ما هو أساسيّ لفهم إنسان نياندرتال

[فينيق]

في العام 1856، وفي كهف Feldhofer بوادي Neander بالقرب من مدينة دوسلدروف الألمانية، عُثِرَ على هيكل عظمي لانسان نياندرتال. اعتبر التفسير الاولى لهذا الهيكل العظمي بأنّه يعود لجندي هارب من الجيش الروسيّ عام 1814. لكن في العام 1864، تمكّن عالم التشريح الايرلندي William King من تحديد أول نوع احفوريّ بشريّ { لذات الهيكل العظمي } وتسميته انسان نياندرتال Homo neanderthalensis. مع هذا، لم تكن احفوريات كهف Neander اوائل الاحفوريات المعثور عليها لانسان نياندرتال، ففي العام 1830 اكتُشِفَ طفل نياندرتال بعمر 2 الى 3 سنوات في منطقة Engis { بلجيكا }، وفي العام 1848 اكتشفت جمجمة فرد نياندرتال لانثى في مقلع حجري بمنطقة Forbes في جبل طارق.

مع ذلك، لم يُحدّد وضع انسان نياندرتال بوصفه شكل بشري منقرض مختلف عن نوعنا حتى لحظة العثور على احفوريات منطقة Spy في بلجيكا في العام 1886، واحفوريات منطقة Krapina في كرواتيا بين العامين 1899 و1906، واللقى العديدة في فرنسا باوائل القرن العشرين في مناطق La Ferrassie، La Quina، Le Moustier، Chapelle-aux-Saints، etc..

اعتباراً من هاتيك الفترة، بدأ العثور على احفوريات نياندرتال يشمل كامل القارة الاوروبية، الهلال الخصيب وآسيا: Regourdou بفرنسا، Saccopastore بايطاليا، Monte Circeo بايطاليا، Amud بفلسطين المحتلة، Kebara بفلسطين المحتلة، Tabun بفلسطين المحتلة، Shanidar بالعراق، Kiik-Koba بشبه جزيرة القرم، Teshik-Tash باوزبكستان بالقرب من بحر قزوين .. الخ. تلك اللقى الكثيرة تنتمي لحوالي 500 فرد، والتي يمكن اعتبارها احفوريات نياندرتال كنوع بشريّ احفوريّ أكثر معرفة وشهرة.

خارطة تبيّن اوائل مناطق انتشار انسان نياندرتال في العالم.

تاريخياً، يُعتبر أحفور الهيكل العظمي المعثور عليه في منطقة Chapelle-aux-Saints هو الأشهر لانسان نياندرتال. نُشِرَتْ الدراسات التفصيلية عنه من قبل Marcelin Boule بين العامين 1911 و 1913. في تلك الفترة، كان التحليل الأفضل الذي وُجِدَ حول فرد نياندرتال، قد خلق تفسيره رؤية فاسدة عن نياندرتال استمرت لعقود. فإحدى الخلاصات التي توصل لها Boule، هي اعتباره ان نياندرتال لم يكن سلفنا بل كان فرعاً جانبيا بالتطور البشري المنقرض. هذه الخلاصة التي قد تبدو لنا صحيحة بيومنا هذا، كانت مشحونة ببعد عنصري من قبل Boule، حيث انه كان يرغب بإلغاء نياندرتال من بين اسلافنا باعتبارهم كائنات همجية وفق رأيه. لهذا حاول Boule اثبات دونيّة تشريحية لانسان نياندرتال مستعملاً كل الوسائل الممكنة. فقد اعتبر انسان نياندرتال بوصفه جماعة همجية وغير بشرية، وانها لم تمشي بوضعية انتصاب كامل بالرغم من السعة الدماغيّة الكبيرة، وانها لم تمتلك ايّ ذكاء. بيومنا هذا، نعرف بأنّ القسم الأكبر من خلاصات Boule، قد كانت خاطئة ومبنية على تفسيرات خاطئة لما ابداه احفور الفرد من أمراض والعدد الكبير من الاسنان التي فقدها. كذلك قادت التحليلات لاعتبار أنّ إحفوريات الفرد تعود لشخص كبير بالعمر، بالرغم من أنه على الارجح قد كان عمره بالثلاثينات فقط.

أوائل النياندرتال

اعتباراً من الجماعات البشريّة للبليستوسين* الاوسط الاوروبي، يظهر في اوروبا نوع بشريّ شديد الخصوصيّة: إنّه النياندرتال. هذا النوع من اشباه الانسان homínidos، بالغالب، قد شكّل نوع فرعيّ من الانسان العاقل Homo sapiens neanderthalensis، لكن في الوقت الراهن يُعتبر كنوع مختلف هو انسان نياندرتال Homo neanderthalensis، بناء على الفروقات المورفولوجية التي يُبرزها، وكذلك لانه يظهر عدم حصول أيّ تماس جينيّ سابق بين انسان نياندرتال والانسان العاقل. احفوريات Ehringsdorf، Pontnewydd، Biache-Saint-Vaast، La Chaise Abri Suard وأحفوريات غيرها تعود لنهايات البليستوسين الاوسط، مع اقدمية زمنية بحدود 20000 عام، يمكن اعتبارها منتمية لانسان نياندرتال. يمكن فهم اصل انسان نياندرتال وعلاقته مع جماعات البليسوتسين الاوسط الاوروبي جيداً، بفضل دراسة الاحفوريات Sima de los Huesos المعثور عليها في جبال Atapuerca الاسبانية، حيث تظهر احفوريات 32 فرد سابق لنياندرتال** anteneandertales.

هوامش

* البليستوسين (بالإنجليزية: Pleistocene) وهي فترة زمنية امتدت من 2,588,000 إلى 11,700 سنة (ق.ح) التي تغطي فترات جليدية متكررة. وقد أشتق أسم البليستوسين من الكلمتين اليونانيتين (πλεῖστος - بليستو) وتعني "معظم" + (καινός - كينوس) وتعني "جديد".
** يُطلق على السلف المباشر لنياندرتال: انسان هايدلبيرغ Homo heidelbergensis.

الهوامش منقولة / يُرجى التدقيق

ملاحظة، هذه السلسلة مُعتمدة من قبل:

Ministerio de Educación, Cultura y Deporte
Instituto Nacional de Tecnologías Educativas y de Formación del Profesorado

Información general: webmaster@ite.educacion.es
C/ Torrelaguna 58. 28027 Madrid - Tlf: 913 778 300. Fax: 91

وزارة التعليم، الثقافة والرياضة الاسبانية ضمن منهاج تدريسي في المعهد الوطني للتقنيات التعليمية وإعداد المدرسين في مدريد وفق عنوان واضح للمعهد.

تعليق فينيق

نظراً لطول الموضوع، الذي ترجمته من فترة طويلة، سأنشره على عدّة مداخلات، ويتضمن كل المعلومات الأساسيّة الخاصة بإنسان نياندرتال .. أشكر أيّ تصويب أو إضافة

[فينيق]

يرى بعض الأخصائيين بأنّ جماعات البليستوسين الأوسط الاوروبي، من قبيل Petralona باليونان، Arago بفرنسا، Swascombe بانكلترا، Steinheim بألمانيا، قد انتمتلنوع انسان هايدليبرغ Homo heidelbergensis { وهو نوع محدّد اعتباراً من عظم فكّ مُكتشف بمنطقة Mauer بالمانيا }، لكن كذلك هذا النوع يضمّ كذلك احفوريات افريقية مثل Bodo باثيوبيا، Ndutu و Eyasi بتنزانيا، Salé بالمغرب، Elandsfontein بجنوب افريقيا و Broken Hill بزامبيا. وبحسب ذات الأخصائيين، سيكون انسان هايدليبرغ السلف الاخير المشترك لانسان نياندرتال والانسان الحديث الراهن. مع هذا، وبفضل احفوريات Sima de los Huesos نعرف بأنّ كل الجماعات الاوروبية في البليستوسيني الاوسط، قد أبرزت ميزات لانسان نياندرتال بصورة مكررة ومستجدة، والتي ارتبطت بالخطّ التطوريّ لانسان نياندرتال. بالتالي، سيكون انسان هايلدبيرغ في الواقع نوع اوروبي حصريّ وسابق لنياندرتال. لقد تطورت جماعات نياندرتال في اوروبا بظروف انعزال جغرافي، وكنتيجة، حصول انعزال جينيّ خلال كامل البليستوسيني الاوسط. بالمقابل، ستكون احفوريات البليستوسيني الاوسط الافريقي { وإن كانت شبيهة مورفولوجياً بقريباتها البليستوسينية الاوسطية الاوروبية } الاسلاف الحصرية للانسان العاقل Homo sapiens. يشغل مكان آخر سلف مشترك لنياندرتال والانسان الحديث، هو نوع Homo antecesor، والمحدّد اعتباراً من احفوريات منطقة Gran Dolina بجبال Atapuerca الاسبانية وبعمر يبلغ 780000 عام. سيُحدّد نوع انسان هايدليبرغ اعتباراً من عظم فكّ منطقة Mauer الألمانية وصولاً لاحفوريات منطقة Sima de los Huesos الاسبانية والتي تُبدي كلها ملامح بدائيّة، بالرغم من ابدائها لبعض الميزات المستجدة والتي تشير لانهم اسلاف النياندرتال. تحضر تلك الملامح لنياندرتال بصورة متكررة وبصورة موزاييك. ما يعني، لا تُبرز كل احفوريات انسان هايدليبرغ ملامح نياندرتالية في ذات الجزء التشريحي.
مجموعة اخرى من الاحفوريات التي تعود للقسم الاخير من البليستوسين الاوسط { منذ حوالي 200000 عام }، يمكن اعتبارها عائدة لانسان نياندرتال بشكل كامل وبكل الميزات.

يمثل بعض نياندرتال بدايات البليستوسين الأخير { بحدود قبل 127000 عام } جمجمتي Saccopastore { روما، ايطاليا } ومجموعة احفوريات Krapina { كرواتيا }.

اعتباراً من هذه الفترة، تُصبح احفوريات نياندرتال وفيرة في المواقع الاوروبية، وكذلك ستتواجد في آسيا والهلال الخصيب، كاماكن هاجرت إليها من اوروبا. احفوريات رمزيّة مثل موقع Le Moustier الذي اعطى الاسم للاحفور Musteriense, Guattari 1 { في Monte Circeo ايطاليا } أو موقع Chapelle-aux-Saints، والتي شكّلت احفوريات نياندرتال قد عاش فيها منذ 60000 عام. تتميز النياندرتاليات تلك بخصائص جديدة نسبة للاسلاف الذين يسمون غالبا " النياندرتال التقليدي ". عاش آخر نياندرتال بجماعاته في اوروبا حتى ما قبل 30000 عام وربما اقلّ قبل انقراضهم.


نياندرتال شبه الجزيرة الإيبيريّة


عُثِرَ على بقايا عديدة للنياندرتال في شبه الجزيرة الايبيرية، مثل عظم جداري جمجمي في موقع Cova Negra { فالينسيا }، قطعتي عظم جداري جمجمي وعظم جبهي في كهف Carihuela { غرانادا، غرناطة }، ضرس طاحن في موقع Moros de Gabasa { اويسكا }، ضرس بموقع Mollet I { خيرونا }، اربع اسنان بموقع Abric Agut { برشلونة }، خمس اسنان علوية بموقع Axlor { بيسكايا }، ضرسين وعظم عضد بموقع Lezetxiki { كيبوزكوا }، خمس مشط يد بموقع Casares { غوادالاخارا }، عظم فكّ وقطعة من عظم الفخذ بموقع Zafarraya { مالاغا }، عظم فكّ، بنية سنية لطفل، مشطي قدم وسلاميّة بموقع Valdegoba { بورغوس }. اكتشفت في منطقة جبل طارق احفوريات نياندرتال الأكثر اكتمال بشبه الجزيرة الايبيريّة. ففي العام 1848، اكتشفت جمجمة كاملة بموقع مقلع Forbes، وفي العام 1928، ظهرت جمجمة وعظم فكّ لطفل مترافقة مع صناعات تشير لثقافة musteriense. يُضاف لعظم عضد موقع Lezetxiki قطعة من عظم الحوض ونصف عظم عضد معاد تركيبه بموقع Tossal de la Font في مدينة كاستيُّون الاسبانية والتي تعود، على الارجح، لنهاية البليستوسين الاوسط.

تجدر الاشارة لعظم فكّ موقع Bañolas { مدينة خيرونا }، والذي اعتبره كل من E. Hernández-Pacheco و H. Obermaier كأحفور نياندرتال. بالمقابل، اعتبره M. A. de Lumley كسابق للنياندرتال preneandertal. تسمح ترسبات الترافرتين* بالتأكيد على أنّ عمر عظم الفكّ بحدود 35000 عام. مع هذا، لا يسمح الوضع المتشظي للمنطقة الارتفاقية بالفكّ بتأكيد وجود ذقن أو لا، وبالتالي يكون تحديده اشكاليّ.




خارطة مواقع احفوريات انسان نياندرتال في شبه الجزيرة الايبريّة.

http://ntic.educacion.es/w3/eos/Mate...m6_u1_032.html

هوامش


* ترسبات الترافرتين شكلٍ كثيفٍ متماسكٍ من أشكال الحجر الجيري، ويوجد في معظم الأحيان على شكل طبقات ينضم بعضها إلى بعض. ويكون معظم الترافرتين ذا لون أبيض أو أبيض مائل للصفرة. ويتكون بصورة رئيسية من كربونات الكالسيوم، ويتشكَّل حينما تنفصل كربونات الكالسيوم عن الماء من خلال التبخر. ويُستعمل الترافرتين في تزيين الأبنية بسبب سهولة قطعه.
وينشأ الترافرتين في المناطق التي يتوافر فيها الحجر الجيري، حيث يحوي ماء الأرض الجاري كربونات الكالسيوم. ويتشكل عادة حول مَصابّ الينابيع الحارة، وفي داخل الجداول. وتحتوي تكوينات الصخور في الكهوف، والتي يُطلق عليها اسم الهوابط والصواعد، على الترافرتين بصورة رئيسية.
الهوامش منقولة / يُرجى التدقيق

[فينيق]

تُبرز جماعات نياندرتال مورفولوجيّة خاصّة في جمجمتها وفي هيكلها العظمي التحت جمجميّ.

فُسِّرَ القسم الاكبر من الميزات الحاضرة عند انسان نياندرتال بوصفها تكيفات مع الظروف المناخية الباردة جداً التي مرت بحقب جليدية باوروبا. ولكن يوجد تفسير بديل لحضور بعض الميزات المورفولوجيّة التي تظهر نتيجة الانسياق الوراثي deriva genética بنياندرتال بظروف انعزال جغرافيّ. ربما يكون التفسير الافضل للمجموعة الحصرية من الملامح عند نياندرتال كنتيجة لتضافر التكيفات تلك مع الانسياق الوراثي.


جمجمة نياندرتال


تكون جمجمته مداريّة سيما بالمركز وجانبيا على شكل اقواس مستمرة بمنطقة العينين وتحتوي على جيوب جبهية كبيرة. يكون الوجه ذو فكّ سفلي بارز، تكون الجبهة منخفضة، وتكون الجمجمة بالعموم متطاولة ومشرّعة تجاه الخلف.

تمتلك جماجم نياندرتال مقطعاً خلفياً دائرياً. بينما نجد عند الانسان العامل والانسان المنتصب: ان العرض الاقصى يقع بقاعدة الجمجمة، بينما تتقارب الجوانب نحو اعلاها مشكلة قبّة منخفضة. أما عند نياندرتال وعند نوعنا نحن: فإنّ المنطقة الأعرض تكون بمنتصف ارتفاع الجمجمة عند العظام الجداريّة ويكون عرض القاعدة أصغر. مع هذا، بينما تكون جمجمتنا ذات مقطع خماسيّ في الخلف مع جانبين منحنيين نحو الخارج، يكون مقطع نياندرتال دائريّ.

امتلك نياندرتال سعات دماغية كبيرة { بين 1200 – 1700 سنتمتر مكعب، وهي مشابهة لما لدينا نحن وحتى أكبر بقليل }. هنا تبرز جمجمة موقع Amud { فلسطين المحتلة } والتي تبلغ سعتها الدماغيّة 1740 سنتمتر مكعب. مع ذلك، فحتى معدل حجم الجسم عند نياندرتال، يكون أكبر منه عندنا نحن البشر الحاليين، فيما كانت صيغة مؤشّر معدل نمو الدماغ { العلاقة بين حجم الدماغ وحجم الجسم } أقلّ عند نياندرتال بشكل خفيف. نمتلك نحن البشر الحاليين اضافة لانسان نياندرتال، صيغتان بشريتان تكونا الأكثر نموّ دماغيّ، لكن يحدث النمو بحجم الدماغ بصيغة مستقلة في كلا الخطين التطوريين.

يحدث هذا التمدد الدماغيّ بصيغة مختلفة عند كلاهما:

1- تكون جمجمة الانسان الحديث عالية وبجبهة مرتفعة
2- تكون جمجمة نياندرتال أكثر تطاولاً ويمكن ملاحظة هذا من خلال العظم القذاليّ المحتوي على تضخُّم مميّز معروف باسم " العقدة القذاليّة " والتي من السهل رؤيتها وتقديرها من المنظر الجانبي للجمجمة.




جمجمة انسان نياندرتال في موقع Amud بفلسطين المحتلة وقد بلغت سعتها الدماغيّة 1740 سنتمتر مكعب.


يمتلك وجه نياندرتال ميلاً نحو الأمام. بتقدُّم التجويف الانفي للامام أكثر، تنتظم العظام الانفيّة بشكل افقيّ تقريباً. تنتظم اللوحة العظمية تحت محجري العينين بشكل مائل { بينما عند الانسان الحديث تمتلك اللوحة العظمية تحت المحجرية توجُّه جبهيّ }، بحيث يظهر وجه نياندرتال على شكل إسفينيّ، الامر الذي يوفر مشهد " هوائيّ ديناميكيّ ". كذلك يمتلك نياندرتال فتحة انفيّة عريضة جداً، وكذلك يكون التجويف الداخلي كبير جداً، ولهذا السبب يُفكّر بأنّ أنوف نياندرتال ستكون مسطحة وعريضة. طُرحَتْ فرضيّة حول اسباب امتلاك نياندرتال للتجاويف الانفية العريضة، وذلك لاجل تسخين وترطيب هواء التنفُّس البارد والجاف الذي كان موجوداً في الحقب الجليدية باوروبا. مع هذا، لا يوجد في جماعات حالية أيّ علاقة بين حجم فتحة وتجويف الأنف والمناخ. من الواضح أن الأكثر ترجيح لسبب امتلاك نياندرتال لأنف كبير الحجم: هو الحاجة لايصال الاوكسجين لمناطق اجسامها القويّة.

تحضر ميزات أخرى بجمجمة نياندرتال، هي:

1- حضور انخفاض فوق العظم القذاليّ ويسمى fosa suprainíaca.
2- يكون الناتيء الخشائيّ* للعظم الصدغيّ، حيث يعطى جزء من العضلة القصيّة الترقوية الخشائيّة** بدائياً عند نياندرتال.




مقارنة بين مقطعي خلفيين لجمجمة نياندرتال { الى اليسار } وجمجمة انسان راهن حديث { الى اليمين } .. 1 / تجويف علوي 2/ الناتيء الخشائي أو الخُشّاء.


يمكن ملاحظة تلك الميزات كذلك عند حالات نموّ مبكر جداً، كالحال عن اطفال Amud 7، Teshik-Tash أو Dederiyeh. بالتالي، تظهر الفروقات المورفولوجية بين انسان نيادرتال والانسان العاقل خلال المراحل الاولى من النموّ التكوُّنيّ desarrollo ontogenético.

http://ntic.educacion.es/w3/eos/Mate...m6_u1_033.html




هوامش

* الناتئ الخشائي أو الخُشَّاء هو الجزء الناتئ من الأجزاء الخمسة في العظم الصُدغي في الجمجمة. و يقع على جانب الجمجمة خلف الأذن مباشرة. وهذا الناتئ يمكن أن يشعر به المرء في المنطقة الصلبة خلف الأذن وتحتها مباشرة.
وعظمة الناتئ الخُشَّائي هي عظمة مسامية، مثل الإسفنج وتسمَّى هذه المسام أو الأماكن المجوفة خلايا الخشاء، وهي تختلف اختلافاً كبيرا في الحجم والعدد من شخص إلى آخر. وهي تتصل بتجويف أكبر وغير منتظم الشكل يُسمَّى التجويف الطبلي. ويفتح هذا التجويف في الأذن الوسطَى. ويمتد الغشاء المخاطي للأذن الوسطى في التجويف الطبلي مع خلايا الخُشَّاء. وتنتشر التهابات الأذن الوسطى من خلال هذه القنوات، ويمكن أن تصيب خلايا الخُشَّاء بالعدوَى. ويُطلق الأطباء على هذه العدوى التهاب الخشاء.
ويمكن أن يكون التهاب الخُشَّاء خطيراً لأن خلايا الخُشَّاء قريبة من أعضاء السمع ومن أعصاب مهمة ومن الوريد الوداجي الباطن. فإصابة الخُشَّاء بالعدوى يمكن أن تنتشر إلى هذه الأعضاء أيضاً.
ومن الممكن أن يحدث الالتهاب الخشائي من التمخط بطريقة خاطئة. فإذا جعل الإنسان فتحتي الأنف مغلقتين عند التمخط، فقد تُدفع الميكروبات بقوة من الحلق إلى داخل القناتان السمعيتان، وهاتان القناتان تصل الجزء الخلفي من الأنف (وتحديداً البلعوم الأنفي) بالأذن الوسطى. وقد يتم الشفاء من التهاب الخُشَّاء بالمضادات الحيوية. ولكن الحالات الخطيرة قد تحتاج إلى جراحة.

** العضلة القصية الترقية الخشائية أو القترائية (بالإنكليزية: Sternocleidomastoid muscle) عضلة قوية موجودة في العنق مسؤولة عن دوران الرأس وانعطافه. الهوامش منقولة / يُرجى التدقيق

[فينيق]

تكون أسنان انسان نياندرتال بذات حجم اسنان نوعنا نحن، لكن ربطاً بالجمجمة، وبحجم عظم الفكّ والحجم الجسديّ، تكون صغيرة نسبياً. حيث تختلف العلاقة بين البنية السنيّة الامامية { قواطع وأنياب } والبنية السنية الخلفية { الضواحك والطواحن }، حيث يمتلك انسان نياندرتال بنية سنيّة أمامية أكبر نسبياً. تمتلك الطواحن تجويف لبّي ممتدّ { ميزة محددة تحت اسم سنيّة الثور taurodontismo }. اضافة لأنّ البنية السنية الامامية لغالبية نياندرتال تكون متآكلة جداً، لانها قد استعملت الاسنان بوظيفة خاصة { ربما لاجل تقطيع الجلود، او لاجل شدّ الاغذية واشياء اخرى بالاسنان }.

يفتقر عظم الفكّ للذقن، يقع الثقب الفكّي foramen mandibular على مستوى ارتفاع الطاحن الأول ويحتوي على فراغ بين الطاحن الاخير والفرع الفكّي والذي يسمى فراغ خلف طاحنيّ، ويظهر هذا الفراغ لأنّ البنية السنيّة مختصرة الحجم وتقع بمستوى متقدم على العظم.


مقارنة بين جمجتي انسان حديث الى اليمين وانسان نياندرتال الى اليسار.


المشهد الجسديّ عند انسان نياندرتال

نجد في التفسيرات الاولية للصيغة الجسدية لانسان نياندرتال، انهم قد تحدثوا عن مظهر وحشيّ وقرديّ. مع هذا، نعرف اليوم بأنّ وضعيته المنتصبة وشكل تنقله، سيكون متشابهاً جداً لما تمتلكه البشرية الراهنة.

حيث يتراوح معدل الطول عند ذكر نياندرتال بحدود 170 سنتمتر والانثى 160 سنتمتر. تكون بنيته الجسدية قويّة، يكون هيكله العظميّ أكثر بدانة، تكون سماكة العظام أكبر والملحقات العضليّة أكثر وضوح. كذلك يمتلك إنسان نياندرتال مفاصل ذات حجم أكبر نسبياً.

تشير تقديرات اوزان بعض ذكور النياندرتال لارقام بحدود 80 الى 90 كغ، وهي أكبر مما لدى البشر الحديثين ذوي ذات ارتفاع القامة. لكن في الغالب، يوجد خطأ في اوزان نياندرتال، لانّ الطريقة المعتمدة لتقدير الوزن من خلال قياسات هيكلية عظمية، تتأسّس على دراسات حول جماعات حالية تمتلك اجسام نحيفة أكثر. كذلك لا تأخذ بعين الاعتبار الوزن الزائد للعظام عند النياندرتال والتي تكون أكثر سماكة بجدرانها العظمية.

تكون أطراف نياندرتال قصيرة نسبياً، خصوصاً في الاقسام البعيدة، كعظام الساعد { عظم المرفق والكعبرة } والجزء السفلي من الساق { الظنبوب وعظم الشظيّة }. حيث يبلغ طول الظنبوب عند البشر الحاليين حوالي 80 الى 85% من طول عظم الفخذ، بالمقابل يكون متوسط طوله عند نياندرتال بما يكافيء النسبة 79%.


هيكل عظمي ومشهد جسديّ للانسان الحديث على اليسار ولانسان نياندرتال على اليمين.



تمتلك الحيوانات التي تعيش بمناطق حارّة سطح جسميّ أكبر ربطاً بوزنها، لتحقيق زيادة بمساحة تبديد الحرارة الجسدية. بالمقابل، تميل الحيوانات التي تعيش بالمناخات الباردة لتخفيض سطحها الجسديّ ربطاً بالوزن، وبهذا يمكنها الاحتفاظ بالحرارة بشكل افضل. يمكن أن يأخذ تخفيض المساحة الجسدية شكلين، زيادة العرض والاقطار بالاعضاء المشكلة للجسم اي اجسام ممتلئة قصيرة نسبياً { قاعدة Bergmann }، او بتخفيض طول الاطراف { قاعدة Allen }. تُبرز جماعة نياندرتال بشكلها الجسديّ { قصيري القامة نسبياً، اجسام ممتلئة واطراف قصيرة نسبيا } تكيفات مع المناخ البارد والتي تستجيب بدورها لكلا القاعدتين.


http://ntic.educacion.es/w3/eos/Mate...m6_u1_034.html


عظم حوض نياندرتال ومعدّل عمر

في العظم الحرقفيّ، يمتلك انسان نياندرتال عظم عانيّ { بالتحديد فرعه الافقيّ } متطاول جداً ومسطّح. ربط بعض الأخصائيُّون بين طول منطقة العانة وحجم قناة الولادة، واستخلصوا بأنها عند نياندرتال يمكن ان تكون أكبر بنسبة 20% مما لدينا حالياً. بدورها فترة الحمل ستكون أطول { شهر أو شهرين أكثر } مما لدينا الآن، ويُولَد اطفال نياندرتال بحالة نموّ أكبر. مع هذا، بيّن العثور على عظم حوض نياندرتال كامل بموقع Kebara { بفلسطين المحتلة } بأنّه بالرغم من وجود فروقات في بنية الورك، فلم تكن قناة الولادة أكبر، وستكون حالة النموّ لطفل نياندرتال حديث الولادة مماثلة لما لدى اطفالنا. كذلك يمتلك نوع شبه الانسان Australopithecus منطقة عانة طويلة، وحيث يظهر بأنّ هذه الخاصيّة المورفولوجية كميزة بدائية حاضرة عند كل اشباه الانسان باستثناء البشر الحديثين اي نحن الذين نمتلك منطقة عانة قصيرة وبدينة.


عظم حوض نياندرتال بموقع Kebara


بفضل العثور على احفور لعظم حوض يعود لفترة البليستوسين الاوسط في جبال Atapuerca الاسبانية، يمكننا التعرُّف بشكل افضل على المشهد التطوريّ باجسام ودماغ نياندرتال، فاعتباراً من سلف بدائيّ ذو جسد يمتلك ورك عريض ودماغ صغير، قد تطورا خطان مستقلان في اوروبا وافريقيا. قاد الخطّ الأول لظهور انسان نياندرتال، بينما قاد الخطّ الثاني لظهور البشر الحديثين اي نحن. نتج بكلا الخطين ازدياد بالحجم الدماغيّ. لكن، احتفظ انسان نياندرتال ببنية جسدية عريضة عن اسلافه مع قصر في الاطراف، بينما انخفض عند البشر الحديثين عرض اوراكهم وجذوعهم وقلّ بهذا الوزن الجسديّ.


معدّل حياته

يكون من أكثر الامور اشكاليّة بدراسة التطور البشريّ هو تقدير العمر، ومدى تطابق حالات النموّ الراهنة مع الانواع الاحفوريّة. مع ذلك، فإنّ تطبيق هذه المعايير على عيّنة واسعة من النياندرتال المتوفرة لدينا، مكَّننا من رؤية أنّ أقلّ من 10% منهم لديهم عمر يفوق 35-40 عام. بينما نجد في جماعة بمجموعة مجتمعات غير صناعية قد تصل النسبة ذاتها الى حدود 50%. من الممكن ان نياندرتال قد امتلك أمل بالحياة بعد الولادة بشكل اقلّ مما هو متوفر حالياً، لكن ربما لا تفيدنا، نماذج انبثاق الاسنان وتآكلها المستخدمة بالعموم، بتقدير العمر الدقيق الواقعيّ لاحفوريات نياندرتال.

http://ntic.educacion.es/w3/eos/Mate...m6_u1_035.html

[فينيق]

يمكننا إبراز ثلاث مشاهد للتطور الثقافي عند النياندرتال، هي:

أولاً: تحضير صناعة حجريّة مميزة للعصر الباليوتي الاوسط والمسمى Musteriense.

ثانياً: السلوك الجنائزيّ { دفن الموتى }

ثالثاً: التحكُّم والاستخدام المتعدد للنار.


الصناعات الحجريّة

تُعرف مجموعة الادوات الحجرية لنياندرتال بوصفها ثقافة Musteriense، وتُوضَع بسياق الصيغة التقنيّة الثالثة أو الباليوتيك الاوسط. تتميّز تلك الصيغة التقنية يوجود تحضير في النواة، والذي يحقق امكانية استخراج نمط من الصفائح المحددة مسبقاً، والتي ستكون مشغولة لاحقاً لتحقيق الشكل النهائيّ، مدببة، رقائق، كواشط باشكال مختلفة ... الخ. يسمى هذا النوع من النحت الحجري Levallois والذي يستلزم تطور تقني كبير وقدرة تجريدية أكبر لوجود خطوة وسيطة، تتمثل بتحضير النواة. كذلك تستلزم عدد كبير من التطريقات لتحضير الأداة. انتشرت ثقافة Musteriense في اوروبة، الهلال الخصيب، شمال افريقيا، بينما جرى تصنيف صناعات أخرى بالصيغة التقنية الثالثة أو الباليوتيك المتوسط والقائمة بباقي افريقية تحت تسمية Middle Stone Age اي العصر الحجري الوسيط. لا تنحصر ثقافة Musteriense بنياندرتال فقط، ففي كهفي Qafzeh و Skhul { كلاهما بفلسطين المحتلة } قد عثرنا على مستويات لصناعة Musteriense مرتبطة بحالات دفن للانسان العاقل Homo sapiens.

حالات الدفن

اعتُبِرَ كثير من الهياكل العظمية النياندرتالية التي عثروا عليها بكهوف بوصفها نتيجة لتطبيقات جنائزيّة. حيث يبرز هنا احفوريات موقع Chapelle-aux-Saints و La Ferrassie وهذا الاخير احتوى على 8 مدافن { اثنين بالغين، طفل بعشر سنوات، طفلين بعمر 2-3 اعوام وثلاث أجنّة }. في كهف Kebara، عُثِرَ على النصف العلوي من هيكل عظمي لنياندرتال، وبعد دفنه سُحِبتْ الجمجمة، لانّه عُثِرَ على فكّه وأحد أسنانه العليا. ويثبت هذا على أنهم قد امتلكوا مستوى عال من الأحساس، وبصيغة ما قد تمرّسوا بتعامل خاص مع موتاهم.

يوجد شكوك كبرى حول وجود طقس محدد مصاحب للدفن، ما يعني امتلاك الدفن لديهم لأيّ معنى رمزيّ. فالأدلة على الطقوسيّة في عمليات الدفن النياندرتالي تكون مثيرة للشكوك بشكل كبير:

أولاً: ففي الرسوبيات المحيطة بأحد الهياكل العظمية المعثور عليه بموقع Shanidar / العراق، حُدِدَ وجود حبيبات طلع قادمة من أزهار والتي من المفترض انها قد وضعت على جسد الميت.

ثانياً: كما عُثِرَ على الهيكل العظمي للطفل ذو العامين بموقع Dederiyeh / سورية على اداة مثلثة من الصوان على مستوى القلب، وجانب الرأس قطعة حجر كلسي.

ثالثاً: في حالات احفورية اخرى كثيرة، مثل احفوريات مواقع: La Ferrassie، Amud، Teshik-Tash تظهر الاجسام مصحوبة ببقايا حيوانية، ربما قدمت كقرابين.

مع هذا، يعتبر كثير من الأخصائيين، تلك اللقى المرافقة للهياكل العظمية الاحفورية المدفونة، موجودة بالصدفة وليست موضوعة وفق طقوس خاصة وقتها. ولو ان بعضها يظهر بشكل قصديّ، فمزيج العظام البشرية مع بقايا حيوانية وأدوات وحلى: قد كانت دوما واردة بمواقع يتوفر بها حيوانات وادوات حجرية. اضافة لأنّ بعض الحفريات تكون قديمة ومناهج التنقيب لم تكن ملائمة.

لكن وبالرغم من اختفاء المعنى والرمزية بالدفن النياندرتالي، يمكننا القول بثقة كبيرة بأنهم قد امتلكوا تعامل خاص مع موتاهم، فقد قاموا بدفنهم بشكل قصديّ، ويكون هذا مؤشّر هامّ.

ففي سلسلة جبال Atapuerca / اسبانيا، طبّق اسلاف نياندرتال ومنذ 300000 عام نمط جنائزيّ، حيث دفنوا موتاهم بمراكمة جثثهم بحفرة بقيت آثارها بموقع Sima de los Hues.

http://ntic.educacion.es/w3/eos/Mate...m6_u1_036.html



أهمّ الاماكن التي انتشر بها نياندرتال وعثروا بها على أحفوريات له


التحكُّم بالنار

يرى بعض الأخصائيين بعصور ما قبل التأريخ بأنّ أقدم الأدلة على التحكُّم بالنار، يردنا من موقع Chesowanja / كينيا ومنذ ما يقرب من 1.4 مليون عام. لكن الأدلة على قدرة البشر على انتاج النار والتحكم بها، فتردنا من مواقع Zhoukoudian / الصين، Terra Amata / فرنسا، Vértesszöllös / هنغاريا، La Cotte de St. Brelade / جزيرة جيرسي ببريطانيا و Bilzingsleben / ألمانيا. تعود تلك المواقع لفترة ما قبل 300000 عام أو أكثر، لكن لا تظهر بكل تلك المواقع بهذا التسلسل الزمني الادلة على النار. لقد عمّم انسان نياندرتال استعمال النار في كل مواقع استقراره. تظهر في مواقع الباليوتي الأوسط مساكن منظمة بشكل جيد والتي انشأها النياندرتال حيثما عاش. لقد حافظ على استمرار اشتعال النار من خلال حرق الاخشاب والعظام.


حسن المعاشرة

نمتلك أدلة حول امتلاك نياندرتال نوع ما من التعاون الاجتماعي مع افراد كبيرين بالسنّ أو مع افراد ذوي احتياجات خاصة. كمثال، عُثِرَ في موقع Shanidar / العراق على بقايا فرد بالغ يعود لما قبل 50000 عام، ويظهر على بقايا عظامه تعرضه لالتهاب مفاصل وحادث خطير أدى لإقعاده وقد فقد أحد أذرعه وكان من المستحيل بقاءه حيا بالاعتماد على نفسه ودون مساعدة. مع هذا، فقد عاش لفترة أطول بعد الحادث واحتاج لعون افراد آخرين واهتمامهم به. تُبرز كثير من هياكل نياندرتال وجود جروح عُولجت خلال الحياة، ووجود أمراض عظمية، ومن الأمراض التي عانوها: الكسور، بتر أطراف، التهابات المفاصل أو فقدان الاسنان. يُشير هذا السلوك لتماسك وتضامن ضمن مجموعات نياندرتال.


أكل لحوم البشر النياندرتالي

في موقع Krapina / كرواتيا، كذلك نجد أدلة على أكل لحم البشر بين النياندرتال، عُثِرَ على عظام مكسورة بشكل مقصود، حيث تعرّض كثير من تلك العظام للتقطيع بسطوحها من خلال ادوات حجرية وبعضها محروق.

حصلت مبالغات بمناسبات اخرى كأدلة على أكل لحم البشر بين النياندرتال. حيث تمتلك جمجمة نياندرتال بموقع Monte Circeo / ايطاليا ثقب كبير بقاعدتها. فُسِّرَ كتوسيع للثقب القذالي السفلي foramen magnum لاجل إخراج الدماغ وأكله. مع هذا، تثبت دراسة الجمجمة على أن الانقسام طبيعي فيها وعلى الأرجح قد حصل بسبب فعل هجوم ضبع عليه.



الصيد

كان انسان نياندرتال الصياد الأكثر فعالية في ما قبل تأريخنا. بالرغم من توافر الفواكه والجذور باوقات معينة من العام للاستهلاك، كان الغذاء الثابت الوحيد هو لحم الثدييات.

انطلاقاً من بقايا الحيوانات المعثور عليها بمختلف المواقع العائدة للباليوتيك الأوسط، نعرف بأنّ نياندرتال قد كان صيادا ماهراً، بالرغم من أنّ بعض فرائسهم قد حصلوا عليها بتطبيق اساليب انتهازية واختطاف جيف. وكانت فرائسهم الاساسية، هي: الغزلان، الاحصنة، البيزون، الماعز، الرنة وبشكل اقلّ الماموث ووحيد القرن. في بعض المواقع لا تعكس تلك الحيوانات تفضيلات نياندرتال بالصيد بقدر ما تعكس توفر انواعها في المنطقة.

اصافة لتناول هذه الحيوانات، فبعضها كان قيِّماً بسبب جلده، عظامه وفرائه، لاستعمالهم بتصنيع البسة، خيم .. الخ. يكون الدليل على ارتدائهم الألبسة غير مباشر. تُشير تآكلات أدواتهم الحجرية لأنهم قد استخدموا بعضها لاجل تقطيع الجلود واعطائها شكل معين.

[فينيق]

منذ 10 سنوات، بدأ في العام 2003 مشروع بحث أثريّ في كهفين بمنطقة مويا ببرشلونة، هما Coves del Toll و Coves Teixoneres de Moià. ظهر هذا المشروع كنتيجة لتساؤل بسيط جداً، هل كان هناك تنافس على الموارد بين انسان نياندرتال واللواحم الكِبار؟ رويداً رويداً، سمحت المعلومة المتوفرة بكلا الكهفين للباحثين لأكثر من مواجهة في هذه القضيّة، وباتجاه إدخال نقاشات علمية أخرى هامّة بهذا الإطار.

Coves del Toll

Coves Teixoneres de Moià

وإثر مرور 10 أعوام لأعمال الحفريات، والمستمرة بأيامنا هذه، في منطقة مويا، سمحت النتائج بالإجابة على بعض المجاهيل حول سلوك تجمعات نياندرتال. ويقود البحث المعهد الكاتالاني لعلم الإحاثة البشريّة والتطوُّر الإجتماعيّ IPHES.



يُشير Jordi Rosell الباحث في هذا المعهد:" لأنّه إثر مرور هذا العقد من الزمن، يكون تقييم الأعمال المُنجزة إيجابيّ جداً، وقد سمحت نتائجها بتقديم إجابات على خمس قضايا هامّة متصلة بالنياندرتال ". وتكون القضايا الخمس هي على التوالي:

أولاً: في الصراع على احتلال الكهوف، هل كسبت الدببة أم البشر؟

من القضايا الواجب النظر فيها: هي الصراعات بين البشر والحيوانات اللاحمة بتلك الحقبة، والتي بالغالب قد انتهت لصالح البشر.

يُضيف الباحث قائلاً:" انطلاقاً من السجِّل الأثريّ، وجدنا بأنّه عادة ما تنشغل الكهوف في فصل الشتاء بدببة الكهوف وفي فصل الربيع بالضباع وحيوانات لاحمة أخرى ". وفي بعض الأحيان، زارت جماعات من نياندرتال تلك الكهوف، الأمر الذي تسبّب بالتأثير على الديناميّة الطبيعيّة للمُقيمين المعتادين فيها.

يتابع الباحث قائلاً:" وفق ما شُوهِدَ حتى الآن، مجرّد ظهور نياندرتال قد أخاف تلك الحيوانات، وهي ذاتها بيومنا هذا التي تختفي عن أنظار البشر حيث تتواجد. وفي حال معاكس، فقد جرى اصطيادها، وجرى اثبات هذا من خلال جروح موجودة ببعض دببة الكهوف المعثور على بقاياها في Coves del Toll وتعود لما قبل 60000 عام، وتعكس تعامل جماعات نياندرتال مع هذا النوع من الحيوانات ".

ثانياً: هل بنوا مراكز تخييم؟

طرح الكثيرون، بصورة تقليدية، غياب مسألة التنظيم والهيكلة البنائيّة عند نياندرتال. بالمقابل يسجِّل الباحث :

" كون كهف Cova de les Teixoneres يوحي باستخدام مساحات محددة لغايات مؤكدة ".

بالعموم، كل ما كانوا يقومون به: كان حول مساكنهم، والتي شكّلت مناطق خارجيّة. وفي حالة واحدة، فقط، جرى استخدام منطقة داخليّة بُغية تخصيصها لمكان استهلاك لحوم الغزلان. ويلاحظ الباحث بأنّ " غياب الهيكلة الملحوظة في مواقع أخرى، تعود بالغالب لعمل لاحق لحيوانات لاحمة استفادت من المخزونات المتوفرة المتروكة من جماعات بشرية، والتي قضت بإزالة تلك البقايا ".

ثالثاً: هل وُجِدَتْ " أرض " نياندرتاليّة؟

من جانب آخر، لا تبدو المجموعات البشرية التي تزور كهفي Coves del Toll و Coves Teixoneres بوصفها الوحيدة في منطقة Moianès الكاتالانيّة. ومن الظاهر أنّ الصخور المستخدمة قد أتت بغالبيتها من مناطق بعيدة، سيما من منطقة أوسونا Osona. مع هذا، يوحي تكرار زياراتهم للكهوف بوجود بضع مسارات ثابتة في تلك الأراضي بظلّ وجود أماكن هامّة أو تحظى بزيارات إجباريّة مثل كهف Cova de las Teixoneres.

رابعاً: هل أكل نياندرتال كل شيء؟

من أهم الفوائد التي توفرها دراسة المجموعات البشرية المتنقلة، كحال النياندرتال الذين زاروا كهفي Coves del Toll و Coves Teixoneres: هو تنوُّع الموارد التي يمكنهم استغلالها خلال مسارات سفرهم. يسمح هذا بتحديد الحيوانات التي شكّلت فرائس عندهم.

يؤكّد Rosell:" نعرف الآن بأنّ نياندرتال منطقة Moianès قد استفاد من لحوم حيوانات صغيرة، كالسلاحف أو الأرانب، ولحوم حيوانات ضخمة كوحيدات القرن والثيران مروراً بالأحصنة، الحمار الوحشيّ، الغزلان، الوعول وحتى الخنازير الجبلية ".

خامساً: هل عاش نياندرتال بظلّ تغيرات مناخية لافتة؟

منذ ما قبل 40000 إلى 70000 عام، لدينا الحقبة الأكثر تعرضاً للدراسة حتى الآن بتلك الكهوف، ومن الواضح أنّ تنوُّعاً بيئياً هاماً قد حصل. وكان المشهد المسيطر بالمنطقة هو سيطرة الغابات. مع ذلك، سُجِّلَ حضور فترات برد قارس، تظهر خلالها في الكهوف حيوانات مثل وحيد القرن نوع rinoceronte lanudo والماموث، وسُجِّلَ حضور فترات معتدلة يحضر فيها الوعول أو الحمار الوحشيّ. وبحسب الباحث، فإنّ هذا يُشير لأنّ التغيرات المناخية الحاصلة بآخر 100000 عام، قد كانت شديدة التطرُّف.

مجاهيل جديدة

رغم بُعد نهاية البحث الجاري، فإنّ حلّ بعض المجاهيل يساهم بطرح أسئلة جديدة وأهداف أكثر تنتظر الحلول بحملات بحث مستقبلية. ومن تلك الأهداف معرفة العلاقة التي كانت بين نماذج الإقامة النياندرتاليّة المختلفة والتغيرات المناخية. ما يعني، معرفة فيما لو كيَّف المناخ صيغ حياة نياندرتال وحركته في الأراضي التي عاش بها.

يكون التحدي الثاني متمحوراً حول تأكيد فيما لو وُجِدَت عملية صيد مُنتظمة لدببة الكهوف من قبل قسم من جماعة نياندرتال. ففي الوقت الراهن، تكون البقايا المستعادة لتلك الحيوانات الحاملة لمؤشرات تعامل بشريّ معها قليلة. يختتم الباحث Jordi Rosell، قائلاً:" مع هذا، حفريات مستقبلية قد تساهم بزيادة تلك المؤشرات وتسمح بتأكيد تلك الفرضية وبضمانات أكبر ".

تعليق فينيق

اعتباراً من هذا الموضوع، نكون مع مصادر أخرى تتحدث عن انسان نياندرتال، فالأبحاث حول إحفوريات هذا الإنسان مستمرة، سيما في مناطق إسبانية تعتبر بالغة الأهمية على هذا الصعيد .. أشكر أيّ تصويب أو إضافة