شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > في التطور و الحياة ☼

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 04-11-2024, 02:56 AM ناكامورا غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
ناكامورا
عضو جميل
الصورة الرمزية ناكامورا
 

ناكامورا is on a distinguished road
افتراضي خرافة التعقيد الغير قابل للإختزال irreducible complexity hoax

يروج الخلقيين للتعقيد الغير قابل للإختزال على أنها ضربة قاضية لنظرية التطور وأنه دليل حاسم لصالح التصميم الذكي، وقد انتشر هذا المفهوم في كتب الخلقيين ومواقعهم على الانترنيت بشكل كبير مباشرة بعدما أثاره مايكل بيهي في كتابه "صندوق داروين الأسود" عام 1996 وقدم أمثلة على هذا النوع من التعقيد الذي لا يمكن تفسيره إلا عن طريق مصمم ذكي له إدراك وتخطيط للمستقبل (حسب زعمه)، وأنه دليل حاسم على بطلان نظرية التطور وعدم صلاحيتها كتفسير للأنظمة البيولوجية المعقدة.

من الجذير بالذكر أن مايكل بيهي نفسه لا ينكر حدوث التطور، فهو يصدق بكون التطور من سلف مشترك حقيقة علمية لايمكن ردها، ولكنه بدل ذلك يرفض التطور كنظرية وتفسير لهذه الحقيقة، أي أنه ينكر أن ميكانيزمات نظرية التطور مثل الإنتخاب الطبيعي والطفرات ... يمكنها تقديم تفسير علمي للأنظمة البيولوجية المعقدة، وأن التفسير المعقول -حسب زعمه- هو التصميم الذكي. وقد صاغ حجته عن التعقيد الغير قابل للإختزال لدعم التصميم الذكي للأنظمة البيولوجية كما يلي :

توجد بعض الأنظمة الجزيئية المعقدة، والتي تعمل كل أجزائها بشكل متكامل لأداء وظيفة محددة، هذا التناسق والتكامل بين أجزاء هذا النظام الجزيئي ضروري لوجود هذه الوظيفة، وفقدان أي جزء من هذه الأجزاء سيتسبب في جعل النظام بأكمله غير وظيفي، وقد صاغه مايكل بيهي نفسه في كتابه كما يلي :
اقتباس:
…a single system composed of several well-matched, interacting parts that contribute to the basic function, wherein the removal of any one of the parts causes the system to effectively cease functioning
هذا النوع من الأنظمة المعقدة والغير قابلة للإختزال، لا يمكن إنتاجها عن طريق تعديلات طفيفة متراكمة على مستوى نظام موجود سلفا، لأنه لايمكن أن يوجد نظام سابق يمكن التعديل عليه لإنتاج نظام غير قابل للإختزال، وذلك لأن الإنتخاب الطبعي لن يعمل على هذا النظام السابق أصلا لكونه غير وظيفي من حيث المبدأ، وبالتالي فإن الأنظمة المعقدة الغير قابلة للإختزال لا يمكنها تظهر بفعل ميكانيزمات نظرية التطور، وقد صاغها مايكل بيهي على النحو التالي:

اقتباس:
An irreducibly complex system cannot be produced directly by numerous, successive, slight modifications of a precursor system, because any precursor to an irreducibly complex system that is missing a part is by definition nonfunctional
لو افترضنا جدلا أن تشارلز داروين وألفريد راسل والاس لم يتوصلا أبدا الى ميكانزمات التطور، ولا أي عالم قبلهم ولا بعدهم توصل الى ذلك، وأننا نعجز كل العجز عن تقديم تفسير لهذه الأنظمة الغير قابلة للإختزال، فهل ذلك يعني أنها قد تم تصميمها من قبل مصمم ذكي ؟ طبعا لا، فحتى لو كانت هذه الأنظمة بالفعل غير قابلة للإختزال فهذا لا يعد بالضرورة دليل على وجود مصمم ذكي، وإنما هو حقيقة علمية تفتقر الى تفسير، فتفسير ظاهرة ما يحتاج دائما الى أدلة،

مثلا: سقوط الأجسام نحو الأرض حقيقة وتفسيره هو الجاذبية، والجاذبة لها أدلتها الخاصة، يجب أن تكون قابلة للإختبار وقادرة على تقديم تنبؤات، فالقول بأن الدليل على وجود مصمم ذكي هو التعقيد كالقول بأن الدليل على الجاذبية هو سقوط الأجسام نحو الأرض، وهذا استدلال دائري، فالتعقيد وسقوط الأجسام هي حقائق بحاجة الى تفسير، والتفسير لا يمكن تبريره بنفس الحقيقة التي هي في الأصل بحاجة الى تفسير. وبما أن تفسير المصمم الذكي لا يمكن اختباره ولا يمكنه تقديم أي تنبؤات، فلا يمكننا أخده بعين الإعتبار كتفسير لحقيقة التعقيد الجزيئي.
الأن دعونا نسحب اعتبارنا حول نظرية التطور، ونفكك هذه الحجة من وجهة نظر علمية، هل التعقيد الغير قابل للإختزال هو بالفهل غير قابل للإختزال ؟ ماذا نقصد بنظام قابل للإختزال ؟ النظام القابل للإختزال هو نظام يمكن أن يكون وظيفي حتى لو أزلنا بعضا من أجزاءه، أو يمكن أخد بعض من أجزاءه وتوظيفها في مجالات مختلفة، وهذا بالضبط ما يجب أن تبدوا عليه الأنظمة التي يمكن أن تظهر من خلال ميكانيزمات نظرية التطور، وبما أن مايكل بيهي نفسه قال بأن الأنظمة الغير قابلة للإختزال هي تلك التي تصبح غير وظيفية إذا أزيل جزء واحد من أجزاءها، فيكفي أن نبين أن الأمثلة التي قدمها في كتابه هي بالفعل قابلة للإختزال ويمكن أن تكون وظيفية لو أزيلت بعض أجزاءها لتنهار الحجة بأكملها في رمشة عين.

أفضل وأشهر مثال يقدمه الخلقيين حول التعقيد الغير قابل للإختزال هو السوط البكتيري، وهو بنية جزيئية مرتبطة بغشاء الخلية يمكن البكتيريا من الحركة والسباحة في الأوساط السائلة، ويتكون من حوالي 30 بروتين في بكتيريا E. Coli و بكتيريا Salmonella، وفقا لحجة التصميم الذكي فإن هذا النظام الغير قابل للإختزال لا يمكن أن يكون وظيفيا لو أزيل منه جزء واحد أو عدة أجزاء، والبروتينات الأساسية للسوط البكتيري هي كالاتي:
C ring وهي حلقة تتكون من البروتينات FliG, FliM, FliN
حلقة Ms ring فهي تتكومن البروتين FliF
P ring وهي حلقة تتكون من البروتين FlgI
L ring وهي حلقة تتكون من البروتين FlgH
Rod وهو بنية طويلة تعمل مثل رمح القيادة تتكون من البروتينات FliE, FlgB, FlgC, FlgF, FlgG
export apparatus في قاعدة السوط تتكون من البروتينات FlhA, FlhB, FliH, FliI, FliJ, FliP, FliQ, FliR
stator الخاص بالسوط يتكون من بروتينين MotA, MotB
بالإضافة الى البروتينات التالية FlgE , Flgx, FlgW, FlgV, FlgB, FlgJ, FlgY, PflA , FliK
من خلال مقارنة هذه البروتينات في الأسواط البكتيرية لأنواع مختلفة من البكتيريا اتضح أن بنيتها تختلف من نوع الى اخر، وأنها لا تمتلك نفس السوط البكتيري ، فمثلا يوجد نوع من البكتيريا يدعى Bacillus subtilis لا يمتلك الحلقة P والحلقة L على الإطلاق، ومع ذلك لا يزال سوطها البكتيري وظيفيا.

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4822576/

أما نوع اخر من البكتيريا يدعى Vibrio alginolyticus لديها سوط بكتيري يدور 1700 دورة في الثانية مقارنة بسوط Salmonella الذي يدور 300 دورة في الثانية فقط. وذلك بسبب امتلاك هذا سوط هذا النوع من البكتيريا بنى وأجزاء جديدة لا تتواجد في سوط البكتيريا الأخرى، مثل امتلاكه لحلقة H ring التي تتكون من بروتينين FlgT و FlgP ، وحلقة أخرى T ring تتكون من بروتينين MotY و MotX، والجميل في الأمر أن تضرر هذين البروتينين يتسبب في توقف عمل السوط البكتيري لهذا النوع بالرغم من أنهما لا يتواجدان في الأنواع الأخرى من البكتيريا، ما يعني أنه تعقيد غير قابل للإختزال وفق منطق الخلقيين. كما تمتلك كذلك حلقة أخرى O ring تتكون من بروتين FlgO.

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2953672/

بكتيريا Campylobacter jejuni هي الأخرى نوع من البكتيريا لديها سوط قوي يمكنها من السباحة في أماكن أكثر لزوجة لا يمكن للإكولاي أن تسبح فيها. وذلك بسبب امتلاكها لهياكل جديدة ومختلفة لا تتوفر عليها الإكولاي والسالمونيرا، وهي أقراص بروتينية ثلاثة: القرص القاعدي basal disk تحت الغشاء الخارجي للنواة باشرة ويتكون من البروتين FlgP، أما proximal disk و medial disk فيتكونان من البروتينين PflB و PflA على التوالي.

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4822576/

نوع من البكتيريا يدعى Borrelia burgdorferi لا يمتلك أي من البروتينات الزائدة والتي وصفناها في الأمثلة السابقة، ولكن بدل ذلك فهي تمتلك بنية خاصة بها، وهي بنية بروتينية تدعى collar تحيط حول rod و Ms ring ، وتتكون من بروتين خاص بها يدعى FlbB ، ولا تتواجد هذه البنية في الأنواع البكتيرية الأخرى التي ذكرناها سابقا في هذا المقال.

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4822576/

يوجد نوع من البكتيريا يدعى Brucella melitensis لا يمكنها الحركة ولا السباحة، ولا تمتلك الجينات المسؤولة على انتاج chemoreceptors وهي 5 بروتينات تشكل النظام المسؤول على تغيير اتجاه حركة السوط الباكتيري وتوجيه الباكتيريا الى بيئة مناسبة لها، ومع ذلك فهي تمتلك كل الجينات التي تشفر لسوط بكتيري وظيفي يمكنها من الحركة والسباحة، وبدل ذلك فهو يلعب دورا مهما في جعل البكتيريا معدية بالرغم من أنه لا يساعدها على التحرك كما هو شأن الأنواع الأخرى من البكتيريا.

https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/15839898/

من خلال ما سبق يتضح أن أنواع من البكتيريا تمتلك سوط بكتيري وظيفي بالرغم من أنه يفتقد الى بعض أجزاءه، وأنواع أخرى تمتلك أجزاء إضافية في سوطها البكتيري لا تتواجد أصلا في الأنواع الأخرى من البكتيريا، وهذا وحده كفيل لانهيار حجة التصميم الغير قابل للإختزال، هل تتذكرون كلام مايكل بيهي ؟ حين قال عن التعقيد الغير قابل للإختزال : " نظام يتكون من أجزاء متكاملة ومتفاعلة فيما بينها لتوفير وظيفة أساسية للنظام، بحيث يؤدي حذف أي جزء من هذه الأجزاء الى فقدان النظام لوظيفته"، وهذا ما بينا خطأه للتو، لكن لا تقلقوا سنزيد من الشعر أبياتا:
البكتيريا منها أنواع مفيدة وضرورية لجسم الإنسان، ومنها أنواع ضارة تنتج سموما خطيرة تدمر خلايا الجنس وتقتلها، هذه الأنواع الأخيرة لا تنتج البروتينات الخطيرة فحسب، وإنما هي بحاجة الى إقحامها داخل خلايا الكائن المصاب، ولأجل اختراق أغشية هذه الخلايا فإنها بحاجة الى أنظمة إفراز متخصصة تساعدها على اختراق غشاء الخلية وضخ البروتينات السامة داخلها، وتسمى هذه الأنظمة ب"نظام الإفراز الثالث" the type III secretory system ويرمز له كالأتي TTSS، المثير للدهشة أن هذا النظام يتشارك في عدد كبير من البروتينات المكونة له مع البروتينات المكونة لقاعدة السوط البكتيري، والتي تتموضع في الغشاء الداخلي للخلية البكتيرية، وهذا معناه أن جزءا من السوط البكتيري بالفعل يمتلك وظيفة مختلفة في أمور مختلفة. فنظام الإفراز الثالث يتم التشفير للبروتينات المكونة له بواسطة 25 جين، 10 بروتينات أساسية في هذا النظام تتواجد كذلك في قاعدة السوط الباكتيري:

اقتباس:
TTS apparatuses are encoded by ≈25 genes, nearly all essential for function. About 10 TTSS proteins are similar in sequence or membrane topology to cytoplasmic or inner membrane proteins of flagellar hook-basal bodies
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC152238/

إذن السوط البكتيري هو نظام قابل للإختزال كما هو واضح، ويمكن لأجزاء منه أن تؤدي وظائف مختلفة في مجالات مختلفة، ولم يعد التعريف الذي قدمه أنصار التصميم الذكي للتعقيد الغير قابل للاختزال يفيدهم في شيئ، فهل اعترفوا بعجزهم وعجز طرحهم ؟ بالطبع لا، فقد لجأ بعضهم الى تغيير مفهوم التعقيد الغير قابل للاختزال الى تعريفات أسوء وأكثر كارثية، واخرون لجؤوا الى الأسلوب التقليدي لكل مفلس ومفتقر لأي دليل، يحاججون في الطريقة التي تطور بها السوط البكتيري، بعضهم يقول بأن السوط لا يمكنه أن يتطور من TTSS ولا TTSS يمكنه أن يتطور من السوط البكتيري، أيا كان السيناريو الذي تطور به السوط البكتيري فلا حاجة لنا به لنسف الإدعاء القائل بأنه نظام غير قابل للإختزال، حتى وإن كنا نجهل الطريقة التي تطور بها السوط فسيجعل منه ذلك مثل الكثير من الأنظمة التي لا نزال نجهلها الى اليوم، ليس في البيولوجيا فقط بل في كل مجالات العلوم. والتشبت بجهلنا لأصل السوط البكتيري كدليل على التصميم الذكي هو احتكام الى الجهل لاغير.

من إعداد الصديق: خالد المازيسي



:: توقيعي ::: رابط قناتي عن نظرية التطور في التلغرام:
https://t.me/evolutionisafact
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع