![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو ذهبي
![]() |
اقترب عيد الأضحى، وتحولت الأحياء الشعبية إلى قطعة من كوكب آخر، عالم عجيب
تملأه أجواء روحانية ساحرة.. شباب نصبوا خيمات لبيع التبن والفحم، وشباب آخرون يبيعون الأسلحة البيضاء.. أسلحة ممارسة جريمة القتل بكل وحشية في حق ذلك الحيوان الأليف الوديع الذي يسمونه كبش العيد.. سمع صوت خروف يمعمع، فأصابه الفزع، فقد حسب أنه أسد يزأر.. وذلك من كثرة تفكيره الطويل العميق في مشكلة شراء كبش العيد، لا لشيء سوى لإخراس الجيران اللؤماء وإسكات أفواههم الكبيرة وقطع ألسنتهم الطويلة كالأفاعي السامة.. كان قد وفر بعض المذخرات القليلة، باعت زوجته خاتم الذهب، وأعطته ثمنه ليضيفه إلى مذخراته الهزيلة لعلها تكفيه ليشتري للأولاد كبش العيد.. مع الصباح الباكر، وقفت معه أمام باب المنزل وهو يستعد للمغادرة، إلى سوق الأكباش، قالت له تنصحه: احذر أن يسرقوا منك النقود، واحذر أن ينصبوا عليك، فالسوق مليء بالذئاب، الله معك.. عاد بكبش سمين بعد الزوال، عاد متعبا منهكا وقد لفحته شمس السوق الحارقة، فرحت الزوجة بالكبش، وتسابق الأطفال للعب معه ومداعبته وتقديم الأعلاف له.. كانت لديه ثلاثة أبناء، طفلان في سن الثالثة عشرة والثانية عشرة، وطفلة في سن الحادية عشرة، كان أبناءه يحبون الحيوانات كثيرا ويرأفون بها، وقد أحبوا ذلك الكبش المسكين وأصبحوا أصدقاءه الأوفياء، وهو أيضا أصبح صديقهم، يعرفهم ويطمئن إليهم، ولا ينفر منهم كما ينفر من الزوار الثقلاء المتطفلين الذين يأتون لمشاهدته بكل صفاقة، ويتلمسون ظهره بفجاجة وقلة أدب، بمن فيهم الأب والأم.. في ليلة العيد، كانت الأم تحمل الهاتف وتخاطب أهلها: نعم، الأضلاع سأقددها، والصوف أغزلها وأحيكها غطاء للشتاء، الرأس؟ نعم أنا أيضا سأبخره والأفخاذ أشويها، أطفالي يحبون الشواء، نعم هذا مؤكد، لا من بد شواء الكبد في اليوم الأول.. وبينما كانت الأم تقول هذا الكلام في الهاتف، كان الأبناء في الغرفة الأخرى يخططون.. نعم كانوا يستعدون لتنفيذ خطة جهنمية لتهريب خروف العيد من حد المقصلة، خطة حبكوها ونسجوا خيوطها بإحكام، وسموها ليلة تهريب كبش العيد من كرسي الإعدام.. تحت جنح الظلام، تعاونوا على إخراج الخروف من المنزل دون أن يشعر بهم أحد، وأخذوه ـ كما اتفقوا على ذلك مسبقا ـ إلى الغابة القريبة، وأطلقوا سراحه في البراري والأحراش.. عند الصباح، استيقظ الأب والأم، وكان الأب يستعد لذبح الكبش، وذهب إليه ليتفقده في موضعه فلم يجده، فوقع مغشيا عليه.. جاءت الأم تجري لتشاهد الذي حصل، فوقعت بدورها على الأرض بجواره وهي تتمتم دون شعور: خاتمي الذهب ذهب.. خاتمي الذهب.. ّذهب.. أدرك الأبناء بعد فوات الأوان حجم المصيبة التي اقترفوها، فانطلقوا إلى الغابة ليتفقدوا الكبش فوجدوه ملقى على العشب وقد أكل الضبع نصفه، بينما تحوم حوله النسور الجارحة لتصيب من النصف الآخر، فالكبش لم يكن من حيوانات الغاب، بل هو ابن الإسطبل، ولم يكن قادرا على الصمود بين الكواسر والجواح وهو الكبش الدرويش الوديع الظريف الذي لا حول له ولا قوة.. يوليوز ـ 2021 |
|
|
|
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond