الأزمات الإقتصادية بين حلول السوق الحر وحلول التدخل الحكومي

[ناكامورا]

قارن الإقتصادي الأمريكي توماس جي ديلورينزو التدخلات المتبناة من قبل الحكومة الأمريكية تحت رئاسة مارتن فان بورن في مواجهة الكساد سنة 1837 مع إستجابة الرئيس فرانكلين دي روزفلت للكساد العظيم سنة 1929. فان بورين إتبع سياسة عدم تدخل بشكل لا لبس به وقاوم كل الإقتراحات للتحرك الحكومي المباشر والتدخلية, ما أدى إلى نهاية سريعة جدا للأزمة. في المقابل, فرانكلين دي روزفلت أطلق "عرضه الجديد", والذي إعتمد على سلاسل من البرامج الحكومية وتبنى سياسة تدخلية معادية للرأسمالية، وعلى عكس الخرافة المشاعة من قبل معادي الرأسمالية بأن هذا "العرض الجديد" قد أنهى الأزمة، فإن سياسات روزفلت في الحقيقة قد أطالت منها.

البطالة، والتي كانت منخفضة في حدود 3.2 بالمئة سنة 1929، صعدت إلى 14.6 بالمئة سنة 1940. متوسط البطالة من سنة 1933 حتى 1940 كان عاليا إلى حدود 17.7 بالمئة. الدخل الوطني الخام للفرد في الولايات المتحدة الذي كان 857 دولار في سنة 1929 صعد فقط ل 916 دولار سنة 1940، أي أنه كان بالكاد فوق مستواه بعد 11 سنة في 1940. وتكاليف الإستهلاك الفردي, والتي كان مجموعها 78.9 مليار دولار سنة 1929، سقطت إلى 71.9 مليار دولار سنة 1940.

في سعيها للنجاة من أزمة انفجرت فيها فقاعات الأسهم والعقارات عام 1990. قدّمت اليابان مثالاً محزناً آخر على مدى الضرر الذي يمكن أن يُلحقه التدخل الحكومي. فبدلاً من الاعتماد على قوى السوق الذاتية للتعافي والشروع في إصلاحات السوق الحرة، حاولت اليابان تخفيف "الألم" الناجم عن الأزمة بزيادة دينها الوطني مراراً وتكراراً. وبحلول عام 2020، بلغ الدين الوطني لليابان نسبةً هائلةً بلغت 266٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى حتى من الديون الوطنية لليونان (200٪) وإيطاليا (155٪) والولايات المتحدة (131٪). والجدير بالذكر أنه بين عامي 1980 و2003، نما الإنفاق الاجتماعي المُعدّل حسب التضخم في اليابان بمعدل سنوي بلغ 4.37٪، وهو معدل أسرع من أي دولة مُماثلة (الولايات المتحدة 2.84٪، ألمانيا 1.94٪).

من كتاب In Defense of Capitalism: Debunking the Myths الصفحتين 108 و 109، للمؤرخ وعالم الإجتماع الألماني راينر زيتلمان

ملحوظة:
لفهم معنى عبارة "إنفجرت فيها فقاعات الأسهم والعقارات"، يجب أن نعرف أولا أن "فقاعات الأسهم العقارات" تشير لفترة ترتفع فيها أسعار الأخيرتين لحد هائل بسبب إرتفاع الطلب، المضاربة في البورصة، والوصول السهل للإئتمان، وبالتالي فإن معنى إنفجار هذه الفقاعات هو الحالة التي لا يعود فيها الطلب والعوامل التي أدت لإرتفاع أسعار الأخيرتين حاضرتين بما يكفي لتبرير أسعارها العالية، وهو ما يؤدي إلى إنهيار سريع في قيمتها، وهو ما سيؤدي لخسائر ضخمة تؤثر بالسلب على سير الإقتصاد، فلجئت اليابان لتخفيف الأزمة للإستدانة لأجل زيادة النفقات لإنقاذ البنوك والشركات من الإنهيار