شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول الحِوارات الفلسفية ✎

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 06-14-2016, 03:36 PM   رقم الموضوع : [1]
ساحر القرن الأخير
زائر
 
افتراضي تأملات في المتأمل ....

الى م نسعى في الأخير ؟ نحن الذين جلسوا يتأملون العالم مبتعدين عن صخبه ؟
هذه اللامبالاة الجامحة التي اجتاحتنا مؤخرا , أتراها ادراكا عميقا للوجود ولهمومه ؟ لعل كل المؤشرات تعلن أنه ما من شيء يستحق كل هذه الجدية في حمل الأمور , فيدرك الانسان أنه ببساطة كان أحمق حين قدر الأمور بشكل أكبر بكثير مما ينبغي .
كل ذلك الخوف , كل ذلك القلق , أيا كان نوعه , كل ذلك التوجس الذي أثارته فينا فزاعات من قماش (الله , المستقبل, الضمير , ضمان قوت المستقبل , تجنب الأمراض, الموت ,الانحطاط ,....) كل الأمور التي كنا نضرب لها ألف حساب , يصير لها وزن أقل من وزن الريشة . ذلك أنه في النهاية لم يكن هنالك سوى أنا , أنا و لعبي : فتارة أسعى الى ارضاء شيء خارجي (أوامر الله , تطلعات الوالدين والأصدقاء ,..) وتارة أسعى الى الحفاظ على الاتساق الداخلي في مواقفي و مبادئي (الضمير ) .

هل الحياة شيء يتقدم ؟ أم هو ثابت ساكن في مكانه ؟ المتأمل أدرك أن لا تقدم حقيقي في الحياة وان توهم الناس ذلك . ولذلك فقد جلس على الصخرة يتأملها كلوحة فنية سرمدية . لكن الناس ,خلافا له , يظنونها تمشي , ولهذا لا يكفون عن ترديد عبارات من قبيل : "قطار الحياة " , "الحياة تطير " , ... المتأمل شخص أدرك أن الحياة كلها قائمة على الظواهر الدورية(الليل , النهار , المد , الجزر, الفصول والسنة , ...) التي ما تنفك تعيد نفسها بشكل أبدي . التاريخ البشري نفسه يعيد نفسه , رغم أنف ماركس , ولا جديد فيه: نفس الموضوعات ترافقنا منذ فجر البشرية (العدل , الحماقات البشرية , الصراعات ) . وليس التاريخ الفردي لكل واحد منا ببعيد عن ذلك التكرار والاجترار . كان هذا العود الأبدي دليل المتأمل في رسم لوحة الحياة واكتمال صورتها أمامه .
ان المتأمل شخص كسول و لا مسؤول في عين الناس . وذنبه الوحيد أنه لم يتهافت على أمور الحياة كما تهافت عليها الآخرون بعد أن أدرك لا جدواها ولا قيمتها .
جلس المتأمل يتأمل البشرية في تاريخها فوجدها أشبه بسيزيف الذي يدفع الصخرة الكبيرة على سفح الجبل ليوصلها الى القمة , وكلما اقترب , تغلبه الجاذبية وتعيدها الى النقطة الاولى من حيث عليه أن يبدأ من جديد بسبب لعنة الآلهة . هذه الأسطورة كفيلة باختزال تاريخنا و وصفه أدق وصف .

ليس هنالك شيء أجمل في الحياة من الجلوس على شاطئ البحر والاستماع لهديره . البحر هو الحياة المترامية الأطراف مجهولة الأفق, الشاطئ هو حدود الحياة حيث اختار المتأمل أن يقف محتفظا لنفسه بمسافة عنها ,لكن دون أن يفقدها من نظره . وها هي مياه الحياة الدافئة (مياه البحر) تصيب قدميه بين الفينة والأخرى ثم تتراجع وكأنها تداعبه , فتدخل على نفسه سرورا عظيما . لقد كره المتأمل العيش في أعالي البحار , وفقد طعم الحياة هناك فسارع الى الشاطئ . وما الشاطئ سوى حد البحر , حد الحياة . فاذا كفت مياه البحر الساخنة عن مداعبة قدميه سيدرك المتأمل أنه ابتعد كثيرا عن الشاطئ و صار مهددا بخطر الموت النهائي .
أيها المتأمل الجالس على شاطئ البحر الوجودي ,تداعبك الرياح الساحلية وتدغدغك برفق ...أين ذهب الجميع ؟ لقد اختفوا ,لقد تبخروا .انك هائم في فردانيتك. أين اختفت المراكب ؟ لم تعد ترى سوى صورتك المنعكسة على البحر الممتد . "أيها الأناني , أيها النرجيسي"...رفعت رأسك الى السماء وعلى وجهك ابتسامة ساحرة, ثم رددت :"كم أحب ذاتي ...لقد وقعت في غرامها. ان المتأمل ليس سوى شخص ارتفع قليلا عن الجميع فأدرك حجم ذاته الممتدة على الجميع .
التأمل هو العودة الى الذات , والهيام في حبها . من هنالك حيث يقف ,من تلك القمة يأتي صراخ عظيم , لم أصدق أذني حينما سمعته فقررت الاقتراب أكثر : انه المتأمل يمشي على الوجود وهو يردد بلا حياء :"أنا اله".



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
المتأمل, تأملات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
اسلوب عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تأملات في الأديان غير معروف علم الأساطير و الأديان ♨ 5 12-25-2019 04:03 PM
تأملات في القرآن Maxwell العقيدة الاسلامية ☪ 27 08-25-2017 10:49 AM
تأملات فى الإنسان والإيمان ترنيمه مقالات من مُختلف الُغات ☈ 14 03-07-2015 05:45 PM
تأملات في القرآن المكي ترنيمه مقالات من مُختلف الُغات ☈ 4 08-26-2014 12:34 PM
تأملات في آيات Skeptic العقيدة الاسلامية ☪ 9 05-08-2014 05:11 PM