مُغالطاتْ طالت العالِمْ تشارلز داروين!

[فينيق]

هل اقترح داروين مُصطلح " التطوّرEvolution " في كتابه " أصل الأنواع " ؟

هناك خطأ شائع: يتمثل باعتبار داروين قد اقترح مُصطلح تطوّر Evolution في كتابه أصل الأنواع. والحقيقة هي أنّ داروين لم يذكر هذا المُصطلح في الطبعة الأولى لكتابه, وليس فهذا وحسب: حتى إنّه لم يستخدمه كذلك في تلك الطبعة. كلمة تطوّر Evolution والتي تعني " تغيُّر " وأصلها لاتيني "ēvolūtiō" وقد استخدمها علماء الطبيعة منذ بدايات القرن الثامن عشر ميلادي ووفق معاني مختلفة, لكن استخدموها في النطاق الاجتماعي والفلكيّ بشكل رئيسيّ. مع ذلك, يسود استخدام هذا المُصطلح اعتباراً من الطبعة السادسة لكتاب " أصل الأنواع " وذلك بفضل الاحتياج أكثر من الإقتناع به.




كان يسمى التطور البيولوجيّ بتلك الأزمنة "transmutación". أحد أوائل مُستخدمي مُصطلح التطور Evolution كان عالم الجيولوجيا Sir Charles Lyell في العام 1832 وفي كتابه مباديء الجيولوجيا { المُجلّد الثاني, الصفحة 11 }. كان تشارلز ليل مصدر إلهام لتشارلز داروين خلال رحلته الشهيرة على سفينة البيغل Beagle. وكان القبطان Robert FiztRoy قد أهدى داروين المُجلّد الأول من كتاب " مباديء الجيولوجيا " قبل الإبحار من Plymouth في العام 1831 وتمّ إرسال المُجلّد الثاني بالبريد من انكلترا وقد تلقاه داروين في العام 1843 في Valparaíso بينما كان لوقتها في رحلته على متن Beagle.


حصلت الشهرة للمُصطلح في علم الأحياء / البيولوجيا: عندما تمّ استخدامه في الطبعة السادسة من كتاب " أصل الأنواع " المنشورة في العام 1872. علماً أنّ داروين قد استخدمه قبل ذلك في كتابه " The Descent of Man " والمنشور في العام 1871. رأى داروين نفسه مُجبراً على استخدام المُصطلح تحت ضغط صحافة الحقبة, حيث جرى تعريف نظريته حول " الانتقاء الطبيعيّ " بصورة شعبية بوصفها تطوّر Evolution. لهذا يُعتبر المُعتمِدْ الأوّل الحقيقيّ للمُصطلح هو تشارلز ليل ser Lyell وليس تشارلز داروين, كما نقرأ الكلام التالي:


" من آخر نظرية جيولوجيّة, يبدو أنّ لامارك قد كان مُقتنعاً بشكل كامل, وكذلك يبدو أنّه كان مُندهشاً من الفكرة السائدة بين علماء الطبيعة: والتي تعتبر أن محيطاً بدائياً قد لفّ كامل الكوكب, وذلك بعد أن تحوّل لمسكن للكائنات الحيّة بزمن طويل, ولهذا يجري الميل لتأكيد أنّ أنواع الحيوانات البحرية قد أتت من أنواع بريّة وأكثر تطوراً, على سبيل المثال, أنواع قواقع testáceos المحيط وُجِدَتْ أولاً والتي بعضها, ومن خلال تطور Evolution تدريجيّ قد تحسَّنت عند الأنواع التي سكنت اليابسة ".


المصدر: كتاب " مباديء الجيولوجيا " المجلّد الثاني, صفحة 11, المؤلّف: Charles Lyell, العام 1832.

النص الاصل بالقسم الأجنبي


تعقيبي

حين أقرأ داروين, كمُلحد, لا أقرأه إلاّ من باب كونه عالم طبيعي قد كان من أوائل من طرقوا باب أصل الأنواع الحيّة ومنها نوعنا بصورة واقعيّة تقوم على البحث والملاحظة ووضع الفرضيات ومحاولة اثباتها, لا يهمني شخصيا إن كان مؤمنا أو غير مؤمن فهذا شأنه الخاص, كما أنني لن أتجاهل اختلاق مسائل تتعلق بداروين وهي باطلة من باب توفير المعلومة الأصح حولها .. بمداخلات تالية سأنشر المزيد من الردود على بعض المسائل الأخرى شاكراً أيّ تصويب أو اضافات

[فينيق]

خطأ شائع جديد حول داروين, وفي الواقع عندما درس في جامعة Edimburgo ليصير طبيباً: اهتمّ بعلم الأحياء / البيولوجيا, حيث درّسه الاستاذ Robert Edmond Grant أبحاث جديّة تتصل بعلم الحيوان { سيما دراسة القشريات* على وجه الخصوص } وهكذا قرّر داروين أن يصير عالم طبيعة, لهذا { ولأنّه لم يتحمّل مناظر الدماء والآلام } ترك دراسة الطبّ في العام 1827 .

وفي العام 1928 دخل إلى Christ College-Cambridge لدراسة نوع من " دراسات الفنّ " Bachelor of Arts, وربما يعود جذر الاسطورة لدخول داروين لهذا المعهد ويغيب عن مروجيها: أنّ التسجيل في هذا المعهد ودراسة هذا الاختصاص هو شرط لا بُدّ منه { أو الطريقة الوحيدة } ليصير عالم طبيعة, وبذات الوقت كان هذا النوع من الدراسات الفنيّة ضروريّ كذلك للراغبين بأن يصيروا كهنة في الكنيسة الأنغليكانيّة.

كان داروين يكتب يومياته بانتظام, حيث لا يبدو فيها أيّ اهتمام له ليصير كاهناً, بل على العكس من هذا, فقد تبدّى ميل متنامي لديه للاهتمام بعلم الحيوان والجيولوجيا وكلاهما فرعان لازمان لمستقبل عالم الطبيعة. تبدو الاسطورة هذه ذات طابع اجتماعيّ, سيما حين يتم اعتبار التطوّر { وهذا خاطيء } كعدوّ للمفاهيم الدينية المتصلة بأصل الكائنات الحيّة وللإنسان وكذلك لطبيعة الإله, لذلك حاولت قطاعات دينية متنوعة تصوير الإنسان كمجدِّف حين يتحدث عن التطوّر وكباحث عن التوبة من هذا التجديف, وبالواقع كل هذا ما هو إلّا إسطورة مُخفقة لا يدعمها أيّ وقائع.


ملاحظة على دفتر قبول الطلاب في معهد Cambridge بالفترة الممتدة بين 1818-1828 ويظهر اسم داروين بوصفه طالباً في المعهد.



الهوامش

* القشريات (بالإنجليزية: Crustacean) هي شعيبة حيوانية ضخمة، تنتمي إلى شعبة مفصليات الأرجل، وتتألف من أكثر من 52 ألف نوع معروف. القشريات من الحيوانات اللافقارية، والتي تفتقر لوجود هيكل عظمي داخلي، لكنها تتميز بوجود تركيب خارجي صلب يدعى بالهيكل الخارجي، والذي يوفر الحماية لأجسام القشريات.
معظم القشريات حيوانات مائية وتستوطن فئة كبيرة منها مياه البحار والمحيطات بينما يعيش البعض في المياه العذبة. والنسبة الباقية تأقلمت مع الحياة البرية. تتكون القشريات من مجموعة كبيرة من الحيوانات مثل السراطين، القريدس، البرنقيلات وقمل الأخشاب، وتعيش في بيئات متعددة ومختلفة. فبعضها مثبتة في مكانها على الأسطح الصلبة مثل البرنقيلات، وبعضها متحرك مثل السراطين والروبيان، وهناك أيضاً بعض الأنواع الطفيلية التي تعيش ملتصقة بمعيلها.
يسمى العلم الذي يهتم بدراسة القشريات وسلوكها وخصائصها المختلفة بعلم القشريات (بالإنجليزية: Crustaceology).

الهوامش منقولة / يُرجى التدقيق

كمثال سريع:

في مقال للسيد توما شماني وبمقاله " يا كتاب السلاطين العرب انصفوا داروين " نجده يقول / دون إيراد مصدر / الآتي:

ولد تشارلز داروين فى إنكلترا 1809 انتمى للجامعة فى السادسة عشرة من عمره لدراسة الطب ثم انتقل إلى جامعة أخرى لدراسة اللاهوت، ثم سافرعلى السفينة (بيغل) في جولة حول العالم كباحث في العلوم الطبيعية، اعترض والده أول الأمر لكي يكمل دراسته الجامعية الجادة ثم وافق على هذه الرحلة الفريدة فى تاريخ االعلم بعدئذ. أبحرت السفينة سنة1831 وكان داروين آنذاك فى الثانية والعشرين من عمره، وخلال 5 سنوات من الرحلة زارت السفينة شواطىء أمريكا الجنوبية وجزر غالا باغوس النائية وكثيرا من جزر المحيط الهادى وجنوب المحيط الأطلنطى وخلال هذه الرحلة الطويلة شاهد داروين ودرس كثيرا من الغرائب في النباتات والحيوانات والحفريات والقبائل البدائية. درس وجمع وسجل الكثير الملاحظات والنماذج التي كانت الاساس في تحقيق نظريته العلمية في اصل الانواع.

كامل المقال هنا


وبالتالي تصويب هذا الخطأ الشائع / إنصافاً للواقع لا تأكيداً لاتجاه لاإيماني أو إيماني لداروين /

[فينيق]

خطأ جديد متصل بطروحات داروين. فداروين لم يشرح قطّ أصل الحياة, بل كذلك لم يشرح أصل الأنواع حتى في عمله " الاقتراب من أصل الأنواع عبر الانتقاء الطبيعي أو حفظ السلالات الأقوى تكاثريا بالصراع للبقاء على قيد الحياة ". لقد استخلص داروين أنّ أنواع حيّة تأتي من أنواع حيّة أخرى { بالتفرُّع من أنواع سلف أو أنواع أمّ } وبهذا الإطار نعم لقد استطاع تقديم شروحات عن أصل الأنواع الحيّة, ولكن فيما لو نرجع لأوّل نوع حيّ { بتجاهل واقع التعايش الضمنيّ endosimbiosis } فسيستلزم وجود أصل وهو ذاته أصل الحياة, وهو شيء لم يحقّق شروحات حوله لا داروين ولا غيره من العلماء بشكل كامل وبكل ما يتصل بمقتضيات ما نُطلق عليه مُصطلح " حياة ". لا يتوجب تبخيس أعمال العالم الروسي أوبارين Oparin والانكليزي Haldane ككثيرين غيرهم والذين كشفوا الكثير من الأفكار المتصلة بأصل الحياة.


يمكن القول بصورة قطعيّة بأنّ داروين قد شرح أصل الأنواع الحيّة { أنواع تأتي من أنواع أخرى }, لكنّه لا يشرح هكذا أصل الحياة ببساطة.







كتاب أوبارين الشهير والذي يحاول فيه شرح أصل الحياة, وكتاب داروين " أصل الأنواع " الشهير يحاول شرح أصل الأنواع لا أصل الحياة!