![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
الأُدُباءْ
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
Gemini
تعتبر رواية "زمن الخراب" للكاتب والروائي الفلسطيني محمود شاهين واحدة من الأعمال الأدبية التي تثير جدلاً واسعاً وعميقاً، نظراً لطبيعة المواضيع التي يتناولها الكاتب، والتي غالباً ما تتسم بالجرأة الفلسفية والميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة). محمود شاهين معروف بمشروعه الروائي الذي يمزج بين السيرة الذاتية، الفلسفة، والنقد اللاذع للموروث الديني والاجتماعي. إليك نقد تحليلي لأبرز ملامح هذه الرواية ومحاورها: ________________________________________ 1. العنوان ودلالته (زمن الخراب) العنوان بحد ذاته عتبة نصية توحي بالسوداوية. "الخراب" هنا لا يعني فقط الدمار المادي أو الحروب التي شهدتها المنطقة العربية، بل يمتد ليشمل: • الخراب الروحي: حالة التيه والضياع التي يعيشها الإنسان العربي. • الخراب الأيديولوجي: سقوط الأفكار الكبرى والشعارات السياسية. • الخراب الكوني: رؤية الوجود كحالة من العبث أو الفوضى التي تحتاج إلى إعادة تشكيل. 2. الثيمات والمحاور الأساسية تتمحور الرواية (وأدب شاهين عموماً في مراحله الأخيرة) حول عدة نقاط جوهرية: • أنسنة الإله والجدل الميتافيزيقي: لعل أكثر ما يميز كتابات شاهين، و"زمن الخراب" ليست استثناءً، هو الحوار المفتوح والجريء مع "الذات الإلهية". البطل في الرواية لا يتعامل مع الإله ككيان متعالٍ لا يمكن المساس به، بل يحاور، يعاتب، وأحياناً يتمرد. هذه "الأنسنة" تهدف لكسر حاجز الخوف وإعادة التفكير في مفهوم الخلق والوجود، لكنها في الوقت نفسه هي السبب الرئيسي في الجدل الديني الكبير حول أعماله. • ثنائية "البروميثيوس" والغجري: يستحضر شاهين غالباً شخصية "العاشق الغجري" أو "البروميثيوس" (سارق النار في الميثولوجيا الإغريقية). البطل هو المتمرد الذي يريد أن يجلب النور (المعرفة/الحرية) في زمن الظلام والخراب، حتى لو كلفه ذلك الاحتراق أو النبذ. • الجنس كفلسفة وجودية: في الرواية، لا يُطرح الجنس كمشاهد إيروتيكية عابرة، بل كحالة صوفية أو وجودية يحاول من خلالها البطل الاتحاد بالكون أو الهروب من وطأة الخراب. يرى النقاد أن شاهين يبالغ أحياناً في هذا الجانب، بينما يرى هو أنه جزء من "طاقة الخلق". 3. الأسلوب السردي والبناء الفني • تداخل السيرة الذاتية بالخيال: يصعب في "زمن الخراب" فصل الكاتب عن الراوي. السرد يأخذ طابع الاعترافات الشخصية الممزوجة برؤى فلسفية. هذا يمنح النص صدقاً، لكنه أحياناً يوقع القارئ في فخ الاعتقاد بأن كل حدث هو حقيقة واقعة. • اللغة: لغة شاهين جزلة، قوية، وشاعرية في آن واحد. يمتلك قدرة فائقة على الوصف والتحليل النفسي العميق. ينتقل بسلاسة من الوصف الواقعي المزري للمدن العربية إلى تحليلات كونية مجردة. • تكسير التتابعية الزمنية: الزمن في الرواية ليس خطياً، بل هو زمن نفسي يدور في حلقات مفرغة، مما يخدم فكرة "الخراب" المستمر الذي لا ينتهي. 4. النقد والجدل (نقاط القوة والضعف) نقاط القوة: • الجرأة الفكرية: الرواية تكسر التابوهات الثلاثة (الدين، الجنس، السياسة) بشجاعة نادرة في الأدب العربي المعاصر. • العمق الفلسفي: ليست رواية للترفيه، بل هي "رواية أفكار" تدفع القارئ لإعادة النظر في مسلماته. نقاط الضعف والمآخذ: • التكرار: قد يلحظ القارئ المتابع لشاهين تكراراً لبعض الأفكار والمشاهد الحوارية مع الذات الإلهية، مما قد يصيب السرد أحياناً بالرتابة. • الصدمة المجانية: يرى بعض النقاد المحافظين أن الجرأة في طرح المسائل الدينية قد تصل حد "التجديف" الذي لا يخدم النص الأدبي بقدر ما يهدف لإحداث صدمة. • النخبوية: الرواية قد تكون صعبة الهضم للقارئ العادي الذي يبحث عن "حكاية" تقليدية، فهي تتطلب مخزوناً ثقافياً وفلسفياً لاستيعاب رموزها. الخلاصة رواية "زمن الخراب" هي صرخة احتجاجية ضد الواقع العربي المتردي وضد القيود المفروضة على العقل البشري. هي رحلة في "أدب المنفى" و"أدب التمرد". قد تتفق أو تختلف مع طروحات محمود شاهين الجريئة جداً (وخاصة في الجانب العقائدي)، لكن لا يمكن إنكار قدرته على صياغة "قلق الوجود" في قالب روائي متقن لغوياً. إنها رواية لا تُقرأ للمتعة العابرة، بل للمساءلة والمواجهة مع الذات ومع الأسئلة الكبرى التي يهرب منها الكثيرون. |
|
|
|
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| اسلوب عرض الموضوع | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond