مسألة الأخطاء اللغوية في القرآن

[القط الملحد]

تحياتي

هذا الموضوع من الانتقادات الشائعة للقرآن، ولكن هذه المرة يوجد مشكلة منهجية.

إذا أردنا تصويب أو تخطئة القرآن لغوياً، فلا بد لنا من مرجع أسبق منه نقيس عليه. وأقصد أسبق منه بالترتيب المنهجي وليس بالزمن.

لو كان هناك نحو عربي مقعّد قبل الإسلام ثم جاء القرآن وخالف تلك القواعد فهنا نستطيع أن نحكم بسهولة أن القرآن فيه أخطاء لغوية، أما ما دام الحال غير ذلك والقرآن هو أحد مصادر النحو فلا يصح منهجياً تخطئته بالنحو ما دام هو أصلاً معيار النحو. وإذا كان لا بد فالتخطئة هنا يجب أن تطال النُحاة أنفسهم.

أما إذا كان استطاع المنتقد تقديم مصدر للنحو أسبق منهجياً من القرآن فهنا ستختلف الأمور، لكن أين هو؟ ولو قلنا أنه الشعر الجاهلي فما الأسباب التي تبرر تقديمه وكلاهما من فترة متقاربة؟


وسأتناول واحداً من أشهر الأخطاء اللغوية المزعومة في القرآن وهو "إن هذان لساحران"

مع الأسف في درس النحو العربي نتعامل مع الإعراب غالبا على أنه شيء لفظي ميكانيكي، دون أن نفهم المعنى المرتبط به. وهذه المشكلة لا يعاني منها دارسوا اللغات الإعرابية الأخرى مثل الروسية واليونانية.

حالة الرفع للاسم العربي تدل على الإسناد، فالمبتدأ (أو الفاعل) هو المسند subject وهو عماد الجملة.
أما حالة النصب فتدل على "الفضلة" أي compliment وهي زوائد الجملة التي تخصص معناها ولكن حذفها لا يؤثر أي تظل جملة تامة مفهومة، مثل المفعول به والمفعول لأجله والحال.
أما حالة الجر فهي تدل على الإضافة، والإضافة قد تكون مباشرة أو عن طريق حرف جر.

ما سبق مقدمة ألسنية قصيرة للحالات الإعرابية أو Grammatical Case، علماً أن حالات إعراب الفعل تدل على شيء آخر وهو Verb Mood ولا يجب خلطه بما سبق (مؤسف أن الاثنان يأتيان تحت عنوان واحد في النحو العربي).


طيب ما علاقة كل هذا بموضوعنا؟ لنعد إلى "إن هذان لساحران"
لو تأملت هذا التركيب لوجدت أصله: هذان ساحران
فالمسند إليه أو المبتدأ subject هو "هذان" ولذلك جاء في حالة الرفع
والمسند أو الخبر predicate هو "ساحران" ويأتي بحالة الرفع لأنه مطابق للمبتدأ في دلالته على نفس الكيان في الواقع (هذه الطريقة مستخدمة في اليونانية واللاتينية أيضا)

ثم إذا دخلت "إن" على الجملة يصبح اسمها منصوباً: إن هذين لساحران
مع أن اسم إن ما زال هو المسند إليه من حيث المعنى، فحقه الرفع على القاعدة الأصلية!
ولهذا استنتج ابراهيم مصطفى في إحياء النحو أن رفع اسم إن هو الأصل، ثم أصبحت تنصب تخففاً، ربما بسبب أمن اللبس إذ لا يمكن تقديم الخبر على المسند إليه في هذا التركيب.

وعلى هذا تكون "إن هذان لساحران" مجرد استعمال نادر لكنه موافق للقاعدة الأصلية في رفع المسند إليه.

يمكن الاطلاع على كلام ابراهيم مصطفى والشواهد التي استخدمها من هنا:
https://www.hindawi.org/books/51869740/5/

وممن علقوا على هذا الموضوع أيضاً: ابن مضاء الأندلسي في كتابه "الرد على النحاة"

[شنكوح]

ربما تستطيع نقد القرآن لغويا ونحويا من حيث أنه لا يرسي على القواعد العامة التي أسس لها بذاته.
في الجبر يمكنك وضع أي قاعدة مسلمات تلائمك، من اختراعك، لكن يمكن كذلك نقدها موضوعيا لأنها غير متناسقة في ما بينها (إن تم البرهنة أنها تؤدي إلى تناقضات).
مشكلة القرآن عموما أن هناك عاطفية تاريخية وضعت استثناءات للقواعد التي أتى بها القرآن.
ساهم في هذا الأمر الجهل والتقديس والانصياع في الحقب الأولى، مما جعل النسخة التي تصل إلى الجيل المتنور حاملة لكسر قواعد و "أخطاء" تم تبريرها في مجلدات (لأن التقديس لم يندثر، بل تم توظيف التنور في خدمة النص).

خد عندك نوعية من الآيات التي لو اختبرت أي مسلم لا يحفظ القرآن، سيتنصل منها ويقول أنها مدسوسة: مثلا آية "أركض برجلك" التي أذكر الآن، وكان لي قديما موضوع فيه بعض الآيات المشابهة.
مسألة أسلوب وتكرار وخط كتابة غير سلس، وقواعد مبعثرة تم تسطيرها ليسلم القرآن من الموضوعية في التحليل.
هذا رأيي ببساطة و أنا لست بمختص لغة.

بالمناسبة، فكرة الحاجة إلى التخصص الدقيق في اللغة العربية لفهم وتبجيل القرآن ينسف تماما الغرض من الكتاب نفسه في دين يتباهى أنه عمودي لا إكليروس له. لكن التبريريين اتخذوا من التعقيد (الذي اخترعوه) حجة للاعجاز

[القط الملحد]

تحياتي شنكوح
القواعد اللغوية قد يكون فيها تجوز أي تسمح بأكثر من وجه، فمثلا الاسم بعد "لاسيما" يأتي في الحالات الإعرابية الثلاث ولكل منها تأويل خاص (القضية متشعبة)
وكذلك مثال اسم إن الذي ناقشته في الموضوع، بينت أن له وجهين، أحدهما الأصل شبه المندثر، والآخر هو التجوز الذي غلب على الاصل وصرنا نعتبره هو القاعدة

شكرا لمرورك

[bakbak]

النحو علم لا ينفع ولم يكن يوما علما حتى جاء به سبويه..
نتكلم بلهجاتنا يوميا وبدون نحو والكلام يفهم ... اللغة الاصل فيها التبسيط والبساطة وليس التعقيد، المصريين يقولون اتناعش او احداشر والشمال افريقيين احداش او طناش،.. والكلام او الفكرة تفهم والعلم ينتقل واللغة هنا كاداة تواصل تقوم بدورها على اكمل وجه بدون اي مظهر من ظهار النحو او على الاقل عدم الالتزام به الا قليلا..
كما ان النحو كثيرا ما ينكسر على صخرة الضرورة الشعرية.. حتى في القرآن..

ناهيك عن كلمات اعجمية بدون قواعد وجمع تكسير سالم وحروف العلة والملة... الخ...

[القط الملحد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bakbak

النحو علم لا ينفع ولم يكن يوما علما حتى جاء به سبويه..
نتكلم بلهجاتنا يوميا وبدون نحو والكلام يفهم ... اللغة الاصل فيها التبسيط والبساطة وليس التعقيد، المصريين يقولون اتناعش او احداشر والشمال افريقيين احداش او طناش،.. والكلام او الفكرة تفهم والعلم ينتقل واللغة هنا كاداة تواصل تقوم بدورها على اكمل وجه بدون اي مظهر من ظهار النحو او على الاقل عدم الالتزام به الا قليلا..
كما ان النحو كثيرا ما ينكسر على صخرة الضرورة الشعرية.. حتى في القرآن..

ناهيك عن كلمات اعجمية بدون قواعد وجمع تكسير سالم وحروف العلة والملة... الخ...

النحو بمعنى معرفة قواعد اللغة علم ضروري موجود في كل اللغات، وحتى اللغات العامية يمكن من الناحية النظرية استقراء منهج نحوي لها، ولا يطعن في ذلك وجود حالات شاذة فهي لا تنفي القاعدة العامة وإلا ما كان لديك لغة أصلاً فلا لغة بدون قواعد.

أما بالنسبة للتفلسف والتعقيد الزائد في المنهج النحوي فهي مسألة أخرى، هذا يسمى المنهج المعياري الذي أتت به المدرسة البصرية وهناك مناهج أخرى بديلة قديما وحديثا تقدم قواعد اللغة بشكل مبسط وعملي ومباشر.

[القط الملحد]

فقط ملاحظة بسيطة، هذا المقال ليس لإثبات "عدم" وجود أخطاء لغوية في القرآن، بل لإثبات عدم القدرة على الحكم في ذلك، لموانع منهجية

نظريا لو ذهبنا بآلة زمن إلى مجتمع الجاهلية وسجلنا لغتهم ثم استخلصنا منها القواعد وعرضنا القرآن عليها، فربما نجد بعض الأخطاء اللغوية، لكني أستبعد هذا الاحتمال إن كان كاتب القرآن يتحدث بلغته الأم (يعني نفس اللغة اليومية التي يتحدثها بالبيت واكتسبها بشكل عفوي من محيطه) لأن الإنسان لا يخطئ عادة في هذا.

[مُهتدي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حَنفا

فقط ملاحظة بسيطة، هذا المقال ليس لإثبات "عدم" وجود أخطاء لغوية في القرآن، بل لإثبات عدم القدرة على الحكم في ذلك، لموانع منهجية

نظريا لو ذهبنا بآلة زمن إلى مجتمع الجاهلية وسجلنا لغتهم ثم استخلصنا منها القواعد وعرضنا القرآن عليها، فربما نجد بعض الأخطاء اللغوية، لكني أستبعد هذا الاحتمال إن كان كاتب القرآن يتحدث بلغته الأم (يعني نفس اللغة اليومية التي يتحدثها بالبيت واكتسبها بشكل عفوي من محيطه) لأن الإنسان لا يخطئ عادة في هذا.

شهد شاهد من اهلها

[القط الملحد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُهتدي

شهد شاهد من اهلها

النقاش والبحث ليس حلبة مصارعة ديكة
كل شخص عليه أن يقر بالحق حيث يجده

[مُهتدي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حَنفا

النقاش والبحث ليس حلبة مصارعة ديكة
كل شخص عليه أن يقر بالحق حيث يجده

ان هكذا تقول،و ها قد انقلب السحر على الساحر

[القط الملحد]

انقلب السحر على الساحر

لا تخرب الموضوع بهذا التذاكي الفارغ