شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول الحِوارات الفلسفية ✎

 
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 03-07-2016, 03:20 AM   رقم الموضوع : [1]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي متى يتحول الالحاد الى أيديولوجية ؟

لكي نجيب عن السؤال , لا بد أولا أن نعرف الخاصية المميزة للأيديولوجية
متى يصح القول عن نظام أو نسق فكري أنه أيديولوجية ؟
عندما يسوق لنفسه بوصفه الممثل الحصري للحقيقة ولباقي النظم بوصفها ممثلة للزيف
ويتبع هدا التصنيف المعرفي تلقائيا تصنيف قيمي : فالنسق الأيديولوجي يسوق لنفسه بوصفه النسق الراقي , بينما باقي الأنساق منحطة .
فنلخص : ان ما يميز الأيديولوجية هو النزعة التصنيفية الثنائية أو نزعة "الوضع في الخانتين"
نزعة وضع حدود نهائية بينها وبين باقي الأنساق , وضع نفسها في خانة (خانة الحقيقة , الرقي,) ووضع باقي الأنساق المخالفة لها في خانة أخرى (خانة الزيف,الانحطاط).
وقد قيل هدا , فانه لن يعدو من الغريب أن تنطوي كل ايديولوجية على عدائية تجاه باقي الأنساق المختلفة عنها , بل انها عدائية تتسم بطابع قصوي وتسعى الى الغاء الأنساق الأخرى
ان الأيديولوجية تسعى بشكل حثيث الى أن توجد وحدها , أن تسود.انها , وبسبب نزعتها التصنيفية تلك , ترفض أن يتم تقاسم الحقيقة بينها وبين باقي الأطياف : "الحقيقة ملكي , ملكي وحدي " هكدا تعلن الأيديولوجية أمام الجميع .
ليس من الغريب ادن أن نجد الأنظمة التوليتارية تروج لأيديولوجيات , دلك أن الأنظمة التوليتارية ليست سوى التجسد الواقعي الموضوعي للأيديولوجية .
النزعة التصنيفية ادن هي أصل الداء, هي الخاصية المميزة لكل أيديولوجية . وما بقي من مواصفات تتميز بها الأيديولوجيات ما هو الا نتاج لتلك الصفة الأولية : نزعة التصنيفية .
لا بد لهدا الكلام النظري من أن يجد له مرتكزات واقعية تاريخية
فلنلتفت الى تجارب ايديولوجية ملموسة غير بعيدة عنا

1) بالشيوعية:
ان الشيوعية , محبوبة الجماهير, و النتاج الفكري الضخم والعظيم فلسفيا واقتصاديا و علميا, بمجرد تحقيقها انتصارات سياسية و استلامها مقاليد السلطة , بل وقبل دلك , أبانت عن نزعة تصنيفية لا مثيل لها , وابتكرت خانات متعددة : "الانتهازية","الرجعية","اليمينية",... هي في الحقيقة خانة واحدة عنوانها :"أعداء الثورة" مقابل الخانة الوحيدة في الضفة الأخرى : "المخلصون للثورة" . وهدا يعني أنه بمجرد تحدثك تحت ظل النظام الشيوعي , سنفحص كلامك , ثم سنصنفك (الى أي صنف تنتمي),ثم بحسب دلك الصنف سنحدد الطريقة التي سنتعامل معك بها . و معلوم بعد دلك كيف يتم التعامل مع من يتهمون بالرجعية , من يصنفون في خانة الرجعية . مادا عن حرية التعبير و الفكر ؟ انها مضمونة للشعب , على أن الشعب كما يخبرنا ماوتسي تونغ هو أصدقاء الثورة , أما الصينيون الدين هم أعداء الثورة فليسوا من الشعب , وبالتالي فلا حرية تعبير تمنح لهم . نزعة التصنيف واضحة هنا لا غبار عليها : تصنيف الشعب الى شعب و الى لا شعب !

الأديان :
كل دين هو عبارة عن نسق فكري , نسق من الأفكار عن الله , العالم , الانسان ... و الأديان بدورها تتحول الى أيديولوجية بمجرد ما تقع في النزعة التصنيفية . فالاسلام مثلا ايديولوجية لأنه مليئ بالتصنيفات (الخانات) : "المشركون " ,"الكفار","الضالون",...التي هي في الحقيقة خانة واحدة : "أعداء الله " (في الشيوعية كانوا أعداء الثورة) مقابل " أتباع الله " أو "المؤمنين" . والمسيحية كدلك لا تخلو من مثل هده النزعة التصنيفية وبالتالي فهي كدلك أيديولوجية : " الضالون","غير المختونين بالقلب " ,"صلب الرقاب" مقابل "المخلصون ", "المختونون بالقلب" . واليهودية كدلك تصنيفوية : " الأمم الوثنية " , " أتباع بعل", " غير المختونين", مقابل " الشعب الموحد " , "أتباع يهوه " ,"المختونين " . وبعد التصنيف, يتم تحديد طريقة التعامل مع الصنف . وكما أن الشيوعية لم تتوان مع الرجعيين , فان الاسلام لم يتوان مع المشركين , وكدلك المسيحية واليهودية , و كان التنكيل بهم نظريا وتطبيقيا .

الالحاد :
الآن فقط نستطيع الاجابة عن تساؤلنا المطروح في العنوان . وقد كان لا بد من التوطئة له بما سبق . ولا شك أن الاجابة قد تمت عنه بعد كل ما قيل : يصير الالحاد أيديولوجية عندما يسقط في النزعة التصنيفية , نزعة "الخانات ". واننا نشهد هدا الأمر بين أوساط الملحدين , وفي هدا المنتدى نفسه دون التعميم طبعا . وتصنيفات الالحاد هي من قبيل: "المتعصب","الظلامي","المتخلف" , "المخدر" , "المتدين "مقابل"المتسامح","المتنور",
"التقدمي".
وكما تبين سابقا , فان كل نزعة تصنيفية تتبعها بالضرورة تحديدات لطرق التعامل مع كل صنف , ولهدا فان طريقة النظر والاستماع و الرد على أولئك ال"متعصبين" ,"المخدرين" هي طريقة خاصة تناسب وضعهم داك . السخرية والتهكم من الدين وأتباعه , وضع حد فاصل نهائي وقطيعة بين الالحاد والدين , النظرة المشمئزة للمتدين , "الغلظة " في معاملتهم , مقابل الاحترام الفائق لباقي الملحدين , ونظرة الاجلال لأبناء الجلدة الواحدة, و"اللين " في الرد والتعقيب عليهم , كلها أيها السادة تنم عن نزعة تصنيفية , وبالتالي عن أيديولوجية تحرك الملحد الدي نتحدث بخصوصه .
ان الالحاد الدي يصور الأديان (يصنفها) كشيء من الماضي, كحماقات , كطرق تخدير وتضليل, هكدا بشكل نهائي حاسم , وينظر الى نفسه في المقابل كشيء من الحاضر والمستقبل, كطريق تنوير , هو بكل تأكيد أيديولوجية , لا لشيء الا لأنه تصنيفي في ثنائيات و خانات مؤطرة تأطيرا نهائيا و حاسما .
ليس العيب في نقد الأديان , لكن النقد حين يغدو تصنيفيا , أي حكما بالجملة , يضع الكل في خانة ويغلق عليه باحكام وبشكل نهائي, يغدو نقدا تصنيفيا بامتياز, نقدا ايديولوجيا .
هده الروح الالحادية الأديولوجية سائدة عند بعض الكتاب في المنتدى, فمن الناس هنا من تحس بأنهم لن يرضوا عنك حتى تطلق ضحكة مسترسلة عن الأديان كلها , أو تأتي بسورة من القرآن و تلعب فيها لعبا و تقوم فيها ببهلوانيات و شطحات , أو تضع في صورتك الخاصة علامة الضرب الرياضي (عملية الضرب) و الجسمي (الضرب المبرح) على رمز لدين من الأديان أو للأديان جميعا : تصنيفها في خانة "المضروب عليه " .
ان القطيعة مع الأنساق الفكرية المعارضة والنظرة العدائية لها هي روح الأيديولوجية .

تقبلوا مروري



  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
أبي, أيديولوجية, الالحاد, الى, يتحول


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل ممكن شخص يتحول الى المسيحية بعد اعتراف الفاتيكان بصحة قانون التطور؟ باحث_علمى العقيدة اليهودية ۞ و المسيحية ✟ و العقائد الأخرى 8 12-07-2019 09:30 AM
من الاسلام الى اللاادرية الى الالحاد... Lilith1988 العقيدة الاسلامية ☪ 2 06-05-2017 01:08 PM
الى متى حدثنا ؟ ساحر القرن الأخير ساحة النقد الساخر ☺ 8 04-26-2017 10:21 PM
كيف تدعوا مسلم الى الالحاد ؟ متملحد استراحة الأعضاء 16 10-05-2015 01:21 AM