شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول الحِوارات الفلسفية ✎ > قسم علم النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 09-09-2016, 12:00 AM   رقم الموضوع : [1]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي مجتمعنا والجنس .....

هذا موضوع ستنشر فيه مجموعة من التأملات على شكل أجزاء بخصوص الجنس في مجتمعاتنا العربية الاسلامية
وسنبدأ بالجزء الأول , ثم الأجزاء التي تليه في ردود الموضوع , تقودنا عفوية البحث وهدفنا في الأخير هو فهم قصة الجنس في مجتمعنا
ذلك أنه للجنس قصة عندنا , قصة تدور أحداثها في ميادين خفية سيكولوجية بامتياز
قصة تتخذ أغطية زائفة تختبئ وراءها : غطاء الدين , غطاء الأخلاق , ....




"أفروديت ....يا الهة الحب و الجنس ...من يستطيع أن يقف أمامك ؟ مسكين ذاك الرجل الشرقي المعاصر "



  رد مع اقتباس
قديم 09-09-2016, 12:11 AM   رقم الموضوع : [2]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

الجزء الأول :

مجتمعي هو قدري . هذه هي المواساة الوحيدة التي يجدها المرء لنفسه . انها 1400 سنة عجاف مرت , ولا أظن الا أن 1400 سنة عجاف أخرى ستليها . ما مشكلة مجتمعاتنا مع الجنس ؟
لماذا يخفق قلبنا وتنقبض أنفاسنا ويشتعل مصباح الخطر عند سماعنا لهذه الكلمة ؟ في الوقت الذي تعتبر فيه عادية جدا , لا فرق بينها وبين كلمة "الأكل" , "النوم" , ...عند المجتمعات الغربية ؟

ما سر تلك الحساسية المفرطة التي يتميز بها لفظ الجنس؟ لم أقل مفهوم الجنس , لأن اللفظ وحده يكفي لإثارة التوتر من جهة , ومن جهة أخرى لأن الجنس كمفهوم , الجنس كشيء فهمناه أو على الأقل حاولنا فهمه , كنسق من المكتسبات المعرفية التي جمعناها بعد دراسة و تمحيص , الجنس كموضوع , كموضوع للنقاش , غير موجود عندنا .

من السهل أن نقول : "الدين هو المسؤول عن تلك الحساسية , وهو الذي زرعها في نفوس الناس , فالجنس موضوع خطر لدواعي دينية ". هكذا ببساطة نحسم الأمر ونغلق الملف . لكن المسألة ستكون قد حسمت زيفا .
لماذا ؟ لأن الدين هو اما تنزيل من الله أو تنزيل من البشر. فان كان تنزيلا من الله فعلينا أن ندرس الدواعي التي جعلت الجنس موضوعا تلفه الحساسية عند الله , وهنا لا بد لنا من سيكولوجية الهية تحلل الله , وما نحن بقادرين عليها , لأن النفس الإلهية بآلياتها وخصائصها مجهولة . وان كان تنزيل بشر , فالمسألة تتطلب إيجاد الدواعي التي دفعتهم لتبني هذه الحساسية المفرطة تجاه الجنس التي وجدت التعبير عنها في الدين الذي أنتجوه , وهنا لا بد من سيكولوجية بشرية , وهذه السيكولوجية هي في متناولنا .

لكن , ما الداعي لتتبع الأصول بالدراسة , الهية كانت أم بشرية ؟ ان هذه السيكولوجية الأصولية لا جدوى منها بتاتا . ذلك أنه في الأخير هذا المجتمع , المجتمع العربي الإسلامي المعاصر الذي يعيش الآن ونعيش الآن فيه , هو المشكلة . لا يهم ان كانت جذور المشكلة تمتد عميقا في التاريخ , فالأهم هو أن هذا المجتمع , لدواع معينة , تبنى سنة الأجداد في الجنس , واسترسلها . ثم ان دراسة مجتمع نعيشه , في مرآى أعيننا , خير من دراسة مجتمع الأجداد الغابر.

هكذا ينبغي أن نتجنب كل اقحام للدين في الدراسة , و نبحث عن الأسباب النفسية التي تجعل العربي , أو الشرقي بلفظ أعم (وهنا سنحذف كلمة " مسلم ") ينظر الى الجنس بتلك الحساسية المفرطة , ينظر اليه ك"طابو" , تلك الأسباب التي كانت وراء انتاج تلك العقيدة الدينية المتعلقة بالجنس قبل 1400 سنة , والتي كانت وراء تقبل وتبني تلك العقيدة طيلة 1400 سنة والى الآن . ذلك أنه حتى ولو كان الدين تنزيلا الهيا , فلا مفر من دراسة الشروط النفسية التي تم في ظلها( ويتم ) تقبل تلك النظرة الدينية للجنس , التي لا شك وتتوافق بشكل هارموني مع خصائص الفرد والجماعة التي تبنتها .

الجنس في مجتمعاتنا صنفان : جنس حرام وجنس حلال , ولأننا أشرنا الى ضرورة ترك الدين جانبا , سنقول : جنس مشروع وجنس غير مشروع , جنس مسموح به و جنس غير مسموح به.
وبما أن لكل تحديد مواصفات ومعايير , لا بد من تحديد العنصر أو العناصر التي تجعل هذه التجربة الجنسية جائزة وتلك التجربة الجنسية ممنوعة , وعلينا مرة أخرى التذكير بضرورة تجنب أية إحالة على الدين :

-التجربة الجنسية المسموحة :

الشرط الأول : مع الجنس الآخر.
الشرط الثاني : مع من تجاوز مرحلة الطفولة .
الشرط الثالث : رضى الطرف الآخر وموافقته .
الشرط الرابع : سلامة الطرفين.
الشرط الخامس : أن يتجاوز الارتباط بين الطرفين التجربة الجنسية ويتعداها .

قد يستغرب أحد القراء غياب شرط عقد الزواج , تلك الورقة السحرية التي يظنها الجميع هي الفارق الحاسم , ولو أننا أضفنا هذا الشرط لما كان هنالك من داع لكتابة الشروط الأخرى , لأن عقد الزواج هو بالضبط العقد الذي يجمع كل الشروط السابقة , ويشهد على استيفائها بين الطرفين المقبلين على التجربة الجنسية .فالشروط التي سبق ذكرها هي المضمون الحقيقي المتخفي لعقد الزواج .
ان عقد الزواج , تلك الورقة , ما هو الا التعبير الرسمي عن استيفاء الشروط السابقة . والدليل على ذلك أنه ما من شيء يضيفه العقد للشروط الآنفة الذكر , اللهم طابع الضمان . فاذا فرضنا أن المجتمع ضمن تحقق الشروط الأربعة , لم تعد هنالك حاجة لعقد الزواج.
قد يجد المرء صعوبة في تقبل هذه الحقيقة , لكن بمجرد ما يدرك أن عقد الزواج له دور واحد و وحيد يتمثل في ضمان تحقق الشروط السابقة , سيقتنع بأن ذلك الضمان اذا توفر صار العقد بلا معنى .
الشرط الرابع هو الشرط الفاصل بين المضاجعة الزوجية والزنا . ذلك أن الزنا , وان استوفت كل الشروط الثلاثة الأولى , تبقى تجربة لحظية يفترق الطرفان بعدها , أو على الأقل , لا يجدان أي التزام يلزمهما بالبقاء مرتبطين بعدها .
ولو أننا حذفناه لكنا حصلنا على الصيغة القانونية التالية :" كل علاقة جنسية بين جنسين مختلفين راشدين بموافقة كليهما ودون اذاية , مسموحة قانونيا " , وهذا بعيد كل البعد عن قانوننا الفعلي .

المنطوق الحقيقي الذي لا يرد في قانوننا مع أن التحليل أوصل اليه هو التالي : "مسموحة قانونيا , كل تجربة جنسية بين جنسين مختلفين راشدين بموافقة كليهما , لا تنطوي على أذية أحدهما , بنية مسبقة باستمرار الارتباط بعد التجربة " .
عديدون سيستهجنون هذا البند كونه يخالف أعراف المجتمع , قائلين : "ان هذا القانون لا يعبر عن حقيقة الواقع , وكثيرون سيعتقلون بسببك , لا بد من عقد الزواج , لا بد منه , شئت أم أبيت , انه عنصر محوري لا غنى عنه , بل هو أول الشروط ."
لا بد أن يتذكروا أنني افترضت أن المجتمع ضمن تحقق كل الشروط السابقة , وتحت هذه الفرضية , ليس هنالك من داع لعقد الزواج.

المنطوق السابق اذن يعبر عن حقيقة مجتمعنا وواقعه , وهو غير معتمد من طرف الدولة لسبب بسيط وهو أن الفرضية التي وضعنا (فرضية تحقق الضمان دائما ) مستحيلة التحقق هكذا بشكل تلقائي كما قد يوهم المنطوق نفسه , ولا بد من إجراءات إدارية معينة تكلل بتلك الورقة السحرية التي نسميها "عقد الزواج" والتي تصبح الآن ذات معنى وأهمية , بعد أن كانت في التحليل السابق مفرغة من كل معنى .

الواقع اذن هو ما عبرنا عنه نظريا بالشروط الأربعة , وشرط عقد الزواج شرط تمليه ضرورة تطبيقية محضة , ولا يمت لنفسية المجتمع وسيكولوجيته بصلة , وبالتالي نستثنيه من هذه الدراسة .

من الآن فصاعدا سيعتبر المنطوق السابق التعبير- الصريح الحقيقي والرسمي للمجتمع- عن التجربة الجنسية المسموحة . وأما التجربة الجنسية غير المسموحة فهي بديهيا كل تجربة لم تستوف أحد الشروط الورادة فيه.

ونضيف هذا التحديد :

-اذا تم خرق الشرط الأول نكون أمام الحالة المعروفة بالمثلية .
-اذا تم خرق الشرط الثاني نكون أمام حالة البيدوفيلية .
-اذا تم خرق الشرط الثالث نكون أمام حالة الاغتصاب .
-اذا تم خرق الشرط الرابع نكون أمام حالة سادو-مازوخية.
-اذا تم خرق الشرط الخامس نكون أمام حالة الزنا .

وان كانت كل هذه الخروقات مستهجنة من طرف المجتمع , فان درجة الاستهجان تختلف من حالة لأخرى , ويمكن أن نرتبها من الأكثر الى الأقل اثارة للاستهجان كما يلي : السادو-مازوخية , البيدوفيلية , المثلية , الاغتصاب ثم الزنا.

يتبع...



  رد مع اقتباس
قديم 09-09-2016, 12:47 PM   رقم الموضوع : [3]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

تصحيح خطأ :

ورد في الجزء الأول : "الشرط الرابع هو الشرط الفاصل بين المضاجعة الزوجية والزنا . ذلك أن الزنا , وان استوفت كل الشروط الثلاثة الأولى , تبقى تجربة لحظية يفترق الطرفان بعدها , أو على الأقل , لا يجدان أي التزام يلزمهما بالبقاء مرتبطين بعدها . "

والصحيح هو أن يقال :
"الشرط الخامس هو الشرط الفاصل بين المضاجعة الزوجية والزنا . ذلك أن الزنا , وان استوفت كل الشروط الأربعة الأولى , ....."



  رد مع اقتباس
قديم 09-09-2016, 01:22 PM الكمنجة غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [4]
الكمنجة
عضو برونزي
الصورة الرمزية الكمنجة
 

الكمنجة is on a distinguished road
افتراضي

شكرا لك ايها الزميل على الموضوع المهم والتحليل الرائع وفي انتظار المزيد منك.
الا انى اتساءل؛ الم يكن اكثر بسطا للبحث وتاسيسا له لو انك (اننا) بدات بتوصيف ولو موجز للجنس في المجتمع البشر بصفة عامة قبل الانتقال الى تخصيص التشخيص في مجتمع معين.
ذلك ان هذه القضية ينظر اليها بدونية حتى عند عدد لا باس به من ابناء المجتمعات التي اعتنقت الحداثة.
ففهم الجنس عند العنصر البشري ، وهذا التناقض الواضح بين الرغبة (والحاجة) وبين الترفع (تتراوح درجة الترفع من مجرد الخجل الى تحريم، ) فالتناقض موجود اولا عند الجنس البشري بصفته العامة.

وربما يقود الامر الى نقاش الاخلاق وماهي وكيف تحددتت، وكيف تتناقض مع الحاجة البشرية ،وهو موضوع مرتبط ارتباطا وثيقا في اعتقادي.

ثم لنخصص الامر بالشعوب الشرقية. اولا؛ وربما اكون مخطئا؛ فقد بدا لى انك لا تعطي للدين الدور الكافي في تكوين الشخصية الشرقية.
على امتداد قرون ممتدة تشكلت الشخصية الشىرقية وتطورت قيمها المجتمعية وكان الدور الابرز سياسيا واقتصاديا وجغرافيا هو الدين فطبيعي اذن ان نقر للدين الدور الاكبر في تشكيل الهوية الفردية والمجتمعية في هذه المنطقة.

لكنى افهم رغبتك في ان تفصل الموضوع عن المؤثرات والاسباب وذلك ربما لتستطيع دراسته دراسة مفردة مخصصة وبالتالي تزيد من فرص نجاح الدراسة -كما يفعل الرياضيون بفصل المتغيرات.
ربما عندي تسئلة اخرى لكنى انتظر ردودك فربما تجيب عنها ونستفيد منك في هذا الموضوع المحوري-



:: توقيعي ::: لكل ميدان من ميادين العلم ما يكمله من الدجلنة -كارل ساغان

http://liberalarabatheist.blogspot.com
  رد مع اقتباس
قديم 09-09-2016, 06:33 PM   رقم الموضوع : [5]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكمنجة مشاهدة المشاركة
شكرا لك ايها الزميل على الموضوع المهم والتحليل الرائع وفي انتظار المزيد منك.
الا انى اتساءل؛ الم يكن اكثر بسطا للبحث وتاسيسا له لو انك (اننا) بدات بتوصيف ولو موجز للجنس في المجتمع البشر بصفة عامة قبل الانتقال الى تخصيص التشخيص في مجتمع معين.
ذلك ان هذه القضية ينظر اليها بدونية حتى عند عدد لا باس به من ابناء المجتمعات التي اعتنقت الحداثة.
ففهم الجنس عند العنصر البشري ، وهذا التناقض الواضح بين الرغبة (والحاجة) وبين الترفع (تتراوح درجة الترفع من مجرد الخجل الى تحريم، ) فالتناقض موجود اولا عند الجنس البشري بصفته العامة.

وربما يقود الامر الى نقاش الاخلاق وماهي وكيف تحددتت، وكيف تتناقض مع الحاجة البشرية ،وهو موضوع مرتبط ارتباطا وثيقا في اعتقادي.

ثم لنخصص الامر بالشعوب الشرقية. اولا؛ وربما اكون مخطئا؛ فقد بدا لى انك لا تعطي للدين الدور الكافي في تكوين الشخصية الشرقية.
على امتداد قرون ممتدة تشكلت الشخصية الشىرقية وتطورت قيمها المجتمعية وكان الدور الابرز سياسيا واقتصاديا وجغرافيا هو الدين فطبيعي اذن ان نقر للدين الدور الاكبر في تشكيل الهوية الفردية والمجتمعية في هذه المنطقة.

لكنى افهم رغبتك في ان تفصل الموضوع عن المؤثرات والاسباب وذلك ربما لتستطيع دراسته دراسة مفردة مخصصة وبالتالي تزيد من فرص نجاح الدراسة -كما يفعل الرياضيون بفصل المتغيرات.
ربما عندي تسئلة اخرى لكنى انتظر ردودك فربما تجيب عنها ونستفيد منك في هذا الموضوع المحوري-
أشكرك زميلي على المتابعة أولا
معك كل الحق في مسألة ضرورة البدأ بالجنس بشكل عمومي قبل تخصيصه في حالة هذا المجتمع أو ذاك
فلا ننسى أن الغربيين (ابان فترة سيادة الديانة المسيحية) كانو يجدون حرجا في الجنس كما يحصل معنا الآن
بل ومن الغربيين من لا يزال محافظا بخصوص هذه المسألة ويعتبر مجتمعه منحلا أخلاقيا (كما نقول نحن)
حساسية الجنس كما ورد في قولك ليست حكرا على الشرقيين فقط وهذا أتفق معك فيه تماما
ولعلي أستدرك هذا الأمر في ما يلي من الأجزاء , أو ربما يوصلنا التحليل الى الصعيد العالمي رغم أنفنا
أما فيما يخص الدين , فليس هنالك شك في أن الدين يؤثر في الانسان الشرقي من مختلف المناحي
لكن النفسية التي تتقبل تصورات الجنس الدينية و ترعاها و تذوذ عنها لا شك و تملك تركيبة داخلية معينة (يمكن أن يكون الدين نفسه سببا فيها )
وفهم تلك البنية الداخلية هو ما نبتغيه بغض النظر عن الأسباب الخارجية
وهذا ما يدعى بالتفسير الجدلي , مقابل التفسير الميتافيزيقي الذي يفسر الأشياء من الخارج
ويبقى الموضوع مفتوحا لك و للزملاء لتسدوا أي فراغ و تصوبوا كل عيب
فنحن في الأخير نستفيذ من بعضنا البعض



  رد مع اقتباس
قديم 09-10-2016, 09:01 PM   رقم الموضوع : [6]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

الجزء الثاني :

ان الانسان الشرقي, بحكم قدره الطبيعي , يتواجد بمناطق تعرف ارتفاعا في درجة الحرارة وتنال كمية من الدفئ أكبر بكثير مقارنة مع العالم الغربي طيلة السنة , ولهذا فان النشاط الجنسي (الذي يرتبط بعدة عوامل منها حرارة الوسط) يكون عموما مرتفعا عند الانسان الشرقي مقارنة بالإنسان الغربي .

وهذا ما يفسر العدد الكبير المفرط لزوجات ملوك الشرق عبر التاريخ (حريم السلطان الفارسي أو العربي أو العثماني). الطاقة الجنسية الشرقية اذن طاقة مهولة. كان لا بد لهذه الاستثارة شبه الدائمة التي يعرفها الانسان الشرقي من أن تشبع أو تكبت , وقد كانت في وقت سبق تشبع بتعدد الزوجات و المملوكات من الحروب و الأسواق .

لكن مصادر الاشباع تلك انقطعت عن الانسان الشرقي المعاصر: لم تعد هنالك إمكانية (أو على الأقل صار من الصعب) للعبودية , كما و شكلت الصعوبات المادية المتضخمة باستمرار عائقا أمام تعدد الزوجات . وأذكر بأننا نتحدث هنا عن الانسان الشرقي المعاصر , لا ذاك الذي كان بالأمس , ولا زال اليوم, ينكح أربع زوجات في البادية ويخلف منهن 20 ولدا بلا أي حرج (هذا الأخير أيضا تأثر بمستجدات العصر ). الانسان الشرقي المعاصر , انسان المدينة لا القرية , انسان واع بضروريات العصر في مجتمعاتنا(التعليم , الصحة , الاجازة , الملبس والمأكل , المنتوجات التكنولوجية , الأنترنت ,...) و يضرب ألف حساب لدخله و حجم نفقاته , ويرغب في ضمان مستقبل آمن لأولاده . ثم ان هذا هو مربط فرسنا منذ البداية , أما قلنا أن الذي يهمنا هو مجتمعنا اليوم ؟ ذاك المجتمع الذي يضم أسرتي وأسرتك , ذاك المجتمع الذي , وان بلغ درجة من التعلم و الانفتاح على العالم , ظل يملك تلك الحساسية الجنسية المفرطة كخاصية مميزة .

مع جفاف منابع الاشباع لتلك الطاقة المهولة , اضطر الانسان الشرقي المعاصر الى كبت حجم مهم منها , واكتفى بزوجة واحدة في المتوسط , هي بعيدة كل البعد عن إرضاء تلك الطاقة الشرقية المهولة . هكذا صارت مساحة كبيرة من نفسية الانسان الشرقي المعاصر مكبوتة . لكن هذا العالم المكبوت , وبطبيعته , يقاوم الكبت , ويسعى جاهدا للصعود نحو الأفق من جديد , ويتحين الفرصة لتحقيق ذلك , وفي فرص كثيرة يتأتى له ذلك , عبر ما يسمى بالخيانة الزوجية (أو الزنا) التي تعرف معدلات كبيرة في مجتمعاتنا .
أما الذين ينجحون في الحفاظ على المنطقة مكبوتة , فذلك بفضل طوق الرقابة القوي الذي يحيطونه بها . ويتمثل هذا الطوق في عدم ترك أية فرصة لتلك المكبوتات بالصعود نحو الأفق , وبالتشدد في نظام الحماية الذاتي ذاك . وهذا النظام المفروض من طرف الأنا على الهو هو المسؤول عن تلك الحساسية الجنسية المفرطة.

ان الحديث عن الجنس , بالنسبة للإنسان الشرقي المعاصر ,هو بمثابة ايقاض لمكبوتات , بل ان كلمة "الجنس" نفسها تستثير فيه نزوات مكبوتة , فما بالك بالخوض في حديث أعمق بخصوصه . ان الحديث عن الجنس هو لمس لجرحه كما يقال , ذلك الجرح الذي يسعى جاهدا الى نسيانه . ولهذا تجده يضع الجنس في ذيل قائمة مواضيعه , بل وينفيه منها أصلا . وكلما دخلت معه في نقاش حوله وجدته يحاول جاهدا تبديل الموضوع , يعلو التوتر محياه , وتضطرب أنفاسه : ان إشارة الخطر اشتعلت داخله .

هكذا من الطبيعي أن لا نجد تلك الحساسية المفرطة عند الانسان الغربي لأن الجنس عنده , وبكل بساطة , ليس في نطاق المكبوتات. فبالإضافة الى طاقته الجنسية المتواضعة مقارنة مع الانسان الشرقي , لديه من المنابع ما يكفي للإشباع الكلي أو شبه الكلي لها (العلاقات الجنسية الحرة) . عند هذا الأخير , الجنس ليس جرحا منسيا أو متناسى .

لماذا لم يلجأ اذن الانسان الشرقي المعاصر الى حد الآن الى تحرير العلاقات الجنسية لاشباع تلك الطاقة المهولة ؟ لماذا ما يزال يرفض المثلية و الزنا ؟ ما الداعي الى استمرار الكبت ؟هذا هو السؤال المحوري. السؤال الذي ينبغي أن نجيب عنه بإيجاد دوافع نفسية بعيدة كل البعد عن الدين. وينبغي لهذه الدوافع , اذا ما وجدت , ولا شك أنها موجودة , أن تكون ميزة الانسان الشرقي المعاصر , ولا تتواجد عند الانسان الغربي المعاصر.
حقا ليس من السهل الإجابة إذا ما منعنا أنفسنا من الاستنجاد بالدين.

يتبع ...



  رد مع اقتباس
قديم 09-11-2016, 01:11 PM   رقم الموضوع : [7]
فيصل
زائر
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساحر القرن الأخير مشاهدة المشاركة
أشكرك زميلي على المتابعة أولا
معك كل الحق في مسألة ضرورة البدأ بالجنس بشكل عمومي قبل تخصيصه في حالة هذا المجتمع أو ذاك
فلا ننسى أن الغربيين (ابان فترة سيادة الديانة المسيحية) كانو يجدون حرجا في الجنس كما يحصل معنا الآن
بل ومن الغربيين من لا يزال محافظا بخصوص هذه المسألة ويعتبر مجتمعه منحلا أخلاقيا (كما نقول نحن)
حساسية الجنس كما ورد في قولك ليست حكرا على الشرقيين فقط وهذا أتفق معك فيه تماما
ولعلي أستدرك هذا الأمر في ما يلي من الأجزاء , أو ربما يوصلنا التحليل الى الصعيد العالمي رغم أنفنا
أما فيما يخص الدين , فليس هنالك شك في أن الدين يؤثر في الانسان الشرقي من مختلف المناحي
لكن النفسية التي تتقبل تصورات الجنس الدينية و ترعاها و تذوذ عنها لا شك و تملك تركيبة داخلية معينة (يمكن أن يكون الدين نفسه سببا فيها )
وفهم تلك البنية الداخلية هو ما نبتغيه بغض النظر عن الأسباب الخارجية
وهذا ما يدعى بالتفسير الجدلي , مقابل التفسير الميتافيزيقي الذي يفسر الأشياء من الخارج
ويبقى الموضوع مفتوحا لك و للزملاء لتسدوا أي فراغ و تصوبوا كل عيب
فنحن في الأخير نستفيذ من بعضنا البعض

بينما أنا أتأمل ردك وتعقيبك في هذه اللحظة ... خطر ع بالي أن الكثير من المسلمين الذين اتواصل معهم ليسوا بمسلمين حقيقةً حينما نحتك معهم ونكون علاقة وتواصل اجتماعي وهذا الموضوع مع المسلمين يدور في التعليقات والمشاركات عبر التواصل الاجتماعي معهم او مع مؤمنين آخر لديهم رغبة في الجنس شديده ربما تدرك ما أقول ويمكن رأيت هذا الشيء ويتحدثون معك وكأنهم ليسوا بمؤمنين الذي يحرمهم ويبغضهم هذا الكلام من اجل عدم اغضاب الرب والعفاريت

أما عن الموضوع اعجبني لمساتك السحرية و طرحك الذي يفتح عقول المغيبين بسبب الدين الذي يمنع نشر الثقافات الجنسية ويغيبهم عن متعة وثقافة الحياة وجمال الطبيعة


شكراً لك عزيزي ساحر


متابعين لموضوعك

دمت بخير



  رد مع اقتباس
قديم 10-04-2016, 05:49 PM   رقم الموضوع : [8]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

الجزء الثالث :

كان آخر سؤال في الجزء السابق لدراستنا هو: لماذا يستمر الانسان الشرقي في الكبت ؟ لماذا يرفض الاشباع المتحرر من القيود , المناسب لكمية طاقته الجنسية المهولة ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا الجزء.
لا يمكن أن ندرك , نحن الشرقيين , الجنس بمعزل عن الخطيئة والاثم . ولكي نبتعد عن لغة الدين , سنقول أن الجنس عندنا خطأ , خطأ لا ندرك أنه ما كان ينبغي الوقوع فيه الا بعد الممارسة . هذا التصور , الذي سنسميه من الآن فصاعدا , ب"تخطيء الجنس", يحضر أيضا في العلاقات الجنسية المشروعة , ودليلي على ذلك اغتسال الزوج والزوجة بعد الجماع , كأنها كانا يتمرغان في مستنقع عكر. لا مجال للاعتراض بأن ذلك اجراء ديني محض , فنحن اتفقنا مسبقا على النظر الى ما يقع من جهة أنه يقع , ولا ننسبه الى أية جهة , الا الانسان الشرقي المعاصر نفسه.

الذي يمارس الجنس , تحت أي ظرف من الظروف , يدرك داخليا أنه يقوم بخطأ ما.
عندما يقع المرء باستمرار في نفس الخطأ , عندما يصير الخطأ عادة تفرضها الضرورة البيولوجية وغريزة البقاء , يكون الخطأ قد صار مشرعنا , منصوصا عليه في قانون الحياة . لكن ذلك لا يغير من طبيعته كخطأ . وبهذا يصير الجنس عندنا شيئا ينبغي القيام به ولا ينبغي القيام به في نفس الوقت. يصبح الجنس محل سجال داخلي , مونولوجا (حوارا مع الذات) , تراجيديا فردية يصرخ فيها الانسان بدون انقطاع من شدة الألم .

لكن , ما ذاك الخطأ ؟ ما الذي يجعل من الجنس مستنقعا بالنسبة لنا ؟ لماذا تشمئز نفسك من الجنس أيها الانسان الشرقي ؟
الإجابة عن السؤال السابق نجدها في طبيعة مجتمعاتنا الشرقية المعاصرة (وحتى في العصور الماضية): مجتمعاتنا مجتمعات ذكورية , السيطرة فيها للذكر...القوة والهيمنة والسلطة له . لكن هنالك فرصة واحدة و وحيدة تنقلب فيها الموازين في مجتمعاتنا, فرصة ترعب فيها قوة الأنثى ذلك الذكر المتعجرف بشكل مهول , وتبدو فيها بقوة لا مثيل لها , فرصة يصبح فيها الذكر كطفل صغير مغلوب على أمره, كمسكين تلعب به الأنثى كما تشاء, فرصة يحس فيها الذكر الشرقي بضعف مخجل أمام الأنثى . وهذه الفرصة هي لحظة الجنس. سميتها لحظة الجنس لأنني لا أقصد بها الممارسة الفعلية للجنس بالضرورة , بل كل فرصة يتواجه فيها الذكر والأنثى في سياق جنسي.

الخطأ الذي يقترفه الذكر اذن هو الظهور بذلك المظهر المثير للشفقة , هو الذي ما فتئ يبسط سيطرته وهيمنته على الأنثى في المجتمع. خطؤه يتمثل في ظهوره كمرأة لا كرجل.
ماذا عن خطأ الأنثى ؟ هل هو التفسير السابق نفسه بشكل معكوس؟ أنها تصير رجلا لا امرأة ؟ مسيطرة في موقف قوة يهين الرجل ؟ هل ترى أن أنوثتها الشرقية قد خدشت برؤية الرجل مهانا أمامها ؟ لا أستبعد ذلك , خصوصا وأن الأنوثة في العالم الشرقي لم تتصور نفسها يوما الا تحت الرجل وتحت هيمنته وسلطته, لبؤة تحت أسد. لا يمكنني كذكر, الحسم في مدى صحة هذا الإحساس ...لنمنحه صفة افتراض قوي.
لنلخص التحليل السابق :

الخطأ الكامن في الجنس الشرقي هو فقدان الذكورة بما فيها من هيمنة و سلطة بالنسبة للرجل الشرقي , وفقدان الأنوثة بما فيها من رضوخ و تسليم وضعف بالنسبة للمرأة الشرقية.


والجدير بالذكر هنا , وهو ما يعزز التفسير الذي ذكرناه , أن العالم الغربي , الذي تخلص من الطابع الذكوري (الى حد ما ) و أصبح قائما على التكافؤ في موازين القوى بين المرأة والرجل , تقلص فيه حيز الخطأ داخل الجنس ,وصار الجنس فيه مسألة صحيحة وسليمة الى أبعد حد, مسألة لا تبعث على الاشمئزاز ولا تدعو الى "الاغتسال" , تجربة جميلة لا خطيئة.
ما اكتشفناه من هذا الجزء هو اجابة عن سؤالنا : لماذا يستمر الانسان الشرقي في الكبت ؟ يستمر في الكبت ويرفض الاشباع غير المقيد لأنه يرفض الجنس ويراه تجربة غير مرغوب فيها , تجربة مهينة للذكورة أو للأنوثة. وبذلك فلو كان بامكانه الامتناع عن ممارسة الجنس كلية لفعل , لكن الضرورة البيولوجية تقف حائلا دون ذلك , فيكون الحل الوسطي هو تبني" الحد الأدنى" من الجنس, فيكون التقييد ويكون الكبت . حقا الجنس خيار محرج للإنسان الشرقي المعاصر يختاره على مضض ... ينهل من نبعه بمرارة.
أهم شيء ينبغي ملاحظته أننا استطعنا , وفي خطوة مهمة , أن نقدم تفسيرا منطقيا بعيدا عن الدين , مستمدا من الملاحظة والتجربة فقط , من الواقع . ويبدو أن الخطأ يرتدي لباس الدين فيصبح خطيئة , وارتكاب الخطأ يوقع الانسان في الندم المرير الذي يصور له نفسه كمن تمرغ في مستنقع , ويلزمه بذلك بضرورة الاغتسال من النجاسة ثلاث مرات لكل شق من جسده .

يتبع...



  رد مع اقتباس
قديم 03-31-2017, 10:46 PM   رقم الموضوع : [9]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

تنبيه :

الأجزاء الثلاثة الأولى كانت تأملات في نظرة المجتمع العربي الى الجنس ...وقد أشار علي أحد الزملاء -في هذا الموضوع نفسه- أنه كان من الأجدر البدء بالحديث عن الجنس في حد ذاته كظاهرة . وقد وجدت اليوم أن الوقت قد حان لاقتحام هذا المدمار ... ولا أرى هذه خطوة تخرج بنا كلية عن الموضوع -أقصد موضوع الجنس في المجتمع العربي- فالذي يكتب في الأخير هو فرد داخل مجتمع وداخل ثقافة معينة . وفهم ظاهرة الجنس في حد ذاتها لن يكون الا مساعدا على فهم ظاهرة الجنس في العالم العربي .
على أنه ينبغي لفت انتباه القراء الأعزاء الى مسألة : من الصعب الحفاظ على اللياقة في مثل هذه الموضوع , لكنني سأبذل جهذي لانتقاء الألفاظ جيدا أثناء الكلام تفاديا لخدش الحياء العام واحتراما للجنسين ...ويبقى للادارة طبعا خيار الاشارة علي بعدم الغوص أكثر في هذا الاتجاه اذا رأت داعيا لذلك .
لكن , اذا سئلت عن رأيي فلن أكون الا مثمنا لكل مبادرة من هذا النوع تهدف الى كسر طابو قوي في مجتمعنا .



  رد مع اقتباس
قديم 03-31-2017, 11:28 PM   رقم الموضوع : [10]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي

الجزء الرابع :

ميدان الجنس ميدان برع فيه كثيرون ولا يزالون , خاصة رجال الدين والمحللون النفسيون.
أما الطائفة الأولى فترى الجنس رؤية ضبابية : تارة هو نعمة سخرها الله لنا للتناسل والتكاثر على هذه الأرض ,وتارة هو عيب ونقص في الانسان يبين عن ضعفه وعدم اكتماله أمام خالقه الذي لا يعرف في المقابل شيئا اسمه الجنس , وتارة أخرى هو مصدر خطر قد يقود صاحبه الى جهنم! خلاصة القول بالنسبة لهؤلاء : الجنس نعمة ,عيب, خطر, طريق مغري من لزم فيه العفة فاز بالجنس الأكبر مع الحور العين.
ان عيب هذه الطائفة يتمثل في كونها لم تنظر للجنس يوما إلا بموازاة مع رؤيتها لله .فتلك النعمة من الله, و ذلك العيب مقارنة مع الله, وذلك الخطر هو من الله , والحور العين عطية من الله . لم ينظروا يوما للجنس كظاهرة انسانية أو طبيعية . وكلما ذكرت لهم الجنس الا ويذهب تفكيرهم تلقائيا تجاه طرق كبحه وهزيمته ,الى العذاب الأليم الناتج عن الاستسلام لمغرياته, والى الثواب المعد لمن عرف مسك لجامه. كل تلك المسائل لا تتناول الظاهرة (ظاهرة الجنس في حد ذاته) . وان حاولوا التحدث عن الجنس في حد ذاته (وهذا أمر يشق عليهم ويثقل كحمل الجبال) فلن يزيد حديثهم عن كيفية اتيان المرأة,والأوقات المناسبة وغير المناسبة لذلك , وكيفية التعامل مع المرأة النشوز, وكلها مسائل تتطرق لهوامش موضوعنا ولا تمس جوهره. رغم ذلك ,يجد خطابهم تقبلا ورضى من طرف عامة الناس ,الذين لا يهمهم فهم ظاهرة الجنس وتأملها بقدر ما يهمهم اشباع غريزتهم بطريقة مطمئنة بعيدا عن الأضرار في هذه الدنيا وفي تلك الآخرة. وحتى أولئك الذين يتخبطون في "المحرمات" أشد التخبط ,يميل أكثرهم الى الانصات لذلك الخطاب,خاصة في الأوقات التي يكونون فيها في أشد لحظات المقت لأنفسهم وللحياة. ولأن الخطاب الديني يتفوق على باقي الخطابات في مهمة المواساة,ينقاد هؤلاء مهرولين نحو حبل النجاة الممدود بكل سماحة اليهم. الاكثار من الذكر وقراءة القرآن , الحفاظ على الصلوات في وقتها ,كلها وسائل لزيادة الورع والتقوى اللذين بهما ينتصر المرء على غريزته . ولست أبدا أنفي نجاعة هذه الوسائل في اخماد الهيجان الجنسي , فعندما تستحضر الله أمامك برحمته وعظمته وقدرته تحصل انتكاسة على مستوى الأجهزة التناسلية ويقع خمود.
لماذا ؟ هل خوفا من الله معلق الأجهزة التناسلية في جهنم ؟ أم أن عظمة الله تجعل الانسان ينكسر أمامه بشهوته ؟ أم أن استحضار هذه الذات المحايدة من الناحية الجنسية يخفف رويدا رويدا من ذلك الهيجان ؟ الاجابة هي خليط من هذا وذاك.
ما عاد بإمكاننا نحن المسلمين أن نمقت الجنس أكثر مما مقتناه طيلة الفترة الماضية. لقد كان ولا يزال بالنسبة لنا من أعظم الموبقات, وان العاهرة والشاذ ليتمثلون أمامنا كالشياطين المتسخة !الجنس ميدان لا نقوى في مجتمعاتنا العربية على الحديث عنه. ان له معجما وددنا لو لم يكن في لغتنا.
أما الطائفة الثانية-طائفة المحللين النفسيين- فإنها تضع الجنس في محور الحياة النفسية للإنسان. بالنسبة لها هو الوجه الحقيقي الذي يعكس صورتنا بلا تشوه.ومن خلاله فقط نستطيع تفسير سلوكاتنا وطبائعنا.استطاعت هذه الطائفة أن تحقق قفزة نوعية ,فبعد أن كان الجنس حبيس الفراش ,صار في كل الميادين ,في كل تحركاتنا ! لكن لم يكن الجنس غاية التحليل النفسي هو أيضا , بل ان دراسته لهذه الظاهرة كان وسيلة وطريقا لتفسير سلوكات الناس وأمراضهم خاصة العصابية منها, وبالتالي ايجاد طرق ناجعة لعلاجها. في جميع الأحوال ,قطعوا مع تلك النظرة الدونية للجنس . ما أمقت المحللين النفسيين في عيون رجال الدين !
سنحاول في دراستنا هذه النأي بالنفس عن الفريقين السابقين وتناول الجنس كظاهرة انسانية حيوية ,لا رغبة في الظفر بالحور العين , ولا بحثا عن طرق لعلاج بعض الحالات المرضية .
ماذا لو كان ذلك السكر الشهواني يخفي وراءه وعيا قويا بالذات ؟ تعرفا أكثر عليها ؟ رؤية واضحة أمام مرآة لا تعكس الصورة مقلوبة ؟
ماذا نريد من الطرف الآخر المشارك في الجنس ؟ هذا أول سؤال ينبغي التطرق اليه في دراستنا. ولعله يختزل كل الأسئلة التي قد تأتي بعده. ثم كيف تكون حال الذات وهي منغمسة في حديقة شهوتها ؟ ما سر تلك القوة المهولة التي تنفجر في ذروة الهيجان الجنسي ؟ وما الذي يميز ظاهرة الجنس عند الانسان مقارنة مع باقي الحيوانات ؟
ماذا نريد حقا من الطرف الآخر ؟ سؤال ثقيل يلمس كنه المسألة...ذلك أنه وعند كل مرة ,سواء تعلق الأمر بممارسة جنسية مشروعة أو غير مشروعة , شاذة أم سليمة , واقعية أم متخيلة , نخرج التجربة خاليي الوفاض ,ولا نعلم حتى لماذا أقبلنا على أمر غير مفهوم كهذا منذ البداية!

يتبع ...



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
مجتمعنا, والجنس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الزواج في مجتمعنا محمد الديناصوري ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 5 08-23-2018 10:18 PM
الدكتور علي جمعة, والجنس الفموى :d Storm ساحة النقد الساخر ☺ 3 08-10-2017 04:44 PM
المسلمين والجنس Killua العقيدة الاسلامية ☪ 1 03-27-2017 11:44 AM
الحب والجنس والزواج Basim ساحـة الاعضاء الـعامة ☄ 45 08-22-2016 06:28 PM