![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
باحث ومشرف عام
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
تحياتي..
اتساءل كثيرا كيف للمسلم والمؤمن بشكل عام ان يثق بمنظومة التأويل ،في هذه المنظومة كل شيء ممكن اثباته ،يمكنك الخروج بتفسيرات معينة وتكون فضيحة بالمقاييس العلمية مثلا لكن بقدرة قادر يمكن الخروج بخلاصات تعجز العلم والعلماء والبشرية! في النماذج الاقتصادية القياسية يمكنك الخروج بالفكرة ونقيضها! او البراسيكولوجيا مثلا ،كذلك في منظومة التأويل ليس هناك منهج ثابت ،بل المناهج تتعدد بعدد المفسرين وبعدد الظروف والمتغيرات والمعارف الطارئة على المفسرين! المسلم لايضع احتمالا ان الآيات قد تخطأ علميا ،لذا فالعلاج لهذه المشكلة في الميدان العلمي مثلا اما بافتراض جهل المفسر وعدم اكتشاف الحكمة المكنوزة بالنص! لأن نص الاله مستغلق على الأفهام ! او أن النظرية خطأ .. هنا لايمكن تصور حدوث عكس القضية (كما يقال في المنطق) لذا ففكرة التأويل ككل لامعنى لها . وقد يقول قائل ان التأويل اختراع بشري مفيد ويمكننا استخدامه ليس فقط في المجال الديني انما في المجال الفلسفي والأدبي (هناك مبحث الهيرمينوطيقا في هذا الشأن) ،لكن المصيبة هنا اننا لانتعامل مع نص بشري ،انما مع نص آلهي ،اي مؤول النص الأدبي والفلسفي لايقول لك مثلا ان صاحب النص كان عالما ببواطن الأمور وبالحكمة المخفية من عبارته! بل لايطرح على نفسه هذا السؤال اصلا ،كمثال يمكننا الخروج بخلاصات ثقافية وسيكولوجية وحضارية من الآوديسا او اسطورة الآينوما ايليش ،هذه الخلاصات لايقال انها مقصودة بذاتها ،انما هي تعبير عن اللاوعي الجمعي لكاتبي هذه النصوص او الشعوب في تلك الأزمان . في النص الديني من المهم ان تكون الفكرة مقصودة بذاتها وألا تتقيد بزمانها ،ونحن هنا لانبحث عن مغازي وسياقات حضارية واجتماعية،انما نبحث عن المعنى الصحيح. في التأويل الفلسفي قد يتم الخروج بفكرة جديدة من نص قديم ولاتطرح اشكالية ان كان كاتب هذا النص قد قصد هذا المعنى الجديد،هناك عبارة لكانط في هذا ان تأليف النص الفلسفي ليس حكرا لصاحبه ،اذ يصار الى الخروج بأفكار ورؤى جديدة منه لذا فلا مجال للمقارنة بين التأويل الأدبي او الفلسفي والتأويل الديني.. وكمثال سأعرض بعض الآيات وتفسيراتها لبعض الفقهاء واختلاف التفسيرات باختلاف الظروف التاريخية والشروط الحضارية، هنا سأقترح الزمخشري والطبطبائي وانا متعمد في هذا الاختيار لأن هؤلاء من خارج المنظومة الفقهية السائدة من قرون عديدة الزمخشري .. الزمخشري معلوم باعتزاله وهو رجل مستنير بمقاييس عصره كمثال هو يفسر آية يهدي من يشاء ويضل من يشاء ب.. وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة} حنيفة مسلمة على طريق الإلجاء والاضطرار، وهو قادر على ذلك {ولكن} الحكمة اقتضت أن يضلّ {مَن يَشَآء} وهو أن يخذل من علم أنه يختار الكفر ويصمم عليه {وَيَهْدِى مَن يَشَاء} وهو أن يلطف بمن علم أنه يختار الإيمان. يعني: أنه بنى الأمر على الاختيار وعلى ما يستحق به اللطف والخذلان والثواب والعقاب ولم يبنه على الإجبار الذي لا يستحق به شيء من ذلك، وحققه بقوله: {وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ولو كان هو المضطرّ إلى الضلال والاهتداء، لما أثبت لهم عملا يسئلون عنه. اي هو يرفض الجبر والمعتزلة خرجوا بأفكار مستنيرة في عصرهم كفكرة خلق القرآن مثلا ،لكن مع هذا مع استنارة الزمخشري هذه عند التطرق للأمور العلمية يتضح لنا سطحيته وهذه السطحية ليست ذما شخصيا له لأنه ابن عصره ،انما سطحية وطفولة عصره كمثال الآية التي تتحدث عن علم الله بما في الأرحام وكون هذا العلم مختص به ولايمكن للبشر ان يحيطوا علما بهذا.. روي: أنّ رجلاً من محارب وهو الحارث بن عمرو بن حارثة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أخبرني عن الساعةِ متَى قيامُها، وإنّي قد ألقيتُ حباتِي في الأرض وقدْ أبطأتُ عنَّا السماءُ، فمتَى تمطرُ؟ وأخبرنِّي عنِ امرأتِي فقدْ اشتملتْ ما في بطنِها، أذكرُ أمْ أنثى؟ وإنِّي علمْتُ ما علمْتُ أمس، فما أعملُ غداً؟ وهذا مولدِي قد عرفتُه، فأينَ أموتُ؟ فنزلَتْ وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «مفاتحُ الغيبِ خمسٌ» وتلا هذه الآية. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من ادعى علم هذه الخمسة فقد كذب، إياكم والكهانة فإن الكهانة تدعو إلى الشرك والشرك وأهله في النار. وعن المنصور أنه أهمه معرفة مدّة عمره، فرأى في منامه كأن خيالاً أخرج يده من البحر وأشار إليه بالأصابع الخمس، فاستفتى العلماء في ذلك، فتأوّلوها بخمس سنين، وبخمسة أشهر، وبغير ذلك، حتى قال أبو حنيفة رحمه الله: تأويلها أنّ مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، وأن ما طلبت معرفته لا سبيل لك إليه {عِندَهُ عِلْمُ الساعة} أيان مرساها {وَيُنَزّلُ الغيث} في إبانه من غير تقديم ولا تأخير، وفي بلد لا يتجاوزه به {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام} أذكر أم أنثى، أتام أم ناقص، وكذلك ما سوى ذلك من الأحوال {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ} برّة أو فاجرة {مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً} من خير أو شر، وربما كانت عازمة على خير فعملت شراً. وعازمة على شر فعملت خيراً {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ} أين تموت، وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت: لا أبرحها وأقبر فيها. فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها، ولا حدّثتها به ظنونها. وروي أنّ ملك الموت مرّ على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه، فقال الرجل من هذا؟ قال: ملك الموت، فقال: كأنه يريدني. وسأل سليمان أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند، ففعل. ثم قال ملك الموت لسليمان كان دوام نظري إليه تعجباً منه، لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك. وجعل العلم لله والدراية للعبد. لما في الدراية من معنى الختل والحيلة. والمعنى: أنها لا تعرف- وإن أعملت حيلها- ما يلصق بها ويختص ولا يتخطاها، ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته، فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتهما، كان من معرفة ما عداهما أبعد. وقرئ: {بأية أرض}. وشبه سيبويه تأنيث (أي) بتأنيث كل في قولهم: كلتهن. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قرأَ سورَة لقمان كانَ له لقمانُ رفيقاً يومَ القيامةِ وأُعطي من الحسناتِ عشراً عشراً بعدد منْ عمل بالمعروفِ ونهَى عن المنكر». هذا تفسير الزمخشري لهذه الآية ،ونرى هنا بوضوح ان علم هذه الامور مستغلق على البشر ،لكن في عصرنا هذا ليست المسألة بمعرفة جنس الجنين بالسونار وحسب انما يمكن المشاركة في تحديد هذا الجنس ايضا ،ويمكن القيام بالاستمطار الصناعي ايضا. يتضح هنا ان الزمخشري متأثر بظروف عصره وبطبيعة الحال لم يكن ممكنا ان يستشرف هذه الأمور العلمية .. آية اخرى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)} {كُلٌّ} التنوين فيه عوض من المضاف إليه، أي: كلهم {فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} والضمير للشمس والقمر، والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة، جعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها وهو السبب في جمعهما بالشموس والأقمار، وإلا فالشمس واحدة والقمر واحد، وإنما جعل الضمير واو العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة. فإن قلت: الجملة ما محلها؟ قلت: محلها النصب على الحال من الشمس والقمر. فإن قلت: كيف استبدّ بهما دون الليل والنهار بنصب الحال عنهما؟ قلت: كما تقول: رأيت زيداً وهنداً متبرجة ونحو ذلك؛ إذا جئت بصفة يختص بها بعض ما تعلق به العامل الزمخشري هنا لايتصور وجود شموس وأقمار عديدة ،لكن العلم الحديث يخبرنا ان هناك مليارات السموس والأقمار في كوننا! هنا يتضح ايضا تأثر الزمخشري بظروف عصره.. {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)} والثاني: بأنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة، فهو بيان لما أبهم ثمة، محفوظاً حفظه بالإمساك بقدرته من أن يقع على الأرض ويتزلزل، أو بالشهب عن تسمع الشياطين على سكانه من الملائكة {عَنْ ءاياتها} أي عما وضع الله فيها من الأدلة والعبر بالشمس والقمر وسائر النيرات، ومسايرها وطلوعها وغروبها؛ على الحساب القويم والترتيب العجيب، الدال على الحكمة البالغة والقدرة الباهرة، وأيّ جهل أعظم من جهل من أعرض عنها ولم يذهب به وهمه إلى تدبرها؛ والاعتبار بها، والاستدلال على عظمة شأن من أوجدها عن عدم، ودبرها ونصبها هذه النصبة، وأودعها ما أودعها مما لا يعرف كنهه إلا هو عزت قدرته ولطف علمه. وقرئ {عن آيتها} على التوحيد، اكتفاء بالواحدة في الدلالة على الجنس أي: هم متفطنون لما يرد عليهم من السماء من المنافع الدنيوية، كالاستضاءة بقمريها، والاهتداء بكواكبها، وحياة الأرض والحيوان بأمطارها، وهم عن كونها آية بينة على الخالق {مُّعْرِضُونَ}. الزمخشري هنا يتصور ان السماء سقف ويمكن ان تقع على الأرض ! يتضح هنا السياق التاريخي لتفسيرات الزمخشري هذه ،وهو لايقل علما باللغة والتفسير من أي مفسر آخر بل كلما رجعنا بالتفسير زمانيا كنا اكثر قربا لروح النص لأن علوم اللغة والتنزيل اقرب لصدر الأسلام والمجتمع آنذاك اكثر إلماما بعلوم اللغة من مجتمعنا الحاضر.. |
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond