![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
الأنْبياءّ
![]() |
اقوم حاليا بوضع كتاب حول المفكر السوداني المرحوم محمود محمد طه بالعربية والفرنسية عنوانه "محمود محمد طه وتشريح القرآن"
علما بأنه تم شنقه في 18 يناير 1985 بتحريض من الأزهر وينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة اجزاء الجزء الأول: سيرة حياته الجزء الثاني: عرض مفصل لافكار محمود محمد طه الجزء الثالث: وثائق محاكماته واهم كتبه. وسوف انقل لكم تباعا بعض الفقرات من كتابي هذا، أبدأها ببعض ما في المقدمة . أول معرفتي بالمرحوم محمود محمد طه -------------------------- أول مرة قرأت عن حزب "الإخوان الجمهوريين" الذي أسسه وترأسه محمود محمد طه كان في رسالة بعثها محمد عبدالله السمان، أحد رفقاء حسن البنا، مؤسس الإخوان المسلمين الذي يعتبر أحد أشهر الكتاب الإسلاميين، إلى صحيقة الأهرام في 16 ابريل 1976. ونحن ننقل ما جاء في تلك الصحيفة: . الإخوان الجمهوريون يتحدثون عن رسالة الإسلام الثانية!! بعث الكاتب الإسلامي المعروف محمد عبدالله السمان بهذه الرسالة إلى صفحة الفكر الديني ينبه فيها إلى ظاهرة جديدة وخطيرة بدأت تظهر في ساحة العمل الإسلامي، تحمل اسم الإخوان الجمهوريين، وهي تدعو إلى ما يسمى بـ "رسالة الإسلام الثانية". يقول الأستاذ السمان: منذ أيام وقعت في يدي رسالة مطبوعة من ثلاثين صفحة عنوانها: "الغرابة في الدعوة الإسلامية الجديدة " (انظر النص هنا https://goo.gl/56aHOH) وهي من منشورات جماعة اسمها "الإخوان الجمهوريون" مقرها في ام درمان بالسودان الشقيق، وتاريخ طبع الرسالة سبتمبر 1975، والمؤلف مجهول وكلمات الإهداء في الصفحة الأولى: "الى الذين تطالعهم الغرابة مما ندعوهم اليه، فهم فى حيرة وشقاق ... والى الذين لا يهمهم مصير أنفسهم، فهم لا يعنيهم مما ندعوهم اليه شيء ... إنكم، جميعا، لن تجدوا أنفسكم، ولن تحققوا اسلامها [في الكتاب: سلامها] الاّ فى هذه الدعوة، ثم إنكم لن تجدوا عنها منصرفا، فهى ما تسألون عنه عند الله، يوم تلقون الله". وفي المدخل إلى هذه الأفكار العجيبة تقول الرسالة: "ان الدعوة الإسلامية الجديدة، التي تبشر بالرسالة الثانية من الاسلام، هي دعوة عالمية، وكوكبية ... ولكن وطنها الأم هو السودان، ثم سائر بلاد المسلمين، ثم باقي بلدان العالم". أما ما تزعمه هذه الدعوة، فهو الدعوة، إلى الإسلام، في مستواه العلمي، حيث تلتقي جميع الأديان، وحيث تنتهي العقيدة التي تفرّق الناس على قاعدة "كل حزب بما لديهم فرحون". والدعوة للإسلام، في مستواه العلمي، تقع لأول مرة في وقتها، فلقد بُدئ بالدعوة للإسلام في مستواه العلمي في مكة في القرن السابع الميلادي... ولما ظهر عمليا عجز بشرية ذلك الوقت عن النهوض بذلك المستوى من الإسلام، استبدل به المستوى العقيدي في الإسلام الذي كان ملائما لحاجات ذلك الوقت. وفي هذه الرسالة: أن القرآن ينقسم إلى أصول وفروع ... أصول يمثلها القرآن المكي، وفروع يمثلها القرآن المدني، وهما: أي المكي والمدني – ليسا على مستوى واحد، وقد نسخ المدني المكي، مع أن المدني الناسخ هو قرآن الوصاية والتمييز والقصور... وأن المكي المنسوخ هو قرآن الحرية والمساواة والمسئولية. وترفض هذه الجماعة مفهوم النسخ لدى جمهور العلماء من المسلمين، لأنها ترى أن نسخ الآيات يعني ارجاءها إلى يوم تحتاجه البشرية فيه، كذلك ترى هذه الجماعة صاحبة الدعوة الإسلامية الجديدة "ان الإسلام رسالتان، قامت الأولى على آيات الفروع - أي في المدينة - وكانت شريعة لعامة الناس، وعليها جرى العمل.. أما الثانية فقد انبنت على آيات الأصول – أي في مكة - ولم يقم عليها تشريع عام ، وإنما عمل بها النبي في خاصة نفسه، وقد بلغها مجملة، وترك تفصيلها إلى يوم يأذن الله فيه، وجماعة "الإخوان الجمهوريون" ترى أن هذا اليوم قد جاء، وأنهم هم رسل الدعوة الإسلامية الجديدة، والمبشرون برسالة الإسلام الثانية، وهي مرحلة "علمانية الإسلام" التي تمثلها اليوم هذه الجماعة، ولتحقيق هذه المرحلة، لا بد من تطوير الشريعة الإسلامية، وذلك بالإنتقال من نص فرعى فى القرآن خدم غرضه حتى استنفده، إلى نصّ أصلى مدخر في القرآن إلى أن يجيء وقته، وجاهل – كما تقول الرسالة – من يظن أن مشاكل بشرية القرن العشرين يمكن ان يستوعبها وينهض بحالها نفس التشريع الذي استوعب ونهض بحل مشاكل بشرية القرن السابع الميلادي. هذا التطور الواجب يحتم تصحيح وضع المرأة في التشريع الإسلامي، مساواتها مساواة تامة مع الرجل، فشهادة المرأة في الشريعة المتطورة مساوية لشهادة الرجل، ويجب ان تزول قوامة الرجل عليها لزوال أسبابها المرحلية، وأن تزول التفرقة في الميراث بينها وبين الرجل، وأن يكون لها حق الطلاق كما هو للرجل تماما. وبعد – فالذي يثير الكثير من التساءل أن هذه الجماعة تقوم بنشاطها العلني منذ سنوات بعيدة، ولها مقرها المعروف في ام درمان، كمنطلق لها لنشر الهوس الديني، الذي تؤمن به، ومع ذلك فلم يتعرض لها علماء الدين، وهم من الكثرة بمكان في السودان، بالإضافة إلى أن للأزهر هناك عددا لا يحصى من علمائه، لم يتكرم واحد منهم بإرسال مذكرة عن هذه الجماعة للأزهر ليصدر بيانا يحذر فيه من أفكار هذه الجماعة الضالة المضلة التي لم اعرض من عقيدتها في هذه الكلمة السريعة إلا القليل. (هنا ينتهي مقال صحيفة الأهرام) . وحقيقة الأمر لم يكن الأزهر غافلا عن امر الإخوان الجمهوريين، فقد كتب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر بتاريخ 5 يونيو 1972 رسالة للسيد الأستاذ وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف بالسودان يقول فيها: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. وبعد، فقد وقع تحت يدي لجنة الفتوي بالأزهر الشريف، كتاب الرسالة الثانية من الاسلام، تأليف محمود محمد طه، طبع في أم درمان الطبعة الرابعة عام 1971م ص. ب 1151. وقد تضمن هذا الكتاب أن الرسول بعث برسالتين فرعية ورسالة أصلية. وقد بلغ الرسالة الفرعية، وأما الأصلية فيبلغها رسول يأتي بعد، لأنها لا تتفق والزمن الذي فيه الرسول. وبما أن هذا كفر صراح ولا يصح السكوت عليه، فالرجاء التكرم باتخاذ ما ترونه من مصادرة لهذا الفكر الملحد والعمل على ايقاف هذا النشاط الهدّام، خاصة في بلدكم الاسلامي العريق. وفقكم الله وسدد خطاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية دكتور محمد عبد الرحمن بيصار [وقد اصبح لاحقا شيخ الأزهر] . وقد رد عليه محمد أحمد ياجي، وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف، بتاريخ 23 يوليو 1972، كما يلي: تحية طيبة بالإشارة إلى خطابكم المؤرخ 5/6/1972 والخاص بكتاب الرسالة الثانية من الإسلام تأليف الأستاذ محمود محمد طه، إن موضوع مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه ونشاطه الذي يقوم به موضوع دراسة دقيقة بواسطة هذه الوزارة وسلطات الأمن المختصة في جمهورية السودان الديمقراطية، وستتخذ فيه الاجراءات المناسبة بعد اكمال دراسة الموضوع من جميع جوانبه. هذا وتجدر الاشارة الي ان المحكمة الشرعية العليا بجمهورية السودان الديمقراطية كانت قد أصدرت حكمها غيابيا في القضية نمرة 1035/1968 في 18/11/1968م ضد الأستاذ محمود محمد طه وحكمت غيابياً بأنه مرتد عن الاسلام وأمرته بالتوبة من جميع الأقوال والأفعال التي أدت الي ردته، وتجري الآن عملية جمع هذه الحقائق للمساعدة في الدراسة واتخاذ الاجراءات اللازمة وشكرا. محمد أحمد ياجي وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف. . وقمت بقص مقال الأهرام للإحتفاظ به، اقتناعا مني بأن الأمور لن تمر على خير. وقد صدق حدسي إذ قام نظام النميري بشنق محمود محمد طه في 18 يناير 1985 بتحريض من الأزهر وقد دفن في مكان اخفاه عن عائلته ومريديه حتى يومنا هذا. وقد هنأ الأزهر النميري على ما قام به وفقا لما جاء في خبر عن وكالة السودان للأنباء في نفس اليوم. وقد قمت بكتابة مقال بالفرنسية في مجلة تصدر في جنيف في ابريل 1985 حول هذا الحدث. . النبي د. سامي الذيب مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية للقرآن بالتسلسل التاريخي: https://goo.gl/72ya61 كتبي الاخرى بعدة لغات في http://goo.gl/cE1LSC يمكنكم التبرع لدعم ابحاثي https://www.paypal.me/aldeeb |
|
|
|
رقم الموضوع : [2] |
|
باحث ومشرف عام
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
مصير "الاستاذ" كما كان يصفه تلاميذ ويصفه اغلب المثقفين السودانيين الان
الاستاذ محمود محمد طه هذا العبقرية الوقّادة، هذا المفكر ظل دمه في يد نميري وحسن الترابي وظلا يتهمان قيه حتي اخر ايام حياتهما مات التاربي العام السابق واذكر ان اخر حواراته خارج السودان في مؤتمر في الدوحة ( ربما هذا ليس اخر حواراته علي الأرجح ) ولكني اذكر كيف عنفه المثقفون العرب علي قتله لمفكر كبير مثل " الاستاذ " بعد ان حرض عليه نميري الذي كان يريد ان يرضي الإسلاميين وعندما تم تكفير الترابي نفسه لم يجد الدعم الذي كان يجب بسبب قتله للمفكر محمود محمد طه ( والسبب كان علي ما يبدوا غيرة حقيقية ) الترابي هو عراب الإسلاميين كلهم في السودان والأستاذ كانت دعوته تنتشر بشدة وكان رجل كاريزمي الي أقصي حد وكان تلاميذه أفضل التلاميذ علي الإطلاق ( اعني المسيح نفسه ليس له هذا النوع من التلاميذ ) والأزهر لم يقصر في هجومه علي الاستاذ محمود محمد طه فأفتي بردته خصوصا ان الاستاذ كان يري الأزهر قلعة من قلاع الجهل فأطلق كلمته الشهير عن الأزهر :( سيأتي يوم يكتب علي باب الأزهر " هنا كان يدرس الجهل "). كما فعل مارتن لوثر في باب الكنيسة عزيزي النبي انصح بشدة قرأة ما كتبه اكبر تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه وهو المفكر الكبير " النور حمد " عقلية جبارة لا يختلف عن أستاذه واذا استطعت التواصل معه فسيفيدك بشدة كان من فترة يعمل في المركز العربي للدراسات والابحاث السياسية الذي يديره الاستاذ عزمي بشارة ( لا اعرف ان كان لا يزال هناك ام غادر الي أوربا ام ماذا ) كما تري فالرجل باحث وأكاديمي مثلك كما يمكنك ان تصل الي تسجيلات " الاخوان الجمهوريين " عبر موقع الفكرة :http://www.alfikra.org اتمني لك التوفيق في كتابك هذا بشدة عقلية "الاستاذ " محمود محمد طه تحتاج لدراسات عنه فهو جاء بتغير حقيقي لشكل الديانة الاسلامية وتجديد لمظاهره بل لبعض ركائزه ايضاً التحية لك |
|
|
|
|
|
|
رقم الموضوع : [3] |
|
الأنْبياءّ
![]() |
شكرا على التعليق
لإعداد كتابي عن محمود محمد طه، ابحث حاليا عن النصوص التالية المتعلقة بالمرحوم محمود محمد طه منشور للجمهوريين بتاريخ 11 أغسطس 1984 تحت عنوان "نحن ندق ناقوس الخطر" بخصوص قوانين سبتمبر النص الكامل لحكم محكمة الإستئناف العليا الشرعية 1968 النص الكامل لحكم المحكمة الجنائية لعام 1985 هل هناك امكانية للحصول عليها؟ |
|
|
|
رقم الموضوع : [4] |
|
باحث ومشرف عام
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
للاسف لا املك اي من هذه الوثائق لكني سأحاول التحصل عليها من اجلك يا دكتور
للأسف التلاميذ و المعاصرون لتلك الفترة يملكون هذا ألكم من الوثائق ولكن كعادة المثقفين السودانيين هم مقلون جدا في الكتابة لذلك يا عزيزي حالياً ليس لك الا ان تتواصل معهم يمكنك الدخول علي موقع " sudanforall" ان كان هناك من يستطيع مساعدتك في الحصول علي هذه الوثائق فهم أعضاء هذا الموقع فهو موقع نخبوي للمثقفين السودانيين وفيه عدد كبير من نخبة تلاميذ الاستاذ مثل د . النور حمد الذي حدثتك عنه سابقا ً عليك ان تتواصل معهم بصفتك باحث ومثقف عربي وهم لا شك سيدلونك علي طريقة مناسبة ( أناس منفتحين جداً ) كما ينبغي بالمثقفين http://www.sudan-forall.org/forum/vi...dc1112dd5d7aea يذكر موقع الفكرة الجمهورية http://www.alfikra.org/article_page_...d=16&page_id=1 بخصوص النص الكامل للحكم حكم المحكمة العليا أبطل حكم الإعدام المهزلة وأبرأ ساحة القضاء السوداني من عاره !! بهذا الحكم إستعاد القضاء كرامته وأثبت للمواطنين حقهم الدستوري في حرية الفكر وحرية الإعتقاد !! حكم الإعدام المهزلة كان تآمراً سياسياً يستهدف فكر الأستاذ محمود!! ثانيا: حيثيات حكم المحكمة العليا :ـ وفيما يلي نورد نص حيثيات حكم المحكمة العليا ، في هذه الدعوى ، حيث نتخطى سرد الوقائع ومناقشة الشكليات ، وندخل مباشرة في مناقشتها للموضوع ، حيث يجري السياق هكذا : ( على أنّ محكمة الإستئناف ، وفيما نوهنا به ، إشتطت في ممارسة سلطتها على نحوٍ كان يستحيل معه الوصول إلى حكم عادل تسنده الوقائع الثابتة وفقاً لمقتضيات القانون .. ويبين ذلك جلياً مما استهلت به المحكمة حكمها حين قالت : (( ثبت لدى محكمة الموضوع من أقوال المتهمين ومن المستند المعروض أمامها وهو عبارة عن منشور صادر من الأخوان الجمهوريين أن المتهمين يدعون فهماً جديداً للإسلام غير الذي عليه المسلمون اليوم .. إلخ )) . وبمراجعة المستند المشار إليه وأقوال المتهمين التي أدلوا بها أمام المحكمة الجنائية لا نجد سنداً لهذه النتيجة الخطيرة التي نفذت إليها محكمة الإستئناف مما يكشف عن حقيقة واضحة هي أنّ المحكمة قد قررت منذ البداية أن تتصدى بحكمها لفكر المتهمين وليس لما طرح أمامها من إجراءات قامت على مواد محددة في قانون العقوبات وأمن الدولة وأدى إلى تحريكها صدور منشور محرر في عبارات واضحة لا تقبل كثيراً من التأويل .. وسرعان ما انكشف أمر المحكمة حين وقعت عينها على ما ورد في حكم المحكمة الجنائية من إشارة إلى (التوبة) فاعتبرت ذلك إشكالاً لابد لها من أن توجد له حلاً (( لأن التوبة ليس منصوصاً عليها في العقوبة المذكورة ـ تعني عقوبة الإعدام ـ ولعل محكمة الموضوع جعلتها من قبيل المسكوت عنه الذي يجوز الحكم به وفق المادة (3) من قانون أصول الأحكام ، لما لاحظت في المنشورات ( هكذا بالجمع ) موضوع البلاغ من العبارات الموجبة للردة فحكمت عليهم بالعقوبة الشاملة لحد الردة مع إعطائهم فرصة التوبة والرجوع للسراط المستقيم )) .. واستطردت المحكمة بقولها : (( ولكي نقوم هذا القرار التقويم الصحيح لابد من الإجابة على سؤالين : الأول هل الردة معاقب عليها في القانون ؟؟ .. والثاني هل كان فعل محمود ومن معه يشكل ردة وخروجاً على الدين ؟؟ )) .. وفي الإجابة على السؤال الأول خلصت المحكمة إلى أن المادة (3) من قانون أصول الأحكام (( تعطي حق الحكم في الأمور المسكوت عنها )) وأن الردة جريمة ثابتة بالكتاب والسنة والإجتهاد ، وأن المادة (458/3) من قانون العقوبات تبيح توقيع العقوبة الشرعية ، ولما كانت الردة حـدا شرعياً فإنه يلـزم توقيع عقوبتها .. أما بالنسبة للسؤال الثاني ، فقد استهلـت المحكمـة الإجابـة عليه بقرار جازم بأن (( المحكوم عليه محمود محمد طه (هكذا وحده) مرتد بأقواله وأفعاله في يومية التحري التي أقر بها أمام المحكمة وأقواله المدونة المعروفة لدى الناس عامة وأفعاله الكفرية الظاهرة فهو تارك للصلاة لا يركع ولا يسجد .. إلخ )) .. ثم إستشهدت المحكمة بحكم محكمة الإستئناف الشرعية بالخرطوم الذي صدر في عام 1968 بإعلان ردة محمود محمد طه ، واستعرضت بعضاً مما جاء في كتب صدرت عن الجمهوريين ، وما صدر عن المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي من تأييد لحكم عام 1968 ، وما صدر عن مجمع البحوث الإسلامية بجمهورية مصر العربية من وصف لفكر محمود محمد طه (( بالفكر الملحد )) وخلصت محكمة الإستئناف الجنائية من كل ذلك إلى أنه (( مما تقدم يتضح أنّ محمود محمد طه مرتد عن الدين ليس فقط ردة فكرية وإنما هو مرتد بالقول والفعل داعية إلى الكفر معارض لتحكيم كتاب الله ... إلخ )) .. ولعلنا لا نكون في حاجة إلى الإستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم ، فقد تجاوز كل قيم العدالة سواء ما كان منها موروثاً ومتعارفاً عليه ، أو ما حرصت قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة ، أو إنطوى عليه دستور 1973 الملغي رغم ما يحيط به من جدل .. ففي المقام الأول أخطأت محكمة الإستئناف فيما ذهبت إليه من أنّ المادة (3) من قانون أصول الأحكام لسنة1983 كانت تبيح لها ـ أو لأي محكمة أخرى ـ توجيه تهمة الردة ، وإن كان ثمة ما يفرق في هذا بين محكمة الإستئناف وأية محكمة أخرى ، فإن ذلك هو أنّ محكمة الإستئناف كانت مقيدة كسلطة تأييد بقيود إضافية أخرى على ما سنتناوله من تفصيل فيما بعد ، على أننا نرى حاجة ملحة في هذه المرحلة إلى بيان وجه الخطأ في التأويل الذي أوردته محكمة الإستئناف بشأن المادة (3) المشار إليها ، نظراً لما يبدو لنا من أن هذا المفهوم الخاطيء ليس قصراً على تلك المحكمة ، ونظراً للخطورة البينة في كل ذلك .. ورغم أن المادة (3) ـ على أي معنى أخذت ـ لم تعد تسري على المسائل الجنائية ( أنظر التعديل الصادر فيها بتاريخ 24/4/1986 ) إلاّ أنّ الحاجة إلى تحديد إطارها ما زالت قائمة ، لا بشأن آثارها محل النظر أمامنا فحسب ، وإنما لأغراض الفقه والسياسات التشريعية في المستقبل .. إنّ المادة (3) من قانون أصول الأحكام كانت تقرأ كما يلي : ( على الرغم مما قد يرد في أي قانون آخر ، وفي حالة غياب نص يحكم الواقعة .. إلخ ) ومؤدى ذلك أنّ سكوت القانون عن مسألة ثابتة شرعاً لا يحول دون تطبيق المبدأ الشرعي ، ولا خلاف بعد هذا على أنّ في الإسلام جريمة تسمى الردة وعلى أنّ قانون العقوبات ، وهو القانون الجنائي الشامل ، لم ينص صراحة على الردة كجريمة ، فهل في ذلك ما كان يبيح للمحكمة توجيـه تهمة الردة ؟؟ .. إنّ الإجابة التي أوردتها محكمة الإستئناف لهذا السؤال ، وإن لم تكن محمولة على أسباب ، تكشف عن فهم قاصر للمادة (3) هو أنّ مجرد السكوت عن مسألة ما يكفي لإطلاق يد المحكمة في تطبيق ما عنّ لها من قواعد تعتقد في ثبوتها شرعاً ، ولم تفطن المحكمة إلى أنّ سكوت القانون ، عن مسألة ما ، قد يقترن بمعالجة للمسألة ذاتها في صيغة أخرى لا تجعل شرط السكوت متحققاً في واقع الأمر ، فالجريمة المسكوت عنها في قانون العقوبات فيما قالته محكمة الإستئناف ، غير مسكوت عنها في المادة (70) من الدستور الملغي إذ أنّ تلك المادة كانت تقرأ كما يلي : ( لا يعاقب شخص على جريمة ما إذا لم يكن هناك قانون يعاقب عليها قبل إرتكاب تلك الجريمة ) .. ومؤدى ذلك أنه ما لم يكن هناك قانون يجرم الفعل وقت إرتكابه فإنه لا مجال لإعتبار الفعل جريمة ، والقانون هنا هو التشريع ، رئيسياً كان أو فرعياً .. إننا نرى بداية أنّ ما نصت عليه المادة (3) لم يكن من شأنه إضفاء سلطة ترقى في طبيعتها إلى سلطة التشريع لا تختص بها المحاكم أصلاً .. ونرى أيضاً أنّ المادة (70) من الدستور حين أحالت أمر النص على الجريمة إلى القانون إنما هدفت أن تكون السلطة في يد المشرع دون غيره يمارسها بوضع نصوص صريحة ولا يمكن بأي حال تفسير المادة (70) على وجه يجعل الإشارة إلى عبارة القانون إشارة إلى جهة لا صفة لها في التشريع ، سواء كانت هي المحاكم أو خلاف ذلك ، وذلك لأن إحالة الأمر للقانون لم تكن دون حكمة ، إذ أن التشريع بطبيعته يتميز بالعلانية والمستقبلية والخلو من المفاجآت ، وفي هذا ما يضمن تحقيق الهدف من المادة (70) وهو عدم رجعية القوانين الجزائية ، أما وضع سلطة تقرير الجريمة في يد القاضي فإنّ من شأنه أن يهدر ذلك الحق نظراً إلى ما قد يحمله قرار القاضي من مفاجآت ، بسبب أنّ تلك القرارات ترد بطبيعتها على مسائل وقعت قبل ذلك القرار ، وحيث أنه لا ينبغي تفسير القانون بما يتعارض مع الحقوق الدستورية فإنّ القانون الذي كان ينبغي أن يحدد الجرائم طبقاً للمادة (70) من دستور سنة 1973 الملغي هو التشريع ـ راجع في هذا التعريف عبارة ( قانون ) في قانون تفسير القوانين والنصوص العامة ـ فإذا خلا القانون العقابي الشامل ، فيما رأيناه ، عن أي نص صريح على جريمة الردة ، فهل كان من شأن نص المادة (3) من قانون أصول الأحكام ما يجعل تلك الجريمة منصوصاً عليها بطريقة أو بأخرى ؟؟ .. إن مما لا جدال عليه أنّ قانون أصول الأحكام لا يشتمل هو الآخر على نص صريح على جريمة اسمها الردة ، أو حتى أية جريمة أخرى ، إذ أنّ ذلك القانون ليس قانوناً عقابياً من حيث المبدأ ، إلاّ أنّ ما أدى إلى هذا الخلط هو أنّ المادة (3) من ذلك القانون أضفت على المحكمة سلطة غير مألوفة في استحداث المباديء غير المنصوص عليها ، ويبدو أنه ما من أحـدٍ وقـف يتأمل فيما إذا كان في ذلك ما يضفي على المحاكم سلطة تشريعية فيما يتعلق بإستحداث جرائم خلافاً للمبدأ المقرر فقهاً ونصاً من عدم رجعية القوانين العقابية ، وما إذا كانت السلطة الممنوحة للقضاة على الوجه الذي نصت عليه المادة (3) مما يمكن أن يغني عن النص الصريح أو يقوم مقامه بما يجعلها متسقة مع نص المادة (70) من الدستور ؟ الصريح الصادر من جهة تشريعية مختصة دون غيره وما كان ليغني عنه نص مبهم في قانون صدر متزامناً مع قانون عقوبات شامل لم يترك شاردة ولا واردة ومع ذلك لم يجرؤ على النص على جريمة خطيرة كجريمة الردة كانت هي الأولى بالنص الصريح فيما لو كان المشرع راغباً حقاً في ذلك ، جاداً في توجهه ونهجه وواعياً بمنهجه .. إنّ ما تقدم يحكم تطبيق المادة (3) من قانون أصول الأحكام عموماً ، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية ، غير أنّ تطبيق هذه المادة في مرحلة التأييد بإضافة تهمة جديدة لم يتم توجيهها في مرحلة المحاكمة يضيف عيباً جديداً هو أنّ إشتطاط المحكمة لا يكون قد وقف عند حد إغفال التقاليد القضائية التي سادت هذه البلاد عبر السنين الطويلة فحسب ، وإنما أيضاً يكون قد إمتد إلى مخالفة النصوص الصريحة لقانون الإجراءات الجنائية الذي يحكم إجراءات التأييد ، إذ لا سند في المادة (238) من ذلك القانون والتي تحدد سلطات جهة التأييد لما اتخذته محكمة الإستئناف من إجراء .. على أنّ محكمة الإستئناف لم تكن عابئة فيما يبدو بدستور أو قانون إذ أنها جعلت من إجراءات التأييد ، التي ظلت تمارسها المحاكم المختصة في سماحة وأناة وبغرض مراجعة الأحكام مراجعة دقيقة وشاملة ، محاكمة جديدة قامت فيها المحكمة بدور الخصم والحكم مما حجبها عن واجبها ، حتى بفرض صحة توجيه تهمة جديدة في هذه المرحلة ، في أن تعيد الإجراءات مرة أخرى لمحكمة أول درجة لإعادة المحاكمة بموجب التهمة الجديدة وذلك فيما تقضي به المادة (238/هـ) من القانون أو أن تتجه إلى سماع المحكوم عليهم بنفسها وفاء بواجبها في ذلك بموجب المادة (242) من القانون ذاته ، التي ، وإن كانت ترد في صيغة سلطة تقديرية ، إلاّ أنها تأخذ شكل الإلزام عندما يكون السماع ضروياً ، ولا نرى ضرورة توجب السماع أكثر من أن يكون الحكم الذي تقرر المحكمة إصداره بالردة عقوبتها الإعدام .. ومهما كان من أمر النصوص القانونية فإنّ سماع المتهم قبل إدانته مبدأ أزلي لم يعد في حاجة إلى نص صريح بل تأخذ به كافة المجتمعات الإنسانية على إختلاف عناصرها وأديانها باعتباره قاعدة مقدسة من قواعد العدالة الطبيعية .. وقد كان منهج محكمة الإستئناف أكثر غرابة حين استندت في حكمها على مسائل ليس من شأنها أن تقوم مقام الأدلة التي يجوز قبولها قانوناً ، ومن ذلك ما أشارت إليه تلك المحكمة من الأقوال (( المعروفة للناس عامة )) والأفعال (( الكفرية الظاهرة )) في ترك الصلاة وعدم الركوع والسجود ، وما إلى ذلك مما لا يتعدى في أحسن حالاته الأقوال النقلية والعلم الشخصي وليس في أي منهما ما يرقى إلى الدليل المقبول شرعاً ـ راجع المادتين (16) و (35) من قانون الإثيات لسنة 1983 .. ولم تكتف المحكمة في مغالاتها بهذا القدر وإنما تعدته إلى الإستدلال بقرارات وآراء جهات لا سند في القانون للحجية التي أضفتها المحكمة على إصداراتها .. أما حكم محكمة الإستئناف الشرعية العليا الذي عولت محكمة الإستئناف الجنائية عليه كثيراً ، فإنما يستوقفنا فيه أنه حكم وطني يلزم استبيان حجيته نظراً إلى ما يمكن أن تثيره طبيعته الوطنية من تساؤل حول تلك الحجية ، والحكم المشار عليه صدر في 18/11/1968 في القضية رقم 1035/68 حيث قضت محكمة الإستئناف الشرعيى العليا بالخرطوم بإعلان محمود محمد طه مرتداً .. وأول ما تجدر ملاحظته في شأن ذلك الحكم أنه صدر حسبة كما وقع غيابياً ، والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كان في ذلك الحكم ما يقوم مقام الحكم الجنائي بالردة ؟؟ .. في تقديرنا أنّ الإجابة القطعية أن ذلك الحكم لا يستحق هذه الصفة وذلك لأنّ المحاكم الشرعية ، ومن بينها محكمة الإستئناف الشرعية العليا في ذلك الوقت ، لم تكن تختص بإصدار أحكام جنائية ، بل كانت إختصاصاتها مقتصرة على مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق وميراث وما إلى ذلك مما كانت تنص عليه المادة الخامسة من قانون المحاكم الشرعية لسنة 1967 الساري وقتئذ .. ولعل أبلغ دليل على عدم إختصاص المحكمة الشرعية فيما أصدرته من حكم أنّ ذلك الحكم جاء غيابياّ فما نحسب أنّ محمود محمد طه كان حصيناً من سلطة الإجبار التي كانت تتمتع بها المحكمة فيما لو كانت محكمة ذات إختصاصات جنائية ، كما يقف دليلاً على عدم الإختصاص أنّ المحكمة لم تجد سبيلاً لتنفيذ الحكم ، لا في ذلك الوقت ، ولا في أي وقت لاحق وهو ما لم يكن يحول دونه غياب المحكوم عليه خاصة وأنّ للحكم عقوبة مقررة شرعاً هي أعلى مراتب العقوبات المدنية .. ونخلص من كل ما تقدم إلى أن إجراءات محكمة الإستئناف الجنائية في إصدار حكم الردة في مواجهة محمود محمد طه ورفاقه كانت ، للأسباب التي سبق تفصيلها ، جاحدة لحقوق دستورية وقانونية شرعت أصلاً لكفالة محاكمة عادلة . أما السلطة العامة لتلك المحكمة في تأييد أحكام المحاكم الجنائية التي تم تشكيلها بموجب المادة (16/أ) من قانون الهيئة القضائية لسنة 1405هـ فقد نص عليها القرار الجمهوري رقم (35) لسنة 1405هـ .. ومن الناحية العامة فإنّ ذلك ، وفيما نوهنا به من قبل ، قرار يتحمل وزره من أصدره ، على أنه ينبغي النظر إلى سلطة التأييد تلك من زاويتين ، أولاهما مدى سلامة القرار الجمهوري في هذا الشأن ، وثانيتهما أثر ذلك في عدالة الإجراءات التي تمت بممارسة تلك السلطة .. وبالنظر إلى الأمر من الزاوية الأولى يبين أن المادة (18) من قانـون الهيئة القضائية لسنة 1405هـ التي كانت تصلح سنداً لتشكيل محاكم الإستئناف الجنائية كانت تنص على ما يلي : ( تستأنف أحكام وقرارات المحاكم الجنائية المكونة بموجب المادة (16/أ) من هذا القانون أمام محكمة الإستئناف التي يحددها قرار التكوين ويحدد إجراءاتها ) .. وقد نص القرار الجمهوري رقم (35) ـ وهو قرار التكوين المشار إليه ـ في الفقرة (ز) من المادة (3) منه على ما يلي : ( تتولى محكمة الإستئناف التوصية لرئيس الجمهورية بشأن أحكام الإعدام والرجم قبل رفعها للتأييد ) .. والسؤال الذي يثيره هذان النصان هو ما إذا كان فيهما ما يضفي على محكمة الإستئناف سلطة في تأييد الأحكام تطغى على سلطة المحكمة العليا في هذا الشأن والمنصوص عليها في المادة (234) من قانون الإجراءات الجنائية ؟؟ .. والإجابة على ذلك تعتمد ، في المقام الأول ، على ما إذا كان منح مثل هذه السلطة مما يدخل في معنى عبارة ( تحديد الإجراءات ) الواردة في المادة (18) المذكورة ؟؟ .. وفي تقديرنا أنه من الجائز عموماً أن ينطوي تحديد الإجراءات على منح بعض السلطات التي قد تكون ضرورية ولازمة في معرض تلك الإجراءات إلاّ أنه من غير المتصور أن تمتد تلك السلطات إلى مستوى يشكل تغولاً واعتداءً على جهات تستمد صلاحياتها من القانون نفسه ، وعلى وجه الخصوص فإننا نرى أنه ليس من شأن السلطات الممنوحة على هذا الوجه أن تسلب محكمة أعلى مقاماً كالمحكمة العليا من صلاحيلتها التي يقررها قانون نافذ لا يقل درجة عن القانون المانح لتلك السلطات ، بل ومن الدستور نفسه وهو مصدر القوانين والسلطات ، فالقول بخلاف ذلك ينتهي إلى نتيجة غير مستساغة هي أن السلطات المقررة للمحكمة العليا عرضة للمصادرة بتشريع فرعي أو قرار تنفيذي ، وهو ما لايجد سنداً ، لا في نص صريح ، ولا في المباديء العامة للشرعية .. على أنه ، ومهما كان وجه الرأي بشأن سلطات محكمة الإستئناف الجنائية ، فإنه طالما ظلت المادة (234) من قانون الإجراءات الجنائية قائمة ونافذة ، فإنه كان ينبغي عرض الأحكام الصادرة ضد محمود محمد طه وزملائه على المحكمة العليا سواء قبل تأييدها في محكمة الإستئناف الجنائية أو بعد ذلك .. وإذا كان هذا هو التكييف القانوني للقرار الذي منحت به محكمة الإستئناف سلطة تأييد الأحكام ، فإن لذلك القرار وجهاً آخر ذا أثر خطير ومباشر في تأييد حكم الإعدام في حق المحكوم عليهم ومن بعد ذلك في تنفيذ ذلك الحكم على أحدهم وهو محمود محمد طه .. ففي هذا الشأن لم تقتصر مخالفات محكمة الإستئناف ، التي استقلت بسلطة التأييد ، في إصدار حكم الردة ، وإنما امتدت إلى تأييد أحكام الإعدام التي صدرت ترتيباً على الإدانة بموجب قانوني العقوبات وأمن الدولة ، وهذا التأييد ، وإن كان محمولاً على أسباب هي في ظاهرها إقتناع المحكمة بثبوت الإدانة وتناسب العقوبة ، إلاّ أنه في واقع الأمر محمول على الردة التي استحوزت على جل ، إن لم يكن كل ، اهتمام محكمة الإستئناف الجنائية .. وقد ترتب على إستقلال محكمة الإستئناف بسلطة التأييد أن فات على المحكمة العليا ليس فقط حصر الإدانة ، إن كان ثمة ما يسندها ، في الإتهامات الموجهة بموجب قانوني العقوبات وأمن الدولة دون غيرهما ، وإنما أيضاً أن تقصر العقوبة على ما كان يتناسب وفعل المحكوم عليهم وهو فيما نعلم لا يتعدى إصدار منشور يعبر عن وجهة نظر الجمهوريين في قوانين كانت وما زالت محلاً للآراء المتباينة على الساحتين المحلية والدولية ، مما لايعدو أن يكون مخالفة شكلية ـ إن كانت كذلك أصلاً ـ لا تتناسب عقوبة الإعدام جزاءً لها .. غير أن محكمة الإستئناف ، وفي محاولة متعجلة لربط الفعل بقناعتها المسبقة في ردة المحكوم عليهم ، إنتهت إلى تأييد حكم الإعدام كعقوبة ( شاملة ) كما أسمتها .. على أن الآثار المترتبة على حجب الإجراءات عن المحكمة العليا وحصرها في محكمة الإستئناف إتخذت شكلها المأساوي حين تم تنفيذ حكم الإعدام على محمود محمد طه بإغفال تام لنص المادة (247) من قانون الإجراءات الجنائية ، التي تحظر تنفيذ حكم الإعدام على من جاوز السبعين من العمر ، رغم أنه كان من الثابت أنه جاوز السبعين من عمره وقتئذ .. ولعلنا لا نتجنى على الحقيقة لو أننا قلنا أن تنفيذ الحكم ما كان ليتم لولا أن محكمة الإستئناف أضافت الإدانة بالردة ، وهو ما لم يكن ليصدر أصلاً فيما لو كانت الإجراءات قد عرضت على المحكمة العليا بدلاً من أن تستقل محكمة الإستئناف بإجراءات التأييد لتنتهي إلى ذلك الحكم من خلال المخالفات القانونية والدستورية التي تناولناها فيما تقدم . هذا ما كان من أمر ما تم باسم القضاء ، أما ما صدر من رئيس الجمهورية السابق عند التصديق على الأحكام فإنه يكفي لوصفه أن نقرر أنه مجرد من أي سند في القوانين والأعراف ولا نرى سبباً للإستطراد فيه بأكثر من ذلك عما فيه من تغول على السلطات القضائية فقد كاد أن يعصف بها كلها من قبل ، على أنه ومن وجهة النظر القانونية البحتة ، فإنه ولما كان من الجائز قانوناً للرئيس السابق أن يصدر قراره في تأييد حكم الإعدام دون إبداء سبب لذلك ، فإن استرساله في الحديث ، على الوجه الذي كشف عنه البيان المعروف والمدون ، لا يعدو أن يكون تزيداً لا أثر له في تقويم الحكم الذي تصدى لتأييده .. ولو كان لذلك البيان أثر يجدر ترتيبه عليه فهو فيما تضمنه من عبارات ربما كانت هي الأسباب الحقيقية لتقديم محمود محمد طه ورفاقه للمحاكمة .. ومذهب هيئة الإدعاء في هذا الشأن هو أن المحاكمة استهدفت محاكمة فكر الجمهوريين وتقييد حرياتهم السياسية والدينية وحظر نشاطهم إهداراً لحقوقهم الدستورية في كل ذلك .. وهذه المحكمة ، وإن كانت تجد أنه من العسيرعليها تفسير ما هو ثابت أمامها إلاّ في إطار ما ذهبت إليه هيئة الإدعاء ، إلاً أنها ، وفي ذات الوقت ، لا ترى في ذلك ما يتيح لها إصدار قرار جازم في هذا المعنى ، لا سيما وأنّ إقرارات النائب العام في هذا الشأن تتجاوز صلاحياته ـ كممثل قانوني للحكومة في صفتها المعنوية ـ لتشمل مسائل تتعلق بها مسئوليات شخصية أخرى لا يمثلها النائب العام .. ولما كان الحكم الصادر في حق المدعيين مشوباً بكل العيوب التي تم تفصيلها فيما تقدم ، فإنّ إجراءات ما سميت بالإستتابة تكون قائمة على غير ما ضرورة قانونية فضلاً عن إفتقارها لأي سند صريح أو ضمني من القانون ، غير أنه يجمل أن نقرر من باب الإستطراد أنّ تلك الإجراءات وقعت بقهر بيّن للمحكوم عليهم نظراً إلى الظروف التي تمت فيها حيث لم يكن من المتصور عقلاً أن يمتنع المحكوم عليهم عن إعلان التوبة التي طلبت منهم وسيف الإعدام مشهور في وجوههم ، وحيث أنّ حكم الردة قد وقع باطلاً كما سبق تقريره ، فإنه يترتب على ذلك بداهة أن تكون التوبة التي وقعت بالإكراه خالية من أي معنى هي الأخرى .. وحيث أن المسائل التي أثارتها هذه الدعوى مما لم يكن من المتاح التصدي له ، في إطار قواعد الإجراءات السارية حالياً ، إلاّ من خلال دعوى دستورية ، ودون أن يكون في ذلك ما يخل بمبدأ حجية الأحكام فيما تتوفر له شروط تطبيق ذلك المبدأ ، فإن هذه الدائرة تقرر ، تأسيساً على ما تقدم بيانه ، أن الحكم الصادر من محكمة الإستئناف الجنائية بالخرطوم في حق محمود محمد طه ورفاقه بتاريخ 15/1/1985 صدر بإهدار لحقوقهم التي كانت تكفلها لهم المواد (64) و (70) و (71) من دستور السودان لسنة 1973 الملغي .. أما ما ترتب على ذلك من أحكام بالإعدام فقد ألغيت في مواجهة جميع المحكوم عليهم فيما عدا والد المدعية الأولى ، ورغم ما شابتها من مخالفات للقانون وللدستور ، فقد أصبحت حقائق في ذمة التاريخ ، تقع المسئولية عنها سياسية في المقام الأول ، ولم يعد من الممكن إستدراك كثير من النتائج التي ترتبت على كل ذلك ، إلاّ ما بقي منها دون نفاذ ، كما لم يعد من المتاح النظر إلى الوراء إلاّ لأغراض العظة والعبرة ، فلم يعد من الميسور بعث حياة وئدت مهما بلغت جسامة الأخطاء التي أدت إلى ذلك ، كما أصبح من الصعب ـ إن لم يكن من المستحيل ـ العثور على جثمان أخفي بترتيب دقيق .. بيد أنه يبقى أمر جوهري هو أن للمدعيين حقاً في الحصول على إعلان بالحقائق المتعلقة بهذه المحاكمة التاريخيـة ، وإن كان على ذلك الحـق من قيـد فإنه إنما ينشأ من طبيعـة الإجراءات القضائية عموماً ، وما تقوم عليه هذه الإجراءات ، وعلى وجه الخصوص في مثل هذه الدعوى ، من شكل هو بدوره محدد ، في طبيعته ، وفي خصومه ، وما يصلح محلاً للتنفيذ في ضوء ذلك كله ، وعلى هدى من ذلك تقرر هذه الدائرة ما يلي : 1/ إعلان بطلان الحكم الصادر في حق المواطنين محمود محمدة طه والمدعي الثاني في هـذه الدعوى من المحكمة الجنائية ومحكمة الإستئناف . 2/ إلزام المدعين برسوم وأتعاب المحاماة في هذه الدعوى .).. إنتهت الحيثيات محمد ميرغني مبروك رئيس القضاء ورئيس الدائرة الدستورية فاروق أحمد إبراهيم قاضي المحكمة العليا وعضو الدائرة الدستورية زكي عبد الرحمن قاضي المحكمة العليا وعضو الدائرة الدستورية محمد حمزة الصديق قاضي المحكمة العليا وعضو الدائرة الدستورية إنتهى المقال عبد الله الأمين محمد المحامي |
|
|
|
|
|
|
رقم الموضوع : [5] |
|
باحث ومشرف عام
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
تجد اغلب كتبه هنا لكن للاسف لم اجد عن قوانين سبتمبر شيئ
http://www.alfikra.org/books_a.php لكن وجدت عن الدستور الاسلامي و السبب ان السودانيين كأنو يتحدثون عن الدستور الاسلامي منذ لحظة الاستقلال رغم ان نظام الحكم كان ديموقراطيا وليبراليا الي قعر الكأس كتاب الدستور الاسلامي نعم ..و لا ؟. 1968 http://www.alfikra.org/book_view_a.php?book_id=13 سأبحث لك هنا في المكتبات لعلي اجد لك ما تريد |
|
|
|
|
|
|
رقم الموضوع : [6] |
|
الأنْبياءّ
![]() |
شكرا على الإهتمام. اطلعت على كل كتبه وكتاباته في موقع الفكرة الجمهورية، ولكن لم اجد النصوص المذكورة اعلاه.
|
|
|
|
رقم الموضوع : [7] |
|
عضو ذهبي
![]() |
محمود محمد طه كانت لديه افكار تجديدية مبالغ بها،حتى من يسمون انفسهم بالمتنورين لن يقبلوا بكلامه . لذلك اعتقد ان كتابا يتحدث عنه وعن افكاره لن يكون جذابا جدا لان كثير من افكاره سخيفة بالنسبة لجميع المسلمين تقريبا خصوصا ان صح موضوع ادعاءه للنبوة
|
|
|
|
رقم الموضوع : [8] |
|
الأنْبياءّ
![]() |
قرأت قرابة كل كتب محمود محمد طه ولم اجد فيها أي ادعاء للنبوة
ولا ادري من أين اتى هذا الإتهام وعلى كل حال، ما المانع من أن يدعي النبوة؟ أنا أيضا ادعي النبوة وعلى شان ما تزعلش، انت كمان نبي |
|
|
|
رقم الموضوع : [9] |
|
زائر
|
دكتور سامي، انت مش بس نبي انت مع الايام راح تصير ابو الانبياء، احنا عم ندرب على ايدك حتى نصير انبياء وانت راح تكون ابونا.
تحياتي وتقديري لشخصك الكريم |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| محمد, محمود, القرآن, وتشريح |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| صدور كتابي: محمود محمد طه بين القرآن المكي والقرآن المدني | سامي عوض الذيب | العقيدة الاسلامية ☪ | 7 | 11-16-2017 11:34 AM |
| محمود محمد طه (5) الحجاب والإختلاط | سامي عوض الذيب | العقيدة الاسلامية ☪ | 0 | 03-25-2017 09:44 AM |
| محمود محمد طه (4) | سامي عوض الذيب | العقيدة الاسلامية ☪ | 1 | 03-23-2017 01:36 AM |
| محمود محمد طه (3) | سامي عوض الذيب | العقيدة الاسلامية ☪ | 0 | 03-22-2017 10:36 AM |
| محمود محمد طه (2) | سامي عوض الذيب | العقيدة الاسلامية ☪ | 1 | 03-21-2017 02:38 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond