شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في نقد الإيمان و الأديان > العقيدة الاسلامية ☪

 
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 07-22-2020, 08:26 PM Jurist غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
Jurist
موقوف
 

Jurist is on a distinguished road
افتراضي جدال إبراهيم مع قومه

جدال إبراهيم مع قومه

قال تعالى : قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
قد يشكل على البعض ههنا وجه الحجة في الآية لأنه قد يقول قائل و ما الدليل أيضا أن رب إبراهيم هو الذى يأتي بالشمس من المشرق؟
أولا يأتي بالشمس من المشرق تعني: هيأ الأسباب التي تجعل الشمس تشرق على الناس من الجهة التى صارت تعرف بالمشرق. و الكون وما فيه من نظام دقيق يدل بداهة على وجود خالق. إذ أن العقل يحيل أن يكون هذا الكون البديع هو نتيجة خبط عشواء وهذه الحقيقة لم يكن يجادل فيها أحد من الحضارات القديمة وكانت أمرا مسلما به لدى قوم إبراهيم و غير قوم إبراهيم.
ثانيا إبراهيم عليه السلام كما ذكر القرآن كان يرى - كما قال لأبيه - أن اتخاذ الأصنام آلهة تُعبد هو ضلال مبين ثم أخذ يتأمل في ملكوت السماوات و الأرض ثم قال: إني وجهت وجهي للذى فطر السماوات و الأرض حنيفا. وقد قال للكوكب و القمر و الشمس إما على سبيل إلزام قومه بالحجة – بدليل أنه ضللهم قبل ذلك على عبادة الأصنام - أو كان يحدث نفسه بذلك وهو لا يزال صغيرا فى سياق تأمله أنها آلهة تستحق العبادة ثم خلص من خلال التأمل و التفكر - لأنها جميعا أفلت و غابت - إلى أن الإله الجدير بالعبادة هو الذى خلق هذه الأشياء لأن مغيبها علامة على ذهاب تأثيرها في مصائر الناس أو إمكانية الانتفاع بها كما في الملاحة و الاهتداء بها في ظلمات البر و البحر. بينما فاطر السماوات والأرض تدبيره للأمر دائم ليس مرتبطا بطلوع ولا أفول. وأصل عبادة الكواكب و النجوم هو الاعتقاد بأن وجودها في السماء له تأثير في مصائر الناس ولذلك يستدلون بطلوع الكواكب والبروج على حوادث معينة على الأرض. ولذلك قيل أنهم كانوا يتوجهون بمعابدهم إلى جهة شروق النجم أو الكوكب.
وقد حاجّه الملك المذكور في الآية التي في سورة البقرة - أي جادله في شأن ربه - و الذى ربما ينتمي لسلالة أور الثالثة السومرية التي امتد سلطانها إلى مطلع الألفية الثانية قبل الميلاد لأن العهد القديم ذكر أن إبراهيم كان من "أور"* قبل أن يهاجر وكان ملوكها يؤلهون أنفسهم ابتداءا من ثاني ملوكها "شولجي" وكانوا يعبدون الإلهة "إنانا" - و ترمز لكوكب الزهرة – و الشمس و القمر و الرياح و العواصف والمياه العذبة و غير ذلك حتى قيل أن عدد المعبودات في "مجمع الآلهة" في عهد سلالة أور الثالثة بلغ 3600 معبود! وكان معبودهم الأكبر "إنليل" أو " إلّيل."
وربما "إنانا" أو "كوكب الزهرة" هي الكوكب المذكور في قوله تعالى: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي. و المعلوم أن كوكب الزهرة يمكن رؤيته أول الليل كأشد الأجرام السماوية لمعانا بعد القمر وقبل شروق الشمس فيظهر لمدة 263 ليلة في أول الليل قبل أن يأفل ثم يختفي من السماء تماما لمدة 8 آيام ثم يظهر قبل الشروق لمدة 263 يوما ثم يختفي تماما لمدة 50 يوما قبل أن يعيد الكرة مرة أخرى ليظهر أول الليل. ذلك أنه أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض بعد القمر فضلا عن أن السحب الكثيفة فى غلافه الجوي تعكس حوالي 70% من أشعة الشمس التي تصله ولذلك هو أكثر الكواكب لمعانا فى سماء الأرض ضمن كواكب المجموعة الشمسية.
و في خلال جداله مع ذلك الملك قال أنه يعبد فاطر السماوات و الأرض فهو وحده المستحق للعبادة لأنه هو الذى خلق الكواكب و الشمس و القمر وهو الذى يحيي و يميت فقال له الملك أنه يحيي ويميت أيضا فهو يفعل كما يفعل رب إبراهيم و لهذا فهو فى زعمه أهل للعبادة ، فزعم أنه إذا قتل شخصا فيكون قد أماته، ويستبقي شخصا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط - لأن المقصود أنه هو من ينشىء الأحياء وليس مجرد أن يستبقى أحدا حيا بالفعل على قيد الحياة وأنه الذي يميت الأحياء بقبض أرواحها وإن جعل قتل الناس بعضهم بعضا سببا للموت – اِطَّرَدَ معه في الدليل فقال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. وهنا لم يحر هذا الملك جوابا ولو على سبيل المغالطة كما فعل قبل ذلك في شأن الإحياء و الإماتة.
فمقصود إبراهيم بربه هو المنفرد بأنواع التصرف من خلق للسماوات و الأرض و الإحياء و الإماتة و الإتيان بالشمس من المشرق ونحو ذلك. وليس أنه معبود من جملة المعبودات الوثنية التي كانت شائعة في حضارة بلاد الرافدين.
و السومريون كان عندهم مفهوم "الإله الخالق" ويسمونه "أن" أو "أنو" وكانوا يعتقدون أنه الإله الأعلى ومصدر كل سلطة و أنه يحيط بالكون وإنه إله السماء لكن تصورهم عنه كان شائها شأنهم شأن مشركي العرب وقليلا ما عبدوه وأشركوا معه آلهة أخرى وجعلوه سلفا لكل تلك الآلهة كما كان مشركو العرب يجعلون لله بنين و بنات يتوجهون إليهم بطقوس العبادة ويقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. فذكر قصة إبراهيم ليس للتسلية ولا حتى للتأريخ بل هو إسقاط على واقع المشركين المخاطبين بهذا القرآن.

-------------------------------
*وَلَدَ تَارَحُ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَوَلَدَ هَارَانُ لُوطاً. وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَ حَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ مَوْلِدِهِ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ. وَتَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ. وَكَانَ اسْمُ زَوْجَةِ أَبْرَامَ سَارَايَ، وَاسْمُ زَوْجَةِ نَاحُورَ مِلْكَةَ بِنْتَ هَارَانَ الَّذِي أَنْجَبَ مِلْكَةَ وَيِسْكَةَ. وَكَانَتْ سَارَايُ عَاقِراً لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ. وَأَخَذَ تَارَحُ ابْنَهُ أَبْرَامَ (إبراهيم) وَحَفِيدَهُ لُوطاً بْنَ هَارَانَ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَبْرَامَ، وَارْتَحَلَ بِهِمْ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. لَكِنَّهُمْ وَصَلُوا إِلَى حَارَانَ وَاسْتَقَرُّوا فِيهَا. وَهُنَاكَ مَاتَ تَارَحُ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ مِئَتَانِ وَخَمْسُ سِنِينَ. (تك: 28-32)



  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
إبراهيم, يداه, قومه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع