![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
باحث ومشرف عام
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() 1. في الجزء السابق من الموضوع الذي نشرته تحت عنوان “القطة السوداء وعِلْمَها اللامحدود!" حاولت أن أطرح تصوراً يتعلق بالوجه الآخر من خرافة "علم الله". ويتمثل هذا التصور في التساؤل عن الجدوى من هذا "العلم" بالنسبة للبشر. وهو تساؤل لا قيمة له، بل ويشكل تعدياً على "الذات الإلهية" بالنسبة للجاهلِ الفقيرِ لأبسط مقومات التفكير السليم للإنسان المعاصر. لكنه، وكما أعتقد، يجب أن يكتسب أهمية قصوى بالنسبة لمن يدَّعي بأنه يحمل خصائص العاقل والباحث عن الحقيقة ويعبر دوماً، بمناسبة أو غير مناسبة (غالباً بدون مناسبة)، بأهمية المنطق والبراهين العقلية. 2. ففي الجزء الأول تحدثت عن مشاعر الفخر والاعتزاز التي تغمر جارتنا العجوز بقدرة القطة على التنبؤ بأحوال الطقس ومعرفة أسعار البطاطا مسبقاٌ، وعن مبالغتها في وصف نباهة القطة وقدراتها "العقلية" النادرة وذكائها "الحاد" الذي وصل إلى حد تفضل فيه القطة مشاهدة نشرة الأخبار ومن إحدى محطات التلفزيون بالذات وفي حالة ظهور مقدمة أخبار جميلة بعينها! وقلت إن هوس العجوز بنباهة القطة قد تعدى حدود الإعجاب بقطتها متحولاً إلى عقيدة ذكرتني في الكثير من جوانبها بعقيدة "الله العليم". إذ يكاد المسلمون، مثلاً، يقتلون أنفسهم (وقد قتل الكثير نفسه فعلاً) بسبب الهوس والحماس بعقيدة اسمها " الله". فَهُم كجارتنا العجوز لا يكفون عن الصراخ والتهليل بأن إلههم "الله" يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور"، حتى أنهم مستعدون لذبح أبناءهم، كما فعل "إبراهيمُهُم" في الخرافة التي يعرفها الجميع، حتى يبرهنون على شيء واحد لا غير: “علم الله". وقلت إن جارتنا العجوز واجهت تحدياً من الناس الآخرين الذين سألوها عن الفائدة من نباهة القطة هذه: فهل ستقوم بشراء الحليب من السوبرماركت بدلاً منها؟ 3. كان جزع الناس كرد فعل على إلحاح العجوز الذي خرج عن حدود اهتمامها الشخصي بقطتها إلى إشغال الآخرين بقضية ليس بوسع المرء العثور على مبررات الاقتناع بها أو أخذها مأخذ الجد. فكان التساؤل عن جدوى معارف القطة هذه تساؤلاً منطقياً وهو لا يتعلق بالقطة بل بصاحبتها. فالقطة لم تدعِ يوماً بأي قدرات عقلية، بل حتى أن هذا الأمر لا يشغل بالها، وأنْ شغل بالها فإنَّه لا دليل لنا على ذلك. وإن مثل هذا الجزع استحوذ أيضاً على الناس من جراء ترديد عقيدة "علم" الله أيضاً صباح مساء وكأن لا قضية أخرى تشغل المسلمين غير علم الله وهم غارقون في مستنقع الجهل حتى الاختناق. 4. ينبغي أن نتأمل هذه القضية بمزيد من التفكير والتأني. فالمؤمنون، وجارتنا العجوز من هذا النوع من البشر، عاجزون عن التراجع عن/أو إعادة التفكير بحقيقة "علم" الله والقطة على حد سواء. فهم مصرون على "وجوده". وإن "وجود" هذا العلم يأتي من إيمانهم بــ"وجود" أربابهم. ولهذا فإنه من العبث مناقشة العجوز وإقناعها بأن ما تنسبه إلى القطة لا يتعدى أوهامها ورغائبها. أما المؤمنون بالأديان فإن الأمر أكثر تعقيداً وصعوبة. ولا يتأتى هذا الأمر بسبب عددهم الغفير ولكن بسبب أن إيمانهم بالخرافات يكاد يكون متجذر في أعماقهم. 5. إذن، ما العمل؟ لنقبل افتراض "علم" الله، ولنفترض أنه "سبق" الوجود، وليفترضوا هم ما شاءوا وما رغبوا، ولتصل افتراضاتهم المُهْوَسَّة إلى حيث شاءوا أن تصل؛ ولهذا فمن "يعتقد" بأن لربه علماً واسعاً لا حدود له يسبق وجود الكون والبشر، فإنه لابد وأنْ يخطو إلى الأمام خطوة واحدة بسيطة في نفس الاتجاه، وهي خطوة لابد منها وإلا تراجع آلاف الخطوات: والخطوة البسيطة هذه هي الإجابة المحددة (الخالية من البسملة والحمدلة والحوقلة) على السؤال: ما نفع هذا "العلم" سواء للإله نفسه أو للبشر؟ وعندما أتحدث عن "إجابة" فإنني أعني إجابة تستجيب لمعارف عصرنا واحتياجات الحياة الفعلية، وليست إجابات "قرآنية" لا معنى لها إلا لكي تدعم افتراضاتهم: ما الفائدة من هذا العلم؟ وهل استطاعوا من خلال هذا العلم المفترض أن يحاربوا الأمية التي تنتشر بين صفوف المسلمين؟ وهل حلَّ هذا العلم "الأمية المقنعة" بين صفوف حتى خريجي الجامعات؟ وهل ساعد هذا العلم المفترض تطوير العلوم الطبية وتحسين حياة المسلمين؟ وهل أنتج هذا "العلم" علماً تكنولوجياً لحل مشكلة تناقص الغذاء؟ وهل يُدَّرسُ هذا "العلم" في الجامعات الإسلامية في مجالات الطب والتقنية والفيزياء والكيمياء والرياضيات وغيرها من العلوم الطبيعية التي تحتاجها البشرية بدلاً من العلوم الغربية – علوم الكُفَّار؟ ثمة مئات الأسئلة التي يمكن أن تُطرح بسبب هذا العلم الموهوم، ويبقى السؤال واحداً لا غير: مــــــــــــــــــــــــــا فـــــــــــــــــــــــــــــــــائدة هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــذا العلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم؟
التعديل الأخير تم بواسطة المسعودي ; 12-30-2023 الساعة 01:47 AM.
|
|
|
|
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| لا علم لله، العلم للناس، الله وهم، وعلم الله وهم, هذا, الله, كان, علم, عنه؟, فائدة |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond