![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
باحث ومشرف عام
![]() |
أخلاق ذات تعريف موضوعي بناء على التفكير العلمي المنطقي
Objective Morality Based on Scientific and Rational Reasoning written by Eugene Khutoryansky ترجمة: لؤي عشري الجزء الأول مقدمة غرضي من كتابة هذا الموضوع هو الجدال للإقناع بوجود أخلاق موضوعية بناء على التفكير العقلاني والعلمي على نحوٍ كامل. بقولي "أخلاق موضوعية" لا أعني ببساطة أن الأخلاق توجد بمعنى أن مجتمعات عديدة تعتبر العديد من الأفعال غير أخلاقي. بل ما أعنيه هو أن أفعالًا معينة خطأ أو صواب على نحو متأصِّل بغض النظر عما يعتقده أي مجتمع بصددها. بعبارة أخرى: ما أعنيه أن هناك أخلاقًا موضوعية توجد مستقلة على نحو مستقل عن الاعتقادات البشرية والحضارات البشرية. هناك الكثير من الناس الذين يرتؤون أنه غير ممكنٍ الاعتقادُ بمثل هذه الأخلاق الموضوعية دون الاعتقاد كذلك بمفاهيم كالله أو روح خالدة. أنا أعتقد أنهم مخطئون. سأحاول أن أبرهن على أن الأخلاق الموضوعية توجد، وعلى أن هذه الأخلاق هي هي نفسها بغض النظر عن أي دين هو الصحيح، لو كان هناك [دين صحيح فرضًا]. يعتقد الكثير من الناس أنه دون إطار ومنهج ديني، فإن الاستنتاج الوحيد الممكن هو أن كل الأخلاق ليست أكثر من تنظيم بشريّ دون أي تواجد موضوعيّ. بعبارة أخرى: ما يقبله شخص أو ثقافة كأخلاق هو كاختيار طعم مفضل من الآيس كريم. بعض الأفراد يفضلون آيس كريم الفراولة، بينما يفضل أفراد آخرون الشيكولات، وليس تفضيل أي شخص "أكثر صحة" من الآخر. هم يجادلون أنه على نحو مماثل أن الأفراد والمجتمعات المختلفة لديها أنظمة اعتقاد أخلاقية مفضّلة متعددة، تماماً مثل الآيس كريم، ولا مجموعة معينة من الاعتقادات الأخلاقية "أكثر صحة" من أي مجموعة أخرى. أحد الجدالات لصالح هذا النمط من التفكير هو التالي: طوال التاريخ كان لدى الثقافات المختلفة أنظمة أخلاقية مختلفة على نحو واسع. في الحقيقة، في كل مسألة أخلاقية تقريبًا يتضح أنه بالتأكيد ليس هناك توافق أو إجماع متشارك حتى من قبل غالبية الثقافات طوال التاريخ. بالإضافة إلى هذا، يتضح أن لا سبيل للبرهنة على تفوق نظام أخلاقي على آخرٍ باستخدام العقلانية [المنطق] فقط. لذا فإن السبيل الوحيد الذي يمكن به أن يكون نظام أخلاقي هو الصحيح على نحو حقيقي هو لو كان الدين هو وسيلة التحديد. أي أن أي نظام قِيَمٍ يناصره "الدين الصحيح" فهو نظام القيم الصحيح. وإلا، فلا وسيلة للحسم بينهم. أعتقد أن هذا النمط من الجدل مدحوض بسهولة. لكي أبرهن على وجود أخلاق موضوعية، سأحتاج إلى عمل أكثر من مجرد الإشارة إلى الأخطاء والثغرات في التفكير هكذا. سيكون عليَّ تقديم جدالاتي البرهانية على أن الأخلاق الموضوعية توجد حقًّا، وسأحتاج إلى نقاش مصدر هذه الأخلاق و"من أين تجيء". وسأحتاج أيضًا العملية التي يمكننا بها محاولة تحديد ماهيتها. هذا ما أنتوي فعله. رغم ذلك، سأريد أولًا استغراق بعض الوقت للإشارة إلى بعض الأخطاء في أسلوب التفكير والاحتجاج السابق أعلاه. هناك نقطتان تزعمهما الجدلية السابقة أعلاه: الأولى بخصوص افتقاد الإجماع بصدد الأخلاق، والثانية تتضمن عدم إمكانية البرهنة على تفوق نظام أخلاقي على آخر باستخدام المنطق وحده. إنه صحيحٌ أن طوال التاريخ اتخذت الثقافات المختلفة اعتقادات مختلفة على نحو واسع بشأن الأخلاق. وإن هذه الثقافات قد اعتقدت أيضًا اعتقادات مختلفة على نحو واسع بصدد القوانين الفيزيائية الطبيعية [بعض آباء المسيحية وفلاسفة ومشايخ المسلمين مثلًا أنكروا السببية وقالوا بأن كل شيء سببه فقط مشيئة الله وأن الارتباط بين العلة والمعلول وهم، وهي أمور صارعها ديكارت وغيره_م]. كمثال: تأمل الاعتقاد في الجاذبية. في العصر الحالي، يعتقد أن الظاهرة التي نسميها الجاذبية هي نتيجة لحقيقة أن الأشياء ذات الكتلة تسبب تقوسًا في (الفضاء-الزمن) [حسب النظرية النسبية لأينستين]. ضمن هذا الإطار، نعتقد أن ساعة توضع في حقل مرتفع الجاذبية سيتضح أنها تتحرك أبطأ مما تفعل ساعة مطابقة في منطقة ذات جاذبية منخفضة. نعتقد كذلك_ضمن نفس هذا الإطار_أن مرور شيء غير ذي كتلة، كشعاع ضوء، يتأثر بالجاذبية [وهو ما أثبتته بعض الملاحظات الفلكية بعد أينستين_م]. هذا لم يكن حال اعتقادنا دومًا قبل ذلك. ففي بداية القرن العشرين كمثال كان يُعتقَد أن ظاهرة الجاذبية هي نتيجة لحقيقة أن كل الأشياء ذوات الكتلة تقوم بقوة جذبية تجاه أحدها الآخر [نظرية نيوتن_م]. طبقًا لهذه النظرية فإن مرور شعاع الضوء كان يجب ألا يتأثر بالجاذبية والساعات المتطابقة كان يعتقد بأنها ينبغي أن تدور بنفس السرعة في كل مكان. وهذه لم تكن حال النظريات السائدة قبل ذلك كذلك. ففي زمن أقدم وأكثر بدائية كان يُعتقَد أن المكان الطبيعي للأشياء كالصخور هو الأرض بينما المكان الطبيعي لأشياء كالبخار هو في الأعلى في السماء. وفقًا لهذا المنظور تسقط الصخور إلى الأرض بينما يرتفع البخار لأن كل شيء يميل إلى الذهاب إلى مكانه الطبيعيّ. إن تفصحنا أكثر بحيث شملنا كل الثقافات خلال كل التاريخ فسوف نجد تنوعًا أوسع من الآراء بصدد قانون الجاذبية [وتفسير الظاهرة]. رغم هذا، فهذا لا يعني أنه لا يوجد قانون جاذبية موضوعيّ يوجد مستقلًا عن المجتمع البشريّ. فإن الاعتقادات والتفسيرات للجاذبية التي قد وَصَفْتُ هي محاولات المجتمعات البشرية لتقريب الحقيقة. من الواضح أن بعض التقريبات أفضل من الأخرى. ربما يكون الاعتقاد الحالي في تحدب الفراغ-الزمن غير صحيح أيضًا وسيُستبدَل لاحقًا بتقريب آخر أفضل. رغم ذلك فإن معظم الناس لن يكون لديهم مشكلة في الموافقة على أن تفسير الجاذبية بتقوس الفراغ-الزمن هو تقريب أفضل للحقيقة من التقريبات التي سبقته. كل ذلك يبرهن على أن رغم أن الثقافات المختلفة تتخذ اعتقادات مختلفة بشأن مسألة معينة، فهذا لا يدل بالضرورة على عدم وجود حقيقة موضوعية خلف هذه الاعتقادات. الادعاء الذي سأجادل لأجله هو أن الأمر هو ذاته بالنسبة إلى الأخلاق كما هو بالنسبة إلى الجاذبية. إن كل الاعتقادات الأخلاقية التي كانت قبل عصرنا وكل المعاصرة اليوم هي_بنفس الطريقة تمامًا كما في حالة الجاذبية_هي تقريبات للحقيقة الموضوعية التي توجد مستقلة عن البشر. فرغم أنه على الأرجح ليس أيٌّ من هذه التقريبات يتطابق مع الحقيقة بالضبط، كالجاذبية، فإن بعض التقريبات أفضل من الأخرى. كمثال: فإن النظام الأخلاقي لمجتمع يسمح بالاستعباد لكنه يدين أكل لحوم البشر هو غير صحيح، لكنه تقريب أو مقاربة أفضل للحقيقة من نظام مجتمع يسمح لكلٍ من الاستعباد وأكل لحوم البشر. الادعاء أن لا أحد لديه القدرة بعدُ على البرهنة على صحة منظومة أخلاقية محددة من خلال المنطق فقط أيضًا صحيح. رغم ذلك، لو استمررنا في قياس [تشبيه] الجاذبية، سندرك أن لا أحد قادر أيضًا على البرهنة على وجود الجاذبية من خلال المنطق وحده كذلك. إن سبب اعتقادنا أن صخرة ستقع إلى الأرض لأن هذا ما نلاحظه دومًا عندما تركنا الصخور من أعلى في الماضي. هناك أمور أكثر بالتأكيد من هذا. فإن نظريتنا الحاليّة عن الجاذبية تتوقّع الكثير من الظواهر المحددة. هذا يتضمن سقوط الصخور إلى الأرض، دوران الكواكب حول الشمس، صنع مد وجزر المحيطات والبحار بالقمر، ودوران الساعات المتطابقة بسرعات مختلفة. إن السبب الوحيد لاعتقادنا بنظريتنا الحالية للجاذبية هو لأننا في كل مرة نلاحظ هذا الظواهر فإن ما نراه متوافق مع ما توقعته النظرية. لو كنا محرومين من هذه الملاحظات لما كان لدينا سبب للاعتقاد في الجاذبية على الإطلاق. ليس هناك وسيلة باستخدام المنطق وحده يمكن لشخص بها البرهنة على وجود الجاذبية أو تفوق إحدى نظريات الجاذبية على الأخرى. بل فقط باستعمال التفكير المنطقي مع الملاحظات يمكن لشخص أن يجادل على وجود الجاذبية. وبالرغم من ذلك، لا يمكن عمل ذلك بنسبة يقين 100%. إن حقيقة أن النظرية الحالية للجاذبية قد قامت دومًا بتوقعات صحيحة في الماضي لا يضمن أن النظرية ستعطي توقعات صحيحة غدًا. ما يمكن لشخص القيام به _بالرغم من ذلك-هو البرهنة باستعمال التفكير المنطقي مع الملاحظات أن نظريتنا عن الجاذبية صحيحة على نحو أرجح. هذا ما أنتوي فعله مع الأخلاق. هنالك بالتأكيد بعض الاختلافات بين الجدال لأجل قانون أخلاقي موضوعي والجدال لأجل قانون جاذبية موضوعي. ربما أحد أكثرها جوهرية هو أنه يمكن إنشاء أداة تقيس كميًّا تأثيرات الجاذبية. أي أنه يمكن إنشاء راصد للسرعة يعلمنا أن صخرة تتحرك هابطة بسرعة عشرة أمتار في الثانية في لحظة معينة من الزمن. على الجانب الآخر، لا يمكن حاليًّا إنشاء مقياس أخلاقي يعلمنا أن فعلًا معينًا خطأ بمقياس لا أخلاقي من عشر وحدات لا أخلاقية. رغم ذلك، فهذه عقبة أعتقد أنه يمكن التغلب عليها بسهولة. سأشرح الطريقة التي أتغلب بها على هذه العقبة بُعَيْد قليل. أما الآن، فأريد فقط أن أشير إلى أن حقيقة أننا لا نستطيع بناء مقياس كهذا لا تتضمن آليًّا أنه لا وجود للأخلاق الموضوعية. منذ زمن ليس بعيدًا لم نكن نستطيع رصد أو قياس وجود الإلكترونات. رغم ذلك فهذا لا يدل على أن الإلكترونات لم توجد في ذلك الزمن. الإلكترونات توجد على نحو موضوعيّ بصرف النظر عما إذا استطعنا إنشاء أجهزة ترصدها أم لا. أعتقد أن نفس الأمر ينطبق على الأخلاق. لقد قسمت بحثي إلى أربعة أجزاء. الجزء الأول هو هذه المقدمة. وفي الجزء الثاني حاولت البرهنة أنه خطأ على نحو موضوعيّ أن نعذّب شخصًا آخر لغرض الاستمتاع، وناقشت مسألة مصدر هذه الأخلاق الموضوعية. في ذلك الجزء الثاني لا أعالج مسائل معقدة على نحو متسوط كتعذيب شخص لمنع معاناة شخص آخر. حيث أني أحاول البرهنة على وجود أخلاق موضوعية على نحو مستقل عن الاعتقادات البشرية فإن البرهنة على وجود فعل واحد خطأ على نحو موضوعيّ ينبغي أن يكون كافيًا للبرهنة على موقفي من الاعتقاد بوجود بعض الأخلاق الموضوعية. رغم ذلك، فإن مجرد الاعتقاد بوجود أخلاق موضوعية لا ينبغي أن يكون كافيًا لبحث أي شخص في المسألة. لذا في الجزء الثالث أبحث كيف يمكننا تحديد ما تقوله هذه الأخلاق الموضوعية بخصوص القضايا الأخلاقية الخلافية. وكما في حالة الجاذبية، أنا أدّعي فقط امتلاك وسيلة لإيجاد مقاربات جيدة لهذا القانون الأخلاقي الموضوعي، وليس الوصول إليه على نحو صحيح بالضبط من أول مرة تمامًا. بقضاء وقت أكثر في تطبيق هذه الوسيلة على مسألة أخلاقية معينة سنحصل على مقاربات أفضل. لقد قدمت أمثلة عن كيفية تطبيق هذه الوسيلة على مسائل كالإجهاض والحرب وحقوق الحيوانات وفرض أخلاقياتنا على الآخرين. لقد بحثت كذلك ما إذا يكون فعل لا يضر أحدًا يمكن أن يكون غير أخلاقي، وما إذا يكون صحيحًا على الإطلاق القول بأن حياة أكثر قيمة من أخرى. بالإضافة إلى ذلك، قدّمت وسيلة لإثبات الاعتقاد والحكم بامتلاك كائن آخر وعيًا، والذي هو مفيد في محاولة تحديد ما إذا كان علينا التزام بالتصرف أخلاقيًّا اتجاه ذلك الكائن. الجزء الرابع مستقل نسبيًّا عن باقي بحثي. فيه أبحث باختصار وجهات النظر البديلة بشأن طبيعة وأصل الأخلاق. لقد ألمحت فيه إلى مواضيع عديدة. لقد بحثت كيف أن اعتقادًا بإله كمصدر للأخلاق الموضوعية يمكن أن يتوافق مع الموقف الذي أؤيده، ولماذا أعتقد أنه غير متماسك منطقيًّا التشبث بالرأي المعتقد بأن الاعتقاد بالله ضروري للاعتقاد في أخلاق موضوعية. وبحثت الأنظمة الأخلاقية القائمة على أفكار واعتقادات كالكارما والعدالة التامة والتي تترافق عادةً مع عقيدة التناسخ [إعادة التجسد]. بحثت كذلك آراء أخرى قليلة بصدد الأخلاق والأخطاء التي أعتقد أنها فيها. لقد تكلمت عما أعتقد أنه خطأ في الاعتقاد بالأخلاق كسلوك اجتماعي فقط تطور للمساعدة على بقائنا. بحثت كذلك لماذا أعتقد أن غير ممكنٍ بناء أساس مجتمعٍ بنجاح على المصلحة الذاتية أو العقد الاجتماعيّ. لقد أشرت كذلك لماذا الأخلاق أكثر بكثير من مجرد محاولة رفع الكم الأقصى لشيء ما كالسعادة والرفاهية ببساطة. لم أناقش بأي موضع من عرضي ما إذا يكون أي دين معين صوابًا أو خطأ. لقد حصرت عرضي وحددته في بحث تطوير اعتقاد في أخلاق موضوعية دون اللجوء إلى تعاليم دينية. رغم ذلك لقد أظهرت كيف يمكن أن يتوافق موقفي [العامّ] مع اعتقادات دينية عديدة. لقد برهنت أيضًا كيف أن تعريفي للأخلاق الذي سأقدمه يمكنه التوافق مع نظرية التطور والانتخاب الطبيعيّ. بالإضافة إلى ذلك بحثت ما إذا تكون الاعتقادات الأخلاقية تتحسّن على المدى الطويل بمرور الوقت. إن تعريفي لكلمة (الأخلاق) لا يتوافق مع الأسلوب المعتاد لاستعمال الكلمة، لكني أعتقد أن ذلك التعريف يقارب على نحو لصيق ماهية (الأخلاق). لأجل شرح أفضل لتعريفي، أريد أولًا أن أقدم مثالًا عما لا تكونه الأخلاق. افترض أن رجلًا يجيء إلى منزله بعد تبضعه لشراء طعام من السوبرماركت. وعندما يراه ابنه يعلق بأنه إلى أي حد يجب أن يكون ملاك السوبرماركت طيبين وأخلاقيين. ويعلق بأن مالكي المتجر يجب أن يكونوا لطفاء وكرماء جدًّا لإعطاء كل هذا الطعام لأسرته. كيف تعتقد سيجيب أبوه؟.... على نحو واضح، سيجيب الأب بأن مالكي السوبرماركت لم يعطوه الطعام لأنهم ناس لطفاء أو كرماء، بل لأنه كان من مصلحتهم الشخصية فعل ذلك. رغم أن مالكي المتجر قد يكونون بالفعل ناسًا طيبين وأخلاقيين، فإن هذا الفعل لا يشير إلى هذا بأي طريقة. لقد فعلوا ما فعلوه لأنهم اعتقدوا أن ذلك الفعل سيربحهم، وليس لأي سبب آخر. سيستنتج الأب أن هذا الفعل لا يقول أي شيء عن أخلاقية مالكي المتجر. سأقدم الآن تعريفي. إن كل الأفعال يمكن وضعها في إحدى تصنيفين. وبعض الأفعال يمكن أن تنتمي إلى كلا التصنيفين في آنٍ واحد. رغم ذلك، فإن كل الأفعال يجب أن تندرج تحت أحد هذين التصنيفين على الأقل. المجموعة الأولى تحتوي كل الأفعال التي نفعلها لأجل المصلحة الذاتية دون الإضرار بالآخرين. أمثلة بسيطة على هذا هي ركوب عجلة أو مشاهدة التلفزيون، هذه أنشطة ننخرط فيها لأننا نعتقد أنها ستفيدنا. إذا ينتمي فعلٌ حصريًّا إلى هذا التصنيف فهو إذن من نفس النوع كفعل مالكي السوبرماركت في المثال السابق، وليس له علاقة بالأخلاق. المجموعة الثانية تحتوي نوعين من السلوك. النوع الأول هو السلوك الذي إما يؤذي أو يُقصَد منه إيذاء الآخرين. النوع الثاني هو السلوك الذي ننخرط فيه ليس لأننا نعتقد أنه سيفيدنا بطريقة ما على المدى البعيد، بل لأننا نعتقد أنه سيفيد الآخرين. هذا يتضمن أي فعل نفعله، وأي فعل نمتنع عن فعله ليس لأجل أنفسنا بل لأجل الآخرين. ترتبط الأخلاق بهذه المجموعة الثانية من السلوكيات. من ثم فإن الأخلاقيات تندرج في السلوك ليس بدافع مصلحتنا الذاتية بل لأجل مصلحة الآخرين. هذه هي كيفية تعريفي للأخلاق. سيجادل كثير من الناس بأن الأفعال الإيثارية المنتمية إلى المجموعة الثانية التي وصفتها لا توجد. أي أنهم سيجادلون بأن كل فعل يفعله كل شخص بدافع المصلحة الذاتية. فلو أعطى رجلٌ مالًا للإحسان_كما يقولون_فهو يفعل هذا فقط لأنه ينال إحساسًا دافئًا وغامضًا بداخله. لو تبرعت امرأة بالدم فهذا فقط لأن فعل هذا يجعلها تشعر جيدًا اتجاه نفسها. يدعي هذا المجرى من التفكير أن كل هذه الأفعال المحسنة ظاهريًّا في الحقيقة تُفعَل بدافع المصلحة الذاتية. أي أن الناس يشاركون في أنشطة كهذه فقط للحصول على هذه المشاعر الداخلية الجيدة التي يريدونها. لا أتفق مع هذا التفكير. رغم أنه صحيح أن امرأة تعطي للإحسان ستنال على الأرجح شعورًا دافئًا من فعل ذلك، فإنه غير صحيح افتراض أن هذا هو السبب الوحيد لانخراطها في هذا النشاط. هذا مثال لفعل يمكن أن يناسب كلا المجموعتين اللتين وصفتهما في آنٍ واحد. أي أن هذه المرأة ربما تعطي للإحسان لكلا السببين: لأنها تشعر بشعور جيد بعد فعل ذلك ولأنها تريد مساعدة الآخرين. في هذه الحالة، طالما أنه لا يُفعَل بدافع المصلحة الذاتية على نحوٍ كامل فإنه يظل ذا علاقة بالأخلاق. بعض الأفعال التي ينخرط فيها الناس تندرج حصريًّا في مجموعتي الثانية، ولا يمكن تفسيرها أبدًا بالإشارة إلى المصلحة الذاتية. مثال أقصى على هذا هو عندما يتخذ شخص لا يعتقد بحياة بعد الموت قرارًا لحظيًّا بالتخلي عن حياته لأجل الآخرين، كما في حالة جندي يلقي جسده على قنبلة يدوية مفعَّلة لكي ينقذ رفاقه. لا سبيل للجدال بأن الجندي يفعل هذا لأنه يهدف إلى شعور دافئ بهيج داخليّ، بما أنه لن يعيش طويلًا على نحوٍ كافٍ ليستمتع به. كثيرًا ما يحاول البشر إقناع الآخرين بالسلوك على نحو معين بالإشارة إلى أنه في صالحهم فعل هذا. كمثال، ضابط الشرطة قد يقول أنك يجب ألا تسرق لأن هناك احتمالًا كبيرًا لذهابك إلى السجن لو فعلت ذلك. على نحو مماثل، قد تخبر أم طفلها أنه سيُعاقَب لو وُجِد يسيء السلوك. رغم ذلك فلا شيء من هؤلاء يؤثر على أي نحو على أي شخص ليصير شخصًا أخلاقيًّا. إنه فقط يُعْلِم الناسَ كيف يتصرفون لصالح أنفسهم. الدرس الوحيد الذي سيُنقَل إلى الطفل هو أنه إن يُرِد تجنب العقاب فيجب ألا يسيء التصرف. هذا لن يمنعه من إساءة التصرف في اللحظة التي يعلم أن والديه لا يراقبانه فيها، أو بعدما يكبر ويخرج من بيت والده. على نحو مماثل فهذا النمط من التفكير لن يقنع شخصًا بعدم السرقة إن يجد نفسه في وضع حيث احتمالات القبض عليه ضئيلة أو غير موجودة. وليس هناك كذلك بناء على المصلحة الذاتية وحدها سبب كافٍ لضباط الشرطة أو القضاة أو المشرِّعين لألا يسيئوا استعمال سلطات مناصبهم. ما تقوم به الأديان أغلب الأحيان بصدد الأخلاق هو الجدال بأنه من المصلحة الذاتية للشخص دائمًا أن يتصرف على نحوٍ أخلاقيّ. على سبيل المثال، تعلّم بعض الأديان أنك لو قمت بالقتل أو الاغتصاب أو التعذيب سوف تذهب إلى الجحيم. وأخرى تعلّم أنك لو انخرطت في مثل هذه الأنشطة سيكون لك تجسد تالٍ تعيس جدًّا في حياة قادمة [الهندوسية والبودية_م]. وقد تعتقد أخرى بعدم وجود حياة بعد الموت لكنك ستُعاقَب في هذه الحياة للقيام بأفعال خاطئة [اليهودية الأصلية ثم مذهب الصدوقيين زمن يسوع وأديان منقرضة كالسومرية الأكادية البابلية وأغلب الأديان البدائية الحية_م]. رغم هذا، هذا لا يُعلّم أي أحد أن يكون شخصًا أخلاقيًّا. هذا_مجددًا_ يُعلِم الناس كيف يسلكون لمصلحتهم الخاصة. لو امتنع رجل عن قتل الناس الآخرين فقط لأنه لا يريد الذهاب إلى الجحيم [التي يعتقد بها]، أو لو أعطى رجل للإحسان فقط لأنه لا يريد المضي إلى إعادة تجسد [تناسخ] كحشرة، من ثم تكون هذه الأنشطة ليس لها علاقة بالأخلاق. فكما في حالة مالكي السوبرماركت، هؤلاء الناس يعملون لصالحهم الشخصي. بالتأكيد يمكن أن يسلك شخص متديِّن على نحو أخلاقيّ لو قام بأنشطة الخير لأجل إفادة الآخرين بالإضافة إلى قصد المكافأة [الأخروية التي يؤمن بها]. إنه تمامًا كما في حالة مالك السوبرماركت، رغم أن فعلًا قد يكون له تأثير جانبي لإفادة ناس آخرين، فهو ليس له ارتباط بالأخلاق لو كان قصد الثواب أو تجنب العقاب هو الدافع الوحيد. لكن من ثم فإن الأسئلة المطروحة علينا هي التالي: دون اللجوء إلى [تعاليم] دين، لماذا ينبغي أن نتصرف على نحو أخلاقيّ؟ لماذا ينبغي أن نقوم بالأنشطة التي تفيد الآخرين ونمتنع عن التي تضر الآخرين؟ كيف يمكن في وضع حيث أي السلوكيات والأفعال أخلاقي هو نفسه موضع نقاش، ودون استعمال المفاهيم الدينية، أن نجادل على نحو مقنع أن إجابة معينة هي الصحيحة في الحقيقة. هذه هي نوعية الأسئلة التي سأحاول الإجابة عليها. الجزء الرابع الآراء الأخرى عن مصدر الأخلاق وتحديدها [ملاحظة من المترجم: وضعته قبل أطروحة الكاتب لأهميته في تفنيد الأفكار الدينية السائدة في مجتمعاتنا المسلمة المنطوية على مغالطة تعرف فلسفيًّا بمعضلة يوثيفرون.] سأناقش باختصار الآن الآراء الأخرى بصدد الأخلاق. سأناقش الآراء القائمة على الاعتقاد بإله كلي القدرة، والآراء القائمة على الاعتقاد في إعادة التجسد، وآراء إلحادية. لن أناقش ما إذا يكون أي دين صحيح أو غير صحيح. في المقدمة ادعّيت أن هذه الأخلاق الموضوعية هي نفسها بغض النظر عن أي دين أو معتقد هو الصحيح. كنتيجة، سأوضح كيف يمكن أن تتوافق آرائي مع اعتقادات دينية معينة. وسوف أبحث في النهاية إن كانت الاعتقادات الأخلاقية للحضارة البشرية تتحسن على المدى الطويل مع مرور الزمن. الأنظمة الأخلاقية القائمة على الاعتقاد في إله كلي القدرة يعتقد بعض الناس أن كل الأخلاق تقوم على مشيئة إله كليّ القدرة ومحسن. بعبارة أخرى: لو كان فعل غير أخلاقيّ، فهذا لأن الله جعله هكذا. لو كان فعل يسمح به "الدين أو الأديان الصحيحة"، من ثم فوفقًا لهذا الاعتقاد فهو ليس غير أخلاقي. هذا الاعتقاد غير متوافق داخليًّا إلى حد ما. لو كان فعلٌ غيرَ أخلاقيٍّ فقط لأن الله جعله هكذا، فهل هذا ينطوي على أن الله كان يمكنه أن يجعله غير كذلك؟ هل كان الله يمكنه بسهولة مماثلة جعل القتل والاغتصاب والتعذيب أفعالًا صالحة؟ بعض الناس قد يجيبون بأن الإجابة هي لا لأن الله صالح. بعبارة أخرى: ليس في طبيعة الله أن يسلك بهذه الطريقة. [هذه الإجابة تجعل التعاليم الدينية غير ذات نفع بزعمها التوافق مع الأخلاق الإنسانية العلمانية الحقيقية فيمكن للبشر التوصل إلى حقائق الأخلاق والحقوق دون الرجوع إلى تعاليم دينية خرافية مليئة بالعيوب_م]. رغم ذلك فإننا نعمل على افتراض أن فعلًا ما هو غير أخلاقيّ فقط لأن الله قال هكذا. رغم أن هذا الاعتراض [الرد] قد يبيّن أن الله [المزعوم أو التعاليم الدينية] لن يغيِّر قواعد الصواب والخطأ فجأةً، فإنه لا يخبرنا عن كيفية تمكنه من وضع هذه القواعد في المقام الأول. فعندما خلق الكون [حسب العقائد الدينية] ما الذي كان سيمنعه من جعل القتل والاغتصاب والتعذيب أفعالًا صالحة؟ فحيث أن الله لم يكن قد حدّد بعد الصواب والخطأ، لم يكن الله سيكون قد تصرف على نحو خاطئ بكتابة قواعد الأخلاق بهذه الطريقة. لو أنك تعتقد أن كل أحكام الصواب والخطأ تأتي من عند الله، فلا يمكنك الإجابة بـ "لا" بقولك ببساطة أن الله صالح. افترض أن شخصًا أجاب بنعم، الله كان يستطيع جعل القتل والاغتصاب والتعذيب أفعالًا صالحة لو كان قد أراد ذلك. رغم ذلك فلو كان هذا هو الحال يصير تصريح "الله صالح" [أو محسن، ودود إلخ] أجوف وعديم المعنى تماماً. وفقًا لهذا النوع من التفكير فإن الشيء الوحيد الذي تنطوي عليه عبارة "الله صالح" هو أنه يتصرف وفقًا للقواعد التي اختارها اعتسافيًّا استبداديًّا. هذا النمط من التفكير ووجهة النظر له عاقبة أكثر خطورة بكثير من مجرد كونه متضاربًا. يوجد بعض الناس الذين يحرقون أماكن تعبد ناس آخرين، ويضعون قنابل تحت باصات المدارس، [أو يقتلون السياح أو أتباع الأديان الأخرى]، أو يشنون حروبًا دينية لأنهم يعتقدون أن هذا ما أمر به الله. كثيرًا ما تكون هذه النتيجة المباشرة_كما أعتقد_للاعتقاد بأن كل القيم الأخلاقية يحدّدها الله وأن الله يمكنه تحديدها بأي طريقة كيفما يشاء. لو أنك تقبل هذه الطريقة للتفكير فلا سبيل للإشارة إلى أن الله لم يكن ليأمر بمثل هذه الأمور لأنها غير أخلاقية. فرغم كل شيء، وفقًا لهذا النوع من التفكير يمكن لله أن يحدّد الأخلاق على أي نحوٍ يشاء. هذا أحد الأسباب لكونها ليست فكرة جيدة أن تدّعي أن فعلًا ليس غيرَ أخلاقيٍّ لأن دينك يسمح به. [عادة يقع المسلمون بسذاجة في معضلة يوثيفرون بقولهم أن الجهاد واحتلال الشعوب غير المسلمة ونهبها وخطف نسائها وقتل مقاوميها حلال لأن الله أمر به أو فرض الجزية عليهم أو اضطهاد وتحقير النساء أو يقولون لك أنه لا بأس من تزوج محمد من عائشة وهي طفلة لأن الله أمره بذلك عن طريق منام، رغم أن الفيلسوف يوثيفرون طرح نقده منذ ما قبل الميلاد بنباهة وحتمًا نفس انعدام الضمير الأخلاقي والفكري نجده في باقي الأديان وإجرامها_المترجم] رغم ذلك، فهناك وسيلة للاعتقاد بإله كلي المقدرة ومحسن مع إعطاء إجابة متّسقة لهذا السؤال. فهذا السؤال إلى حدٍ ما هو تنويعة على المعضلة القديمة: هل يستطيع الله [طالما أنه كليّ القدرة] أن يخلق صخرة لا يستطيع [هو نفسه] رفعها. للوهلة الأولى يبدو أن معضلة كهذه لا يمكن أن يجيب عليها شخصٌ يؤمن بالله وأنه كلي القدرة. رغم ذلك فإن المعضلة يمكن أن يُجاب عليها حالما تعيد تعريف معنى كلمة "كلي القدرة". يمكن أن يدّعي شخصٌ أنه بقول أن الله كلي القدرة فإن كل ما يعنيه أنه قادر على فعل أي شيء ممكن منطقيًّا. الله لن يكون قادرًا_كمثال_على جعل العبارة "2+2=5" صحيحة. رغم ذلك، فهذا لا يمنع الله من كونه كليَّ القدرة لأجل حقيقة أن هذه ليست مهمة ممكنة منطقيًّا. سيستأنف هذا الشخص كلامه: أي مهمة ممكنة منطقيًّا يمكن لله أن ينجزها. من الممكن الإجابة على السؤال بخصوص الله والأخلاق على نحو مماثل. بالقول أن جعل عبارة "التعذيب فعل صالح" صحيحة مستحيل بالضبط كجعل العبارة "2+2=5" صحيحة. لذا، فالله غير قادر على فعل هذا لكنه يظل كليَّ القدرة. هذا النمط من التفكير متوافق تمامًا مع موقفي بخصوص الأخلاق. لا أزال أريد توضيح كيف أن عبارة مثل "الدين أ يسمح بالفعل س" يمكن أن توفّق مع عبارة مثل "الفعل س غير أخلاقي" و"الدين أ هو الدين الصحيح". هناك طريقتان. الأولى هي بادعاء أنه لأجل الظروف المختلفة فإن الأفعال التي كانت مسموحًا بها أثناء أزمنة الأنبياء والمسحاء لم تعد مسموحًا بها في العصر الحالي. هذه الجدلية يمكنها أن تعمل في الاتجاه المعاكس كذلك: ربما الأفعال التي كانت خطأ في الماضي حينذاك لم تعد خطأ في العصر الحالي. يمكن أن يجادل شخصٌ أن تعاليم دينه تحتوي مبادئ عامة [روح الشريعة] والتي تنطبق على كل الأزمنة وأمثلة معينة عن كيفية تطبيق هذه المبادئ في فترة معينة من الزمن. المفتاح إذن هو التمييز بين المبادئ العامة والتطبيقات الخاصة لهذه المبادئ. [هذا برأيي لن يجعل أفعالًا كسماح الأديان بالاستعباد و الرجم و الجلد وقتل المخالفين مبرّرة بأي صورة_م]. هناك وسيلة أخرى للتوفيق بين هذه الاعتقادات. فهناك بعض الناس الذين يعتقدون بالإسلام ويعتقدون أيضًا أنه خطأ أن يكون لك أكثر من زوجة [كحالة الشعب التونسي]. هذا بالرغم من أن القرآن يبدو أنه يسمح بالزواج حتى أربع نساء. بعض هؤلاء الناس يوفّقون بين معتقداتهم من خلال الجدلية التالية: يمكن لمجتمع أن يستوعب كمًّا محدودًا من التغيير في المرة الواحدة. في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام كان الرجال مسموحًا لهم بالزواج من عدد غير محدد من الزوجات. لو كان الله صرح على وجه التحديد في القرآن أن الرجال لا يجب أن يكون لهم أكثر من زوجة لم يكن سيستمع كثير من الناس حينذاك إلى محمد في ذلك الزمن. كان التخفيض من عدد غير محدود من الزوجات إلى جعله محدودًا بواحدة سيكون ببساطة كبيرًا لدرجة الصدمة عن أن يُستوعَب على مرة واحدة. فيقولون هذا سبب كون القرآن يبدو أنه ينص على أنه مسموح بالزواج حتى أربع نساء، بينما ما يريده الله في الواقع من الناس هو عدم الزواج بأكثر من واحدة. هذا النمط من الجدال يمكن تكراره بصدد أديان أخرى وبصدد أفعال أخرى. [عادة ما يبرر المسلمون مثلًا سماح دينهم بالاستعباد بأن الاقتصاد القديم كان يعتمد عليهم، أو قتل الخارج من الإسلام كمرتد بظروف الدولة وتأسيسها، لكن إذا كان يمكننا تطوير وتحسين الأخلاق البشرية أفضل من الأخلاق والقيم الدينية الإجرامية اللاأخلاقية البالية فإن الأديان بالتالي باطلة ومضرة وحجر عثرة أمام تحسن حال البشرية وأخلاقهم_المترجم] أنظمة أخلاقية قائمة على الاعتقاد في عدالة تامة يعتقد بعض الناس أن كل الأخلاق قائمة على شيء كالكارما. وفقًا لهذا النوع من التفكير ولتوضيحه ببساطة فإنك لو فعلت شيئًا سيئًا للآخرين فسيحدث لك شيء سيء في المستقبل. على نحو مماثل، لو فعلت شيئًا جيدًا للآخرين سيحدث لك شيء جيد في المستقبل. عادة ما تمضي هذه المعتقدات إلى أكثر من ذلك. فوفقًا لها النوع من التفكير يُعتقَد غالبًا أن كل شيء سيء يحدث لك هو نتيجة لفعل سيء ارتكبتَه في الماضي[يصير الأمر أكثر سخفًا حينما يدّعون أنك فعلته في حياة سابقة_م]. على نحوٍ مماثل فكل شيء جيد يحدث لك هو نتيجة لفعل جيد قد فعلته في الماضي. هذا هو الاعتقاد الذي وجود "عدالة كاملة" والذي سأبحثه. الناس الذين يعتقدون بهذا النوع من "العدالة الكاملة" يعتقدون غالبًا أيضًا بإعادة التجسد [التناسخ]. يُفسَّر مولد طفل أعمىً وفق هذا الإطار بالقول أن هذا الطفل الرضيع فعل أفعالًا سيئة في حياة سابقة. كونه مولودًا أعمى رغم ذلك لا يُعتبَر عقابًا، بل هو ببساطة عاقبة طبيعية لأفعال سابقة. هذا على نفس النحو مثلما أن كسر رجل ليس عقابًا على القفز من سطح بناية ذات خمسة طوابق، بل هو محض نتيجة طبيعية. يظهر بداية مشكلة في تأسيس أخلاق على نحو كامل على مثل هذا الإطار الفكري. فوفقًا لهذا التفكير فإن الناس الذين يعانون من الفقر والجوع والمرض هم في أوضاعهم فقط لأنهم تصرفوا على نحو خاطئ في الماضي. يمكن أن يتساءل شخص من ثم لماذا ينبغي أن نساعد هؤلاء الناس. الإجابة على هذا تبدو لأول وهلة بسيطة تمامًا: لا يجب على الطبيب رفض علاج مشكلة كبدِ مريضٍ لمجرد أن المشكلة نتيجة إدمان المريض لشرب الخمر في الماضي. لا يهم أن مشاكل الناس هي نتيجة لأفعالهم. يظل لدينا التزام بمساعدتهم. رغم ذلك، فإن النقاش سرعان ما يصير أكثر تعقيدًا. إن يكن كل شيء يحدث لفرد هو نتيجة لأفعاله السابقة، فإذن لا يمكننا التأثير فيما سيحدث للآخرين. كمثال لو وجد هذا المريض طبيبًا لعلاج حالته فإذن هذا نتيجة لحقيقة أنه قد فعل فعلًا صالحًا في الماضي. إن لم يقدر على إيجاد طبيب فإذن هذا فقط لأنه فعل فعلًا سيئًا في الماضي. لذالك فلو أنك أنت الطبيب فبغض النظر عن القرار الذي ستتخذه فلن تؤثّر على النتيجة. لو كان يستحق إيجاد طبيب فسوف يجده بغض النظر عما تفعله. إن الفكرة الرئيسية إنك لا تعرف مقدّمًا في الحقيقة ما إذا يكون مستحقًا إيجاد طبيب أم لا. بعد اختيارك مساعدته "ستعرف" أنه قد فعل فعلًا صالحًا في الماضي ليستحق هذا. مع ذلك فقبل أن تساعده ليس لديك وسيلة لمعرفة ذلك. [هذه ارتباطات خرافية وهمية طبعًا_م]. إن يكن مستحقًا للمساعدة، فإن من سيساعده غير محدَّد سلفًا. ربما سيحصل على المساعدة منك أو من شخص آخر. رغم ذلك، فإنه مقدر له سلفًا الحصول على مساعدة. لذا فإنك لا تغيّر في الحقيقة نتيجة الأحداث. في الحقيقة أنت غير قادر_وفقًا لهذا الاعتقاد_على تغيير نتائج الأحداث فيما يتعلق بالآخرين. لكن إذا كان حصوله أو عدم حصوله على مساعدة مستقل تماماً عما تفعله، فلماذا يجب أن تساعده؟ إحدى الإجابات هي أن مساعدته من مصلحتك الشخصية. فبمساعدته تضمن أن شيئًا جيدًا سيحدث لك في المستقبل، والعكس صحيح. رغم ذلك فهذا مجرد دافع أنانيّ. عادة فإن الناس الذين يعتقدون بهذا النوع من أساس الأخلاق يعتقدون كذلك أن الأفعال لا يجب أن تكون بدافع أنانيّ. الوسيلة لحل هذه الصعوبة هي التشديد على أن فعلًا يكون إيثاريًّا لو كان القصد منه هو إفادة الآخرين. أي أنه رغم أنك لا يمكنك التأثير على نتائج الأحداث بخصوص هذا المريض، فإنك تتصرف على نحو إيثاريّ لأن قصدك هو نفعه. بقدر ما يمكنني القول فإن نظامًا أخلاقيًّا يقوم على هذا النمط من الإطار الميتافيزيقي لا يتعارض مع موقفي في الأخلاق. [تعليق من المترجم: هنا لا يمكنني القول سوى بصيغة غير مهذبة أن الكاتب طيب الذكر برأي كهذا يكون قد اشترى وزن لحم الخروف مع خرئه، لأن ديانة كالهندوسية بالذات تحتوي تعاليم تقسيم المجتمع على أساس طبقي عنصري وعدم مساواة قانون مانو والتشريعات الهندوسية في بنود الحقوق والواجبات والعقوبات بين البشر وعنصريته ضد النساء..إلخ، راجع مثلًا كتاب Aum Beep Beep, Lifting the Lid on Hinduism, by Vipul Trivedi أو كتابات Bhimrao Ramji Ambedkar وزير العدل الأول للهند بعد استقلالها والمشارك في ضع دستورها وكان معتنقًا للبودية نابذًا الهندوسية] أنظمة أخلاقية قائمة على التطور والانتخاب الطبيعي يعتقد بعض الناس أن الأخلاق ليست أكثر من سلوكيات تطورت للمساعدة على بقائنا. الجدلية لهذا الرأي كثيرًا ما تكون مماثلة للتالي: إن مجتمعًا يسمح بالقتل لن يستمر وينجو على الأرجح. بينما مجتمع يحرِّمه_على الجانب الآخر_مرجح أكثر أن يستمر. هذا هو سبب أن كل المجتمعات التي حولنا في العصر الحالي تحرّم القتل. بعبارة أخرى فإن الانتخاب الطبيعيّ يقرّر أي سلوكيات ستبقى بنفس الطريقة التي يقرّر بها أي الأنواع ستنجو. بعض السلوكيات تعيق احتمالات بقاء الشخص حيًّا في مجتمعٍ. بناءً على هذا الرأي، فإن اعتقاد الفرد بأن مثل هذه الأفعال غير أخلاقية هو نتيجة للتطور بالانتخاب الطبيعيّ. أنا أعتقد أن أسلوب التفكير بهذه الطريقة بخصوص الأخلاق متصدّع به أخطاء. فلنفحص كيفية عمل الانتخاب الطبيعي حقيقًة في الطبيعة. توجد فئة معيّنة من النحل تعرف بالـ drones أو الذكور غير العاملة المدندنة الذين الغرض الوحيد من وجودهم فيما يتعلق بخلية النحل هو التزاوج مع الملكة. يموت النحل غير العامل مباشرةً بعد التزاوج. رغم ذلك فبعض النحل غير العامل يفقدون فرصتهم في التزاوج ويظلون أحياء بعدما تزاوجت الملكة. هؤلاء الذكور غير العاملين الآن بلا فائدة فيما يتعلق بباقي الخلية. يستجيب أفراد النحل الآخرين لهذا الوضع بقتل النحل غير العامل غير المتكاثر. من ثم فيبدو أن قواعد الانتخاب الطبيعيّ تتضمّن أن قتل الأعضاء غير المتكاثرين في المجتمع هي وسيلة لزيادة فرص بقائك أنت والمجتمع. لا يقوم البشر بنفس نمط السلوك، ولا ينبغي عليهم. هذا يوضح أن تفسير الأخلاق من منظور الانتخاب الطبيعي به ثغرات لسببين. السبب الأول هو أنه يقوم بتوقعات مخطئة: النظرية تتوقع على نحو خاطئ أن البشر سيقتلون أعضاء المجتمع العقيمين. السبب الثاني هو أنه يصل إلى استنتاج بشأن الأخلاق غير مقبول. إن البقاء يلعب دورًا في تحديد أي أنماط السلوك ستستمر. رغم ذلك فالبقاء ليس هو العامل الوحيد. ما تفوته وجهة النظر المفسرة للأخلاق بالانتخاب الطبيعي هو أن الناس يمكنهم التفكير في أخلاقية أفعالهم. هذا التفكير يمكنه التغلب على معايير البقاء. رغم ذلك فإن نظرية التطور صحيحة ومبرهنة علميًّا فيما يتعلق بتطور وبقاء الأنواع. رغم ذلك ينبغي أن ندرك أن هناك عاملًا آخر ينبغي أن نراعيه عند دراسة تطور كائنات متعضية كالبشر. هذا العامل هو الوعي. إنه من المعقول افتراض أن وجود الوعي يؤثّر على سلوك الكائن الحي. الكائنات المتعضية كالنباتات ليس لديها هذه السمة، ومن الممكن القول بأن كل سمات النباتات تطورت لدعم البقاء والتكاثر. رغم ذلك فإن سلوك الكائنات المتعضية التي تملك وعيًا قصةٌ مختلفة. ففي هذه الحالة ربما يوجد ما هو أكثر من مجرد البقاء. أنظمة قائمة على العقد الاجتماعي أو المصلحة الذاتية يعتقد بعض الناس أن الأخلاق تقوم على شيء أشبه بعقد. أي أن الناس يقطعون عهودًا مع بعضهم البعض مثل: "أنا لن أسرق منك إنْ لا تسرقْ مني". هذه "العقود" تقوم على المصلحة الذاتية. سأبحث مشكلتين تثيرهما هذه الفكرة، أولاهما نتيجةٌ لهذه النظرية. فكمثال، أحد النتائج هو أنه لا سبب لمجتمع أنه لا ينبغي عليه استعباد مجموعة عِرقية تشكِّل أقلية صغيرة فقط من مجموع السكان. يمكن أن يكون كل مالكي المُستَعبَدين قد علموا "عقودهم" للسلوك على نحوٍ "أخلاقيّ" نحو بعضهم الآخر لأن من مصلحتهم الشخصية فعل ذلك. وفقًا لهذا التفكير_رغم ذلك _ فلا سبب لديهم لعمل عقد مماثل مع عبيدهم إذا كان العبيد في وضع لا يمكنهم فيه المقاومة. هناك مشكلة أخرى أكثر خطورة مع هذا النوع من التفكير. فلو كانت كل الأخلاق قائمة على المصلحة الذاتية، فلماذا ينبغي على الناس ألا ينتهكوا "العقود" التي قد قاموا بها في الماضي. يمكن لشخص أن يتفق على ألا يسرق من الآخرين إن لم يسرق منه الآخرون، لكن بعد عمله لهذه الاتفاقية لماذا ينبغي عليه الامتناع من السرقة عندما يكون في وضع حيث لن يُقبَض عليه؟ لا يبدو أن هذا يمكن أن يُجاب عليه ضمن هذا النوع من التفكير. هناك بعض الناس الذين يعتقدون أن مجتمعًا يمكنه البقاء لو تصرف كل شخص وفقًا لمصلحته الذاتية. لا أعتقد أن هذا يمكن. كمثال، فإن الذين يحاولون تأسيس نظرية اقتصادية بناء على المصالح الذاتية يفترضون أن المستهلكين والشركات سيتصرّفون وفقًا للمصالح الذاتية. رغم ذلك فإن نفس الناس_دون إدراك ذلك_يفترضون أيضًا بعد أن المشرِّعين والقضاة وضباط الشرطة سيتصرفون على نحوٍ خَيِّر. وإلا فما الذي يمنع مالك مصنع أغذية من بيع أغذية ملوّثة؟ لو تصرف كل شخص وفقًا لمصلحته الذاتية فمن ثم سيكون سهلًا تمامًا على مالك المصنع هذا أن يرشي ضباط الشرطة ليتجاهلوا الأمر. هل تتقدم [تتحسن] الاعتقادات الأخلاقية مع الزمن؟ هل تتحسن الاعتقادات الأخلاقية للجنس البشري مع مرور الزمن؟ لمحاولة الإجابة على هذا السؤال سأردّد جملة كتبتها في موضع آخر. أنا أكتب هذا في العام 1996، منذ خمسين سنة كان التمييز والفصل العنصري [بين البيض والسود] يعتبر مقبولًا من قِبَل الأغلبية الساحقة من سكان الولايات المتحدة الأمِرِكِية. ومنذ مئتي سنة كان الاستعباد يعتبر مقبولًا من قِبَل أغلبية العالم. ومنذ ألفي سنة كان يعتبر أمرًا مقبولًا في أوربا أن يُطعَم المساجين للأسود لتسلية العامّة. لو نظرت إلى الوراء زمنيًّا أكثر فلم يكن يعتبر لا أخلايًّا أن يُدفن الخدم والمستعبَدين والزوجات مع سيدهم الميت حديثًا [كاليابان في العصور الأولى الشنتوية قبل إلغاء البوديين وأحد ملوكهم لهذه العادة كما يرد في الكوجيكي والنيهونجي_م] سابقًا كتبت هذا لتوضيح أن الرجوع إلى القوانين الحالية أو إجماع الأغلبية الحالي أمر عديم الفائدة في محاولة تحديد أخلاقية فعل. أعتقد أن هذا يشير أيضًا إلى اتجاه عام في التاريخ للأخلاق لأن تتحسن مع مرور الزمن. على المدى القصير_كما في حالة ألمانيا النازية_ربما تنحدر الأخلاق. لكن على المدى البعيد_رغم ذلك_أعتقد أنها تصير أفضل. أعتقد أن هذا مشابه لتقدم العلم والتكنولوجيا مع مرور الزمن. على المدى الزمني القصير قد تضمحل الحضارات. قد تترافق هذه الاضمحلالات مع نقص في كم علم الحساب والعلوم والطب والهندسة. رغم ذلك، فإن الاتجاه العام لهذه العلوم هو نحو التحسّن على المدى الزمنيّ الطويل. رغم ذلك ينبغي أن نكون واعين لحقيقة أن لا التكنولوجيا ولا الأخلاق تتحسّن ببساطة لأجل مرور الوقت فقط، بل هما يتحسنان بسبب الجهد والكفاح البشري. ملاحظة على الجزء الثاني يخوض الكاتب في الجزء الثاني بحثًا بيزنطيًّا طويلًا لمجرد إثبات أن تعذيب شخص آخر هو فعل غير أخلاقي، وكيفية إثبات أن ما نشعر به من معاناة هو نفس ما يشعر به من معاناة وألم، وتعريف المعاناة، وهي أمور فلسفية بحتة خاضها الكاتب لإثبات وجود الأخلاق الموضوعية. الجزء الثالث تحديد ماهية الأخلاق الموضوعية إن يكن صحيحًا أن الأخلاق الموضوعية توجد، فمن ثم نحتاج إلى وسيلة لتحديد ماهية هذه الأخلاق الموضوعية. كمثال، كيف يمكننا تحديد متى_إذا كان يمكن على الإطلاق_يُسمَح بقتل شخص آخر؟ فلنفترض أننا قد اتفقنا فعليًّا أنه غير أخلاقي على نحو موضوعي أن نقتل شخصًا آخر لمجرد التسلية. أي بفرض أنه بفهم كيفية الشعور بالرغبة في الاستمرار في الحياة بفعل المرور به، يستنتج الشخص أنه خطأ على نحو موضوعي للآخرين أن يقتلوه للتسلية. من ثم، فبإدراك أنه ليس مختلفًا للغاية عن أي أحد آخر يستنتج أنه خطأٌ قتلُ الآخرين للتسلية أيضًا. كيف يمكنه تحديد ما إذا كانت هناك ظروف وفقًا لها يكون مسموحًا بالقتل وما هي هذه الظروف؟ افترض_كمثال_أن مسلَّحًا دخل متجرًا وبدأ في إطلاق الرصاص على الناس. افترِض أيضًا أن الوسيلة الوحيدة لإيقافه هي بإطلاق النار عليه وقتله. هل قتل الرجل المسلح هو الأمر الصائب القيام به؟ إن السؤال الأول الذي علينا الإجابة عليه هو هذا. هل وجود قانون أخلاقي عالمي يتضمن أن العمل الذي يكون غير أخلاقي في موقف يجب أن يكون كذلك في كل المواقف؟ ....... [هنا يستعمل الكاتب تشبيه معرفة الفرق بسقوط الكرة في كوكب الأرض وتعلقها في الفراغ في سفينة فضائية رغم وحدة قانون الجاذبية بسبب اختلاف الكثافات والكتل_م]. إن حقيقة أنه غير أخلاقيّ قتل شخص آخر لأجل التسلية لا تتضمّن آليًّا أنه خطأ أن نقتل هذا الرجل المسلح في المتجر. على نحو مماثل، يمكننا الاعتقاد أن فعلًا كقتل شخص آخر للتسلية غيرُ أخلاقيّ، بينما في نفس الوقت نعتقد أن فعلًا مشابهًا آخر كقتل الرجل المسلح في المتجر ليس غير أخلاقيّ. رغم ذلك لكي فعل ذلك ينبغي أن نكون قادرين على تبيين السمة التي تفرق بين الفعلين. في هذه الحالة فإن السمة المميزة هي أن قتل ذلك الرجل المسلح هي الوسيلة الوحيدة لمنعه من القتل قصديًّا للكثير من الناس. رغم ذلك، فكثيرًا ما يمكن أن يُوضَّح أن السمة المميزة التي أشرنا إليها خطأ. في هذه الحالة لن نستطيع استعمال هذه السمة للتفرقة بين الفعلين. [هنا يضرب الكاتب مثلًا في مثال الكرتين والجاذبية على الأرض والفضاء بافتراض زعم أن السمة المميزة هي اختلاف الألوان وهو ما يتضح كونه خطأً]. إن الوسيلة_إذن_لتحديد ما إذا كان فعل معين غير أخلاقي أو أخلاقيًّا هي التالي: يمكن أن يدعي شخص أن فعلًا معينًا غير أخلاقي على نحو موضوعي بمقارنته بفعل آخر نتفق فعليًّا على أنه غير أخلاقي على نحو إيجابيّ. يمكن أن يعترض شخص آخر على هذا الادّعاء بطريقتين. الطريقة الأولى بتوضيح سمة فارقة بين الفعلين. هذا النوع من الاعتراض يمكن دحضه بتوضيح خطأ في هذه السمة المميزة. الطريقة الثانية للاعتراض على الادعاء هي بمقارنة هذا الفعل المعيَّن بفعلٍ آخر قد اتفقنا على أنه ليس غير أخلاقي. في هذه الحالة ستُقلَب الطاولة. الوسيلة لدحض هذا النوع الثاني من الاعتراض هو توضيح سمة مميزة بين الفعل الذي نتفق على كونه ليس غير أخلاقيّ والفعل موضع البحث. في هذه الحالة سيكون على الشخص القائم بالاعتراض توضيح الخطأ في السمة المدّعاة. من المترجم: [باقي المقال يناقش كيفية تحديد الأخلاقي والغير أخلاقي بأمثلة بمنطق عقلاني جيد، في مسائل كحقوق الحيوانات ولماذا نعتبر حيواتها أقل قيمة من البشر وطرحه مثال بشر بإعاقة عقلية تجعلهم ليسوا أكثر ذكاء من الحيوانات وليس هناك من يحزن لفقدانهم ومع ذلك نظل نعتبرهم أهم من حياة غير البشر، والحرب ومتى يمكن أن نعتبرها أخلاقية ولماذا نعتبر حياة الآخرين من الجنسيات الأخرى أقل قيمة على نحو خاطئ ونقد حجة أولوية الواجب نحو الوطن والمواطنين كتبرير بسؤاله هل تقتل طفل ناس آخرين لتنقذ طفلك ولماذا تهتم النشرات حين سقوط طائرة بإعلان عدد المتوفين من الدولة المذاع فيها الخبر كأنهم أهم من باقي البشر من الدول الأخرى وبرأيه حياة المواطنين في أمركا ليست أكثر أهمية من حياة البشر الإيرانيين وغيرهم، وأن قتل المدنيين اضطرارًا أثناء استهداف هدف عسكري مع علمنا بوجودهم لا يمكن اعتباره ليس غير أخلاقي مشبهًا إياه بمن يقتل عمدًا مارًّا في الشارع نظرًا لاستعجاله وتأخره على العمل، وفي حقوق الحيوانات يعجبني نقده لعدم ضمها إلى دائرة التعاطف والاحترام البشري في خطاباتنا بعدما انتقد عدم ضم كل البشرية في خطابات الساسة بقولهم (بصرف النظر عن العرق والدين فكل ما يهم أننا أمركيون وأي شيء آخر ليس ذا أهمية) بقوله أنه يجب القول (كل ما يهم أننا بشر) ثم نقده ذلك كما أشرنا، وقوله بأننا مضطرون للاعتماد على تجارب الأدوية على الحيوانات والأدوية المتحصلة من تلك التجارب كالذي يأكل ما يحصل عليه من عالم قديم كان يعتمد كله على تسخير المستعبَدين في الزراعة، وحسمه تقريبًا في أخلاقية أو عدم أخلاقية إجهاض الجنين بتكون أو عدم تكون الوعي والشعور وحالة الأم الصحية أو إصابة الجنين بمرض عضال سيجعله يعاني في حياته، والفرق بين الزيجوت والجنين غير المكتمل والواعي وبين الإنسان الذي في غيبوية بكون الأخير كان واعيًا قبل ذلك ذات مرة، ونقاشه لمن يتبنون وجهة النظر أن مجرد قتل زيجوت أي بييضة مخصبة غير أخلاقي لأنه يمنع تكون حياة إنسان واعٍ بأننا في كل مرة نمتنع عن الجنس بأي شكل نمنع تكون إنسان حتى بالامتناع عن اغتصاب الرجل لأي امرأة تقابله فهل يجعل هذا الامتناع عن الجنس فعلًا لا أخلاقيًّا؟! والذين يفرقون بين البييضة المخصبة كفرصة مضمونة لتكون حياة ولا يعتبرون أن قتل حيوان منوي فعلًا غير أخلاقي يصنع لهم افتراض وضع ذلك الحيوان مع بييضة في أنبوب مما يجعله إنسانًا سيتكون بشكل مضمون مما يهدم وفقًا لتوجههم فكرة أن قتل الحيوان المنوي دومًا فعل عاديّ طالما أنهم يتبنون أن الجنين غير الواعي هو الإسكتش والمخطوطة الهندسية الزرقاء لتكوين إنسان لأن عليهم عدم التناقض في اختيارهم الأخلاقي، ويرى أن تنظيم النسل محبذ في عالم يعاني من الانفجار السكاني وأننا لسنا مسؤولين بأي شكل عن حياة محتملة لفرد كمسؤولية فرية وأنها مسؤولية جمعية فقط بأن لا يمتنع كل جيل البشر عن التكاثر مثلًا، ومقالته عن كيفية تحديد ما إذا كان كائن حي ذا وعي وبالتالي نتحمل مسؤولية أخلاقية اتجاهه، وغيرها، بعض آراء الكاتب قد تكون مزعجة للبعض كاعتباره الأخلاق كقانون الجاذبية وقوانين الفيزياء وليست فيها أي ذاتية في اختياراتنا أو نسبية، فقراآتي الأخرى لمقالات أخرى لفلاسفة ومفكرين آخرين من نفس الموقع توضح تبني بعض فلاسفة الملحدين للنسبية الأخلاقية أيضًا أو الإيمان بالأخلاق مع عدم تبني أي تيار كمصدر للأخلاق بل ونقد عيوب كل التوجهات كإلهية المصدر كالنقد السابق أعلاه أو اجتماعيته لأن هذا يصنع منافقين لا أخلاقيين لا يؤمنون داخليًّا بالأخلاق ومستعدين للعبث في الخفاء أو كونه مستمدًا من القيم الذاتية أو قيم شخص ما ولماذا تكون مثل هذه القيم مرجعيات بلا عيوب وفلاسفة آخرون كماكاي العظيم نفسه تبنوا العدمية الأخلاقية وأنه في حقيقة الأمر ليس هناك وجود حقيقي للأخلاق بل هي تصورات بشرية وهي وجهة نظر لن يفهمها سوى صفوة الفلاسفة وصعبة الفهم على العوام بل حريٌّ أن يسيئوا فهممها، وشخصيًّا أعتقد مثله رغم ذلك أن الصواب كان وسيظل دومًا هو الصواب، وكذلك الخطأ، ككون الاستعباد كان وهو وسيظل فعلًا غير أخلاقي وإجرامي. ومما قد يزعج البعض أن الكاتب في نقده لا يجد فارقًا مميزًا من وجهة نظره بين أكل لحوم الحيوانات والأنواع الأخرى ذات الوعي وبين أكل البشر للحوم بني جنسهم مما قد يعكس تبنيه للنظام النباتي وكما يتبين إدانته الأخلاقية من وجهة نظره لأكل لحوم الأنواع الأخرى؟! ولو أني أتفق معه كثيرًا رغم التحفظات ربما لتعودي على الأفكار التقليدية وتبنيَّ لما يفعله معظم البشر، لكني أؤمن كتطوريّ داروِنيّ أن كل أشكال الحيوات متساوية القيمة فليس هناك سلم تطوري يضع الكائنات في مراتب بل هي أشبه بشجرة متفرعة ليس فيها رتب بل تشعبات فقط، ربما الشكل الذي عرضاه في ترجمة (أعظم العروض) لدوكنز المجرد جدًّا لتفريعات الحياة يمثل مفهومي]. وبصرف النظر عن اختلافات الفلاسفة وعلماء الاجتماع في الأخلاق والقضايا الأخلاقية فقد حقق العالم المتقدم جعل الأخلاق الإنسانية العلمانية الحرة والعملية المتحررة من الخرافات حقيقة واقعة وواقعًا اجتماعيًّا سائدًا وممارَسًا في مجتمعاتهم، بينما يقبع الشرق الإسلامي في التحجر الفكري بمنع حتى زراعة الأعضاء والتبرع بها وكبت الحريات الفكرية والسياسية والشخصية والاعتقادية.] للاطلاع على كامل المقال يرجى العودة إليه في أصله الأجنبي. |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| أخلاق, موضوعي, المنطقى, العلمي, تنام, تعريف, على, ذات |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| اضحك على الملحد دوكنز يحاول تعريف اللاشيء | haithem | ساحة النقد الساخر ☺ | 8 | 01-20-2021 10:14 PM |
| أخلاق الإلحاد vs أخلاق الإسلام | add | العقيدة الاسلامية ☪ | 107 | 05-23-2018 07:07 AM |
| القرآن ينزل بناء على طلب الجمهور | مُنْشقّ | العقيدة الاسلامية ☪ | 6 | 11-11-2015 10:53 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond