المعجزة عند Hume.David

[ابن الرثاء]

المعجزة عند هيوم .
اعتمدت من كتابات هيوم كتابه المعنون ( تحقيق في الذهن البشري)بترجمة ( د, محمد محجوب) وقد ارتضيت هذا الكتاب باعتباره الصياغة الاخيرة التي اعتمدها هيوم كونها جملة ما توصل اليه في آخر المطاف قبل رحيله منا الى الابد.
لقد ادرك هيوم ان ماهية العالم او الموجودات لا يمكن الاطلاع عليها والاحاطة بها من كل النواحي ..,مثله في ذلك مثل غيره من الفلاسفة كهيكل وديبواريموند...,وهذا الاقرار جعله يعتقد ان معرفتنا بالعالم انما ظاهرية حصرا.وقد دفع هذا الادراك هيوم الى التمسك بالتجربة نسبيا وليس مطلقا , وبدأ يفسر الوجود على هذا الاعتبار وعلى هذا البناء.يقول هيوم في هذا الصدد من الكتاب المذكور في الارتباط بين السبب والمفعول " ان" التجربة وحدها هي التي تعلمنا كيف ان حدثا يتبع آخر من دون ان تعلمنا القدرة الخفية بينهما "وفقدان العلم بالقدرة الساكنة في ماهية الاشياء تجعل "هيون"يبني على ذلك قوله " ان الاحكام التي ناخذها من التجربة ليست مطلقة ".وبذلك تمركز هيوم بين المطلق والنسبي اي الشك.ولما قرر هيوم هذا في الفصل الثامن من الكتاب اخذ يتكلم في الخوارق من منظور ما قرره في الفصل الثامن .
يعرف هيوم المعجزة (ص,151 )من الفصل العاشر بقوله ( المعجزة (هي) خرق لنواميس الطبيقة ).وتمركز هيوم ,كما سلف , بين الحكم النسبي والمطلق يجبره على اتخاذ مصير في الاحكام بين المطلقة والنسبية , وفعلا هو مصير الشك المتذبذب بين المطلق والنسبي.
لقد كان احياء الموتى عند هيوم ممكنا على المبدأ الاول " الذي يقول فيه هيون باننا لن ندرك ماهية الاشياء مطلقا "ولكن مع ذلك اعطى هذا المثال للمعجزة المثالية القوية في (ص151 )حيث قال " ولكنها معجزة ان يعود الميث للحياة ". عند هيوم تكون قوة المعجزة قائمة في انكارها حيث يقول "ما بمعناه "ان المعجزة لا تكون في المستوى المطلوب الا اذا كان انكارها اعظم منها معجزة ".ان وجود التاريخ معجزة ولكن انكاره اعظم معجزة من اثبات كون التاريخ معجزة .ان كل شيء ,على المبدأ الاول عند هيون ,معجزة.فاتباع (أ)مباشرة (ب)معجزة وعدم اتباعه معجزة.ولقد صار كل شيء معجزة ,عند هيوم,على اساس ان العلم بالقوة الخفية بين السبب والمسبب مجهولة مطلقا ,وبناء على هذا ,فبما انني لا اعلم ماهية (أ) فانه يمكن ان يصدر عنه اي شيء ممكن .

(2)تتفاوت المعجزة عند هيوم ,قوة وتأثيرا في ان نفول ,متى كان المقياس هو ,امدية التواتر.فاذا كان (ا) يتبع (ب) امدا طويلا حتى تظن النفس انها في وسعها ان تصدر حكما مطلقا ويقينيا بان (ب) من المستحيل ان يوجد من دون (أ) ,ثم حدث الخرق ,فان هذا معجزة.قوتها تظهر في الزمن الذي استغرقه صدور (ب) عن (ا).ولكن تكون المعجزة بسيطة وغير مؤثرة اذا كان التواتر في الزمن متوسطا او اقل منه بقليل.
ولا محل "للن" عند هيوم ناء على هذا .فمهما كان التواتر ومهما كان الوعاء الزمني طويلا فالاحتمال قائم لا انفكاك منه الى الابد.فأنْ تقول ان (ب) لن يتخلف عن (ا),متى توفر (ا)حكم صادر عن جهل او تحكم ساحر.اذ الجهل بماهية والطبيعة الغامضة للاشياء تمنعنا من امثال هذا الحكم .فمن الافضل , عند هيوم , ان يعيش المرء في الدرك الاسفل من الاحتمال ,هذا افضل له من ان يكلف الانسان نفسه نوعا من الترسي فاذا حدث العكس انبثق فيها الغرائب والعجائب.فمن يقول انه ممكن ان يتخلف (ب) عن (ا)وممكن ان لا يتخلف ,تكون نفسه مستعدة لاي شيء خلاف النفس التي تترسى على متن حكم ابدي ,في نظرها , فاذا حدث الخرق للذلك الحكم حدث فيها العجب بمقدار الخرق في مضمون الحكم القبلي المطلق.