منقول .. استكشاف الله و معنى الحياة
هناك حديث مشهور يوجد في كتب ابن عربي ، يعتبره الصوفيين قدسياً ، يقول عن الله ((لقد كنت كنزاً مخفياً فأردت أن أُعرف فخلقت الخلق)) ، هذا الحديث يحدد غاية الخلق لأجل اكتشاف الله ومعرفته وليس عبادته ،وحول فكرة العرفان هذه يدور مذهب الصوفية ونذكر هنا الإمام الغزالي ( الصوفي) وبرغم إيمانه وكتبه الدينية خرج هائماً من منزله في خراسان الى بلاد الشام يبحث في معرفة الله لمدة عشرة سنوات ، ولو قدر للصوفية الحرية الفكرية لتغير معنى الحياة عند كثير من شعوبنا نحو البحث و الاستكشاف لكن بنتيجة الإضطهاد تحول المذهب للخرافات وهكذا سيطرت فكرة العبادة كمعنى للحياة ، ( وما خلقنا الانس والجن الا ليعبدون ) ، للأسف ما زالت هذه الشعوب تهدر يومياً ملايين الساعات والدولارات على العبادات يغذيها الخوف من النار ، على حساب الاستثمار في الأرض و الانسان .
إلى هذه اللحظة ، فكرة الله السائدة عند شعوبنا هو ما يطلق عليه (الله الأنثروبومورفيك) ، أي الله البشري ، وهي فكرة تصورية بدائية لله كبشر ، يغضب و يعذب و ينتقم ويمكر و يدمر الخ و هذا يكرس الخوف ويمنع اي ارتقاء لمعنى الحياة ، على الجانب الآخر وبنتيجة التطورات الفكرية الجذرية التي طرأت على الفكر اليهودي والمسيحي اختفى (الله البشري) من الثقافة الدينية ، وتغير معنى الحياة عند المسيحين إلى تجسد صورة الله في المحبة ونشرها ، وشراكة الله في إعمار الأرض عند اليهود .
إن تطور فكرة الله واعادة استكشافها واسقاط فكرة الله الأنثروبومورفيك تفرض نفسها كضرورة ملحة لانقاذ شعوبنا التائهة من البؤس الفكري والإرهاق في العبادات ، وإعطاءها معان جديد للحياة يساعدها على بناء الإنسان و منحها حقه الطبيعي والمسلوب في صناعة الحياة واكتشافها و الاستمتاع بها .
|