![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو ذهبي
![]() |
اعلموا - أحسن الله تعالى إرشادكم، وألان للحق قيادكم - أن اختلاف الخلق في الأديان والملل، ثم اختلاف الأمة في المذاهب على كثرة بالفرق، وتباين الطرق، بحر عميق غرق فيه الأكثرون، وما نجا منه إلا الأقلون، وكل فريق يزعم أنه الناجي، " وكل حزبٍ بما لديهم فرحون ". وهو الذي وعدنا به سيد المرسلين صلوات الله عليه، وهوا لصادق المصدوق حيث قال: " ستفترق أمتي ثلاثاً وسبعين فرقة، الناجية منها واحدة " فقد كان ما وعد أن يكون.
ولم أزل في عنفوان شبابي - منذ راهقت البلوغ، قبل بلوغ العشرين إلى الآن، وقد أناف السن على الخمسين - أقتحم لجة هذا البحر العميق، وأخوض غمرته خوض الجسور، لا خوض الجبان الحذور، وأتوغل في كل مظلمة، وأتهجّم على كل مشكلة، وأتقحم كل ورطة، وأتفحص عن عقيدة كل فرقة، وأستكشف أسرار مذهب كل طائفة، لأميز بين محق ومبطل، ومتسنن ومبتدع، لا أغادر باطنياً إلا وأحب أن أطلع على باطنيته، ولا ظاهرياً إلا وأريد أن أعلم حاصل ظاهريته، ولا فلسفياً إلا وأقصد الوقوف على كنه فلسفته , ولا متكلماً إلا وأجتهد في الإطلاع على غاية كلامه ومجادلته ولا صوفياً إلا وأحرص على العثور على سر صفوته، ولا متعبداً إلا وأترصد ما يرجع إليه حاصل عبادته، ولا زنديقاً معطلاً إلا وأتحسس وراءه للتنبه لأسباب جرأته في تعطيله وزندقته. فقلت في نفسي: أولاً إنما مطلوبي العلم بحقائق الأمور، فلا بد من طلب حقيقة العلم ما هي؟ فظهر لي: أن العلم اليقيني هو الذي ينكشف فيه المعلوم انكشافاً لا يبقى معه ريب، ولا يفارقه إمكان الغلط والوهم، ولا يتسع القلب لتقدير ذلك، بل الأمان من الخطأ ينبغي أنا يكون مقارناً لليقين، مقارنة لو تحدى بإظهار بطلانه - مثلاً - من يقلب الحجر ذهباً والعصا ثعباناً، لم يورث ذلك شكاً وإنكاراً، فإني إذا علمت: أن العشرة أكثر من الثلاثة، فلو قال لي قائل: لا بل الثلاثة أكثر، بدليل أني أقلب هذه العصا ثعباناً، وقلبها، وشاهدت ذلك منه، لم أشك بسببه في معرفتي، ولم يحصل لي منه إلا التعجب من كيفية قدرته عليه! فأما الشك بسببه فيما علمته فلا ثم علمت أن كل ما لا أعلمه على هذا الوجه ولا أتيقنه هذا النوع من اليقين، فهو علم لا ثقة به ولا أمان معه، وكل علم لا أمان معه فليس بعلم يقيني. |
|
|
|
رقم الموضوع : [2] |
|
عضو برونزي
![]() |
اتذكر اني قرأت بعض كتابات الغزالي في سحيق الزمان (قبل خمسة عشر عاما ربما)، ولا اتذكر كنه كلامه.
لكن هذه المقدمة جرئية بالفعل! و انا اتفق معه في ما يقول، فكل علم لم اتمكن منه بنفسي و لم اقتنع به لا اعتبره علما بل اعتبره كلام الناس، و ربما تضطرني «التقية» ان اتظاهر اني موافق عليه كل لا ادخل في دوخة عظيمة مع الناس، لأن غالب الناس يقدس العلم الشائع، فما شاع عندهم انه حق يصعب جداله معهم. |
|
|
|
|
| الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ خطوط متعرجة على المشاركة المفيدة: | mystic (08-29-2020) |
|
|
رقم الموضوع : [3] | |
|
عضو ذهبي
![]() |
اقتباس:
في الواقع ذهب الغزالي إلى أبعد من ذلك بكثير حتى أنه قال : (( ثم فتشت عن علومي، فوجدت نفسي عاطلاً من علم موصوف بهذه الصفة، إلا في الحسيات، والضروريات، فقلت الآن بعد حصول اليأس لا مطمع في اقتباس المشكلات إلا من الجليات وهي الحسيات والضروريات فلا بد من إحكامها أولاً لأتيقن أن ثقتي بالمحسوسات، وأماني من الغلط في الضروريات من جنس أماني الذي كان من قبل في التقليدات، ومن جنس أمان أكثر الخلق في النظريات، أم هو أمان محقق لا غدر فيه، ولا غائلة له. فأقبلت بجد بليغ، أتأمل المحسوسات والضروريات، وأنظر هل يمكنني أن أشكك نفسي فيها؟ فانتهي بي طول التشكيك إلى أن لم تسمح نفسي بتسليم الأمان في المحسوسات أيضاً، وأخذ يتسع فيها ويقول: من أين الثقة بالحواس؟ وأقواها حاسة البصر وهي تنظر إلى الظل فتراه واقفاً غير متحرك، وتحكم بنفي الحركة، ثم بالتجربة والمشاهدة - بعد ساعة - تعرف أنه متحرك، وأنه لم يتحرك دفعة واحدة بغتة، بل بالتدريج ذرة، ذرة، حتى لم يكن له حالة وقوف. وتنظر إلى الكوكب، فتراه صغيراً في مقدار دينار، ثم الأدلة الهندسية تدل على أنه أكبر من الأرض في المقدار. هذا، وأمثاله من المحسوسات يحكم فيها حاكم الحس، بأحكامه ويكذبه حاكم العقل ويخونه تكذيباً لا سبيل إلى مدافعته فقلت: قد بطلت الثقة بالمحسوسات أيضاً !!)) |
|
|
|
|
رقم الموضوع : [4] |
|
عضو ذهبي
![]() |
فقد الغزالي ثقته في العقائد الموروثة , فأراد أن يجد اليقين في المحسوسات , و لكنه ما لبث أن أدرك أن الحواس تخدع ففقد ثقته في المحسوسات , فهل فقد ثقته في العقليات أيضاً ؟ الجواب : نعم . يقول :
(( فلعله لا ثقة إلا بالعقليات التي هي من الأوليات، كقولنا: العشرة أكثر من الثلاثة والنفي والإثبات لا يجتمعان في الشيء الواحد، والشيء الواحد لا يكون قديماً، موجوداً معدوماً، واجباً محالاً. فقالت الحواس: بم تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات وقد كنت واثقاً بي، فجاء حاكم العقل فكذبني، ولولا حاكم العقل لكنت تستمر على تصديقي، فلعل وراء إدراك العقل حاكماً آخر، إذا تجلى كذب العقل في حكمه، كما تجلى حاكم العقل فكذب الحس في حكمه، وعدم تجلي ذلك الإدراك لا يدل على استحالة!! فتوقفت النفس في جواب ذلك قليلاً وأيدت إشكالها بالمنام، وقالت: أما تراك تعتقد في النوم أموراً، وتتخيل أحوالاً، وتعتقد لها ثباتاً، واستقراراً، ولا تشكل في تلك الحالة فيها، وثم تستيقظ فتعلم: أنه لم يكن لجميع متخيلاتك ومعتقداتك أصل وطائل. فبم تأمن أن يكون جميع ما تعتقده في يقظتك، بحس أو عقل هو حق بالإضافة إلى حالتك التي أنت فيها، لكن يمكن أن تطرأ عليك حالة تكون نسبتها إلى يقظتك، كنسبة يقظتك إلى منامك، وتكون يقظتك نوماً بالإضافة إليها! فإذا وردت تلك الحالة، تيقنت أن جميع ما توهمت بعقلك خيالات لا الحاصل لها. )) |
|
|
|
رقم الموضوع : [5] |
|
عضو ذهبي
![]() |
مما سبق وجدنا أن الغزالي شك في العلم الموروث و الملقّن , ثم شك في صدق الحواس , ثم شك في العقل نفسه .
طيب ما النتيجة التي خرج بها الغزالي بعد كل ما سبق ؟ يقول : (( فأعضل الداء، ودام قريباً من شهرين، أنا فيهما على مذهب السفسطة بحكم الحال، لا بحكم النطق والمقال. حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدال، ورجعت الضروريات العقلية مقبولة موثوقاً بها على أمن ويقين، ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر وذلك النور هو مفتاح أكثر المعارف، فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المحررة فقد ضيق رحمة الله تعالى الواسعة. )) نور قذفه الله في صدره ! فما هو هذا النور ؟ و كيف أدركه ؟ بعقله و حسه الذي أنكره سابقاً ؟ أم بشئ آخر ؟ و ما هو هذا الشئ الآخر الذي عرّفه أن الله قذف في صدره نوراً و ليس بحس و لا عقل ؟ ! |
|
|
|
رقم الموضوع : [6] |
|
عضو ذهبي
![]() |
هذه المشاركة مقتبسة من موضوعين للزميل حنفا في قسم الفلسفة :
(( انا ارى الشجرة.. و لنقل انني اشك في عيني و اريد اثبات وجود الشجرة بطريق اخر استطيع ان اتي بجهاز قياس الموجات الصوتية الذي يقيس لي كتلة الشجرة و استطيع ان اتي بجهاز اخر يقيس كتلتها عبر الاشعاعات و جهاز اخر يقيس كتلتها بطريقة ثالثة.. و رابع و خامس الخ فهل اجتماع هذه الوسائل كلها على نفس النتيجة هو من قبيل الصدفة ؟ سيقول المشكك هنا ان هذه الوسائل كلها مرجوعها الى العين لانك تقرأ نتيجة القياس بعينك.. و لكن الفكرة ليست هنا، الفكرة ان هذه النتائج لا علاقة لها ببعضها ولا تلزم من بعضها ولا مبرر لاتفاقها سوى ان تكون الشجرة حقيقية بالفعل. علما اني استطيع معرفة وجود الشجرة بطرق اخرى كاسناد ظهري لها و اكلي من ثمارها و احساسي بظلها فالامر ليس مقتصرا على حاسة العين، و اجتماع كل هذه المقاييس المختلفة على نفس النتيجة هو البرهان. فمعرفة البديهيات العقلية تعتمد على مزيج من الملاحظة و الاستنباط، نحن نلاحظ الموجودات الواقعية في الخارج و ننتزع منها مفاهيما مجردة و نستنبط منها قواعد عقلية، و بعبارة المادية الجدلية هذه القواعد تنتج عن "جدل الفكر مع الواقع" و هذا القول تترتب عليه نتيجتان : 1- لا حاجة لفطرة او برمجة مسبقة.. يكفي ان نملك ادوات ادراك قادرة على ملاحظة الواقع و فهمه ثم ستأتي البديهيات تحصيل حاصل. 2- هذه القواعد مطلقة لانها مستنبطة من طبيعة الاشياء.. فالمستقيم لو لم يكن اصغر مسافة بين نقطتين لتغير شكله و ما عاد مستقيما، و الجزء لو لم يكن اصغر من الكل لما عاد جزءا، و النقيضان لو لم يلغيا بعضهما لما عادا نقيضين و هكذا )) هذا يمكن أن نسميه رداً , أما قصة قذف النور في الصدور ... لا تعليق |
|
| الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ mystic على المشاركة المفيدة: | القط الملحد (09-01-2020) |
|
|
رقم الموضوع : [7] |
|
عضو برونزي
![]() |
المشكلة في هذا الرد انه يعتمد على ذاكرتك اللحظية:
انا اظن في هذه اللحظة انني اتذكر اجتماع كل هذه الشواهد (رؤيتي للشجرة و رؤيتي لظلها و رؤيتي لغيري و هو يراها و يؤكد وجودها و اسناد ظهري اليها الخ الخ). لكن هذا الظن في حد ذاته يعتمد على عمل الدماغ بشكل صحيح .. هناك مرض معروف هو الشيزوفرينيا يرى فيه الشخص هلوسات يظن انها حقيقية ولا يفرق بينها و بين اليقظة. |
|
|
|
|
| الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ خطوط متعرجة على المشاركة المفيدة: | mystic (09-03-2020) |
|
|
رقم الموضوع : [8] | |
|
عضو ذهبي
![]() |
اقتباس:
إذا لم نسلم بما سبق , و جارينا المشكك في الحواس و العقل فسوف نقع في السفسطة . مشكلتي مع ما كتبه الغزالي هو الحل الذي اقترحه للخلاص من السفسطة و جحد العلوم , فهو يقول بالكشف و الاستنارة , و لا أدري حقيقة كيف لمن يشكك في الحس و العقل أن يعود فيعتمد عليها ليقول أن الله قذف نوراً في صدره .. و للعلم فإن ما ذكرته هنا هو لب الكتاب , و بقية الكتاب هي أن الغزالي قد حصر طالبي الحق في أربعة أصناف : 1- المتكلمون 2- الفلاسفة 3- التعليمية 4- المتصوفة و راح يرد على الفئات الثلاث الأولى و في المقابل يعلي من شأن التصوف و الصوفية و يمدح طريقتهم التي هي علم و عمل . و هو يقول عن نفسه أنه بدأ بالعلم أو لنسمه العرفان النظري قبل أن يبدأ الرياضة الروحية , و في هذا الباب لا أستطيع أن أنكر عليه لأني لم أتريض روحياً بالخلوات الطويلة و الجوع و العطش و كثرة الذكر , و لا أستطيع الجزم بأن هذه الرياضة تفتح الباب أمام معرفة من نوع مختلف أو لا ... |
|
|
|
|
رقم الموضوع : [9] | |
|
موقوف
![]() |
اقتباس:
لماذا لا تعليق و انت صوفي!؟ اي تستخف بمنطق العرفاء يا استاذ صوفي!؟ ![]() مصادر المعرفة ليست فقط عندهم الحس و العقل. البرهاني بل هناك مصدر ثالث _هو محور التجربة الصوفية مصدر الشهود الوجداني. نور قذف في صدره.. تعبير عن حالة اطمئنان علمي غمرته وسط لجة حيرته و قلقه حالة طمأنينة بددت اضطرابه و شكوكه ؛ هو المطلوب. لكن لم يصل إليه بمقدمات عقلانية برهانية أو بمحض الحس بغض النظر عن رأيي في فكره و منهجه لكن هذا المعني. |
|
|
| الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ المنار على المشاركة المفيدة: | mystic (09-03-2020) |
|
|
رقم الموضوع : [10] | |
|
عضو ذهبي
![]() |
اقتباس:
1- من يضمن أن الكشف غير متأثر بيئة المتصوف و معتقده؟ ألا نرى المتصوف السني يرى في كشوفاته النبي محمد , و العارف الشيعي يلتقي المهدي , و المسيحي يكلم المسيح و العذراء؟ 2- من يضمن أن مصدر هذا الكشف ليس إلا خيالات شيطانية أو روح خبيث أو أنها مرتبطة باللاشعور و لا علاقة لها بالخالق ؟ و يمكن إضافة اعتراض ثالث هو محل النقاش في موضوع الغزالي : 3- كيف لمن يشكك في الحواس و يشكك في العقل أن يدرك النور الذي قذفه الله في صدره ؟ ما هي أدواته في هذا الإدراك ؟ |
|
|
| الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ mystic على المشاركة المفيدة: | القط الملحد (01-16-2021) |
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond