كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته

كلنا يعرف حديث الراعي والرعية
هذا التصور الرعوي للعلاقة بين الحاكم والمحكوم يوجد أيضا في المسيحية : يسوع الراعي (أو البابا ) بقصبته يجمع القطيع (أبناءه) في حظيرته
كثيرا ما نسمع هذا الحديث للدلالة على رحمة النبي بقومه , أو الحاكم برعيته , يحميهم من الذئاب و يوفر لهم الرزق , ويسهر على سلامتهم ليل نهار

لكن , لا أحد منا يدفع بالأمور الى منتهاها , ويذهب بالمثال السابق الى نهاية المطاف حيث يبيع الراعي خرفانه الوديعة الى الجزار لتذبح و تسلخ . كانت هذه ملاحظة أعجبتني قام بها الكاتب آي . اف .ستون في كتابه "محاكمة سقراط " , وفي هذا الكتاب يبين لنا الكاتب أن الفيلسوف سقراط (ويا لها من مفاجأة) كان يتبنى نفس النظرة الرعوية بين الحاكم والمحكوم وكان مناهضا للديموقراطية الأثينية , ويذهب الكاتب أبعد من ذلك الى القول بأن ذلك بالضبط ما كان وراء اعدام سقراط
يقول الكاتب في كتابه السابق الذكر ص 32 من الترجمة العربية :

"يفكر سقراط كأحد الملكيين المخلصين,فقد عبر عن وجهة نظره في موضع آخر من "المذكرات"عندما يسأل لماذا سمي الملك أجاممنون في هومر باسم : "راعي الشعب"؟ ثم يجيب على سؤاله بالقول :"لأن الراعي يهتم بحاجة غنمه واطعامهم ".
حقا ان الراعي الصالح لا بد أن يسهر على حماية القطيع واطعامه , والى هذه الدرجة لأن هناك مصلحة مشتركة بينهم,لكن الهدف النهائي للراعي هو أن يجز الصوف,وفي النهاية يبيع الغنم لتؤكل لحمها,فالقطيع مصيره محتوم وهو سوق اللحم ,لكن الغنم لا تسأل ولا تطلب مشورتها عندما يقرر الراعي أن الوقت قد حان لذبحها , والدرس الذي استخلصه الاغريق من التشبيه بالراعي هو أن الغنم لا يمكنها أن تثق بالراعي , وأن المجتمع البشري لا يمكن أن يوكل أمره لانسان مطلق الارادة مهما قيل عن حسن نواياه... " .