ويظهر ان القرارات الالهية لا تلتزم بنفس العقاب لذات الاثم، فاذا كان الله قد غضب على قوم لوط ولم يمهلهم لليوم الآخر، وهم قد ارتكبوا اثم اللواط في مدينة واحدة، فلماذا يصبر الله على الملايين الذين يمارسون اللواط الان في كل مدن وقرى المعمورة، وهم يمارسونه من قبل ظهور الاسلام وحتى يومنا هذا، ولا يخفونه كما كان يحدث في الماضي؟ بل صاروا يعقدون الجيزات للمرأة على المرأة، وللرجل على الرجل. وها نحن نقرأ في الصحف يومياً عن القساوسة الذين مارسوا الجنس مع أولاد صغار ممن ينشدون الاناشيد في الكنائس، ولا بد أن هناك مشائخ في العالم الاسلامي يفعلون نفس الشئ. فلماذا لم يعاقبهم الله كما عاقب قوم لوط؟ ولا بد أن يقول شيخ الاسلام إن الله يمهل ولا يهمل، ونقول لهم لماذا إذاً لم يُمهل الله قوم لوط؟
۞وقد سأل موسى ربه ان كان يريد ان يعاقبهم بما فعل السفهاء منهم، كما فعل بقوم لوط، في الآية 149 من سورة الانعام: " واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا فلما اخذتهم الرجفة قال ربي لو شئت اهلكتهم من قبلي وأياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا، ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء". فهاهو النبي موسى الذي تكلم مع الله مباشرةً يقول له كيف تعاقبنا بما فعل السفهاء منا؟ وحتى هولاء السفهاء ما فعلوا ما فعلوه الا بعد ان فتنتهم أنت، فهي فتنتك تضل بها من تشاء.
۞ويظهر ان عمل الانسان في هذه الحياة لا يُعتمد عليه في الدخول الى الجنة او النار، وانما يعتمد كل شئ على القرار الاولي الذي اتخذه الله قبل ان يُخلق الانسان. ولنقرأ هذا الحديث النبوي لنعلم مدى صحة هذا القول: حدثنا الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله – وهو ابن مسعود – قال: حدثنا رسول الله (ص) وهو الصادق المصدوق " ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيُختم له بعمل اهل النار فيدخلها، وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيُختم له بعمل اهل الجنة فيدخلها". فاذاً المسالة مسالة حظ ونصيب، ليس الا.
۞ويبدو ان بعض الانبياء لا يريدون لقومهم ان يؤمنوا قبل ان يروا عذاب الله، فهذا هو موسى عندما بُعث الى فرعون وقومه، يطلب من الله ان يشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب، وهو يوم القيامة، كما نرى في الآية 88 من سورة يونس: " وقال موسى ربنا انك اتيت فرعون وملأه زينةً واموالاً في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم". وليس غريباً ان نفس هذه ألآية موجودة في التوراة: " وأقسى الرب قلب فرعون فلم يؤمن بموسى عندما كلمه الله"
ويبدو ان الله نفسه قد ختم على قلوب بعض الناس ومنعهم ان يؤمنوا قبل ان يريهم العذاب الاليم، كما نرى في الآية 96 وما بعدها من سورة يونس: " ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الاليم".
|