"السّماء اليوم صافية كالعادة. وكان صالح يلعب مع أصحابه في الشّارع. ألم تر ماذا قال باراك أوباما البارحة في التّلفاز؟ قالوا أن المطر قد يهطل اليوم. في النّيبال مات الكثيرون من جرّاء الزّلازل الأخيرة. وهناك أنواع من الدّيناصورات يمكنها الطّيران. وقال علماء وكالة الفضاء الأمريكيّة أنّ العيّنات التي فُحصت في مهمّة المركبة كيريوسيتي تثبت وجود الماء على سطح المرّيخ. ومات صالح تحت عجلات سيارة."
ماذا لو كتب أحد الكتّاب اليوم نصًّا مثل هذا؟ سيتّهمونه حتمًا بالجنون. لماذا؟ لأنّ النّص مجرّد هلوسات وجُمل غير مكتملة لا رابط بينها، ولا يوجد أيّ موضوع محدّد يمكن متابعته بطريقة منطقيّة.
الإشكاليّة الكبرى هي أنّ جميع القرّاء سيقولون أنّ هذا الكاتب مجنُون وأنّ نصّه بلا قيمة، لكنّ هذا النّصّ هو في الحقيقة محاكاة ومعارضة للقرآن، ذلك أنّ القرآن لا يوجد فيه ترابُط منطقي بين الآيات فترى كاتبه يحدّثك في هذه الآية عن موسى ثم ينتقل ليحدّثك عن الارث ثمّ يذكُر ما حصل لمحمّد في إحدى الغزوات ثم يحرّم شيئا ثم يعود إلى موسى ثم يتحدّث عن السّماء ثم يكفّر المشركين ثمّ يعود لقضيّة عائليّة تعرّض لها محمّد ثمّ يأمر بقتال المشركين، إلخ. لا روابط منطقيّة بين الآيات ولا هم يحزنون.
فإذا كان النّصّ الذي قدّمناه مجرّد هلوسات مجنُون، فالقرآن أولى بهذا الحُكم ويجب على المسلمين الإعتراف بأنّ القرآن خطابٌ سخيفٌ ولاعقلاني ومجنون ويفتقر لأبسط مقوّمات الخطاب الإنساني المفهوم والرّامي للتّواصل ولإيصال معلومة مَّا للمتلقّي. وإذا كان القرآن، وهو المتكوّن من جُمل لا علاقة لها ببعضها البعض ولا تناسق بينها، إذا كان القرآن معجزةً، فهذا النّصّ المذكور أعلاه أيضًا معجزة وكلّ كلام المجانين معجزات.
ـ نقلا عن البارودي