![]() |
|
|
|
رقم الموضوع : [1] |
|
عضو برونزي
![]() |
الفنار العجيب
الفصل الاول استيقظ احمد من نومه على صوت النوارس القادمة من البحر والتى تطير حول الفنار الذى يعمل فيه وينام فيه ويعيش فيه. كان الفنار انسب مكان للعزلة والتامل وابتعاده عن الناس بعد وفاة والده الذى كان يحبه اكثر من اى احد وكان يدلله كثيرا ويلبى له كل طلباته واحتياجاته. حين توفى والده شعر بالوحدة الشديدة وقلة الحيلة وانعدام من يحبه من الناس. وكان لا يزال اعزب وطالت عزوبيته حتى بلغ الخامسة والثلاثين. ولا يزال بتولا حتى فهو ليس امريكيا ولا اسيويا ولا اوروبيا. انه مصرى شرق اوسطى "عربى". نهض من فراشه. وهو يسترجع كيف ترك منزله ومنزل والده بالقاهرة وقرر الارتحال الى الاسكندرية والابتعاد عن كل ما يذكره بحياته مع والده. اليوم صار يخدم نفسه بنفسه ويشترى كل شئ يحتاجه بنفسه بعدما كان اعتماده الكلى على والده.واليوم ايضا احس بوجاهة نصائح والده له بالزواج. لكنه يكره الزواج لاسباب كثيرة منها تمرد بنات اليوم وعدم طاعتهن للزوج او الحبيب. ومنها رفضهن خدمة منزلهن وزوجهن. ومنها مؤخرات الصداق الضخمة وكتابة الشقة باسم الزوجة والطلبات المالية الضخمة التى يطلبها اهل العروس. ومنها ايضا انتشار التعصب الاسلامى السنى السلفى والاخوانى والسيساوى والازهرى فى بلاده. وميوله العلمانية واللادينية والبورنوجرافية المختلفة عن مجتمعه. فكيف يصاهر هذا المجتمع. ومنها ايضا رفضه لفكرة الزواج على عذريته وايمانه بوجوب دخوله فى مغامرات وعلاقات مساكنة وجيرلفريندات كثيرات لعدة سنوات قبل اتخاذ قرار الزواج باحداهن. فكر كثيرا فى انه بحاجة الى امراة غير مصرية وايضا غير مسلمة. امراة يتيمة. او منقطعة تماما عن اهلها. ليتجنب كل هذه المشاكل. انزل احمد قدميه من على الفراش المجاور لاحدى نوافذ الفنار. المطلة على شمس الشروق والصباح والبحر الابيض المتوسط الواسع. واخذ يتامل الصخور القريبة من الشاطئ والامواج والسفن البعيدة جدا والشاطئ البعيد جدا لاسفل. نفس المشهد الذى يراه كل يوم لكن فى كل مرة يراه كأنما يراه للمرة الاولى. ثم جال ببصره فى غرفته ذات الجدار المستدير كعادة جدران الفنارات. والشمس تتسلل بكسل الى مكتبه ومقعده واوراقه واقلامه وخزانة ملابسه. نهض بهدوء ليلبى نداء الطبيعة ويغسل وجهه ثم يذهب ليطمئن على اضاءة المنارة ومراياها. وانها تعمل بكفاءة. فلما انتهى من عمله. ارتدى ملابس الخروج الشتوية. ونزل السلم الملتف سلم الفنار بتؤدة من اعلى الفنار حيث غرفته وحمامه ومطبخه حتى بلغ سطح الارض. وخرج من باب الفنار يسير على رمال الشاطئ. ويجلس على صخرة قريبة. كان المكان الذى انشئ فيه الفنار بعيدا عن المصايف وعن حركة الناس. فنادرا جدا جدا ان يرى احمد فى محيط كيلومتر من الفنار اى انسان. لكنه كان يعشق الوحدة والوحشة منذ طفولته. واضيف على ذلك رغبته فى الابتعاد عن الناس واتقاء شر نذالتهم بعد وفاة والده. لكنه اليوم بحاجة لشراء احتياجاته من الطعام وبعض لوازم المنزل من الاسكندرية. ملا سيارته بالبنزين. وذهب الى المدينة. قرر بعدما اشترى حاجياته ان يدخل الميناء كعادته فهو مكانه المفضل. ليرى اناسا ياتون واناسا يرحلون. وبضائع توضع وبضائع ترفع على السفن العملاقة. كان يحب ان يجلس قرب مكتب الجمرك على رصيف الميناء ليتامل هذه الاحداث. وليسمع عمال الميناء والبحارة وهم يتنادون ويلقون التعليمات. بالعامية السكندرية او بلغات اجنبية. ويتامل البحارة بقبعاتهم وملابسهم الشهيرة. والقباطنة وهم ينزلون من سفنهم او يصعدون. والحاويات والونش يرفعها الى السفن او ينزلها منها. والحبيبات وهى تودع احبابهن وهم او هن يستقلون السفن الراحلة الى كل مكان. الى ايطاليا والى فرنسا. الى الولايات المتحدة والى روسيا. الى تركيا والى اليونان. الى جنوب افريقيا. الى اثيوبيا. الى اسبانيا. الى الهند او الصين. الى اليابان. الى استراليا. الى البرازيل والارجنتين. الى مالطا او صقلية. الى قبرص. الى اسرائيل او سوريا او لبنان. ويسمع نفير السفن وهى قادمة او راحلة من الاسكندرية. قرر فى ذلك اليوم ان يخرج من الميناء ليتمشى بشوارع الاسكندرية ذات التخطيط العجيب. العاصمة البطلمية والرومانية والبيزنطية لمصر. عروس البحر المتوسط .. هنا سار للاسكندر وحكم بطليموس وارسينوى وكليوبترا ويوليوس واغسطس وانطونيو. هنا كانت الحمامات والمسارح والمعابد المصرية والرومانية والهيلينية. هنا كانت نساء مصر يرتدين الازياء الفرعونية والاغريقية والرومانية الجميلة والانيقة الشبيهة بتبرج وسفور واناقة الاوروبيات والامريكيات بالقرن العشرين. ويتفنن فى تصفيف شعورهن. هنا اشتهرت السكندريات بالدلال والدلع والجراة والاغراء والتحرر. وهنا موطن المسيحية القبطية المرقسية. قبل ان تاتى رياح غربان مكة والمدينة وعقارب الحجاز ونجد قديما وحديثا لتمحو اوروبية مصر والاسكندرية وكوزموبوليتانيتها. وتجعلها مجرد مدينة سلفية او اخوانية او سعودية متعصبة بدوية خليجية. سار احمد فى ذلك اليوم وقد انفتحت شهيته للحياة وللتفرج على المدينة لسبب مجهول. ماذا جرى له. بعدما كان يفر من المدينة الى الفنار بمجرد شراء حاجياته او حتى يذهب فقط الى الميناء. اليوم يريد التمشى طيلة اليوم بشوارع الاسكندرية المستقيمة ويتتبع الكورنيش من اوله الى اخره. ويدخل فى شوارعها الجانبية المطلة على البحر. ويسمع صوت البحر وتلاطم الامواج الشديد بالمصدات الحجرية. والصيادين الجالسة. كم يحب نيل قاهرته ومتوسط الاسكندرية واحمر الغردقة التى يسمع عنها ولكن لم يرها. هنا سار نور الشريف ومحمود عبد العزيز فى فيلم الصعاليك. يتامل خطوط شوارع الاسكندرية الصفراء والتاكسى السكندرى الاصفر فى اسود على خلاف التاكسى القاهرى الابيض والاسود. ويقرر حتى دخول محطة سكك حديد الاسكندرية ومطار الاسكندرية ايضا. لقد ملاته الرغبة بالمغامرة هذه المرة. اخيرا عاد الى فناره. واستمرت حياة احمد رتيبة ايامها ولياليها تمر عليه وهو بالفنار وكل شهر يجلب حاجياته الضرورية ويقضى بعض مصالحة بالمدينة. ويقرا قليلا بالكتاب المقدس وايضا بكتب البهائية والصوفية خصوصا محيى الدين بن عربى وديوانه ترجمان الاشواق. او يجلس ليشاهد بعض المسلسلات المكسيكية على ابو ظبى دراما. او كرتون نيبون انيميشن على سبيس تون او افلام مصر الابيض والاسود على ميلودى كلاسيك. او افلام امريكا على ام بى سى. وذات صباح استيقظ احمد بالفجر على صوت ارتطام جسم بالماء. كان الصوت عاليا حتى استطاع سماعه من هذا العلو. ارتدى ملابسه على عجل وهو يتامل من النافذة ولا يرى شيئا فى الظلام المغبش بضوء صباح وليد. ونزل السلم بسرعة. وفتح باب الفنار. وخرج ليسير على الرمال مقتربا من مد الامواج والرمال المبللة الناعمة. ليتامل الماء عن قرب. وكانت المفاجاة. راى ظل امراة عارية يظهر منها نصفها العلوى فقط فوق الماء ونصفها السفلى تغطيها امواج البحر العاتية. كانت تبدو سوداء اللون من الظلام. هل كانت تسبح ام كانت تغرق. لا يدرى. اخذ ينادى عليها ويشير لها بيده وبالمصباح الصغير الذى بيده. لعلها تراه او تبين له مشكلته. فالتفتت له بوجهها بعدما كانت تواجهه بشعرها الغزير الذى يبدو طويلا حتى خصرها. خرجت من الماء. تقترب منه وتسير ببطء شيئا فشيئا. ووجه مصباحه الى بدنها. فوجئ بلون بشرتها. كان لون بشرتها ازرق تماما. ورفع ضوء المصباح الى وجهها. كان وجهه ازرق ايضا. ولكن عيونها سوداء وماذا ؟؟ ان شعرها ابيض. وفرك احمد عينيه. وقال فى نفسه لابد انه جن او انه يحلم او يهذى. اهذا خداع ضوء وظلام. ام لعلها ترتدى بذلة غوص زرقاء. ولكن ماذا عن لون شعرها. ان وجهها جميل ونضر وشاب انه وجه امراة فى الثلاثينات. ليس اكثر. فكيف يكون شعرها ابيض اللون. كان تكوينها وبنيانها بنيان بشرى تماما. من هذه المراة ومن اين جئت. وهل تتكلم. نظر وسلط مصباحه على يديها. نفس اظافرنا وايدينا. قال. من انت ؟ ما انت ؟ وقد تملكه الذعر. وقبل ان ترد اخذ يركض بحياته نحو الفنار. لكنها باغتته لتقف امامه فجاة. سقط ارضا مغشيا عليه واظلمت الدنيا حوله. الفصل الثانى فتح احمد عينيه ليجد نفسه فى فراشه وغرفته. مرتبة ونظيفة. ونهض بسرعة يريد التاكد من ان ما راه كان حلما او وهما. سمع ضوضاء بالمطبخ. ركض نحو المطبخ. ليرى ما يجرى فيه. ها هى ذا المراة الزرقاء ذات الشعر الابيض. وقد اختفى جسدها الجميل العارى خلف ملاءة بيضاء من ملاءات فراش احمد. وقد اخفت شعرها ايضا بمنديل اثرى كان لدى احمد وكان ملكا لجدته من ابيه. نظرت اليه المراة واستدارت وابتسمت له وهو مذعور ومصدوم. فتحت فمها وتكلمت. للوهلة الاولى لم يفهم حرفا مما قالته. ولكن مع الوقت شعر ان كلماتها وحى الهى يدخل الى اعماق نفسه ويفهمها عقله ثم يترجمها له كما لو كان يرتدى خوذة لغات الكون. لكنه تحسس راسه فلم يجد اى خوذة اسطورية من هذا القبيل. كانت المراة تشرح له حين سمعت بعقلها سؤاله عن كيفية فهمه للغتها الغريبة. قالت لدينا فى كوكبنا قدرات خاصة. سالها احمد وهو يرتجف بلسانه وفهمته بعقلها ايضا. كوكبكم ؟ الست انسانة مثلى من كوكبنا هذا كوكب الارض. قالت. لا لست من كوكبكم هذا. كوكبنا فى المجرة التى تسمونها اندروميدا. لا يختلف كثيرا عن كوكبكم من حيث الحيوانات والنباتات والغلاف الجوى. ولكن البشر فيه اذا صح اعتبارنا بشر لهم الوان ولغات مختلفة تماما عنكم. وقارات ومحيطات مختلفة ايضا. فى اسمائها واشكالها ودولها. قال احمد. انت ذكية جدا بالنسبة لهيئتك. قالت. مالها هيئتى. الانك ترانى جميلة معناه انى لابد ان اكون غبية وضحلة الفكر. قال احمد. المنطقى اكثر ان اجدك خرساء او جاهلة. او متفاجئة بوجودك هنا على الارض. ضحكت وقالت. يكون ذلك صحيحا لو اننى لا اعلم اين انا او لو كانت هذه هى المرة الاولى لى هنا. هل تعلم كم عمرى. قال. ثلاثون او اثنان وثلاثون سنة. ضحكت وقالت. بل خمسمائة سنة. اعمارنا اكبر من اعماركم بكثير. وهذا يعادل الثلاثين عندكم. ربما يكون افتراضك صحيحا لو انك صادفت امراة من عوام كوكبكم. لكن اعمارنا الطويلة تتيح لنا اصلاح اخطائنا وان ننهل من العلوم واكتشاف الفضاء الشئ الكثير. اما اعماركم فلا تمهلكم الكثير. اضافة لمشاكل التعصب الاسلامى السنى بشرقكم الاوسط ومؤامراتكم الرهيبة ضد الغرب وضد اسيا الصفراء. لقد قرات بعضا من كتبك وملاحظاتك عليها وكتاباتك. فاعلم انك متسامح عن غيرك. لى سنوات طويلة اسبح فى هذه البقعة. ولكنك لم تسمعنى ولم اظهر نفسى لك. الا اليوم صباحا. كنت اراك من حيث لا ترانى. استطيع ان اكون خفية او عملاقة او مصغرة لو اردت. انا من الكوكب الذى الهمكم عبر العصور القديمة والحديثة بالميثولوجيا والاديان. كان علماؤنا يظهرون لكم عبر العصور فتعبدونهم. او تغيرون فى هيئتهم. ولكن للانثصاف انتم اذكياء وخيالكم الواسع كان كافيا لخلق الهة. اقتبستم منا بعض قدراتنا لالهتكم وبعض اشكالنا. ولكن 90% من الهتكم واديانكم من صنعكم وصنع خالقنا الاسمى جميعا ابينا السماوى. قال احمد بتردد. ومحمد. هل زرتموه ؟ قالت. كلا نحن نظهر للاخيار فقط والصالحين. وليس للمجرمين والبدو والعرب الاشرار. هذا الرجل سرق اشياء من السابقين الذين زرناهم او الهمناهم وابدعوا بتسامحهم بديانات مصر وفارس والهند والصين وحتى بالمسيحية. لكنه صنع دينا شريرا بدويا عدوا للبشرية وللعالم وللحضارة والفنون والحرية والعلمانية كما تعلم. فانتم بتسامحكم وتطوركم وبمعونة ابينا السماوى خالقنا الاسمى امون رع ابدعتم بهائية وبوذية وزرادشتية ومسيحية وكونفوشية وطاوية وهندوسية وابدعتم ديانات مصر وبابل ومؤاب وارام. وابدعتم فنون وعلمانية وحريات غير مسبوقة بكوكبكم بمعونة ثقافتكم وقيمكم الهندوصينية والاغريقورومانية واليهودومسيحية والسلافية. قال احمد ضاحكا. انت انثى عجيبة حقا. قالت ضاحكة. لكننى لا اعجبك بسبب سعة اطلاعى واستغراقى مثلك فى الثقافة والسياسة. لقراءة بقية قصتى تابعونى على مدونة صديقى سمسم المسمسم الذى تكرم بنشر بعض قصصى ومقالاتى http://semsem-elmisamsim.blogspot.co...og-post_9.html |
|
|
|
|
|
|
رقم الموضوع : [2] |
|
عضو نشيط
![]() |
أسجل حضوري ومتابعتي
مع احر التمنيات والأماني والأمنيات والمحبة والاحترام |
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدليلية (Tags) |
| العجيب, الفنار |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| كرسي الله العجيب | السيد مطرقة11 | الأرشيف | 0 | 08-30-2013 11:29 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
diamond