فطرة الإيمان وفطرة الاتصال
ولدنا ونحن نشاهد الأعاجيب في هذا العالم الغامض والعجيب. إننا نبكي منذ اللحظة الأولى التي نخرج فيها من رحم الأم إلى رحم الكون! ورغم مشاهدة هذه الغرائب في هذا العالم العجيب، فإننا لم نلاحظ في نفوسنا أي استغراب أو انبهار بهذا الوجود الذي نحن فيه الآن، وكأن حالنا يقول: نحن نعلم بأننا سنوجد في هذا العالم، وكعلمنا بأننا لن نستغرب من بكائنا ولا من ضحكنا ولا من شكلنا في هذا العالم...
بعد أن يكبر الانسان ويصبح قادرا على التفكير والتدبر في الوجود يصير مؤمنا بالله، وهذا، فأول القواعد التي نعلمها عن أنفسنا وأيضا لا نستغرب منها، هي فكرة الله المغروسة فينا منذ ولاداتنا. ولا أعني بها فكرة الدين، ولكن أعني أن للوجود إله أوجده من العدم... فأول الأفكار التي تراودنا ونحن في عمر مبكر هو شكل هذا الإله الذي أوجد هذا العالم.
نحن نعلم بأن انتقال المعلومات في هذا العالم يكون عن طريق الحواس الخمس. إن تطور هذه الأخيرة جعلت من الانسان حيوان عاقل وهو أيضا قادر على النطق وإيجاد كلمات ذات أصوات مختلفة من خلالها يقوم بالتعبير عن أفكاره وآرائه. إلا أن في دواخلنا أيضا فكرة موجودة منذ ولادتنا وهي فكرة النطق المطلق، الذي يمكننا من خلالها إيصال الافكار بيننا وبين أنفسنا بطريقة فريدة من نوعها. ليست بالكلمات ولا بالحركات ولكنها بالاتصال الفكري فقط ! كيف يكلم الأبكم نفسه؟! الجواب على هذا السؤال هو إنه يتكلم بالفكر فقط... وحتى لو قال أحدهم بأننا نفكر بلغتنا، فإنا سنقول له: ومن ليس له لغة يتقنها؟! ومن ليس له القدرة على الكلام أصلا؟! وكيف يتكلم المشلول الابكم مع ذاته؟!... نعم فقاعدتنا الثانية هي قدرة الاتصال النفسي المغروسة في ذواتنا منذ ولادتنا في هذا العالم.
يتبع...
|