وحدة الوجود في البابلية والمسيحية والصوفية !!
شاهينيات 1386
عنوان غريب دون شك ، وقد يرى بعضكم أنني جننت ! لكن تعالوا معي :
لقد أحببت التصور الذي قدمته اسطورة الخلق البابلية للخلق. فكبير الآلهة مردوخ خلق السماء والأرض من جسد جدته تعامه ، بأن شقه إلى نصفين ، جعل من العلوي سماء ومن السفلي أرضا . ثم قام بخلق الإنسان بأن عجن التراب بدمه . تنبهوا إلى أن التراب في الأصل جاء من جسد الربة الجدة ، وأن مردوخ فصد جسده ليخرج منه دما يعجن به هذا التراب المقدس الذي هو في الأصل جسد جدته ، ليخلق منه انسانا، ولنصبح أمام إنسان مخلوق من جسد آلهة .
هل ثمة تصور أجمل من هذا التصور، لخلق السماء والأرض ومن ثم الإنسان، من جسد إلهي، سرت فيه الدماء الإلهية . ويفترض أنها ما تزال تسري كون الأصل إلهيا .. وبمعنى أعمق أن وجودنا لا ينفصل عن الوجود الإلهي . أي أننا أمام مذهب وحدة الوجود حتى الحديث منه . والأمر نفسه نجده مبلورا في المسيحية حيث المسيح ابن الله ، وحين يخاطب المسيح الله يقول ( أبانا الذي في السموات ) أي أب الجميع ، ومن هذا المنطلق يمكن أن نفهم قول المسيح في العشاء الأخير حين قدم الخبز لتلاميذه على أنه جسده ، وقدم الخمر على أنه دمه ..أي أن كل شيء قد جاء من الألوهة وكل خلق يمكن أن ينسب إليها ، وبالتالي ليس هناك وجودان خالق ومخلوق ، فالوجود واحد هو الخالق ، ولا يعترف ابن عربي بوجودين . فالوجود هو لله وحده ولا شيء غيره. وإن بدا لنا أنه خالق ومخلوق . الله خلق نفسه بنفسه لنفسه وما يزال يخلق نفسه بنفسه لنفسه ، إلى أن تقام الحضارة الإنسانية ، بتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال. ودون ذلك لن تكتمل عملية الخلق التي ما تزال تحبو !!!
|