ما لا تعرفه يا شيرلوك

[Zain]

بكل ثقة ، يحدثنا العريفي عن قصة امرأة تعمل في السيرك فيقول " هذه المرأة كانت تمشي على الحائط كما يمشي النمل ، فلما قرأ أحد الحضور اية الكرسي سقطت المرأة أرضا لأنها كانت تتعامل مع الجن "






في مجتمعاتنا التي تسودها الخرافات كالحسد والسحر والشعوذة سيجد العريفي لكلامه صدى بين عموم الناس ، و بما أني أرفض فكرة الجن و الأمور الخوارق ، فقد يسألني أحد المؤمنين بتلك الخرافات : إن لم تكن تلك المرأة تتعامل مع الجن فكيف مشت على الحائط ؟ واقعا فإن كل ما أعلمه أن ما فعلته تلك المرأة لا علاقة له بالجن ، لكني أجهل كيف مشت المرأة على الحائط و لا أملك تفسيرا ، فيرد قائلا : إما أن تقدم تفسيرا أفضل من علاقة المرأة بالجن أو أن تصمت .
هل التفسير السيء أفضل من اللا تفسير على الاطلاق ؟! هل علي أن أصدق العريفي أن المرأة تتعامل مع كائن خرافي اسمه الجن يساعدها في المشي على الحائط فقط لأنني أجهل تلك الخدعة ؟!

اذا تحطم كوب قهوتك لسبب غير واضح فاقترح أحدهم أن الكوب قد استعاد وعيه فجأة ، وأدرك عقم وجوده فانتحر ، هل يكون من الحكمة قبول ذلك التفسير _مؤقتا على الأقل_ حتى يتاح لنا تفسير أفضل ؟!
بعض التفسيرات تكون أسوأ من عدم التفسير على الإطلاق ، إلا أن البشر لا يبدون مرتاحين بالعيش مع غير المعلَّل .

حدث ذات مرة أني كنت أحادث صديقا ، وبطريقة لا إرادية ، تساءلت : لم لا يرجع الأموات إلى الحياة ؟! فتلا علي الاية " سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا " ، ودون ان أظهر أي نقد مباشر للآية أفهمته أنني لم اقتنع بتفسيره ، فالآية لا تقدم إجابة واضحة على تساؤلي ، فرد وهو يرمقني بنظرات حادة : إذن قدم تفسيرك .
هنا انتقل العبء فصرت انا المطالب بتقديم تفسير أفضل من تفسير صديقي ، لكنْ هذا الانتقال للعبء غير معقول ، حينما قدم صديقي تفسيرا لعدم رجوع الأموات للحياة فمن وجهة نظره أن ذلك التفسير مقنع ، و إن رفضي لتفسيره لا يتطلب مني أن أقدم تفسيرا أفضل ، ذلك يشبه أن تقرأ علي قصيدة خطتها يمينك ثم تطلب رأيي فأصدمك بقولي إن هذه القصيدة سيئة لحد بعيد بل هي لا تشبه الشعر في شيء ، فهل من المنطق أن ترد علي قائلا " لن تكون أسوأ من أي قصيدة ستكتبها" ؟!

المؤمنون بالخوارق – على سبيل المثال – يتقبلون أمورا غير قابلة للتصديق لأنهم يرونها طريقا وحيدا لحل مختلف الظواهر الغريبة في غياب تفسيرات جيدة . المؤمن يفضل التفسير مهما كان سيئا على عدم التفسير مطلقا .

لو وجهتَ سؤالك لبعض المسلمين قائلا : كيف نشأ الكون ، كيف بدأت الحياة على الأرض ، وقس على هذه الأمثلة الكثير من التساؤلات ، ستجد الإجابة جاهزة : الله فعلها
لماذا حدثت تلك الظاهرة الطبيعية على ذلك النحو ؟ يجيبونك : لأن الله أراد ، حكمة الله و مشيئته اقتضت ذلك ، لكن هل هذه التفسيرات مقبولة ؟! هل تفسيرهم السيء أفضل من عدم التفسير على الإطلاق .

كثيرا ما يسألنا المسلمون : ما غاية وجودنا في هذه الحياة ؟
لا أكشف سرا إن قلت أني لا أعرف الإجابة _ هذا ان افترضنا أن لوجودنا غاية _ كل ما يحضرني هو ما قاله إيليا أبو ماضي في بداية قصيدته " الطلاسم "
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!

في أدبيات الإسلام غاية الوجود هي عبادة الله " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "الذاريات/56
و هل لأني لا أعرف غاية وجودي علي أن أصدق ما يقوله القران ؟! هل علي أن أعبد الها لا أملك دليلا على وجوده ؟!

يردد المسلمون سؤالا آخر : ماذا سيحدث بعد الموت ؟
لماذا علينا الاختيار بين أمرين ، إما أن نصدق نظرة الإسلام _ أو الأديان عموما _ لما سيحدث بعد الموت ، أو أن علينا تقديم تفسير أفضل مما تقدمه الأديان ؟ هل هذا من المنطق في شيء ،
هذا ان افترضنا وجود حياة بعد الموت ، وعموما فلم يرجع أحد من الموت ليخبرنا ماذا بعد الموت .

نعم ، في بعض المواقف يكون معقولا أن نسأل عن احتمالات أخرى مقبولة ، لكنْ ربط الأحداث بالخوارق ليس احتمالا مقبولا ، فنحن لسنا قادرين على اختبار الغيبيات .

هنا قد نتذكر شيئا ذا صلة بما قاله شيرلوك هولمز ( الشخصية الخيالية التي ابتكرها السير آرثر كونان دويل )
" عندما نستبعد كل الاحتمالات الأخرى ، فالاحتمال الباقي ، مهما بدا بعيدا ، هو الاحتمال الصحيح "
قد يكون كلامه صحيحا ، لكن ما لا يعرفه شيرلوك أننا عادة نكون قد استبعدنا فقط كل الاحتمالات الأخرى التي كنا قد فكرنا فيها و ليس كل الاحتمالات بالمطلق .

لنفترض أنك تعيش في إحدى المدن مع زوجتك التي لا تنجب، وأنك تتغيب لساعات طويلة يوميا بحكم عملك ، وحدث ان ارتفع نسبة قتل الأطفال واختفائهم في المدينة لسبب مجهول ، هل ستفترض تفسيرا سيئا بأن زوجتك هي القاتل لأنها لا تنجب ، أم ستفضل عدم التفسير إلى أن يأتي الوقت التي تظهر فيه الحقيقة !! حتما ستختار الحل الثاني ، أي عدم التفسير حتى يأتي الوقت الذي تظهر فيه الحقيقة ، على نحو مطابق فإن هذا هو موقفي من أمور لم يفسرها العلم بعد ، أو على الأقل مما أجهل تفسيره .

في حديثه عن الاعجاز القرآني حول " نظرية الأكوان المتعددة في القران "
http://www.kaheel7.com/ar/index.php/...03-03-20-26-55

يقول الكحيل " نحن المسلمون لسنا بحاجة لنظريات تفسر لنا نشوء الكون، فلله الحمد أنه ليس لدينا تلك الحَيرة التي يتميز بها الملحدون! فكل شيء لدينا واضح والقرآن يفسر لنا كل شيء من حولنا "

صدق الكحيل في هذه الجملة ، فالعلم لا يجيب عن كل شيء لكنه يقدم الدلائل و البراهين على اجاباته ، أما المسلم فدينه يجيبه عن كل شيء ، ليس مهما ان كانت هذه الإجابات سيئة او مقبولة ، بدليل أو من دون دليل ، المهم أن الإسلام يجيب لذا فالمسلمون في راحة . و قد قال المتنبي
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم

[Agno]

القصة أساسا ملفقة . فلما تجادل من لا يملك أي دليل على حدوثها ؟

[optimist]

إن لم تكن تلك المرأة تتعامل مع الجن فكيف مشت على الحائط ؟

ذكرتني بأحد الدعاة على أحدى القنوات الدينية يتحدث بانفعال محذرا المشاهدين من تصديق أن الساحر قادر على المشي على الماء أو الطيران. وإنه استطاع فعل ذلك باستعانة بالجن.
وطبعا المسألة أبسط من ذلك بكثير كل ما فعله الساحر هو أنه وضع لوح زجاجي ويسير عليه فيبدو وكأنه يسير على الماء, أما خدعة الطيران فهو كان معلق بخيوط أو أسلاك غير واضحة وتحمله رافعة بعيدة عن أعين المشاهدين.

وإذا كان الانسان قادر على الاستعانة بالجن للقيام بأعمال خارقة للعادة فلماذا يستعملونها في أشياء سخيفة كالمشي على جدار أو حبل أو إخراج أرنب من قبعة! ولماذا يعملون في وظائف متواضعة الأجور!

ما يحدث في السيرك هي خدع وليست سحرا اليوتيوب مليء بكشف أسرار هذه الخدع
هذه أحدى القنوات https://www.youtube.com/channel/UCko...posLlfjUhaJOkw

[bakbak]

"إذ قال الذين كفروا أرنا من تمشي على الحائض آية إن كنت من الصادقين"

[Riva]

صدقني في نهاية الأمر تكون القصة ملفقة
شيوخ المسلمين أجازوا الكذب في سبيل الدعوة
لازِلت اذكر قصصهم عندما كنت طفلة ودائماً ماتبدأ بـ حدثتي احد الثقات
الجن والشياطين لاوجود لهم

[Zain]

أهلا بالجميع

الظاهر ان فيديو العريفي قد صار محل النقاش ، واقعا فالأمر ليس كذلك
يبدو ان النقاش قد انحرف عن الفكرة التي أتحدث عنها ، لا يعنينا ان كانت القصة التي رواها العريفي صحيحة أم لا فقد عرضتها كمثال لا اكثر ، فالايمان بالجن و السحر ثابت في القران وهو امر معلوم في الدين بالضرورة ، ليس من الحكمة في شيء أن أصدق ان الرجل الذي شطر نفسه في السيرك قد فعل ذلك فعلا ، لكن لن يمانع البعض في أن يتهم الرجل بأنه يتعامل مع الجن

الفكرة التي كنت أود مناقشتها معكم هي " هل التفسير السيء للأمور أفضل من عدم التفسير على الاطلاق ؟ "

كمثال ، لو أن مسلما قال : إن المسلمين أسقطوا أعظم دولتين قديما ( الروم و الفرس ) في نفس العام تقريبا لأن الله أيد دينه و عباده بالملائكة فانتصروا ( تفسير سيء )
نفترض أن ردك كان : أنا لا أملك تفسيرا لانتصارهم - نعم يمكنك ان تبحث في أسباب انتصارهم من خارج المصادر الإسلامية للوصول إلى الأسباب الحقيقية_ لكن في لحظة النقاش أنت لا تملك تفسيرا

هل تقبل بالتفسير السيء إلى أن تجد تفسيرا مقنعا
أم تفضل عدم التفسير إلى أن تجد الأسباب الحقيقة لانتصار المسلمين

بعض الاسئلة تكون أصعب من هذا السؤال بكثير ، و قد طرحت أمثلة على ذلك في صلب الموضوع ، مثل : هل نقبل بتفسير الأديان ( التفسير السيء ) لما بعد الموت ، أم نكتفي بعدم التفسير ؟!

تحياتي للجميع

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bakbak

"إذ قال الذين كفروا أرنا من تمشي على الحائض آية إن كنت من الصادقين"

أظنك تقصد الحائط لا الحائض صديقي

[طارق]

كان عليه قول الجن الكافر ، لان في الجن مسلمين ، وقالوا : انا سمعنا قرءانا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا احدا .

[Riva]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zain

هل تقبل بالتفسير السيء إلى أن تجد تفسيرا مقنعا
أم تفضل عدم التفسير إلى أن تجد الأسباب الحقيقة لانتصار المسلمين

الخيار الثاني هو الأنسب بالنسبة لي.

[Zain]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق

كان عليه قول الجن الكافر ، لان في الجن مسلمين ، وقالوا : انا سمعنا قرءانا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا احدا .

ربط الاحداث بالجن او الشياطين او بأي قوة خارقة هو امر غير مقبول لاننا لا نستطيع اختبار او قياس تأثير تلك القوى الخارقة

[Zain]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bayan

الخيار الثاني هو الأنسب بالنسبة لي.

هذا ما قصدته من طرح الموضوع
بمعنى ان التفسير السيء _ ولو مؤقتا_ ليس افضل من عدم التفسير على الاطلاق