شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > العقيدة الاسلامية ☪

 
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 08-31-2020, 04:51 PM سامي عوض الذيب غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
سامي عوض الذيب
الأنْبياءّ
الصورة الرمزية سامي عوض الذيب
 

سامي عوض الذيب will become famous soon enough
افتراضي خدعة الديمقراطية

أصل كلمة الديمقراطية يوناني وتعني سلطة الشعب. أي ان الشعب هو الذي يقرر مصيره من خلال التصويت على القوانين واختيار رؤسائه الذين ينفذون هذه القوانين (الديمقراطية المباشرة) أو يختار ممثليه الذين بدورهم يصوتون على القوانين ويختارون الرؤساء (الديمقراطية الغير مباشرة). والمبدأ الأساسي في الديمقراطية هو حكم الأغلبية. فعدد الأصوات الأعلى هو الذي يقرر القانون والرئيس.

ويتم التفريق بين هذا النظام الديمقراطي والنظام الديكتاتوري، والنظام الملكي، والنظام الأوليغارشي (أي النظام الذي بيد فئة صغيرة من المجتمع تتميز بالمال أو النسب أو السلطة العسكرية)، والنظام الديني
ولن ندخل هنا في تفاصيل كل نوع من تلك الأنظمة.

ونظام الأكثرية يفترض ان يفهم المصوتون والمنتخبون الموضوع الذي يصوتون عليه، وأن يعرفوا من يختارون. ويقول في هذا الخصوص المفكر الساخر الايرلندي جورج برنارد شو: إن الديمقراطية لا تصلح لمجتمع جاهل لأن أغلبية من الحمير ستحدد مصيرك. ولذلك يتم تثقيف المجتمع لكي يكون على دراية فيما يقرر ومن يختار. كما لا يسمح بالتصويت والإنتخاب إلا للبالغين. وتلعب وسائل الإعلام دورا هامًا في هذا المجال. والدميقراطية قد تعطي شعورا بأن الشعب هو الذي يقرر. ولكن قد يغرر به بوسيلة أو بأخرى لجعله يصوت لقانون ليس لصالحه وأن يختار أفراد غير كفوئين. ويقول فهذا المجال الممثل الساخر الفرنسي كوليش (Coluche)، لو ان الديمقراطية تغير شيئًا لتم الغاؤها. وكلما تم اشراك الشعب في التصويت والأنتخابات كلما تضمن الحكومة الهدوء في المجتمع. ففي سويسرا حيث يتم التصويت على القوانين على مستوى الكنفدرالية والمقاطعة والجماعة المحلية أكثر من مرة في الشهر، لا نشهد اضطرابات إجتماعية واضرابات عن العمل كما في فرنسا حيث يتم اشراك الشعب نادرا بسبب نظام الدمقراطية غير المباشرة.

وللقرآن موقف رافض لنظام الأكثرية. فهو يقول: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (سورة الأنعام 6: 116).
وقد فسر المنتخب الصادر عن الأزهر هذه الآية كما يلي:
وإذا كان سبحانه هو الحكم العدل الذى يُرْجَعُ إلى كتبه فى طلب الحق ومعرفته، فلا تتبع - أيها النبى - أنت ومن معك أحداً يخالف قوله الحق، ولو كانوا عدداً كثيراً. فإنك إن تتبع أكثر الناس الذين لا يعتمدون على شرع مُنزل يبعدوك عن طريق الحق المستقيم وهو طريق الله تعالى، لأنهم لا يسيرون إلا وراء الظنون والأوهام، وإن هم إلا يقولون عن تخمين لا يُبنى على برهان.
وهذا ليس غريب عن نظام ديني يعتبر المشرع هو الله، وهو كما يقول القرآن يقرر ما يشاء:
لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (سورة الأنبياء 21 : 23)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (سورة المائدة 5 : 101)
والنظام الديني - في اليهودية كما في الإسلام - هو في حقيقته نظام ديكتاتوري يقوم من خلاله شخص بإدعاء الإتصال بالله الذي يفرض ارادته لاجئا لما يسميه الفقهاء الترهيب والترغيب. فويل كل الويل - في هذه الحياة وفي الآخرة - لمن لا يطيع أوامره
ولهذا السبب ترفض الحركات الإسلامية نظام الإنتخابات والتصويت على القوانين التي من خلالها يقرر الشعيب مصيره كما يشاء... دون الأخذ بما يفرضه عليه تعاليم الدين وتجار الدين. وإن تشارك في الأنتخابات، فهدفها ليس إلا استعمال الأنتخابات للوصول للحكم، ثم تقوم بغلق الباب وراءها.

هذا وليس هناك فرق بين الديمقراطية والنازية إلا إذا سن الدستور على مبدأ المساواة وضمان الحقوق الأساسية التي لا يحق للأكثرية تخطيها. ولذلك، نجد أن وثيقة حقوق الإنسان تبدأ بالمادتين التاليتين
المادة 1 - يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.
المادة 2 - لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين
تتبعها عدة حقوق فردية مثل منع الإسترقاق (المادة 4) والمساواة أمام القضاء والقانون (المادة 7). والمادة 16 الفقرة الأولى تضيف: للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. والمادة 18 تسن على حرية الدين بيما فيه الحق في تغييره
أما التصويت والإنتخابات فإنها تأتي لاحقا لتلك الحقوق الفردية، في المادة 21 التي تقول:
1. لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
2. لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده.
3. إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.

وتسلسل هذه المواد له اهمية كبرى. فلا يحق للأغلبية أن تحرم الفرد من حق المساواة والحقوق الأساسية.
وفي سويسرا على سبيل المثال، هناك المبادرات الشعبية، حيث يقوم عدد من الشعب بطلب التصويت على قانون ما، ولكن قبل ان يتم جميع التواقيع تخضع هذه المبادرات لفحص مدى ملاءمتها مع الحقوق الأساسية المتعارف عليها دوليا. وإن تبين بعد ذلك أن مبادرة ما لا تحترم هذه الحقوق، فيتم الغاء ذاك القانون.

هناك دول تتباهى بأن نظامها ديمقراطي، لا بل أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تعرف هذا النظام. وهذا هو الأمر بخصوص إسرائيل. ولكن حقيقة الأمر النظام الإسرائيلي لا يختلف عن النظام النازي. فهذه الدولة لا تعترف بمدأ المساواة والحقوق الأساسية التي ذكرناها أعلاه. وكل ما يهم دولة إسرائيل هو ضمان الأكثرية اليهودية. ولذلك قامت بتدمير 81% من قرى فلسطين وتشريد أهلها وتمنع رجوعهم لكي تضمن وجود أكثرية يهودية تقرر مصير غير اليهود. وهذه الدولة تسن في قانونها على مبدأ يهودية الدولة. وإسرائيل ترفض تكوين دولة واحدة خوفا من ان تصبح الأكثرية مسلمة فتفرض دولة إسلامية. وهذا الخوف نابع من رفض اليهود والمسلمين الإعتراف بميدأ المساواة والحقوق الأساسية

ويمكننا قول نفس الأمر فيما يخص الدول العربية الأخرى التي تسن في دستورها على أن الإسلام دين الدولة، ولا تضمن الحقوق الأساسية التي ذكرناها اعلاه. فمثلا يحق للمسلم ان يتزوج من مسحية، بينما يمنع زواج المسيحي من مسلمة. كما أن من يترك الإسلام يتعرض لعواقب وخيمة: فيمنع من الزواج، ويحل زواجه، ويحرم من أولاده وميراثه، ويطرد من عمله، وقد يتم قتله حتى من طرف افراض عائيلته دون حماية من الدولة. وفي الدول العربية والإسلامية، تتذرع الحكومة بأن الغالبية مسلمة ولها الحق في تبني القوانين الإسلامية... ضاربة بعرض الحائط الحقوق الأساسية.

نظام الديمقراطية في كل من إسرائيل والدول العربية والإسلامية هو إذن في حقيقته نظام نازي حتى وإن تبع نظام الديمقراطية الذي يطبق مبدأ الأكثرية
فكل نظام مبني على الدين هو نظام نازي لأنه لا يعترف بمبدأ المساواة والحقوق الأساسية.

--------
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://www.sami-aldeeb.com/livres-books



  رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ سامي عوض الذيب على المشاركة المفيدة:
يغموش (09-01-2020), Skeptic (09-01-2020)
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع