شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 08-05-2017, 02:11 AM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي مذكرات ملحد...نعمة العقل.............متسلسلة

ذاك اليوم، أو بالأحرى تلك اللحظة، صدر الفرمان معلناً انتهاء حقبة من الحرب الطويلة التي اشتعلت بين ماضيَّ وحاضري ومستقبلي.
لسنينَ طوال، اعتقدت أنه من السهولة بمكان، أن يقوم الانسان بتبديل الأسس المعرفية والمنظومة الفكرية التي لازمته لفترة طويلة. فمنذ نعومة أظفاري وحتى بداية ظهور بضع شعيرات على وجهي، كنت ذاك الانسان المثالي في نظر الكثيرين من افراد المجتمع. ولشدة سذاجتي حينها, كنت أنظر الى تلك المعايير المعتمدة في تقييم البشر، والتي يتبناها مجتمعنا, على أنها أسمى شيء في الوجود.
ولكن الحقيقة أبت إلا أن تولد من رحم الواقع والمنطق, وعند أول نسمة رقيقة، تداعى ذاك الصرح الفكري الذي أفنيت نصف عمري تقريبا في بناءه, لم أتخيل أنه هش لهذه الدرجة, وحينها بدأت سواقي الشك بالترب الى أعماقي, هل كنت مقصرا في عملي حتى كانت معتقداتي هشة لهذه الدرجة؟ أم أن العيب في المعتقدات نفسها فهي عاجزة أن تكون أقوى مهما فعلت ومهما رممت؟؟!.
ولكني كنت مغتبطا نوعا ما بيني و بين نفسي على ما حدث. أحسست بأن شيئا ما قد استيقظ في داخلي, ذاك الوحش الفكري الذي بدأ يتغذى على أشلاء أفكاري شيئا فشيئا, ينزعها من جذورها ويزرع بدلا عنها أفكارا دائمة الخضرة, فاستبشرت خيرا، فلا خريف بعد اليوم، وعملت جاهدا على أن يبقى ذاك الوحش مستيقظا، وألا يخلد إلى النوم.
أين الحقيقة؟ سؤال ما انفك عقلي يكرره ويعيده على مرأى ومسمع من روحي. أصبح كل شيء في نظري وهما, وكل ما تعلمته وهما, كانت الأحجية دوما تفتقد الى القطعة المركزية التي تكمل أجزاء اللوحة، و تلك الخريطة كانت في حاجة الى لافتة عند مفترق الطرق ذاك، لتنقذني من الضياع في طرق ان سلكتها, أنجرف في هاوية لا قرار لها.
كنت كمن يبحث عن ابرة في كومة من القش، مهمة أشبه بالمستحيلة، فما كان مني إلا أن أحرقت كومة القش كلها وحولتها إلى رماد، لأبلغ الابرة المنشودة.
قد يلومني البعض على ما اقترفت يداي، وقد يصفني البعض بمجرم حرب، أو نازي، افتعلت (هولوكوست) أخرى – فكرية وليست بشرية- راح نتيجتها الكثير من الأفكار ضحايا صراع لا ناقة لهم به ولا جمل، تلك الأفكار كانت دخيلة علي، فلم أخترها يوما، ولم يكن لي باع طويلة أو قصيرة في وجودها داخلي، جل ما أعرفه عنها، أني فتحت عيوني على هذه الحياة فاستشعرتها ضمنيا، ولامستها بجوارحي، وأحسست أنها خلقت معي من رحم أمي.
يقال أن أبي قام بنطق كلمات الأذان في أذني عندما ولدت، كي تكون كلمة الله هي أول شيء يدخل الى جوفي من الكلام، في المكان الجديد الذي انتقلت للعيش فيه، وهي عادة شائعة في بلادنا، وكأني سأفهم معنى كلمة الله أكبر في تلك اللحظة، تلك المرحلة من الحياة التي لا يفقه فيها الطفل شيئا، وبالكاد يستشعر ما حوله، كان يجب علي بشكل أو بآخر أن أستوعب كلمة الله أكبر رغم أني كنت أبكي حينها. ولكني فهمت لاحقا أنها أول خطوة يتبعها المتدينون في حشر بذور الدين في أنفسنا, و يا حسرتاه، فكم من مجرم قاتل قام أبوه بالأذان في أذنيه عندما ولد، وكم من منافق كاذب مدلس كان أول شيء دخل أذنه هو الله أكبر، و يا أسفي على تلك العبارة, التي أصبحت بعد بضع سنين، مبررا قويا لإهراق سيل من الدماء، ذاك السيل الذي أظن بأنه يصر على البقاء حتى بعد أن ينضب نفط الخليج.
منذ وعيي وأنا أسمع كل من حولي يردد كلمة الله، فالله يفعل كذا وفعل كذا، وسيفعل أشياء كثيرة بعد موتنا، وان شاء الله...الخ من تلك الكلمات التي لا بد أن جميعنا قد صمغت آذانه بها، وبدأ مع سلسلة الله هذه، سلسلة أخرى من الفضول الذي ينمو مع كل طفل في محاولة غريزية منه لفهم كل ما يجري حوله، خصوصا أن جميع من حوله يربطون أتفه تفاصيل حياتهم مع ذاك الشيء المسمى الله, وكل ما كبرت يوما، كنت أحس بأن ذاك الله يصبح أكبر شيئا فشيئا، ودون تناسب مع مستوى تفكيري في تلك الله، فقد كانت فكرة الله أكبر وأضخم دوما من حجم عقلي الذي ضاق ذرعا به في يوم ما لاحقا.
ومع مرور الأيام، بدأ الله يتخذ صورة مجسمة في عقلي، كنت دائما أحاول رسم صورة له في مخيلتي علي أفهم شيئا أو أعرف شيئا عن تلك الشخصية التي تختفي وراء الستائر، وتعمل في الظل، وتأخذ دور الملقن على خشبة مسرح الحياة منذ آلاف السنين، دون أن تفسح المجال لغيرها ، فأصبحت أشبه بالحكام العرب، يلتصقون بمناصبهم وكراسيهم إلى أن يموتوا.
كنت دائما ما أنقل قالب الله من شخص إلى آخر، حسب متطلبات اللحظة والموقف، فمرة البس الله ثوب شخص قاسي عاقبني منذ قليل, ومرة البسه ثوب شخص حنون رحيم، أهداني بضع حبات من السكاكر لمناسبة ما أو في عيد ما.
.
.
to be continued



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2017, 10:32 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [2]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي

ستتم إضافة باقي صفحات الكتاب الخاص بي (مذكرات ملحد....نعمة العقل)) بالتدريج حسب الوقت المتاح لدي.......لمن يرغب في القراءة والاطلاع طبعا.....



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2017, 11:52 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [3]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي

كما أرجو من الزملاء ...ممن لديه حب القراءة ولديه المعرفة بهذه الامور، أن يقرأ ما أكتبه ويقوم بنقدي لأرعرف اخطائي وثغراتي كي اصححها واغلقها ....فأنتم الوحيدون القادرون على جعلي افضل في هذا المجال....لذا لا تبخلوا علي بجزء من وقتكم...وشكرا لكم



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 09-18-2017, 03:08 PM   رقم الموضوع : [4]
مهند السعداوي
زائر
 
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حكمت مشاهدة المشاركة
ستتم إضافة باقي صفحات الكتاب الخاص بي (مذكرات ملحد....نعمة العقل)) بالتدريج حسب الوقت المتاح لدي.......لمن يرغب في القراءة والاطلاع طبعا.....
أين البقية يا ملعون؟
أتتركنا عطشى.. لا نجد ما نبلل به ريقنا!

تحياتي على هذا الإبداع .



  رد مع اقتباس
قديم 09-18-2017, 04:14 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [5]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعداوي مشاهدة المشاركة
أين البقية يا ملعون؟
أتتركنا عطشى.. لا نجد ما نبلل به ريقنا!

تحياتي على هذا الإبداع .
اهلا بك عزيزي....قريبا جدا سأكمل الاضافات....واعتذر لطول غيابي فقد كان وضعي الصحي سيئا للغاية
تحياتي



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 09-27-2017, 10:22 PM   رقم الموضوع : [6]
مهند السعداوي
زائر
 
34r34r

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حكمت مشاهدة المشاركة
اهلا بك عزيزي....قريبا جدا سأكمل الاضافات....واعتذر لطول غيابي فقد كان وضعي الصحي سيئا للغاية
تحياتي
عافاك الطب الحديث، فكلنا نألف وجودك بيننا.. خد وقتك وسأكون موجود
تذكر.. أن تجمع هذا كله في موضوعا واحد بدلا من التسلسل .

والله يا عم حكمت أنك تستحق أكثر
قصيدتك "مرتين" تلك رائعة جدا
أقرأها مرتين كل فترة .

تحياتي عم حكمت



  رد مع اقتباس
قديم 10-06-2017, 11:15 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [7]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي مذكرات ملحد...نعمة العقل.....تابع(هكذا قررت الوقوف بين يدي الله)

أعتذر عن طول الغياب....ولكن للظروف الصعبة التي مررت بها...لنكمل:
.
.
جلست بمفردي وبدأت الأفكار تلطمني كمركب صغير في بحر هائج، لا أدري ما يجب علي فعله، أحسست وقتها أنه يجب علي فعل شيء ما، ولا يجب أن أبقى هكذا مكتوف الأيدي، مكبلا مصلوبا دون حراك، لا أستطيع فعل شيء سوى البكاء والشعور بالخوف، وقتها اتخذت قرارا غريبا، وبنفس الوقت مألوفا لدى من هم بمثل سني، ذاك القرار هو أنني يجب أن أصلي مثل والديّ وأخوتي، كانت مشاعري مختلطة لحظتها، ولكن قلت لنفسي: يجب أن أأمن عذاب ذاك الله بأي شكل من الأشكال، فلم أجد سوى الصلاة خلف أهلي علّ ذلك ينفعني في يوم من الأيام.
بدأت بمراقبتهم لحظة بلحظة، أنتظر فيها الدقيقة التي سيبدأ فيها أحدهم بالصلاة، كان قلبي يرجف بشدة من الخوف، ولكن رغم كل شيء، وبكل ما لدى الأطفال من إصرار وعناد، أغفلت كل ما أحس به، وتحينت اللحظة التي باشر أبي فيها بالصلاة، وانطلقت كالصاروخ لأقف بجانبه، واقلده في كل حركة يقوم بها.
أثناء الصلاة كنت ألتفت إليه لأرى ما يفعله، فأقوم أن بفعل نفس الشيء، فعندما كان ينحني للأمام (الركوع)، كنت أنحني مثله وعيناي لا تتزحزحان، ترنوان بثبات إليه، فإذا قام قمت معه، ثم يعود فيسجد، لأسجد أنا مثله، وهكذا حتى انقضت بضع ركعات لا أذكر عددها بالضبط، والتفت ابي الى اليمين وتمتم ببضع كلمات، ثم التفت إلى الجهة اليسرى وقام بفعل نفس الشيء...وهنا كانت اللحظة غير المتوقعة.
فبعد أن انتهى أبي من صلاته ورآني بجانبه، ارتسمت ضحكة عريضة على فمه، وشدني بيديه القويتين الخشنتين، وضمني إلى صدره بقوة...بغض النظر عن هذه الضمة المفعمة بالعاطفة والحنان، واللتين لم نعهدهما عند أبي قاسي الطبع الفظ بعض الشيء، إلا أنني شعرت بسعادة لا توصف، لا أدري فربما لأنها كانت إحدى أندر اللحظات التي أحسست فيها بأن أبي ليس قاسيا وشديدا، أم لأني استطعت أن ألفت انتباهه بالفعل الذي قمت به.
وسرعان ما انقلب هذا المشهد الرومانسي المليء بالعواطف إلى عرس شعبي، وبدأ أبي بالنداء على كل أفراد أسرتي: تعالوا جميعا، تعالي يا زوجتي، يا أولاد تعالوا وانظروا، أخوكم حكمت صلى بجانبي اليوم.
وبدأ أفراد العائلة بالتوافد إلى الغرفة التي كنا بداخلها أنا وأبي، وسيل من القبلات انهمر على خديّ، والمباركات لأبي ولأمي على وجود هذا الطفل الذي يبشر بأنه سيغدو رجلا تقيا في المستقبل، من عباد الله الصالحين. أما أنا فقد كنت أكثر الحاضرين ذهولا، من هول المفاجأة، لم أكن أتوقع للحظة واحدة أن صلاتي بجانب أبي سيكون لها هذا الصدى وهذا الوقع على عائلتي، ظننت بأن الأمر سيكون عاديا، بل أقل من ذلك، إلا أن صلاتي بجانب أبي كانت الحدث الأقوى في ذاك اليوم، بل ربما في الشهر كله.
يومها نسيت موضوع الله و جنته وناره، وكل ما يتعلق بهذا الموضوع، تذكرت فقط أن البيت كله سعيد، ويتراقص فرحا لذاك التصرف الذي بدر مني، فقررت منذ تلك اللحظة أن أحافظ على الصلاة، ليبقى البيت سعيدا، وتبقى الأفراح تصول وتجول في دارنا وقلوبنا، وبدأت منذ تلك المرحلة بالمواظبة على الصلاة، فكلما شاهدت ابي أو أمي أو أحد أفراد عائلتي يصلي، كنت التصق بجانبه، وأبدأ بتأدية دور المصلي، كان ذلك بعد تجاوزي لسن الخامسة، ودخولي في السنة السادسة من أشباه الحياة التي عشتها...ظننت أن مواظبتي على الصلاة، ستعمل على الحفاظ على أجواء المنزل مشحونة بالفرح، ولكن بعد مضي شهر أو أقل، بدأ موضوع صلاتي يفقد بريقه، والشمعة التي أضأتها بأول ركعة لي، بدأت تخبو وتنطفئ شيئا فشيئا، فما عاد أحد يهتم إذا رآني أصلي. وكأن الأمر أصبح عبارة عن مشهد روتيني يتكرر كل يوم، وكأي شيء روتيني، يفقد بهجته، ورونقه، ومعناه.
وبعد فترة وجيزة، بدأت الأوامر والنواهي بالانهمار فوق رأسي، فلم يكن موضوع الصلاة بالسهولة والبساطة التي تخيلتها، بل كان أكبر ممن ذلك بكثير، وبدأت المصطلحات الجديدة والأشياء غير المألوفة بالتوافد زلفا زلفا، فسمعت بمصطلحات كثيرة، منها الوضوء، والطهارة، والاستنجاء...الخ إلى ما هنالك من أمور يجب علي القيام بها قبل البدء بالصلاة، كما عرفت أنه من الواجب حفظ آيات من القرآن وقولها أثناء الصلاة، وكلمات أخرى لم أكن افهم معناها حينها، لا تصح الصلاة إلا بها.
وهنا بدأت جلسات تحفيظ القرآن لي من قبل أهلي، أخوتي وأبي الذين لم يكونوا يملكون أدنى وقت للتحدث معي أو استكشاف ما أريد وما أهوى وما أكره وما أحب أن أعرفه، فجأة أصبحوا متفرغين أغلب الوقت لتحفيظي بضع آيات من
القرآن، فأبي يعلمني الفاتحة، وأخي يعلمني المعوذتين، وأختي تعلمني سورة الإخلاص...كل هذا قبل أن أرتاد المدرسة، وأتعلم القراءة والكتابة، كنت عمدهم مثل الببغاء، يقرؤون السورة و يكررونها مرارا وتكرارا حتى أحفظها، والويل كل الويل لي إن أخطأت في قولها لاحقا، فسبحان من فرغ وقت أخوتي وأهلي لي، وجعلهم يتذكرونني صبح مساء.
لم أكن أعرف وقتها أني سأندم لاحقا على اللحظة التي قررت فيها الصلاة، فلم أكن أدري تبعات ذاك الموضوع، ظننت أن الأمر سينتهي بمجرد القيام ببضع حركات بسيطة، ولكن تبين لي في ما بعد، أن هذه الخطوة الحمقاء ستسبب لي الكثير من المتاعب لاحقا.
لكن من يدري بأن هذا سوف يحدث؟ تلك حماقات الطفولة التي تعود على صاحبها بالويلات. وفي هذه الفترة سعى الجميع ليشربوني حب الدين وواجباته في قلبي، وهذا الذي جرى فعلا، فقد نجحوا في هذه المهمة كما سنرى لاحقا، إلا أنهم بنفس الوقت عودوني على أهم شيء، هذا الشيء الذي أدى بي إلى ترك طريق الضلال الإلهي، وأعادني إلى جادة الصواب، إلى جادة العقل، نعمة العقل، وهذا ما سنكتشفه لاحقا.



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 08-05-2017, 11:59 PM Dadi غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [8]
Dadi
عضو برونزي
 

Dadi is on a distinguished road
افتراضي

اكمل..لقد..اعجبني..قولك.



:: توقيعي :::
Your whole argument is >muh westrin valus

There's no God But ALLAH
رَدك جيدٌ؟ سأرد عليه.
  رد مع اقتباس
قديم 08-07-2017, 12:57 AM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [9]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي مذكرات ملحد...نعمة العقل............تتمة

لم أكن أدري في تلك المرحلة من العمر، إن كانت تلك الأفكار مصدر سعادة وافتخار، أم مصدر هم ومسؤولية. فالإنسان المتدين اعتاد منذ الصغر على حمل تلك المسؤولية اللاهوتية على عاتقه، و إثقال كاهله الغض الطري بأحمال وأوزار ما أنزلت بها آلهة السماء كلها من سلطان.
المشكلة في طفولتنا هذه، أن أشياء كثيرة جمة، تفرض عليك دون قبول أو موافقة أو أدنى تفكير منك. ربما بسبب تحول المعتقدات الدينية إلى عادة وموروث شعبي أكثر من كونها أشياء روحانية، نتيجة تراكم هذه الأشياء عبر آلاف السنين، ففقدت محتواها الروحاني، وأفرغت من معناها...هذا التراكم لو تعرض له أي شيء لفي حياتنا، ولهذه الفترة الزمنية الطويلة، لأنتج لنا منظومة فكرية أو مادية بالية، لا تصلح أن تبقى ضمننا، فالأجدر بها ان ترمى في اقرب مكب فكري، أو في متحف أثري في أفضل الأحوال.
ورغم تجربتي الالحادية التي يمكن أن أصفها بأنها طويلة نوعا ما – ما يقارب 6 أو 7 سنوات من الإلحاد – لازلت مندهشا ومستغربا من حال الحشود الغفيرة التي تسير وراء هذه الأشياء دون أدنى سؤال منها عن وجهة هذه الرحلة ونهايتها الحقيقية، كل ما عرفناه ونعرفه هو أننا سنعيش حياة أخرى أبدية مخلدين في حفرة تكتظ بألسنة اللهب والروائح الكبريتية و الآزوتية العفنة، أشبه بحفلة شواء كبيرة، كرمى لعيون ذاك الجالس على العرش، نتيجة لتمردنا على تلك الأوامر والنواهي، بعضها بمعنى والبعض الآخر في قمة السخافة. أما المؤمنون الصابرون المحتسبون فسيعيشون في فندق الشيراتون الالهي، فندق بمرتبة لا نهائية من النجمات، ولعل نجوم السماء كلها التي نراها، تمثل درجة الرقي في ذاك الفندق الإلهي الذي يسمى الجنة.
والأهم من ذلك كله، أنه لا دليل على أن الرحلة ستنتهي هنا في احدى المكانين – حفلة الشواء الضخمة أو فندق الشيراتون الالهي –. فجل ما بين أيدينا بضع أوراق تعود لأشخاص سماهم الدهر أنبياء، كانوا على اتصال بذاك الكيان المتربع على عرشه. ذاك الله الذي اختار ثلة قليلة من البشر للتواصل مع باقي أقرانهم، ولا تسألوني كيف ولماذا اختارهم، فأهل الأديان أنفسهم عاجزون عن إعطاء إجابة حقيقية مقنعة لمثل هذا السؤال.
بالعودة للقالب الإلهي الذي كنت ألبسه أثوابا عدة، فقد كنت في صغري أظن بأن الله يشبه أبي لدرجة كبيرة. بل أكثر من ذلك، فقد كان الله في مخيلتي عبارة عن أبي, يرتدي ثوبا أخضر وتاجا ذهبيا. وعلى الرغم من صغر سني عندما كنت أظن هذا الظن، إلا أني لم ولما أدري بعد منم اين جاءتني هذه التخيلات, ربما هي مزارع الطفولة العقلية الخصبة، التي تنتج ما لذ وطاب من هذه الأشياء, أو ربما لأن أبي كان يتصف بالتجبر والشدة والقسوة، وأنا قرنت عقاب الله – الذي كنا نسمع عنه كثيرا – بعقوبات وقسوة أبي، فظننت بأن الله يمتلك نفس المواصفات عينها، باستثناء الثوب الأخضر والتاج، فهذان الشيئان لم يكونا موجودين عند أبي, ولكن الشيء الوحيد الذي بقي عالقا في ذهني بأن الله قاسي ومرعب ومخيف ويجب أن نحتاط منه ونتوخى الحذر...هذه الأمور هي التي شكلت في حياتي أكبر عقدة نفسية ظلت تلازمني إلى زمن بعيد
بالنسبة لي شخصيا كان موضوع الله هو أكثر ما ينغص علي فرحة طفولتين فكانت الكثير من الأشياء ممنوعة بدعوى أن الله لا يريد ذلك، وسيحرقنا بالنار إن فعلنا كذا و كذا، وحتى أهلي كانوا إذا أرادوا مني أن أفعل أي شيء أو أن امتنع عن فعل أي شيء، كانت التهديد الإلهي أول شيء أسمعه دوما وأبدا.
وفي كل يوم، كنت أنزوي على فراشي ألتحف ذاك الغطاء وألف به نفسي، وأنا أتخيل منظر تلك النار التي سمعت عنها مرارا وتكرارا، وأتخيل كم سأعاني حين أدخل هذه الحفرة الحارة، بسبب بضع أشياء فعلتها سرا، بعيدا عن أعين الكبار. وكم من الليالي أرقني مضجعي وجافاني النوم بسبب ذاك المشهد السوريالي، والدموع تسيل رقراقة على وجنتي، خوفا من تلك اللحظة.
من يصدق أن طفلا لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات ونصف، تخيل كل هذه التخيلات، وعصفت برأسه كل تلك الأفكار!! فلا زلت حتى الآن أتذكر هذه الأشياء القليلة مما كان يعصره مخي ويسقي ذاتي وكياني به، حتى هذا اليوم، لا يزال شريط الماضي يعرض في ذاكرتي...تلك الذكريات التي تكون دوما باللون الأبيض لسبب أجهله، وكأني كنت أعيش في عالم لا لون فيه إلا اللون الأبيض، السرير وجدران الغرفة ووجهي ووجه أمي وأبي وملابسي، كل هذه الأشياء لا أتذكرها إلا باللون الأبيض، لا أعرف لماذا وكيف، ولا زال عشقي للون الأبيض قائما حتى اللحظة ، وزاد عليه دخول اللون الأسود على جبهة الألوان المفضلة الخاصة بي، فكل ما أملكه تقريبا ملون بالأبيض أو الأسود، أو كلا اللونين معا.
هذا كل شيء بقي في ذهني من ذكريات الطفولة، طفولة ما قبل الأربع سنوات...واستنتجت لاحقا أنني يمكن أن أسميها أي شيء باستثناء الطفولة، فهذه الذكريات بالإضافة لأمور عديدة حدثت لاحقا، تشبه كل شيء في الحياة باستثناء الطفولة.



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
قديم 08-08-2017, 11:38 PM حكمت غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [10]
حكمت
الباحِثّين
 

حكمت is on a distinguished road
افتراضي مذكرات ملحد...نعمة العقل.....تابع

قبل كل شيء أود أن أعتذر عن غيابي ولكن بسبب العمل وطول فترة الدوام........
.
.
تدرج الذكريات إلى الوجه الملون:
بعدما تجاوزت السنة الرابعة من عمري ودخلت الخامسة، أصبحت أرى الأمور قليلا مختلفة عما سبق، وحتى الآن، تكون ذكرياتي ما بعد الرابعة، مشوبة بقليل من الألوان، على عكس ذكرياتي قبل سن الرابعة، فهي بيضاء فقط، ولا شيء غير الأبيض.
أكثر ما لفت انتباهي في تلك الفترة, مجموعة أشياء يقوم بها أبي، أمي أيضا، وكل الكبار والشباب والبنات في عائلتي، ممن بلغوا مرحلة الوعي والنضج، كانوا يتناوبون على الوقوف أمام التلفاز وجها لوجه، ويقومون بمجموعة من الحركات فيها صعود وهبوط، وقوف وجلوس...كنت أناديهم وهم يقومون بهذه الحركات، ولكنهم جميعا ما كانوا يجيبوني، لسبب كان مجهولا بالنسبة لي يومها. وحين كنت أقترب منهم أثناء ما يقومون به، كنت أقابل بضربات خفيفة منهم، تارة باليد، وتارة بالمرفق، وأنا على استيعابي وقتها، كنت أنزعج كثيرا، وأجهش بالبكاء، وأركض إلى الغرفة الأخرى لأرمي بنفسي على سريري وأتابع بكائي لأنني ضربت بلا سبب.
تكرر ضربي (بلا سبب كما كنت أعتقد) كثيرا، وتكرر بكائي أكثر، إلى أن جاءت اللحظة التي فسر لي فيها أبي عن سبب ضربي. اقترب مني وملامح وجهه مختلطة بين عطف الأب على ابنه الحزين، وبين العبوس والشدة التي عندما تراها تظن أن أحدا ما قد اقترف ذنبا عظيما...اقترب أبي مني وأمسك بي بكلتا يديه بقوة قائلا: يا بني عندما نصلي لا تقترب منا ولا تتحدث معنا.
كانت تلك المرة الأولى التي اسمع فيها مصطلح الصلاة، وكعادة الأطفال عندما يرون أو يسمعون بشيء غريب، تبدأ عندهم سيول جارفة من الأسئلة التي تحتاج إلى من يجيب عنها ويروي ظمأ المعرفة في عقل الطفل الصغير...ماذا تعني كلمة الصلاة؟ ولماذا تقومون بحركات محددة دون سواها؟ ولماذا لا تجيبوني عندما تصلون؟ و السؤال الذي يضحكني حتى هذه اللحظة: لماذا تصلون للتلفاز حصرا؟ ألا تصح الصلاة للنافذة أو المذياع أو آلة التسجيل...الخ، والكثير من الأسئلة التي جعلت والدي يغضب مني لكثرة أسئلتي.
من كل هذه الأسئلة لم يجبني والدي إلا عن سؤالين أو ثلاثة، أتذكر أنه أجابني بأن الصلاة لله تعالى كي يحمينا ولا يدخلنا النار, وأنه لا يجوز لهم الحديث أو الالتفات أثناء الصلاة, والأهم أنه أخبرني بأنهم لا يصلون للتلفاز؛ بل أن هذا هو اتجاه القبلة التي أوصى الله بالاتجاه نحوها أثناء الصلاة.
كانت كل كلمة من الكلمات التي أجابني بها أبي، تفتح الباب على مزيد من الأسئلة, ولكن الذي لفت انتباهي حينها ذكر الله والنار الخاصة به، حينها سألت أبي: وأنت يا أبي في حال تركت الصلاة هل سيدخلك الله النار؟ أجابني: نعم يا بني. حينها أردفت قائلا: ولكنني لا أصلي فهل سيدخلني الله النار؟ أجابني: أنت لا زلت صغيرا ولكن يجب عليك تعلم الصلاة في السنوات القادمة كي لا تدخل جهنم.
وبرغم سيل الأسئلة الذي كان في رأسي، إلا أني شعرت بخوف شديد في تلك اللحظة من العقاب الإلهي، مما دفعني للتوقف عن الأسئلة، والجلوس في زاوية الغرفة وأنا أرتجف من الخوف.
الله، الله، الله... "لماذا يحشرون الله في كل شيء أقوم به؟"." ما علاقة هذا الله بي؟"." لماذا يريد أن يعذبني ويعذب أهلي واخوتي؟". مجموعة أخرى من الأسئلة التي كانت تشغل تفكيري وبالي بجانب الخوف، لا أدري لما كانت أسئلتي في تلك الفترة لا تنتهي، وكأنها ينبوع تفجر في رأسي ولن ينضب. كنت وقتها كالظمآن في صحراء قاحلة، يهيم على وجهه بحثا عن شربة ماء يرتوي بها، ولكن جل ما كنت أجده بضع قطيرات من الماء، بالكاد تكفي لإنعاشي كي يزداد احساسي بالظمأ والعطش.
كنت أنزعج كثيرا لأني أجهل العديد من الأمور، كان فضولي قاتلا في تلك المرحلة لأعرف وأفهم كل ما يدور حولي، وفي مقدمتها هذا الله الذي سيحرقني إن لم أصلي. لم أكن أدري وقتها بأن عقلي لا يمكن أن يستوعب كل شيء، لكني كنت أحزن فقط لأني لا أفهم كل شيء. ومما كان يزعجني أيضا، عدم وجود أشخاص يملكون من الصبر الشيء الكافي للجلوس والحديث معي والإجابة عن أسئلتي، فأبي كان موظفا لا يعود للمنزل إلا بعد الظهيرة، وأمي كانت أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة، أما أخوتي (الذكور والإناث على حد سواء) فقد كانوا مشغولين بأعمالهم ودراستهم، وغير قادرين على تضييع وقتهم معي، الشيء الوحيد الذي كانوا قادرين على التفرغ له هو ضربي وتعنيفي إن قمت بشيء سيء في نظرهم، أو قمت باللعب أثناء وقت نومهم، وتقبيلي أيضا، كوني أصغر فرد في العائلة فلا بد لهم من ضربي لتربيتي وتقبيلي كنوع من المحبة للطفل الصغير الذي يكون تسلية لهم، وحقل تجارب للاعتياد على معاملة الاطفال الذين يحلمون بإنجابهم عندما يتزوجون في المستقبل.
.
.
يتبع



:: توقيعي ::: طربت آهاً....فكنتِ المجد في طربي...
شآم ما المجد؟...أنت المجد لم يغبِ...
.
بغداد...والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر...
****
أنا ضد الدين وتسلطه فقط، ولكني أحب كل المؤمنين المتنورين المجددين الرافضين لكل الهمجية والعبث، أحب كل من لا يكرهني بسبب أفكاري
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
ملحدنعمة, مذكرات, العقلمتسلسلة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(7) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 2 10-31-2018 03:32 PM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(6) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 09-22-2018 09:24 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(5) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 4 08-16-2018 08:15 AM
من بقايا ذاكرة إنسان لاديني...نعمة العقل(4) حكمت ساحة التجارب الشخصـيـة ♟ 0 01-02-2018 11:52 PM
متسلسلة العقل..سبب الوجود..العقل.......... Ash-raf حول الحِوارات الفلسفية ✎ 3 05-01-2016 10:25 PM