![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو برونزي
![]() |
كنت قد كتبت مقالة عن تصديق القرآن للتوراة - في سياق تحليل كلام القرآن عن خلق السماوات و الارض في ستة أيام.
احب ان استطرد أكثر في الموضوع، فأقول: القرآن ذكر أكثر من مرة أنه مصدّق لما قبله من الكتب السماوية (التوراة و الانجيل)، و ذكر مثل ذلك عن عيسى: أنه مصدق لما بين يديه من التوراة. و ليس في القرآن آية واحدة تنهى عن اتباع التوراة الموجودة بين ايدي الناس، بل بالعكس، نجد أكثر من آية تحث اليهود على اتباع كلام الله اللذي بين ايديهم. هناك آيات يستدل بها الاسلامين على كفر من لا يحكم بشرع الله، لو راجعناها و تفصحناها نجدها تزجر اليهود لأنهم لجأو إلى النبي ليحكم في مسألة ما مع ان حكم الله مكتوب عندهم في التوراة، و تدعوهم للحكم بالتوراة و الا فهم كافرون! (تخيل: القرآن يقول لليهود اذا تركتم التوراة و سألتم النبي محمد فهذا كفر!) و كذلك هذه الآيات تدعوا (أهل الإنجيل) للحكم بما فيه، و تقول للمسلمين ان يحكموا بالقرآن، و تقول: (لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا فاستبقوا الخيرات) يستشف اصلا من الايات ان القرآن هو للعرب اما اهل الكتاب (اليهود و السريان ربما؟) فيكفيهم شرع الله لهم في كتبهم! لعل كل ما يطالبهم به هو تصديق ان محمد رسول من الله (للعرب) و ان يناصروه سياسياً و عسكرياً .. لو كان القرآن كلام الله كما يقولون، و لو كان يقول بأن التوراة و الانجيل محرفين، فكيف يأمر اليهود بتحكيم التوراة اذا كان قد طالها من التحريف ما لا يمكن معه التمييز بين الأصلي و المحرف؟ و كيف يأمر اهل الانجيل بالحكم بما جاء فيه؟ هناك كلمة وردت في الآية ان القرآن (مهيمن) على الكتب السابقة، فما معنى هذه الكلمة؟ المعنى اللذي يتبادر للاذهان انه (مسيطر) عليها او أنه فوقها او يلغي ما جاء بها، و لكن ليس هذا ما فسره المسلمون الأوائل. انقل هنا من تفسير ابن كثير: وقوله : ( ومهيمنا عليه ) قال سفيان الثوري وغيره ، عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس أي : مؤتمنا عليه . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : المهيمن : الأمين ، قال : القرآن أمين على كل كتاب قبله .و يقول الطبري: " ومهيمنًا عليه "، يقول: أنـزلنا الكتاب الذي أنـزلناه إليك، يا محمد، مصدّقًا للكتب قبله، وشهيدًا عليها أنها حق من عند الله، أمينًا عليها، حافظا لها.فهو إذن أمين و شاهد و ليس جاء لالغائها ولا معلنا لانتفاء الحاجة لها! بل القرآن للعرب و التوراة لليهود .. و في نفس السورة نجد ايضا بعد عدة آيات: قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين (5:68)كيف يطالبهم بإقامة التوراة و الانجيل لو كانت هذه الكتب محرفة؟ مما فاجئني ان هذا ليس رأيي فقط، بل ان البخاري (صاحب الجامع الصحيح) له نفس الرأي: ان التوراة غير محرفة. و حتى ابن تيمية رأيه ان التوراة فيها تحريف يسير (قليل). القرآن يكاد في كل مساجلاته مع اليهود ينكر عليهم أنّهم لا يقيمون التوراة، و أنهم يخفون ما فيها عن عامة الناس، مثل قوله: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراو لم أجده يقول لهم في أي موضع (بحسب ما رأيت) أن التوراة اللتي بين ايديكم هي كتاب محرف انتم غيرتموه و تلاعبتهم فيه. هناك مثلا: وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون (3:78)و ليس يفهم منها ان الكتاب نفسه محرف، و إنما ان بعضاً من رجال الدين اليهود يقولون كلاما يدعون انه في التوراة و هو ليس كذلك. جاء في تفسير ابن كثير: روى البخاري عن ابن عباس : أنهم يحرفون ويزيدون وليس أحد من خلق الله يزيل لفظ كتاب من كتب الله ، لكنهم يحرفونه : يتأولونه على غير تأويله .يمكن تشبيه الأمر بما يفعله رجال الدين المسلمين، مثلا الشيعة يتخذون بعض الايات اللتي لا علاقة لها بعلي و يدعون انها نزلت في علي، او أهل السنة اللذين يأخذون بعض الايات اللتي تمتدح صفوة ممن هاجر و قاتل الى جانب النبي فيعممونها على كل من شاهد النبي من المسلمين و يعتبرونه داخل ضمن الصحابة اللذي امتدحهم القرآن. فهذا مثال عن تحريف الكلم عن مواضعه من خلال التفسير و التأويل و تقديم الكلام للعامة على غير حقيقته. و كذلك قوله: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلالا يفهم منها ان التوراة اللتي عند اليهود محرفة، بل يفهم منها ان بعض الناس يكتبون كلاماً من عندهم يدعون أنه من التوراة و هو ليس كذلك، او يكتبون كلاما يدعون انه تفسير للتوراة و هو ليس كذلك. مسألة أخرى: هناك عدة مواضع في القرآن يفهم منها ان القرآن للعرب فقط، و أن النبي محمد هو رسول محلي لقريته و ما حولها من المناطق: القرآن عربي لأنه موجه للعرب، اما غير العرب فلا يتوقع منهم ان يؤمنوا به: ولو نزلناه على بعض الأعجمين (26:198) فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (26:199)لأن كل رسول يأتي بلغة قومه: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهمو لو كان نزل للعرب قرآن غير عربي لما آمنوا به: ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربيالرسول محلي لقريته و ما حولها: وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها هذا و هناك بعض الشواهد الأخرى - رأيتها ذُكرت في أكثر من مصدر و لكنني لم اتمكن من الوصول الى مراجع اتأكد منها بنفسي - فأذكرها هنا من باب الاستئناس لا غير: ان المسيحيين في سوريا و العراق في كتاباتهم عن الفتوحات الاسلامية (او العربية) في اوائلها لم يذكروا ان الفاتحين دعوهم الى ترك دينهم (المسيحية) لاتباع الاسلام، لا بالحسنى ولا بالاكراه. ولا يوجد ما يشير الى وجود سجالات دينية او عقدية في تلك الفترة، إنما بدأت تظهر في وقت لاحق. مما يشير الى ان المسلمين الاوائل لم يكونوا يرون في دينهم دينا عالمياً لكل البشر، و أن فكرة عالمية الاسلام ظهرت لاحقاً. ... و الله أعلم. |
|
|
|
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| للتوراة, القرآن, تصديق |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond