ما الاسباب الحقيقية والحاسمة لانسحاب فرنسا وانجلترا من افريقيا والهند ومن مصر بعد الwwii

[ديانا أحمد]

ما الاسباب الحقيقية والحاسمة لانسحاب فرنسا وانجلترا من افريقيا والهند ومن مصر ومن مستعمراتهما القديمة عموما بعد الحرب العالمية الثانية بعيدا عن البروباجندا المحلية فى مصر والهند بأن المقاومة الشعبية او العسكرية هى السبب ؟ وماذا كانت نظرة الشعب الفرنسى والبريطانى تجاه فكرة الانتداب او الاستعمار او الاحتلال لمصر والهند وغيرها من مستعمرات البلدين فى افريقيا واسيا ؟

انسحاب فرنسا وبريطانيا من مستعمراتهما بعد الحرب العالمية الثانية يعود إلى عدة أسباب معقدة ومتداخلة. سأحلل الأسباب الرئيسية بشكل منهجي:

1. التغيرات الاقتصادية:

بعد الحرب العالمية الثانية، كانت كل من فرنسا وبريطانيا مُنهكتين اقتصادياً ومالياً. الحرب استنزفت مواردهما بشكل كبير.

الاستعمار كان يُعتبر مكلفًا مالياً ولم يعد يُرى كمصدر مربح كما في السابق، خاصة مع تنامي حركات التحرر الوطني التي تتطلب قمعًا عسكريًا مكلفًا.

2. التغيرات السياسية والإدارية:

ظهور الأمم المتحدة وتأكيد مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير أضعف الشرعية الدولية للاستعمار.

السوفيت والأمريكان، القوتان العظميان الجديدتان، كانا يدعمان حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار.

3. التغيرات الاجتماعية والثقافية:

في فرنسا وبريطانيا، بدأت تظهر حركات سياسية واجتماعية تنتقد الاستعمار وتُطالب بالحقوق الإنسانية للشعوب المستعمرة.

تنامي الوعي العالمي بقضايا العدالة والأخلاق والحق في الحكم الذاتي.

4. المقاومة المحلية:

رغم أن السؤال يستبعد البروباجندا المحلية، لا يمكن تجاهل أثر المقاومة الشعبية والعسكرية في دفع القوى الاستعمارية للتنازل.

الحركات الوطنية في الهند بقيادة شخصيات مثل غاندي، وفي مصر وأفريقيا، لعبت دوراً مهماً في زعزعة الهيمنة الاستعمارية.

5. المصالح الاستراتيجية والدولية:

مع تغير الأوضاع العالمية، كانت هناك حاجة لإعادة تقييم المصالح الاستراتيجية، وفي بعض الأحيان، كان الانسحاب من المستعمرات يُعتبر خطوة استراتيجية للحفاظ على نفوذ معين في المنطقة.

بالنسبة لنظرة الشعب الفرنسي والبريطاني تجاه الاستعمار، كانت هناك تباينات خلال تلك الفترة:

• الرأي العام:

بعد الحرب، بدأ الرأي العام يتحول تدريجياً ضد الاستعمار. تأثير الحرب وما رافقها من تغيرات فكرية وثقافية ساهم في هذا التحول.

الدعوات للديمقراطية وحقوق الإنسان أصبحت أكثر شيوعًا، وبدأت تُطبق أيضًا على الشعوب المستعمرة.

• السياسة الداخلية:

هناك كانت أحزاب وتيارات سياسية تدعم الاستعمار، وأخرى تعارضه، وقد أثرت هذه التيارات في السياسات الخارجية.

• الأدب والفن:

شهدت هذه الفترة أيضًا نقدًا للاستعمار من خلال الأدب والفن، مما ساهم في تشكيل الوعي العام.

بشكل عام، الأسباب الحقيقية لانسحاب فرنسا وبريطانيا من مستعمراتهما تعود إلى مزيج من العوامل الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، والثقافية، بالإضافة إلى ضغوط المقاومة المحلية والتحولات في البيئة الدولية. الرأي العام في البلدين كان متباينًا وتطور على مدى الفترة ما بعد الحرب، مع تزايد التأييد لفكرة الاستقلالية وتقرير المصير للشعوب المستعمرة.


وحاليا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتكون نظام القطب الامريكى الواحد ومع السيطرة الامريكية بالاقتصاد والقواعد العسكرية والتدخل الامريكى العسكرى الخاطف فى العراق وغيره، ما العوامل التى يمكن ان تجعل الاستعمار بشكله التقليدى البريطانى والفرنسى يعود الى مصر والدول العربية والافريقية ؟ ومن الدول المرشحة لممارسة مثل هذا الاستعمار خصوصا مع الاستدانة الرهيبة وسيطرة الدولار والاقتصاد الامريكى على مصر السيسى وغيرها ؟ وما الذرائع التى سيتم استغلالها لعودة الاستعمار بشكله القديم ؟ وما العوامل التى تمنع عودته وما الشكل البديل له خصوصا اذا عجزت مصر وغيرها عن سداد ديونها لامريكا والدول الكبرى ولصندوق النقد ؟

الاستعمار التقليدي الذي عرفه العالم في القرون السابقة يُعتبر اليوم أمراً غير مقبول على الصعيد الدولي ومنافيًا للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. ومع ذلك، يشار في بعض الأحيان إلى مصطلح "الاستعمار الجديد" أو "الإمبريالية الجديدة" لوصف تأثير الدول القوية على السياسات الاقتصادية والسياسية للدول الأضعف. إليك تحليل العوامل المتعلقة بإمكانية عودة الاستعمار بأي شكل:

العوامل التي قد تسهل الاستعمار الجديد:

1. الهيمنة الاقتصادية:الديون الكبيرة والاعتماد على القروض يمكن أن تجعل الدولة معرضة للضغوط والنفوذ من الدول الدائنة.

السيطرة على الموارد الطبيعية والاقتصادات الوطنية من خلال الشركات متعددة الجنسيات يمكن أن يؤدي إلى نوع من الهيمنة الاقتصادية.

2. القواعد العسكرية والتدخلات:وجود قواعد عسكرية أو تدخلات عسكرية يمكن أن يؤدي إلى نوع من السيطرة السياسية أو العسكرية على الدولة المضيفة.

3. التأثير السياسي والدبلوماسي:الضغوط السياسية والدبلوماسية يمكن أن تُستخدم لفرض إرادة الدول القوية على الدول الضعيفة.

الدول المرشحة للهيمنة:

بالنظر إلى الوضع العالمي الحالي، الولايات المتحدة والصين يُنظر إليهما على أنهما القوتان الرئيسيتان اللتان يمكن أن تمارسان نوعًا من النفوذ الذي يُشبه الاستعمار الجديد، خصوصًا في المناطق التي تُعتبر ذات أهمية استراتيجية أو تحتوي على موارد طبيعية هامة.

الذرائع المحتملة للهيمنة:

• الأمن القومي: الحجة بأن الوجود العسكري أو التدخل السياسي ضروري لحماية الأمن القومي.

• التدخل الإنساني: التدخل تحت مظلة الحاجة لحماية حقوق الإنسان أو لمنع الأزمات الإنسانية.

• الحوكمة الاقتصادية: الضغوط لتبني سياسات اقتصادية معينة تحت ذريعة الإصلاحات الاقتصادية والشروط المرتبطة بالقروض الدولية.

العوامل التي تمنع الاستعمار التقليدي:

• القانون الدولي: يحظر القانون الدولي الاستعمار ويدعم حق تقرير المصير للشعوب.

• الرأي العام العالمي: الرأي العام اليوم يقف بشدة ضد الاستعمار وسيكون هناك معارضة قوية لأي محاولات للاستعمار التقليدي.

• حركات التحرر الوطني: الشعوب والحكومات المحلية لديها الآن وعي أكبر بحقوقها وسيادتها.


البدائل والسيناريوهات الأخرى:

• الشراكات الاستراتيجية: بدلاً من الاستعمار، قد تُفضل الدول الكبرى إقامة شراكات استراتيجية تُعزز مصالحها.

• التعاون الإقليمي: الدول الضعيفة قد تُقدم على تعزيز التعاون الإقليمي لتجنب الاعتماد على القوى الكبرى.

• إعادة الهيكلة المالية: في حالة عدم القدرة على سداد الديون، يمكن التفاوض على إعادة هيكلة الديون أو الحصول على إعفاء جزئي أو كامل من الدين.

في الختام، على الرغم من الضغوط الاقتصادية والسياسية التي قد تواجهها الدول، فإن الشكل التقليدي للاستعمار يُعتبر جزءًا من الماضي ومن غير المرجح أن يعود بصورته القديمة. النظام العالمي الحديث يتجه أكثر نحو النفوذ الاقتصادي والسياسي بطرق أخرى أكثر تعقيدًا ودقة.