليها على أنَّها "مركز الكون"، كما أنَّ كل "نقطة" تتحرَّك بعيداً عن غيرها بالسرعة ذاتها. أمَّا إذا كان لا بدَّ مِنْ تشبيه الكون بـ "الكرة" فإنَّ هذه الكرة ليس كمثلها كرة أو جسم كروي، فـ "الكرة الكونية" إنَّما هي، في معتقد أنصار نظرية "الانفجار الكبير"، "غشاء كروي" لا شيء فوقه، ولا شيء تحته، لا شيء في خارجه، ولا شيء في باطنه!

هذا التصوُّر الكوزمولوجي إنَّما يكمن خلله الأعظم، بحسب وجهة نظرنا، في كونه يضرب صفحاً عن حقيقة أنَّ "المادة"، مهما كان شكلها أو نوعها، ليست بالشيء الذي يمكن أنْ يُوجَد مِنْ دون "الفضاء"، فالمادة والفضاء إنَّما هما شيء واحد غير قابل للتجزئة. ويكفي أنْ تَعْتقِدَ باستحالة وجود "الفضاء" قَبْلَ "الانفجار الكبير"، الذي خَلَقَ الفضاء ثمَّ وسَّعه، حتى تَعْتقِدَ، بالضرورة، بأنَّ "النقطة المفردة" التي "وقع فيها هذا الانفجار الكبير" كانت "غير مادية" في ماهيتها وجوهرها، أي أنَّها كانت "نقطة روحية خالصة"، فهذا الانفجار إنَّما هو القوَّة التي بفضلها انبثق الكون (المادي) مِنَ "الروح الخالصة"، أمَّا "الانسحاق الكبير" فهو القوَّة التي بفضلها سيفنى "الكون المادي" ويتلاشى في "الروح الخالصة" ذاتها!

يتبع ....



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 08-30-2013, 07:54 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

الدقائق الثلاث الأولى..

العالِم ستيفن وينبرغ Steven Weinberg ألَّف كتاباً صغيراً، عنوانه "الدقائق الثلاث الأولى مِنْ عُمْرِ الكون". واستحق وينبرغ على جهده الإبداعي جائزة "نوبل" للفيزياء سنة 1979. ويَعْرِض لنا في هذا الكتيب تلك النظرية الفلكية الأهم في القرنين العشرين والحادي والعشرين.. نظرية "الانفجار العظيم".

وفي نهاية هذا الكتيب، يرى الكاتب أنَّ السعي، عن رضا، لفهم الكون هو مِنَ الأشياء النادرة التي تسمو بالإنسان، وتنتشله مِنَ الترهات وصغارة الحياة اليومية، وتنعم عليه بشيء مِنْ شرف المشاركة في هذه المسرحية التراجيدية.

ولكن، هذا السعي ليس مِنَ الأمور التي في متناول كل إنسان لاعتبارات عديدة، مِنْ أهمها أنَّ عقول البشر مثقلة ومقيَّدة بأفكار مسْبقة، وبأجوبة إيديولوجية جاهزة، فلا ترى في الكون وأحداثه وظواهره، إلا تعبيرا عن حكمة فلسفية!

مِنْ أرومة الفلسفة تفرَّعت العلوم على اختلافها. ومع تقدُّم العلوم وازدهارها تضاءل الاهتمام بالفلسفة حتى جرؤ كثيرون على القول بأنَّ هذه الأداة المعرفية علاها الصدأ، ولا بدَّ لنا، بالتالي، مِنَ الكفِّ عن استعمالها. وغاب عن هؤلاء أنَّ المعرفة تقوم على العلاقة الجدلية بين "العام" و"الخاص"، فالجوانب والأبعاد العامة مِنَ الواقع تطرح، على الدوام، أسئلة وقضايا من طبيعة فلسفية صرف. ونستطيع القول، الآن، إنَّ الفلسفة والعِلْم في طريقهما إلى "وحدة أعلى وأرقى"، فأحدث وأهم المنتَجات الفكرية للكوزمولوجيا، وميكانيكا الكم، وفيزياء الجسيمات دون الذرِّية، يشير إلى اشتداد صعوبة تمييز حقائق الفلسفة مِنْ حقائق العِلْم.

كثيرة هي الأفكار والتصوُّرات التي نسجها الخيال، ولكن، ثمَّة حقائق علمية يعجز الخيال، مهما كان خصباً، عن الإتيان بمثلها. فهل تُصدِّق أنَّ الكون بمجرَّاته التي تضمُّ كل منها مِنْ مئة مليار إلى ألف مليار نجم، كان محصوراً، قبل خمسة عشر مليار أو ستة عشر مليار سنة، ضمن حيِّز تَكْبُرُهُ نواة الذرَّة بمليارات المرَّات، وأنَّه كان بالثقل ذاته الذي هو فيه اليوم؟!

وماذا نسمِّي هذه "النقطة" المتناهية في الصِغَر إلى حدٍّ يصعب، بل يستحيل تخيُّله، والتي انفجرت قَبْلَ ستة عشر مليار سنة، فوُجِدَ الكون الذي نعيش فيه الآن؟ هل نسميها "العدم"؟

"فيزياء العدم" عند هاوكنغ!

إنَّ ستيفن هاوكنغ لا يتردَّد في القول بأنَّ الكون قد خُلِق مِنْ "لا شيء"؛ لأنَّ الفهم الحديث لميكانيكا الكم يسمح بهذا. لقد قوَّض هاوكنغ، بهذا الفهم الحديث لـ "ميكانيكا الكم"، أهم قانون اكتشفته الفيزياء، وهو قانون "استحالة خلق المادة مِنَ العدم". قد نجد صعوبة في تعريف "المادة"، أمَّا "العدم" فإنَّ تعريفه هو المستحيل بعينه، فلا يمكننا، في أي حال، تعريف "العدم". لماذا؟

لأنَّ الإنسان لا يملك في رأسه مِنْ أفكارٍ سوى تلك المتعلقة بـ "العالم المادي"، فأنا أملكُ في رأسي فكرة عن القمر؛ لأنَّ هذا الجسم السماوي موجود "في خارج فكري"، و"في استقلال تام عنه". حتى الأفكار الخيالية، كمثل فكرة "نهر مِنْ ذهب"، تُوجَد في رأسي؛ لأنَّ "عناصرها" موجودة بالفعل، فثمَّة "نهر" في الواقع، وثمَّة "ذهب". ويستطيع الخيال نسج علاقة "غير واقعية" بين أشياء "موجودة في الواقع". أمَّا الشيء الذي لا وجود له في العالم المادي فلا يمكنني أنْ أُكوِّن أي فكرة عنه.

ومع ذلك، تجرَّأ هاوكنغ، وهو فيزيائي لامع، وليس رجل دين، على القول بأنَّ الكون قد خُلِقَ مِنْ "لا شيء". والمثير للدهشة، حقَّاً، أنَّ هاوكنغ يتزعَّم ويقود جمهرة مِنَ العلماء إلى العوالم النظرية لـ "الثقوب السوداء". وكان هذا العالم قد أكَّد في كتابه "قصة موجَزة للزمان" أنَّ "الذرَّة الأولى" التي صدر عنها كوننا عقب "الانفجار العظيم" هي "ثقب اسود"، وأنَّ "الثقب الأسود" يمتلك "حجما غير معدوم"، وتعمل فيه القوانين ذاتها التي تعمل في عالمنا الحالي.

وفي هذا "الحجم غير المعدوم" لـ "الثقب الأسود"، الذي نشأ عنه كوننا، تركَّزت كتلة الكون وطاقته، فثِقَلَهُ هو ذاته ثِقَلُ الكون الذي نعيش فيه الآن، أي أنَّ الفراغ، أو الفضاء، في داخل "الذرَّة الأولى" كاد ينعدم، ولا نقول انعدم. ولكن، لنرجع إلى ستيفن وينبرغ وكتيِّبه "الدقائق الثلاث الأولى مِنْ عمر الكون".

قَبْلَ "الانفجار"!

في البدء، أي قَبْلَ ستة عشر مليار سنة، كان "شيء" لا نعرف، وربَّما لن نعرف أبداً، عن ماهيته وخواصه وتركيبه أي شيء. وهذا "الشيء" كان متناهياً في الصِغَر، فحجمه يقلُّ عن حجم نواة الذرَّة بمليارات المرَّات. ومع ذلك كان يشتمل على كل كتلة الكون الحالي وطاقته، فكان، بالتالي، شديد الكثافة والجاذبية. ومِنْ فرط جاذبيته ما كان في مقدور الضوء أو جسيمات الضوء (الفوتونات) الإفلات منه، أي أنَّه كان، بالضرورة، مظلماً. ويُفترَض أنَّ هذا الشيء، أو هذه الكتلة المركَّزة ذات الكثافة الهائلة، كان في غاية الحرارة.

لقد انفجرت "الذرَّة الأولى"، وتناثرت "شظاياها" في كل اتِّجاه، وانطلقت كل "شظية" بسرعة خيالية. وهذه العملية تسمَّى تمدُّد، أو انتشار، أو توسُّع، الكون. ونحن، إلى يومنا هذا، نعيش في كون في حالة انفجار.

لا تسألوا وينبرغ: ماذا كان قَبْلَ "الذرَّة الأولى"؟ ولا تسألوه: ماذا حدث قَبْلَ الانفجار العظيم؟ فـ "الفيزياء الكوانتية"، التي تصوَّرها الفيزيائي الألماني ماكس بلانك لا تزال تبحث عن جواب عن السؤال الثاني، ضاربة صفحاً عن السؤال الأوَّل، العصيُّ على كل إجابة، على ما يزعمون.

إنَّ وينبرغ يريد أنْ يتحدث بشيء مِنْ الاطمئنان والثقة، وكأنَّه كان هناك شاهداً على ما حدث، ولهذا يبدأ بالحديث عن الثانية الأولى التي أعقبت الانفجار الكبير.

يقول وينبرغ: بَعْدَ نحو جزء مِنْ مئة جزء مِنْ هذه الثانية، هبطت حرارة الكون إلى مئة مليار درجة مئوية تقريباً. وكانت كثافة هذا الحساء (أو الضباب) الكوني، عند درجة الحرارة هذه، تعادل أربع مليارات مرَّة كثافة الماء.

ويضيف قائلاً: إنَّ حرارة الكون استمرَّت في الهبوط حتى بلغت في نهاية الدقائق الثلاث الأولى مليار درجة مئوية.. هنا، كانت الكثافة لا تزال عالية إلى حدٍّ ما (أقل قليلاً مِنْ كثافة الماء). وكلَّما تمدَّد الكون هبطت درجة حرارته. وقام واضعو نظرية "الانفجار الكبير" بإجراء عمليات حسابية لمعرفة كثافة الكون الحالية فوجدوها تعادل ثلاث ذرَّات مِنَ الهيدروجين في المتر المكعب الواحد.

إنَّ الكون في حالة تمدُّد، فهل يظل يتمدَّد إلى ما لا نهاية؟ عندما وضع آينشتاين نظريته النسبية نسي أنْ يضع تصوُّراً عن تمدُّد الكون والانفجار الأوَّل الذي ولَّده، إذ اعتقد بـ "كون مستقر".

وإنَّنا، اليوم، بإزاء تصوُّرين للكون: "الكون المفتوح"، المتمدِّد إلى ما لا نهاية، و"الكون المغلق"، الذي سيخضع، في آخر المطاف، لقوَّة الجاذبية، ويَغْلبه وزنه، فينهار على ذاته، أي يبدأ مساراً معاكساً مِنَ التطور، هو مسار التقلُّص والانقباض.

وبحسب التصوُّر الثاني، لن يكون الكون الحالي، المتمدِّد، سوى طور تالٍ لآخر انكماش وآخر انتفاضة (انفجار). ونستطيع أنْ نتخيل دورة لا نهاية لها من التمدُّد والانكماش، فإذا كان الانكماش هو مستقبل كوننا فعلى الأرجح أنَّ ماضيه كان كذلك، فالمجرَّات المبتعدة إحداها عن الأخرى، الآن، كانت، مِنْ قَبْل، أكثر تقارباً.

يتبع ...



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 08-30-2013, 07:54 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

تحية طيبة ...

لملاحظة المفتاحية

ولكن، ما هي الملاحظة الأهم التي جعلت العلماء يعتقدون بنظرية "الانفجار العظيم"؟ لقد لاحظ هؤلاء أنَّ المجرَّات القريبة منَّا تبتعد عنَّا في سرعة بطيئة نسبياً، بينما المجرَّات البعيدة تبتعد عنَّا في سرعة أكبر كثيراً. ثمَّ لاحظوا أنَّ المجرَّات الأكثر بُعْداً، والتي نستطيع رؤيتها، تبتعد عنَّا في سرعة تعادل ثلثي سرعة الضوء.

في ضوء ذلك، استنتج العلماء أنَّ المجرَّات الآخذة في الابتعاد عنَّا كانت في الماضي أكثر قُرباً منَّا، وأنَّ الكون في حالة توسُّع وانتشار.

إنَّ الرسول الذي يحمل إلينا المعلومات عن المجرَّات والنجوم هو الضوء المنبعث أو المنطلق منها. ويتألَّف الضوء مِنْ جسيمات تسمى "فوتونات". وتسير "الفوتونات" في الفراغ، أو الفضاء، بسرعة هي "السرعة القصوى" في الكون، وتبلغ هذه السرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة.

إنَّنا بناءً على ذلك، لا نرى الشمس في زمانها الفعلي، بل بَعْده بثماني دقائق، فإذا انشطرت الشمس فإنَّ الأرض لن تتأثَّر بهذه الكارثة الكونية إلا بعد حدوثها بثماني دقائق. النجم "الفاسانتوري" هو أقرب نجم إلى المجموعة الشمسية، إذ يبعد عن الأرض نحو أربع سنوات ضوئية، وهذا يعني أنَّنا نرى هذا النجم، دائماً، قَبْلَ زمنه الفعلي بأربع سنوات. والمناظير الحديثة حين تطلُّ على أجسام السماء البعيدة إنَّما تطلُّ على ماضيها، فكلَّما نظرنا إلى ما هو أبعد رأينا ما هو أقدم.

لقد قدَّر العلماء عُمْر الكون بستة عشر مليار سنة، فإذا تمكَّن المنظار "هابل" مِنْ رؤية أجسام كونية تبعد عنَّا ستة عشر مليار سنة ضوئية فإننا، عندئذٍ، نرى، بفضله، حافة، أو نهاية، الكون، أي نرى تلك الأجزاء مِنَ الكون التي نشأت، توَّاً، عن "الانفجار العظيم"، ويستحيل أنْ نرى الحالة التي عليها هذه الأجزاء الآن.

إنَّ المجرَّات الأكثر بُعْداً عنَّا، يهرب بعضها مِنْ بعض، أي "تتباعد" بسرعة خيالية. وهذه الصورة التي نراها، الآن، بفضل الضوء، إنَّما هي صورة هذه المجرَّات قَبْلَ مليارات السنين. المجرَّات الأبعد عنَّا تتباعد، أي تبعد عنَّا ويبعد بعضها عن بعض، بسرعة خيالية، والمجرَّات الأقرب إلينا تتباعد هي، أيضاً، ولكن بسرعة بطيئة نسبياً. هذا يعني أنَّ الكون لا يزال في حالة تمدُّد.

قد نرى كوننا حين كان طفلاً رضيعاً، ولكن، لماذا تستعصي علينا رؤيته حين كان جنيناً؟ لأنَّ الكون في مرحلته الجنينية كان على هيئة "ثقب اسود". وهذا الجسم، أو بالأحرى الجسيم، كان مِنْ فرط جاذبيته يمنع حتى الضوء مِنَ الإفلات منه، ولهذا لا يمكننا رؤية الكون حين كان جنيناً.

نظرية أو فرضية "الانفجار العظيم" جاءت لتُدْخِل في مفهومي "المادة" و"العدم" مزيداً مِنَ التشوُّش والغموض؛ ذلك لأنَّها وعدتنا بانتهاء البحث عند تخوم ذلك "الشيء" الذي كان موجوداً قبيل "ثوانٍ" مِنْ وقوع هذا "الانفجار".

هذا "الشيء" دعاه القس والكوزمولوجي البلجيكي جورج لاميتر George Le Maitre سنة 1927، "الذرَّة البدائية"، ودعاه فريدمان "الكتلة المادية شديدة الكثافة". وقد كان القس لاميتر هو أوَّل مَنْ تحدَّث عن انبثاق الكون مِنْ انفجار تلك "الذرَّة البدائية".

"ذرة لاميتر" اشتملت على كل مادة الكون، وكان حجمها يزيد كثيراً عن حجم الشمس قَبْلَ أنْ تنفجر وتتمزَّق قطعاً صغيرة لا عدَّ لها ولا حصر. وقد استمرت كل قطعة في الانقسام حتى ظهرت الذرَّات في الكون.

في هذا "الشيء" وقع "الانفجار العظيم"، ولكن "الكون"، الذي يمكننا معرفته، بحسب بعض الفيزيائيين والكوزمولوجيين، هو، فقط، الكون الذي كان بَعْدَ 10 ثوانٍ أو 43 ثانية مِنْ وقوع هذا الانفجار، فالكون، في حالة وجوده السابقة لهذه الثواني، سيظلُّ، وفق رأي هؤلاء، مستغلقا على الفهم البشري!

وبناءً على ذلك، يقول بعض أنصار نظرية "الانفجار العظيم" إنَّ هذه النظرية لا تستطيع توضيح "طبيعة" ذلك "الشيء"، الذي كان موجوداً "قَبْلَ" وقوع "الانفجار".

ويقولون، أيضاً، إنَّ كلمة "قَبْل" قد تكون "خاطئة"، أو "معدومة المعنى"؛ لأنَّ "قَبْل" هي ظرف زمان؛ ولأنَّ "الزمان" ذاته "خُلِق" عند وقوع "الانفجار العظيم"، أي أنَّ ذلك "الشيء" الذي كان موجوداً "قَبْل" وقوع "الانفجار" كان شيئا "معدوم الزمان"!

وهذا "العدم" عندهم كان يشمل، أيضاً، "القوى الفيزيائية الأربع" (الجاذبية، القوَّة الكهرومغناطيسية، القوَّة النووية الضعيفة، القوَّة النووية الشديدة) إذ أنَّها، جميعاً، كانت، في بداية الكون، مندمجة، أو منصهرة، في قوَّة واحدة مفردة، ثم تجزَّأت، أو تمايزت، أو تغايرت.

"قوَّة الجاذبية" هي التي انفصلت أوَّلاً. وبَعْدَ انتهاء طور "التضخم" Inflation انفصلت "النووية الشديدة"، ثمَّ انفصلت "النووية الضعيفة"، فالقوَّة "الكهرومغناطيسية". تمدُّد الكون أفضى إلى برودته، التي أفضت إلى ظهور جسيمات وقوى مختلفة. ولكن، أين وقع "الانفجار العظيم"؟

"الفضاء" إذ انفجر!

"الانفجار العظيم"، بحسب آراء القائلين به، لم يقع في الفضاء. لم يقع "في داخل فضاء" كما هي الحال في انفجار قنبلة يدوية. الفضاء ذاته هو الذي انفجر، ثم تمدَّد.

ولكن هذا الفضاء الذي انفجر لم يكن، وُفْقَ زعمهم، موجوداً "قَبْل" وقوع "الانفجار"، فالفضاء (المكان) والزمان وُجِدا "بَعْد" هذا "الانفجار"!

لقد جاء الكون مِنْ تلك "النقطة" ("الذرَّة البدائية"، "الذرَّة الأُم"، "البيضة الكونية") التي نحار في وصفها، أو تسميتها، ولكنَّنا سندعوها "المفرد" Singularity.

"الانفجار (الكوني) العظيم" يجب أنْ يؤدِّي إلى "تمدُّد" لـ "الكيان المادي" الذي وقع فيه وشمله، ولكن ليس ثمَّة موجب أو داعٍ للقول بأنَّ "كل تمدُّد" يجب أنْ ينشأ عن "انفجار"، فقول كهذا إنَّما يماثل، في منطقه، قول "كل الحيوانات يجب أنْ تكون كلابا؛ لأنَّ كل الكلاب حيوانات"!

الخلل الأعظم في نظرية "الانفجار العظيم" يكمن في قولها (الذي لا مبرِّر فيزيائي له) إنَّ "كل" المادة في الكون يجب أنْ تكون قد تركَّزت وتكثَّفت في ذلك الحيِّز المتناهي في الصِغَر ("المفرد" Singularity). وفي قولها، أيضاً، إنَّ الكون والزمان والفضاء وكل شيء فيزيائي آخر قد خُلِق في "لحظة واحدة" تسمَّى "الانفجار العظيم" Big Bang.

إنَّ المستحيل بعينه هو أنْ تضع "كل" مادة الكون، أو هذا "المقدار المطلق" مِنَ المادة (مِنَ الكتلة والطاقة) في تلك "النقطة" ذات الكثافة المطلقة، فـ "غير المحدود" في المقدار لا يمكن تركيزه في "حيِّز محدود".

بحسب وجهة نظر غث، تركَّزت "كل" مادة الكون في حيِّز أصغر كثيراً مِنَ الحيِّز الذي يشغله بروتون واحد. وغنيٌّ عن البيان أنَّ كوْناً بدأ في هذا الحجم لا يمكنه أنْ يبلغ حجمه الحالي إلا إذا تمدَّد في سرعة تفوق أضعافاً مضاعفة سرعة الضوء!

وكان ستيفن هاوكينغ قد أوضح أنَّ الكون يمكن أنْ يُوْلَد حتى مِنْ دون تلك "النقطة ذات الكثافة غير المحدودة".

خطأ كبير آخر، في هذه النظرية، هو النظر إلى الكون على أنَّه مساوٍ لـ "الكون المرئي المنظور". وكان إيريك ليرنر قد أوضح أنَّ معادلات آينشتاين تسمح بوجود "عدد غير محدود" مِنَ "الأكوان المختلفة".

في المستقبل، سنكتشف مزيداً مِنَ المجرَّات والأجسام الفضائية البعيدة جدَّاً عن كوكب الأرض، وسنعرف، بالتالي، أنَّ في الفضاء القصيِّ مِنَ الأجسام ما يزيد عمره عن 20 أو 30 أو 40 أو 50.. مليار سنة. وسنعرف، أيضاً، أنْ ليس من نهاية لاكتشافاتنا هذه، والتي ستتسع وتزداد وستكون أكثر دقَّة مع إحرازنا لمزيدٍ مِنَ التقدُّم العلمي والتكنولوجي في مجال الرصد الفضائي.

لو كان لدينا، الآن، أدوات وأجهزة وطرائق رصد فضائي أكثر تطوراً لاكتشفنا أجساماً فضائية (مجرَّات مثلاً) تبعد عنَّا 50 مليار سنة ضوئية مثلاً، أي أنَّ عمرها أكبر مِنَ العمر الذي افترضوه للكون. واعتقد أنَّ تقدُّما علمياً وتكنولوجياً كهذا سيدمِّر، عملياً وليس نظرياً فحسب، أركان نظرية "الانفجار العظيم

يتبع ...



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 08-30-2013, 07:55 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

تمدُّد هابل" في تفسير مختلف

هانز ألفين وأسكار كلاين فَهِمَا ظاهرة "تمدُّد هابل" في طريقة مختلفة، قائلين إنَّ مقداراً هائلاً مِنَ "المادة" و"المادة المضادة" قد تجمَّع، قَبْلَ 10 مليارات أو 20 مليار سنة، "في زاوية واحدة صغيرة مِنَ الكون المرئي المنظور"، فتولَّدت مِنْ هذا "التجمُّع" مقادير هائلة مِنَ الإلكترونات والبوزيترونات النشيطة والعالية الطاقة. هذه الجسيمات المحتجَزة في حقول ومجالات مغناطيسية، دَفَعَت، بقوَّة "انفجار"، مادة "البلازما"، التي منها تكثَّفت المجرَّات، بعيداً في الفضاء. هذه المجرَّات المتطايرة في الفضاء أنتجت ظاهرة "تمدُّد هابل".

القائلون بهذه النظرية البديلة ينزعون عن "الانفجار" تلك "القوَّة السحرية الميثولوجية"، فلا خَلْقَ، على يديه، لا للمادة ولا للفضاء ولا للزمان، فهذا "الانفجار"، الذي كان هائلاً وعنيفاً، إنَّما وقع في أحد أجزاء الكون.

ألفين وخلافاً للاعتقاد السائد لدى معظم العلماء بأنَّ "الفضاء" ليس سوى "فراغ مطلق" Empty Vacuum أوضح أنَّ "تيَّارات مِنَ البلازما" و"حقولاً مغناطيسية" تغمر وتعمُّ الكون بأسره، وأنَّ "مقذوفات انفجارية مفاجئة مِنَ الطاقة" تملأ الكون.

ونحن لو تحرَّينا الدقَّة والموضوعية لنظرنا إلى كل الأجسام والجسيمات في الكون على أنَّها "قاذفات" دائمة للطاقة، فما مِنْ جسم أو جسيم إلا ويُطلِق، دائماً، كمِّيات مِنَ "الجسيمات المادية"، التي تنتقل وتتحرَّك في الفضاء في سرعة عالية جدَّاً، فبعض المادة، في الجسم أو الجسيم، يكون "مجمَّداً" محتجَزاً، وبعضه يكون "متطايراً" حرَّاً طليقاً.

يجب أنْ يكون الجسم أو الجسيم في هذه الحال مِنَ "الثنائية" حتى يُوْجَد، فالجسم أو الجسيم المنغلق على نفسه انغلاقاً مطلقاً، فلا يُطْلِق ولا يمتص "جسيمات مادية"، في استمرار، لا وجود له!

المادة، ديناميَّة في طبيعتها، في حالة مِنَ الحركة والتبدُّل الدائمين، ولا يمكننا فهم وتفسير وتعليل ديناميَّتها إلا بالجسيمات المادية المتدفِّقة مِنَ الأجسام (والجسيمات) في استمرار.

التشويه الميثولوجي

لكَ أنْ تتخيَّل، إذا كنتَ قادراً على مثل هذا التخيُّل، أنَّ "المفرد" Singularity كان مشتمِلاً على كل ما في الكون مِنْ "مادة"، أي على كل ما فيه مِنْ "كتلة" و"طاقة"، وكان شديد "الكثافة (غير محدود الكثافة)" ولكن حجمه كان صفراً أو معدوماً، أي لا حجم له!

ولو أرَدْنا أنْ نكون أكثر دقَّة في وصف هذا "الشيء" لقُلْنا إنَّه لا يمكن أنْ يكون سوى "العدم"، فإذا كان "الزمان ـ المكان" لم يُخْلَق بَعْد، أي لم يكن له مِنْ وجود في "النقطة الكونية"، فلا يجوز التحدُّث عن انحنائه. وإذا كان هذا "الانحناء" غير موجود فلا يمكن تصوُّر وجود "كتلة" أو "طاقة" في هذه "النقطة"؛ ذلك لأنَّ وجود "الكتلة" و"الطاقة" هو الذي يُنْتِج انحناء "الزمان ـ المكان". وغنيٌّ عن البيان أنْ لا وجود للمادة ما دامت "الكتلة" و"الطاقة" غير موجودتين!

ومع ذلك، يتحدَّثون عن "الكثافة غير المحدودة"، و"الجاذبية الهائلة"، و"الحرارة الهائلة" لهذه "النقطة"!

كثافة ماذا، وجاذبية ماذا، وحرارة ماذا؟! "كثافة" و"جاذبية" و"حرارة".. "العدم"؟!

قد تبدي عجزاً عن تخيُّل هذا الشيء، الذي انبثق منه الكون، مماثلاً لعجزكَ عن تخيُّل أشياء أخرى جاءت بها نظريات وتصوُّرات كوزمولوجية عديدة، مثل "الكون الذي له أكثر مِنْ ثلاثة أبعاد مكانية".

وثمَّة مَنْ يقول إنَّ الكون كان حتى حدوث "الانفجار العظيم" مشتمِلاً على أكثر مِنْ أربعة أبعاد.. كان مشتمِلا على عشرة أبعاد، ولكن، لسوء حظِّه وحظِّنا، حطَّم "الانفجار" ستَّاً منها. ويقولون إنَّ هذه الأبعاد الستة هي، الآن، أصغر مِنْ أنْ نستطيع ملاحظتها، فكل اكتشافاتهم الكوزمولوجية هي مِنَ النوع الذي لا يمكننا ملاحظته وإدراكه!

أمَّا ردُّهم على هذا العجز الذي تبدي فهو أنَّ ثمَّة "أفكاراً" أو "تصوُّرات" كوزمولوجية صحيحة، ولكن عقل الإنسان لا يستطيع تخيُّلها أو تصوُّرها، فوجود "شيء" يشتمل على كل الكتلة والطاقة في الكون، ويكون معدوم الحجم في الوقت نفسه، إنَّما هو "حقيقة كوزمولوجية" ينبغي لك الاعتراف بها على الرغم مِنْ أنَّ عقل الإنسان لا يستطيع تخيُّل هذا "الشيء"!

بهذه الطريقة في التفكير والنظر إلى الأمور، والتي يحاولون فرضها عليكَ، يمكن، في رأيهم، ويجب أنْ تبدأ المعرفة الكوزمولوجية الحقَّة!

ولكن هل ثمَّة وجود لشيء، أو هل يمكن أنْ يُوجَد شيء، يعجز عقل الإنسان عجزاً مطلقاً عن إدراكه، أو تخيُّله، أو تصوُّره؟ الجواب هو: كلاَّ لا وجود له ولا يمكن أنْ يُوْجَد!

إنَّ شيئاً لا نستطيع تخيُّل وجوده إنَّما هو شيء لا وجود له، ولا يمكن أنْ يُوجَد. إنَّكَ تستطيع أنْ "تتصوَّر"، في ذهنكَ، "التفاحة"؛ لأنَّ التفاحة "واقع موضوعي". كما تستطيع أنْ تتصوَّر، في ذهنكَ، شيئاً، لم يُوْجَد مِنْ قَبْل، ولا يُوْجَد الآن، ولن يُوْجَد أبداً، مثل "عروس البحر"، ولكن هذا الكائن الخرافي كان ممكناً التصوُّر؛ لأنَّ العناصر التي يتألَّف منها (الإنسان والسمكة) موجودة وجوداً فعلياً.

في مقدور الذهن البشري أنْ يُبْدِع كائنات خرافية لا عدَّ لها ولا حصر، ولكن ليس في مقدوره البتَّة أنْ يتصوَّر "كائناً" معدوم الحجم، لا طول له، ولا عرض، ولا سُمك، أو عمق.. ليس في مقدوره أن يتصوَّر كائنا اجتمعت في خَلْقِه عناصر مادية عديدة إلا عنصر مادي واحد هو "المكان"، فكل شيء يمكن تخيُّله وتصوُّره إلا ذاك الشيء الذي ليس له حجم. لا يمكننا ذلك ليس لأنَّ عقل الإنسان عاجز عن تصوُّر "بعض الأشياء الحقيقية"، وإنَّما لاستحالة وجود شيء لا حجم له.

"التفاحة" نتصوَّرها في ذهننا؛ لأنَّ لها حجماً، وهذا الكائن الخرافي المسمَّى "عروس البحر" نتصوَّره هو، أيضاً، لأنَّنا لا نجرِّده مِنْ خاصِّية مادية جوهرية هي "المكان" بأبعاده الثلاثة.

"المفرد" Singularity يشتمل على كل كتلة الكون وطاقته، ولكن يكفي أنْ تقول إنَّ حجمه معدوم حتى تُحَوِّله مِنْ "وجود" إلى "عدم"، أو إلى كائن ميتافيزيقي، فكيف يمكنكَ إثبات وجوده، أو الاستدلال عليه، إذا ما سلَّمتَ بأنَّ حجمه معدوم؟!

وأنتَ عندما تقول إنَّ في هذا "الشيء" المعدوم الحجم تكمن كل "مادة الكون" فإنَّما تقول، في عبارة أخرى، إنَّ كل "مادة الكون" قد فنيت أو تلاشت في "العدم".

إنَّ هذا "المفرد" Singularity يمكن تصوُّره تصوُّراً واقعياً إذا كان "غير معدوم الحجم". إنَّنا نستطيع تصوُّر شيء اشتمل في حجمه المتناهي في الصِغَر والضآلة (لا في حجمه المعدوم) على مقادير هائلة مِنَ المادة، أي مِنَ الكتلة والطاقة.

يتبع ...



:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
قديم 08-30-2013, 07:55 AM السيد مطرقة11 غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [5]
السيد مطرقة11
█▌ الإدارة▌ ®█
الصورة الرمزية السيد مطرقة11
 

السيد مطرقة11 is on a distinguished road
افتراضي

تحياتى ...

مِنْ مقدِّمة صحيحة إلى..

لقد بدأت القصة كلها إذ فسَّروا ظاهرة فيزيائية (ضوئية) على أنَّها دليل على أنَّ الكون يتمدَّد ويتَّسع. هذه الظاهرة أوحت إليهم بفكرة أنَّ مجرَّات الكون في تباعدٍ مستمر، وأنَّ الأبعد منها عن الأرض يبتعد عنَّا بسرعة أعلى.

وإذ اقتنعوا بصحة هذه الفكرة قالوا، مستنتِجين، إنَّ هذا "التباعد المجري" يدلُّ على أنَّ مجرَّات الكون كانت، في الماضي، متقاربة. حتى هذا الفصل مِنَ القصة كان التفكير منطقياً وعقلانياً.

بدأوا يحيدون عن هذا التفكير عندما تخيَّلوا أنَّ هذا المسار مِنَ "التقارب المجري" يمكن ويجب أنْ ينتهي بنقطة كونية تشتمل على كل مادة الكون مِنْ دون أنْ يكون لها حجم، فالتضاؤل في حجم الكون يمكن، في تصوُّرهم، أنْ يبلغ نهايته بهذا الحجم المعدوم للمادة!

عندما استنتجوا أنَّ مجرَّات الكون كانت، في الماضي، متقاربة، وأنَّ حجم الكون كان، بالتالي، أصغر، فقد كانت لديهم "مقدِّمات فيزيائية ومنطقية" تجيز القول بصحة هذا الاستنتاج، ولكن أين هي الأسباب التي تحملهم على الاعتقاد بأنَّ "التقارب المجري" يمكن ويجب أنْ ينتهي بهذه "النقطة الكونية" المعدومة الحجم؟!

ما هي تلك الفيزياء التي تسمح قوانينها ومفاهيمها وتجاربها بالقول إنَّ جسماً له كتلة يمكن أنْ نزيد كثافته مِنْ خلال تقليل حجمه أكثر فأكثر حتى يتحوَّل حجمه المتضائل إلى "حجم معدوم"؟!

يقولون إنَّ في هذا "الشيء" المعدوم الحجم، والذي منه انبثق الكون، كانت تكمن مادة الكون كلها.. كل كتلته وطاقته، ولكن ما هي "طبيعة" هذه المادة؟ ما هي خواصها ومكوِّناتها؟ جوابهم عن هذا السؤال، هو: "لا نعرف"!

هُم لا يعرفون ذلك، ولكنَّهم يعرفون حقَّ المعرفة أنَّ "الشيء" كان معدوم الحجم، وأنَّ "كل شيء" قد خُلِق إذ وقع "الانفجار العظيم" في هذا "الشيء"!

هُم يعرفون حقَّ المعرفة أنَّ "الزمان"، أيضاً، كان معدوماً، ثم خُلِق على يديِّ هذا الخالق (الفيزيائي) الجديد، المسمَّى "Big Bang"!

هُم لا يعرفون مكوِّنات المادة في هذا "الشيء"، ولكنَّهم يعرفون حقَّ المعرفة أنَّ هذا الخالق الجديد قد خَلَق أوَّلَ ما خَلَق "جسيمات أوَّلية"، يتألَّف منها كل شيْ، أمَّا هي فلا تتألَّف من شيء!

في معتقدهم كان "الكوارك"، ثمَّ كان "البروتون" المؤلَّف مِنْ ثلاثة كواركات. أمَّا "الكوارك" ذاته فكان مخلوقاً بسيطاً، له كتلة، وله حجم، ولكن لا "مكوِّنات" له، أي لا يتألَّف مِنْ "جسيمات"!

هذا "الشيء" يشتمل، في اعتقادهم، على كل مادة الكون، ولكنَّه لا يمكن أنْ يشتمل على جسيمات (أوَّلية) لها كتلة وحجم مثل "الكوارك"، أو "الإلكترون"، فهل كان مشتمِلاً على "فوتونات"، مثلاً؟ إنَّهم يميلون إلى الإجابة بـ "نعم" عن هذا السؤال؛ ذلك لأنَّهم يؤمنون بكائن خرافي آخر يسمُّونه "الطاقة الخالصة"!

فلنفترض أنَّ هذا "الشيء" كان مؤلَّفاً مِنْ "طاقة خالصة"، أي مِنْ "فوتونات" فحسب، ولكن، هل ثمَّة طاقة، أو ضوء، إذا ما انعدم وجود "الجسم" و"الجسيم"؟!

فهذا الضوء (أو الفوتونات) الذي يسافر في الفضاء إنَّما انبعث مِنْ "جسم" هو "النجم"، مثلاً، ثمَّ سافر في "الفضاء"، أي بين "أجسام فضائية"، ولسوف يمتصَّه "جسم آخر".

هذا الضوء لا وجود له إلا إذا انبعث مِنْ "جسم" ليمتصَّه "جسم".. لا وجود له إلا إذا سافر في "الفضاء"، أي "في داخل جسم"، أي في داخل مجرَّة، أو في داخل مجموعة مِنَ المجرَّات.. أو في داخل الكون.

ثمَّ، ما هو الجسم الذي له "كتلة" و"حجم"؟ أليس هو "الطاقة المركَّزة"؟! أليست "الكتلة" هي "الطاقة المركَّزة (أو المجمَّدة)"؟! أليست هي "تجسيد" للطاقة؟!

نحن لو حوَّلْنا 1 كغم مِنَ السكَّر، أو الماء، أو أي شيء آخر، إلى "طاقة خالصة" فإنَّ مقدار هذه الطاقة سيكون كافياً لتشغيل سيارة مِنْ دون توقف مدة 100 ألف سنة!

ولكنْ، هل مِنَ الممكن أنْ نُخزِّن في "البروتون"، مثلاً، مقداراً هائلاً مِنَ "الطاقة" مِنْ دون أنْ تزيد كتلته؟ كلاَّ ليس ممكناً. وهل مِنَ الممكن أنْ نفعل ذلك إذا كان "البروتون" جسيماً "معدوم الحجم"؟! متى حدث في "عالم الفيزياء" أنْ زِدْنا كتلة جسم، أو جسيم، عَبْر إدخالنا فيه "كمِّية مِنَ الطاقة"، وكان هذا الجسم، أو الجسيم، "معدوم الحجم"؟!

يقولون إنَّ "النقطة المادية" ما أنْ وقع فيها "الانفجار العظيم" حتى شرعت تتمدَّد، متغلِّبةً على "قوَّة الجاذبية"، فهل كان لقوَّة الجاذبية مِنْ وجود في داخل هذه النقطة، أم أنَّ "الجاذبية الكونية" هي، أيضاً، مِنْ مخلوقات هذا "الانفجار"، الذي خَلَقَ "كل شيء"؟!

لو افترضنا أنَّ "قوَّة الجاذبية" كانت موجودة في داخل هذه "النقطة"، ولو افترضنا أنَّ لهذه "النقطة" حجماً لا يزيد عن حجم "نواة الذرَّة"، فهل يجوز القول إنَّ "الجاذبية" هي القوَّة التي جعلت هذه "النقطة" متماسكة، مترابطة وموحَّدة؟!

كيف يجوز مثل هذا القول ما دامت الجاذبية هي أضعف "قوى الربط" في داخل "نوى الذرَّات" و"الجسيمات"، وما دام تأثيرها غير قويٍّ إلا بين "الأجسام الكبيرة" مثل الكواكب والنجوم والمجرَّات؟!

في داخل "نواة الذرَّة"، مثلاً، تترابط "الجسيمات (البروتونات والنيوترونات)" وتتماسك ليس بـ "قوَّة الجاذبية" الضعيفة في هذا النطاق المتناهي في الصغر، وإنَّما بـ "القوَّة النووية الشديدة" قصيرة المدى. إذا كانت حال "الجاذبية" في"نواة الذرَّة" هي هذه الحال، فكيف تكون حالها في داخل تلك "النقطة الكونية" التي يقل حجمها، إذا افترضنا أنَّ لها حجماً، كثيراً عن حجم "نواة الذرَّة"؟!

ثمَّ إذا كان "المفرد" Singularity في الكون، و"المفرد" في أي "ثقب أسود"، متماثلين في الماهية والخواص الجوهرية فلِمَ لا يتماثلان في "الجاذبية" وشدَّتها؟!

كل كتلة الكون تركَّزت في تلك "النقطة"، ولكن لا انحناء، أو تقوُّس، في "المكان" و"الزمان"، اللذين ما كانا قد "خُلِقا" بَعْد!

كيف نقول بالصلة الجوهرية العضوية بين "الكتلة" وانحناء "الزمان ـ المكان"، ثمَّ نقول بوجود كل كتلة الكون في "نقطة" مجرَّدة مِنَ "الزمان" و"المكان"؟!

وإذا كانت هذه "النقطة"، التي تشتمل على كتلة وطاقة الكون، لا حجم لها، ومعدومة الزمان والمكان ("قَبْل" الانفجار الكوني العظيم) فما الذي أثارها وحرَّك فيها الرغبة في "الانفجار" و"التمدُّد"؟! ما الذي نقلها مِنْ تلك الحال إلى هذه الحال؟! كل هذه الأسئلة والتساؤلات لا إجابات عنها، ليس الآن فحسب، وإنَّما مستقبلا!

ولكنْ، كل هذا "المجهول"، الذي لن يتحوَّل إلى "معلوم"، لا الآن ولا مستقبلاً، لا ينال، في اعتقادهم، مِنْ قوَّة تلك "الحقائق المطلقة"، مثل حقيقة أنَّ كل ما في الكون مِنْ "مادة" كان كامنا، قَبْلَ خَلْق الزمان والمكان، في "نقطة" معدومة الحجم!

بقي أنْ نسألهم: هل مِنْ فَرْق جوهري قد بقيَ بين "قصة الخَلْق التوراتية" وقصة الخَلْق الجديدة التي جاءوا بها؟!




:: توقيعي :::


أهم شيء هو ألا تتوقف عن السؤال. أينشتاين

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الفيزياء, بين, والميتافزياء


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفيزياء الاهية freethinking ساحة النقد الساخر ☺ 0 05-27-2016 12:46 AM
بين الفيزياء والميتافزياء . ابن دجلة الخير حول المادّة و الطبيعة ✾ 4 04-16-2016 08:15 PM
الإسلام و الفيزياء ! العقل البلاستيكي العقيدة الاسلامية ☪ 16 01-12-2016 02:22 AM
عالم الفيزياء إسماعيل أدهم مُنْشقّ حول الإيمان والفكر الحُر ☮ 0 09-08-2015 12:11 PM
المادة بين الفيزياء والفلسفة السيد مطرقة11 الأرشيف 4 08-30-2013 07:02 AM