![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو بلاتيني
![]() |
هذه المقالة نشرت في مجلة المنار الباريسية العدد 54 /حزيران/1989
مكتب باريس/ 129, Av, Du GENERAL DE GAULLE 92200 NEUILLY / SEINE. FRANCE TEL; 47454910 الجزء الأول ان أيدي صندوق النقد الدولي مازالت ملطخة بدماء الشعوب. ومازالت وصفاته السيئة السمعة وراء اغلب المواجهات العنيفة التي تقع بين حكومات البلدان النامية وشعوبها. ومازالت صورته الحقيقية هي صورة الأداة المالية الأساسية التي تستخدمها الرأسمالية العالمية حاليا لإدارة اقتصاد البلدان النامية من خلال إدارة مديونيتها الخارجية. ومازالت اقطار عديدة في المنطقة العربية تذكر له كيف كانت سياساته المتعالية هي التي أثارت سخط الجماهير في مصر في 18 و19 كانون الثاني 1977, وإحداث العنف الجماهيري الحادة في تونس بعد ذلك في أعوام 1978 و 1981 و1984, وفي المغرب عامي 1981 و1984, وكذلك ما حدث في السودان عامي 1984 و 1985. ثم كانت إحداث الجزائر في تشرين الأول 1988. وما شهدناه من إحداث الأردن الدامية تفتح ملف الصندوق من جديد وتلح على إعادة النظر في دوره المعادي لشعوب البلدان النامية. لم تكن تلك الصورة للصندوق عندما تقرر إنشاؤه في عام 1944 قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بقليل. وقتها كانت الحكمة قد تغلبت على المصالح القصيرة النظر. ورأى الحلفاء ان النصر العسكري لا يكفي وحده لإعادة السلام. وإنما كان لابد من اقامة قواعد ثابتة للسلام تضمن استمراره واستقراره. ورأوا بالتالي ان يقيموا قاعدة اقتصادية للسلام تتمثل في الحيلولة دون قيام الصراع الدموي على الأسواق. رأوا ان أزمة العملات والمدفوعات الدولية كانت هي المشكلة التي جرّت جميع المشاكل الأخرى وأدت في النهاية الى اشتعال نيران الحرب. لذلك اجتمعوا في مدينة بريتون وودز بأمريكا وتوصلوا هناك الى الاتفاق على إنشاء منظمتين دوليتين هما صندوق النقد الدولي و البنك الدولي للتعمير والإنشاء تضعان قدرا من التنظيم في العلاقات الدولية. وكان المفروض ان تساهم المنظمتان بنصيب كبير في اقرار السلام الاقتصادي بين الدول الرأسمالية الكبرى. ومع ذلك فلم تكد الحرب تضع اوزارها حتى تجددت المنافسة بين الحليفتين الكبيرتين: الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.. كما اقتصرت المنظمتان في البداية على دول الحلفاء دون دول المحور. ثم لم ينظم اليهما كل الحلفاء, فاقتصرتا على الدول الرأسمالية وأتباعها. وتحددت مهمة صندوق النقد الدولي في تمكين الدول الأعضاء من المحافظة على ثبات أسعار صرف عملائها داخل إطار عالمي يسمح بقيام المدفوعات بين الدول بلا قيود ولا عقبات من شأنها اعادة التوتر في العلاقات الاقتصادية الدولية.. كانت أهداف الصندوق بالتالي هي: - ثبات اسعار الصرف وتجنب التنافس بين الدول الرأسمالية على تخفيض العملات بوصفه جزءا من الحرب الأقتصادية. - حرية تحويل العملات حرية كاملة واقامة نظام متعدد الأطراف في المدفوعات الدولية بدلا من الاتفاقات الثنائية والتكتلات المتصارعة على الأسواق. - ازالة الحواجز الموضوعة في وجه التجارة الدولية بأمل أن تساهم بفعالية في تحقيق مستويات عالية من العمالة والدخل. لذلك تشكل الصندوق لمعاونة الدول الأعضاء وتزويدها بصفة مؤقتة بالعملات التي تحتاجها لتسوية مدفوعاتها الدولية. فالصندوق في الواقع عبارة عن صندوق أو خزينة فيها رصيد من العملات المختلفة تقدمه الدول الأعضاء جميعا, كل منها طبقا لحصتها المحددة لها. فاذا ما اصاب احدى الدول الأعضاء اختلال طاريء وموقت في مدفوعاتها الدولية, اي عجز عارض في ميزان المدفوعات, استطاعت ان تحصل على العملات المطلوبة لتسوية العجز من الصندوق نفسه, على ان تقوم فيما بعد بأعادتها الى الصندوق بطريقة معينة. كانت تلك محاولة هامة في سبيل انشاء او بناء نظام نقدي دولي يعتمد على علاقات نقدية دولية مستقرة. وفي سبيل ذلك كان على كل دولة ان تحافظ على قيمة عملتها من التدهور وان تتجنب اللجوء الى اساليب التمييز والتفضيل في التجارة الدولية. كانت تلك محاولة هامة لتنظيم المنافسة الدولية والصراع الدولي بين الدول الرأسمالية الكبرى. لكن المحاولة لم تنجح. فلقد استمرت الحواجز في وجه التجارة الدولية بل وتضاعفت, وانهار النظام كله في النهاية عندما تخلت عنه الولايات المتحدة في مطلع السبعينات. لكن المشكلة ليست هنا – المشكلة هي ان الصندوق لم ينشأ لخدمة البلدان النامية التي كانت خارج الصورة تماما عند إنشائه. فالصندوق انشيء لخدمة الدول الرأسمالية عندما تواجه- بصفة مؤقتة – خللا طارئا في موازين مدفوعاتها . لكن الدول النامية لا تواجه مثل هذا الخلل الطاريء فقط. وحتى عندما يقع خلل طاريء إحداها فأنه يعبر في الحقيقة عن خلل هيكلي وليس عن خلل طارئ في ميزان مدفوعاتها. ومن ثم تواجه الدول النامية مهام التنمية واعادة بناء اقتصادها والخروج من أوضاع التخلف والتبعية التي ورثتها عن المرحلة الاستعمارية القديمة. وكل ذلك لا يستطيع ان يساعدها الصندوق فيه. ومن هنا بدا الصندوق يتخذ إجراءات جديدة لمواجهة طلبات البلدان النامية. وتحت ضغوطها تقررت تسهيلات معينة لصالحها. كان أهمها نظام حقوق السحب الخاصة بهدف توسيع دائرة الحالات التي تحصل فيها بهدف توسيع دائرة الحالات التي تحصل فيها على قرض من الصندوق. لكن الصندوق هو وحده المرجع الأولو الأخير في تطبيق هذه الحالات على الدول النامية. ومن ثم صارت له سطوة متزايدة على هذه الدول. وأصبح يتدخل ليحدد شروطه لمنح مساعداته المقررة في ميثاقه. وغالبا ما يشترط ما يسميه " تصحيح المسار الأقتصادي" للدولة النامية. أي إعادة رسم سياستها الاقتصادية حتى تنال موافقته على طلب المساعدة. وفي التطبيق اتسمت سياسة الصندوق بتقليص مساعداته للدول النامية عموما. ومن ثم لجأت هذه الدول الى البنوك التجارية الدولية. لكن كلما ازدادت مديونية الدول النامية كلما راحت تطرق ابواب الصندوق, ليس فقط للحصول على مساعدة ما منه, ولكن للحصول على شهادته بحسن سيرها وسلوكها لكي تقدمها الى مجموعة الدول والبنوك الدائنة, فتقبل تأجيل دفع ديونها تحت اسم ما يسمى بأعادة جدولة الديون. وصارت للصندوق – بذلك – سلطة عليا راح يمارسها بلا تردد ولا رحمة. وبدلا من مهمته التي أنشيء من أجلها وهي اعادة السلام الأقتصادي الى العالم أصبح الصندوق يمارس مهام ادارة الحرب الأقتصادية الدمية ضد الدول النامية من خلال ادارته العليا للمديونية الدولية لصالح الدول الرأسمالية الكبرى. وأصبحت الديون الخارجية هي الآلية المستحدثة للتبعية الجديدة. وأصبحت اعادة جدولة الديون الخارجية مستحيلة الا بالمرور عبر صندوق النقد الدولي. يتبع |
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| الأبتزاز, الدولي, صندوق |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| للتحميل: الإعلاميون والنزاع المسلح- الحماية والمسؤوليات بموجب القانون الإنساني الدولي | لؤي عشري | ســاحـــة السـيـاســة ▩ | 0 | 01-25-2019 04:29 PM |
| للتحميل: الإعلاميون والنزاع المسلح- الحماية والمسؤوليات بموجب القانون الإنساني الدولي | لؤي عشري | ساحة الترجمة ✍ | 0 | 01-25-2019 12:40 PM |
| منظمة الامم المتحدة للتمنييك الدولي . | فتى الشرق العظيم | ســاحـــة السـيـاســة ▩ | 3 | 08-08-2018 03:42 PM |
| صندوق الاسلام - Box Of Islam | الأسطورة0 | علم الأساطير و الأديان ♨ | 3 | 03-21-2017 10:51 PM |
| تراجع العلماء: الكويكب tx68 لن يشكل خطرا على الأرض الفضاءمركز الفلك الدولي | ابن دجلة الخير | العلوم و الاختراعات و الاكتشافات العلمية | 0 | 03-07-2016 08:05 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond