عندما ينقلب الصادق كاذبا

[فكر حرفكر حر]

بسم الله والحمد لله
تحية طيبة
عندما يحبك الناس فاعلم انهم يحبون فيك هواهم , وتستطيع أن تخالفهم قليلا حتى تدرك كذب القوم وتعصبهم .
نشأ الرجل في قومه نشاة طيبة فكان أحسنهم خلقا، وأكرمهم حسبا، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما،
وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة وكان ابعدهم عن المفاسد والكذب والسرقة والسكر والعربدة ...
كان يخلو مع نفسه يتامل ويسبح في معزل بينه وبين صخب العابثين والمترفين .
مضى على هذا حاله حتى جاء البشير أن قم فانذر , إنك رسول الله .
علم بأن الذي ينتظرهناك أمر جلل , وأن لو اظهر هذا فلسوف يناله من الأذى ما سوف يناله .
استجمع قواه , ونادى في قومه فقال :
أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟
قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا , قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .
عمت الدهشة وساد الصمت لحظة ! بدات تمتمات وطنين من حوله : هل جن الرجل !
لكنا نعلم فيه الصدق فهل مسه ساحر ام مسته الشياطين ! أم أصابته حمى !
تقدم سيد الجمع وأكثرهم جلافة ودنا من محمد وقال : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا
في لحظة ما لم يعد الصادق صادقا , ولا الأمين أمينا , و بسرعة وبساطة تغير الموقف , وتبدل الحكم .
لم تكن خيبة الامل مفاجأة , كان يعلم هذا, و لم تكن نهاية الأمر
بل كانت بدايته واولى خطواته في طريق النبوة والرسالة رغم ما كان يحيط بها من اذى ومخاطر .
هكذا بدأت رسالة الاسلام , ومن هنا بنيت أمة بتاريخ جديد
وحضارة ضربت جذورها عميقا في التاريخ والحاضر والمستقبل .
لم يفلح الذين عارضوا محمدا ولا الذين سبوه وقاتلوه ,
ولا الذين سخروا منه ومن الذين اتبعوه , رغم قوتهم وبطشهم وشدة بأسهم .
ولقد تهاوت أمامه أكبر الامبراطوريات وأعظم الجيوش وامتدت دعوته حتى طالت اقاصي بلاد العالم .
لقد ارسل الله رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون .. وقد فعل .
فلا تتعب نفسك أيها الملحد , فلن يزيدنا اصرارك الا اصرارا , ولن تقنع الا الأغبياء ولا حاجة لنا بهم .
لم ولن تكسب التحدي أبدا , وسينقلب الناس من حولك وستبقى وحيدا مذموما مدحورا
لن تستطيع أن تجاهر بالحادك ابدا كما جاهر محمد بدينه
ولا أن تكسب جولة كما كسب محمد , لأنك لن تتحمل ما تحمله محمد لأنك على باطل .