شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > ساحة الترجمة ✍

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 05-10-2016, 09:12 AM freethinking غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
freethinking
عضو ذهبي
 

freethinking is on a distinguished road
افتراضي كتاب التصميم العظيم الحلقة الثانية جزء ثاني

المفهوم الحديث لقوانين الطبيعة ظهر في القرن السابع عشر. يبدو ان كبلر اول عالم فهم هذا المعنى بمفهوم العلم الحديث, رغم ان كبلر كان " انيميزم " ( الاعتقاد بان الكائنات الحية وحتى المواد الجامدة لها ارواح ... المترجم ) . غاليلو (1564-1642 م) لم يستخدم مصطلح "قانون" في معظم اعماله العلمية ( رغم انه يبدو انه قد استعملها في بعض ترجمات اعماله ) . وسواءا استعمل هذه الكلمة ام لا, فغاليلو على كل حال اكتشف العديد من القوانين العظيمة, ودافع عن المبدأ المهم وهو ان الملاحظات هي اساس العلم وان غاية العلم هي البحث عن العلاقات الكمية التي توجد بين الظواهر الفيزيائية. ولكن الشخص الذي صاغ بشكل صارم وصريح مفهوم القوانين الطبيعية كما نفهمها اليوم كان رينيه ديكارت ( 1596-1650 م )
آمن ديكارت ان كل الظواهر الفيزيائية يجب تفسيرها من ناحية تصادم الكتل المتحركة, والمحكومة بثلاث قوانين- وهي سابقة لقوانين نيوتن في الحركة – فقد نص ديكارت على ان قوانين الطبيعة تلك صحيحة في كل مكان وكل وقت, وبين بصراحة ان خضوع الاجسام المتحركة لتلك القوانين لا يعني ان لتلك الاجسام المتحركة عقولا. وكذلك ديكارت فهم اهمية ما نسميه اليوم " بالشروط الابتدائية" او " الحالة الابتدائية". وهي حالة نظام ما عند بداية اي مجال زمني نرمي خلاله ان نصنع تنبؤات لهذا النظام. اي مع معرفتنا بالحالة الابتدائية لاي نظام فان القوانين الطبيعية ستحدد كيف سيتطور هذا النظام مع مرور الوقت, ولكن بدون معرفة الحالة الابتدائية فلن نتمكن من تحديد كيفية تطور النظام. فمثلا لو ان حمامة فوقنا مباشرة وعند زمن يساوي صفر القت شيئا ما فان مسار الجسم الساقط يمكن تحديده بواسطة قوانين نيوتن. ولكن النتائج ستكون مختلفة جدا اعتمادا على الطقس, او ما اذا كانت الحمامة عند الزمن صفر جاثمة بلا حراك على عمود هاتف او انها تطير بسرعة 20 ميلا في الساعة. لغرض تطبيق قوانين الفيزياء يجب معرفة كيف بدا النظام , او على الاقل حالته خلال فترات محددة من الزمن. ( يمكن ايضا استعمال القوانين لتتبع حالة النظام في الماضي ). مع هذا مع تجدد الايمان بوجود قوانين الطبيعة جرت محاولات جديدة للتوفيق بين تلك القوانين ومفهوم الاله. وطبقا لديكارت, فان الاله يمكنه ان اراد ان يغير صواب وخطا المسائل الاخلاقية او النظريات الرياضية , ولكنه لا يستطيع تغيير الطبيعة. آمن ديكارت ان الاله هو من نسق قوانين الطبيعة لكن ليس لديه الخيار في تلك القوانين, وقد اختارها الاله لان هذه القوانين التي نعرفها هي القوانين الممكنة الوحيدة. ولكن هذا يعد انتهاكا لسلطة الاله ( القدرة اللامحدودة... المترجم ), فالتف ديكارت حول هذا الامر بالقول ان القوانين غير القابلة للتغيير ما هي الا انعكاس لذات الاله. وان كان هذا صحيحا, يمكننا التفكير بان الاله لا يزال لديه الخيار في ان يخلق عوالم مختلفة متنوعة. كل من هذه العوالم يستجيب الى مجموعة مختلفة من الشروط الابتدائية, ولكن ديكارت نفى هذا ايضا. فحجته هي انه مهما كان ترتيب المادة عند بداية الكون, ففي النهاية سيتطور الى عالم مماثل الى عالمنا. وفوق هذا ديكارت احس ان الاله خلق العالم ثم تركه لوحده تماما
موقف مماثل( مع بعض الاستثناءات) تم تبنيه من قبل اسحق نيوتن ( 1643-1727 م) . نيوتن كان الشخص الذي فاز بالقبول الواسع الانتشار للمفهوم الحديث للقانون العلمي بقوانينه الثلاث للحركة وقانون الجاذبية, والذي تعتمد عليه حركة الارض والقمر والكواكب وتفسر ظواهر مثل المد والجزر. ابدع حفنة من المعادلات, وفصل الاطر الرياضية التي لا نزال نشتق منها منذ ذلك الوقت والتي لا تزال تدرس لليوم, وتوظف كلما اراد معماري ان يصمم بناية او مهندس ان يصمم سيارة او فيزيائي ان يحسب كيف يوجه صاروخا ليهبط على المريخ. وكما قال الشاعر الكسندر بوب
الطبيعة وقوانين الطبيعة تختفي في الليل
فقال الله, ليكن نيوتن! فصارت كلها في الضوء
معظم العلماء اليوم سيقولون ان القانون الطبيعي هو قاعدة بناء على ملاحظة انتظامه ويوفر تنبؤات تمتد الى ما بعد الاوضاع الحالية القائمة عليها. على سبيل المثال, نحن نلاحظ ان الشمس تبزغ من الشرق كل صباح في حياتنا, ويمكننا ان نفترض القانون التالي " الشمس تبزغ من الشرق دائما" . هذا تعميم يمتد الى ما بعد ملاحظاتنا المحدودة لبزوغ الشمس ويصنع تنبؤا قابلا للاختبار مستقبلا. ومن الناحية الاخرى, فان عبارة من مثل " الكمبيوترات في المكتب سوداء اللون" ليست قانونا طبيعيا لانها تتعلق فقط بالكمبيوترات داخل المكتب ولا تصنع اي تنبؤ من مثل " اذا ما اشترى مكتبي كمبيوترات جديدة فسوف تكون سوداء اللون ".
فهمنا الحديث لمصطلح" قانون طبيعي" قضية جادل فيها الفلاسفة على طول,وهو سؤال اكثر حذاقة مما يظنه المرء للوهلة الاولى. مثلا, الفيلسوف جون كارول يقارن عبارة " كل كرات الذهب هي اقل من ميل في القطر" بعبارة " كل كرات اليورانيوم 235 اقل من ميل في القطر" . ملاحظاتنا للعالم تقول لنا انه ليس هنالك كرات ذهب ذات قطر اكبر من ميل, وسنكون واثقين جدا انه لن يكون هناك مثل هذه الكرة. لكن مع ذلك ليس لدينا سبب يجعلنا نعتقد بانه لن يكون هناك مثل هذه الكرة, وعليه لا تعد هذه العبارة قانونا. ومن الجهة الاخرى, فان عبارة " كل كرات اليورانيوم 235 اقل من ميل في القطر" يمكن التفكير فيها على انها قانون طبيعي لانه, وطبقا لما نعرفه عن الفيزياء النووية, اذا ما زاد قطر كرة اليورانيوم 235 عن ستة انشات, فان الكرة ستدمر نفسها بانفجار نووي. ومن هنا يمكن لنا ان نتأكد ان كرة مثل هذه لن توجد.( ولن تكون فكرة جيدة محاولة صناعة كرة مثل هذه ) هذا التمييز مهم لانه يوضح لنا لم لا يمكن لكل تعميماتنا التي نلاحظها التفكير فيها على انها قوانين طبيعية, وان القوانين الطبيعية تتواجد كجزء من نظام اكبر مترابط من القوانين.
في العلم الحديث غالبا ما تصاغ القوانين الطبيعية رياضيا. ويمكن ان تكون دقيقة او تقريبية, ولكن بملاحظة انها يجب ان تبقى دون استثناءات , ان لم يكن على المستوى الكوني, فعلى الاقل على مستوى مجموعة الشروط المنصوص عليها بالقانون. مثلا, نحن نعرف اليوم ان قوانين نيوتن يجب تعديلها اذا ما تحركت الاجسام بسرع قريبة من سرعة الضوء. لكن مع ذلك لا نزال نعتبر قوانين نيوتن على انها قوانين طبيعية , لانه على الاقل وبتقريب جيد جدا, فان معظم ما نواجهه من سرع في حياتنا اليومية اقل بكثير من سرعة الضوء.
اذا كانت الطبيعة محكومة بواسطة القوانين, ستبرز لدينا ثلاث اسئلة:
1_ ما هو اصل القوانين ؟
2_ هل هنالك اي استثناءات في القوانين مثل المعجزات؟
3_ هل هنالك مجموعة واحدة فقط من القوانين الممكنة ؟
هذه الاسئلة المهمة وجهت بطرق مختلفة من قبل العلماء والفلاسفة واللاهوتيون. الجواب التقليدي للسؤال الاول هو اجابة كبلر وغاليلو وديكارت ونيوتن وهو ان القوانين من عمل الاله. على كل حال هذا ليس اكثر من تعريف الاله على انه تجسيد للطبيعة. الا اذا منح الاله سمات اخرى , مثل اله العهد القديم ( او الله الاسلامي ... المترجم), توظيف الاله كاجابة للسؤال الاول هو مجرد استبدال لغز بلغز اخر. فاذا ادخلنا الاله في اجابتنا للسؤال الاول , فان السحق الحقيقي سوف ياتي لاحقا مع السؤال الثاني : هل هنالك معجزات اي استثناءات للقانون؟
الاراء بخصوص الاجابة عن السؤال الثاني مختلفة بشكل حاد. فافلاطون وارسطو , وهما اكثر الكتاب الاغريق تاثيرا, تمسكا بفكرة ان لا يوجد استثناءات في القوانين, ولكن اذا اخذنا وجهة النظر الانجيلية ( والقرانية ... المترجم) فنرى ان الاله ليس فقط خلق القوانين بل يمكن بمناشدته بالدعاء ان يقوم ببعض الاستثناءات – مثلا شفاء شخص مريض بمرض مميت حتما او انهاء الجفاف مبكرا او ضم لعبة الكروكيت ضمن الالعاب الاولمبية. ( ملاحظة من المترجم : يرجى الاخذ بالاعتبار الروح الساخرة والمشهور بها الفيزيائي ستيفن هوكنج ). ومن وجهة نظر معاكسة لديكارت, تقريبا كل المفكرين المسيحيين ( والمسلمين ... المترجم ) متمسكين بان الاله قادر على تعليق عمل القوانين ليقوم بالمعجزات. حتى نيوتن آمن بالمعجزة بشكل ما. فقد ظن ان مدارات الكواكب غير مستقرة لان قوى الجذب لاي كوكب على الاخر ستسبب اضطرابات في المدارات وهذه الاضطرابات ستزيد مع مرور الوقت مسببة اما سقوط الكوكب نحو الشمس او انقذافها خارج المجموعة الشمسية. فلابد ان الاله مستمر على تصحيح مدارات تلك الكواكب وهذا ما آمن به نيوتن, او " الاله يعيد تعبئة الساعة السماوية خشية ان تتوقف" . على كل حال, بيير سيمون مركيز دي لابلاس والمعروف ب لابلاس (1749-1827 م) حاجج بان هذه الاضطرابات ستكون دورية اي تجري في دورات متكررة بدلا من ان تكون تراكمية. وعليه فالنظام الشمسي سيستقر ذاتيا, ولن يكون هنالك حاجة لتدخل الهي لتفسير لماذا بقيت الكواكب كما هي لوقتنا الحاضر.
يعود الفضل للابلاس بطرحه وبوضوح للحتمية العلمية: بمعرفة حالة الكون في وقت ما مع مجموعة من القوانين ستجعلك تحدد مستقبله وماضيه. وهذا سيستبعد امكانية المعجزات او اي دور للاله. فالحتمية العلمية التي صاغها لابلاس هي الاجابة العلمية الحديثة للسؤال الثاني. انها اساس العلم الحديث, ومبدا مهم خلال هذا الكتاب. القانون العلمي لا يكون قانونا علميا اذا كان قائما على ان قوة ما فوق طبيعية قد قررت ان لا تتدخل. بادراك هذا, يقال ان نابليون سأل لابلاس كيف يتلائم وجود الاله في هذه الصورة؟ فاجاب لابلاس " سيدي, انا لا احتاج هذه الفرضية".
بما ان الناس يعيشون في الكون ويتفاعلون مع الاشياء فيه, فلابد ان الحتمية العلمية تشمل الناس ايضا. الكثيرون في الوقت الذي يقبلون بالحتمية العلمية لادارة العمليات الفيزيائية , سيستثنون السلوك البشري لانهم يعتقدون اننا نملك ارادة حرة. ديكارت مثلا, لغرض الحفاظ على فكرة الارادة الحرة , ادعى أن العقول البشرية هي شيء مختلف عن العالم الفيزيائي ولايتبع قوانينه. ومن وجهة نظره يصر على مكونين وهما الجسد والروح. والاجسام ليست اكثر من ماكينة عادية, ولكن الروح ليست خاضعة للقانون الفيزيائي. ديكارت كان مهتما جدا بعلمي التشريح والفسلجة واعتبر ان عضوا صغيرا في مركز الدماغ و تدعى بالغدة النخامية هي مقر الروح. وان هذه الغدة حسب ما اعتقده كانت المكان الذي تصاغ فيه افكارنا وهي ايضا منبع الارادة الحرة لدينا.
هل يمتلك الناس ارادة حرة؟ اذا كان لدينا ارادة حرة, فاين موقعها على الشجرة التطورية ( متى تطورت... المترجم) ؟ هل للطحالب الخضراء المزرقة او الباكتريا ارادة حرة , او هل ان سلوكهما آلي وضمن مملكة القانون العلمي؟ هل هي مجرد عضويات متعددة الخلايا لديها ارادة حرة او انها فقط ثدييات ؟ هل يعد لوك الشمبانزي للموز ارادة حرة, او ان للقطة ارادة حرة وهي تمزق قماش اريكتك, ولكن ماذا عن الدودة المستديرة المسماة سينورابداتيس ايليجنس وهي مخلوق بسيط مصنوع فقط من 959 خلية؟ من المحتمل ان هذه الدودة لا تفكر اصلا في ان الباكتريا اللعينة التي تناولتها هناك سيئة الطعم . ولكن مع هذا فان لهذه الدودة اطعمة مفضلة وهي اما ستكتفي بتناول طعام غير مستحب لديها او ستبحث عن شيء افضل للاكل, اعتمادا على الخبرة الحالية. هل هذا تدريب على الارادة الحرة؟
بالرغم من اننا نشعر باننا نستطيع اختيار ما نفعله, فان فهمنا للاسس الجزيئية لعلم الاحياء تظهر لنا ان العمليات البيولوجية محكومة بقوانين الفيزياء والكيمياء وعليه فانها محكومة بالحتمية كما هو حال مدارات الكواكب. التجارب الحديثة في علم الاعصاب تؤيد وجهة النظر القائلة بان ادمغتنا الفيزيائية (بالمعنى المادي للدماغ ... المترجم ) تتبع القوانين المعروفة للعلم, وهي التي تحدد افعالنا وليس وكالة ما تتواجد خارج تلك القوانين. مثلا, دراسة المرضى الذين يخضعون لعمليات في الدماغ بدون تخدير تام وجدت انه وبتحفيز كهربائي للمنطقة المناسبة من الدماغ, يمكن ان تخلق لدى المريض رغبة في ان يحرك يده او ذراعه او قدمه, او تحريك شفتيه والتكلم. من الصعب تصور كيف ستعمل الارادة الحرة اذا كان سلوكنا محتوما بالقانون الفيزيائي, لذا يبدو اننا لسنا اكثر من ماكينات بيولوجية وان الارادة الحرة ليست سوى وهم.
على الرغم من الاعتراف بان السلوك البشري بالنهاية محتوم بقوانين الطبيعة, فانه يبدو معقولا ايضا الاستنتاج بان النتيجة يتم تحديدها بطريقة معقدة ومع الكثير من المتغيرات لتجعل من المستحيل التنبؤ بالسلوك الانساني. ولنستطيع التنبؤ بالسلوك الانساني نحن بحاجة الى معرفة الحالة الابتدائية لكل من الف تريليون تريليون جزيء في الجسم البشري وحل عدد مساوي الى ذلك من المعادلات. وهذا سيأخذ بضعة مليارات من السنين , وسيكون هذا متاخرا جدا لنا لننحني عندما ينوي خصمنا ان يضربنا.
لانه من غير العملي استعمال القوانين الاساسية للفيزياء للتنبؤ بالسلوك البشري, فنحن نتبنى ما يسمى النظرية الفعالة. في الفيزياء ,النظرية الفعالة هي اطار عمل لنمذجة ظاهرة ما دون وصف التفاصيل لكل العمليات الكامنة فيها. فنحن مثلا لا يمكننا حساب التفاعل الجذبي لكل ذرة من جسم الانسان مع كل ذرة على الارض. ولكن للاغراض العملية القوة الجاذبية بين جسم الانسان والارض يمكن وصفها باعداد قليلة من الارقام, مثل الكتلة الكلية للشخص. وبشكل مشابه, لا يمكننا حل المعادلات التي تحكم سلوك مجموعة معقدة من الذرات والجزيئات, لكننا طورنا نظرية فعالة تسمى الكيمياء توفر لنا تفسيرات مناسبة كيف تتصرف الذرات والجزيئات في التفاعل الكيميائي من دون الحاجة لمعرفة كل التفاصيل للذرات والجزيئات المتفاعلة. وفي حالة البشر, بما اننا لا نستطيع حل المعادلات التي تحدد سلوكنا, فنستعمل النظرية الفعالة بان الناس لديهم ارادة حرة. دراسة ارادتنا والسلوك الناشيء عنها, هو علم النفس. علوم الاقتصاد كذلك نظرية فعالة, مبنية على فكرة الارادة الحرة زائدا الافتراض بان الناس يقيمون الطرق المختلفة ويختارون افضلها. تلك النظرية الفعالة متوسطة النجاح في التنبؤ بالسلوك, لانه وكما نعلم جميعا, القرارات التي يتخذها البشر احيانا غير عقلانية او مبنية على تحليل معيب للاثار الناشئة عن اتخاذ ذلك القرار. ولهذا السبب العالم في فوضى.
السؤال الثالث يشير الى قضية ما اذا كانت القوانين التي تحكم كلا من الكون والسلوك البشري فريدة من نوعها. اذا كانت اجابتك عن السؤال الاول بان الاله خلق القوانين, حينها يطرح هذا السؤال, هل كان لدى الاله اي حرية في اختيارها؟ كل من ارسطو وافلاطون وديكارت ومتاخرا اينشتين, امنو ان مباديء الطبيعة وجدت من " الضرورة" , وذلك لانها القواعد الوحيدة التي تعطي معنى منطقي. ارسطو وتبعا لايمانه باصل قوانين الطبيعة في المنطق, فانه وتابعيه شعرو انه يمكن " اشتقاق" تلك القوانين دون الانتباه اطلاقا الى الكيفية التي تتصرف بها الطبيعة واقعا. هذا, وكذلك التركيز على لماذا الاشياء تتبع القوانين بدلا من تحديد ماهية هذه القوانين, قادهم الى قوانين كيفية كانت في معظمها خاطئة ولم يثبت انها ذات فائدة, وحتى اذا كان هذا الفكر قد ساد لقرون عديدة . كان الامر متاخرا جدا عندما تجرأ اناس من مثل غاليلو على تحدي سلطة ارسطو وملاحظة ما تفعله الطبيعة واقعا بدلا من ما يدعي " العقل" مما يجب على الطبيعة ان تفعل.
هذا الكتاب يتجذر في مفهوم الحتمية العلمية, والذي يتضمن الاجابة عن السؤال الثاني بانه لا توجد هنالك معجزات, او استثناءات لقوانين الطبيعة. سنعود على كل حال, للتوجه بعمق للسؤالين الاول والثالث, اي قضية كيف نشأت هذه القوانين وفيما اذا كانت القوانين الوحيدة الممكنة. ولكن اولا وفي الفصل القادم سنتوجه لقضية ما الذي تصفه قوانين الطبيعة ؟ معظم العلماء سيقولون ان هذه القوانين هي الانعكاس الرياضي للواقع الخارجي الموجود بمعزل عن المراقب الذي يلاحظه. ولكن وبينما نحن نتأمل في الطريقة التي نلاحظ بها ونصيغ مفاهيما عن محيطنا, سنصطدم بالسؤال, هل يوجد سبب لنصدق ان الواقع الموضوعي موجود ؟



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
الثانية, التصميم, الحلقة, العظيم, ثاني, يصل, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محمود محمد طه (9) الجهاد - جزء ثاني سامي عوض الذيب العقيدة الاسلامية ☪ 0 03-30-2017 04:32 PM
كتاب التصميم العظيم الحلقة الثالثة جزء اول freethinking ساحة الترجمة ✍ 1 05-18-2016 02:44 PM
كتاب التصميم العظيم الحلقة الثانية جزء اول freethinking ساحة الترجمة ✍ 0 05-09-2016 09:32 AM
كتاب التصميم العظيم الحلقة الاولى freethinking ساحة الترجمة ✍ 0 05-07-2016 01:27 PM
فهرس ادعاءات الخلقيين _ الحلقة الثانية freethinking ساحة الترجمة ✍ 0 03-28-2016 07:00 AM