أصل تسمية " ذي القرنين"

[توليستوي]

أول من أشار إلى أن ذا القرنين الذي ورد ذكره فى القرآن الكريم بقوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (الكهف : 83) هو محيي الدين أحمد بن خير الدين المشهور بلقب أبو الكلام آزاد و الذي شغل منصب أول وزير للتعليم فى الهند بعد الاستقلال.

و مستنده بالأساس فى ذلك أن الإمبراطورية الأخمينية التي أسسها "كورش الكبير" كان يرمز لها فى رؤيا دانيال بكبش له قرنان حيث ورد فى سفر دنيال الإصحاح 8 : وَكُنْتُ آنَئِذٍ فِي شُوشَانَ عَاصِمَةِ وِلاَيَةِ عِيلاَمَ بِجِوَارِ نَهْرِ أُولاَيَ، * فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَإِذَا بِي أَرَى كَبْشاً وَاقِفاً عِنْدَ النَّهْرِ، وَلَهُ قَرْنَانِ طَوِيلاَنِ. وفى نفس الإصحاح يفسر جبريل الرؤيا بقوله : إِنَّ الْكَبْشَ ذَا الْقَرْنَيْنِ الَّذِي رَأَيْتَهُ هُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ.
و ولفظ ذا القرنين فى العبارة الأخيرة تكتب بالعبرية هكذا : בַּ֣עַל הַקְּרָנָ֑יִם وتنطق : بعل هاقِراناييم
أما لفظ له قرنان فيكتب بالعبرية هكذا : וְל֣וֹ קְרָנָ֑יִם و تنطق : لو قِراناييم
و معلوم تاريخيا أن كورش الثاني (كورش الكبير) هو مؤسس الأمبراطورية الأخمينية و أول من جمع في يده ملك فارس و مادي. و يؤيد ذلك أن اليهود تعظم كورش الكبير لأنه هو من خلصهم من السبي البابلى لما أخضع مملكة بابل حتى وصف فى سفر أشعياء بأنه "مسيح الرب" أو " مختار الرب " حيث ورد فى الإصحاح الـخامس و الأربعين منه : هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ لِكُورُشَ مُخْتَارِهِ، الَّذِي أَخَذْتُ بِيَمِينِهِ حَتَّى أُخْضِعَ أَمَامَهُ أُمَماً وَأَكْسِرَ شَوْكَةَ مُلُوكٍ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ كُوَّاتٍ وَلاَ تُوْصَدُ فِي وَجْهِهِ مَصَارِيعُ. * هَا أَنَا أَتَقَدَّمُكَ لأُسَوِّيَ الْجِبَالَ بِالأَرْضِ وَأُحَطِّمَ أَبْوَابَ النُّحَاسِ، وَأُكَسِّرَ مَغَالِيقَ الْحَدِيدِ، * وَأَهَبَكَ كُنُوزَ الأَقْبِيَةِ الْمُظْلِمَةِ وَذَخَائِرَ الْمَخَابِئِ، لِتَعْرِفَ أَنِّي أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي دَعَاكَ بِاسْمِكَ. * لأَجْلِ عَبْدِي يَعْقُوبَ، وَإِسْرَائِيلَ مُخْتَارِي دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ، لَقَّبْتُكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْرِفَنِي. * أَنَا هُوَ الرَّبُّ وَلاَ إِلَهَ غَيْرِي. لَيْسَ هُنَاكَ آخَرُ، شَدَّدْتُكَ مَعَ أَنَّكَ لَمْ تَعْرِفْنِي. * حَتَّى يُدْرِكَ النَّاسُ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنِّي أَنَا هُوَ الرَّبُّ وَلَيْسَ هُنَاكَ آخَرُ.
و فى النص إشارة إلى أن ملكه يمتد إلى مشارق الأرض و مغاربها
يقول "ويل ديورانت" في قصَّة الحضارة : ويتنبَّأ إشعيا الثَّاني بأنَّ بلاد الفرس ستكون أداة هذا التَّحرير، وينادى بأنَّ قورش رجلٌ لا يُقهر، وأنَّه سيفتح بابل، وينقذ اليهود من الأسر، فيعودون إلى أورشليم، ويشيدون هيكلاً جديدًا، ومدينة جديدة.

ومن اللافت للنظر هو العثور على نقش لكورش الكبير فى باسارغاد - عاصمة الإمبراطورية الأخمينية فى عهد كورش الكبير - وهو يلبس "تاج همهم" و الذى من جملة مكوناته قرنا كبش.