خاطرة : ما معنى أن تعرف كل شيء ؟

هنالك جمل تمر بين الفينة والأخرى على مسامعنا
ولا نعيرها الاهتمام الذي تستحقه
وتبقى قابعة في الذاكرة الى أن يأتي الوقت الذي تصعد فيه للأفق من جديد في ظروف جديدة
فيدرك المرء قيمتها الحقيقية و مدى تعبيرها وشاعريتها
هذا ما حصل لي على الأقل مع جملة سمعتها منذ مدة ليست بالهينة (لعلها سنة ونصف)
في مقطع يتحدث فيه الفيلسوف جاك ديريدا
قال آن ذاك : " اذا عرفت من هو أنا فلم يعد هنالك داع لوجودي "
قالها بصريح العبارة وبلا غموض : يرجع استمرارنا في العيش الى جهلنا , هذا هو الخيط الرفيع الذي يربط بيننا وبين الحياة , ان الجهل أملنا الوحيد اذا ما أردنا البقاء والاستمرار , "أن نبقى جاهلين " هو حزام الأمان .
اذا عرفت كل شيء فهي النهاية اذن . ليس نهاية المعرفة فقط وانما نهاية الذات العارفة نفسها , الذات التي لم تر نفسها يوما ولم تدرك نفسها الا كذات متجهة نحو موضوع معرفي .
"أن تعرف أكثر" لا تعني شيئا آخر سوى أن تقترب من نهايتك , تحفر قبرك بيديك
حقا ان نهاية المعرفة مأساوية

[مجرد بشر]

أن تعرف كل شيء معناه ببساطة أن لا تعيش
فأي حياة تلك التي لا تتعلم فيها وأي هدف لها

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجرد بشر

أن تعرف كل شيء معناه ببساطة أن لا تعيش
فأي حياة تلك التي لا تتعلم فيها وأي هدف لها

"أن تتعلم شيئا جديدا هو أن تجد دافعا جديدا للحياة"
توقيعك حقا يصب في الموضوع ويتوافق معه لكن شرط قراءته كما يلي :
أن تتعلم شيئا جديدا ليس هو في حد ذاته دافع الحياة
وانما يعني أن هنالك أمورا كثيرة لا تزال غير معلومة من طرفك عليك أن تعرفها
ومن هذا الوجه يعطيك اكتشافك ذاك دافعا جديدا للحياة
وأظنها القراءة نفسها التي تنظرين بها لتوقيعك
لكن بهذا المعنى وكما ورد في موضوعي المسألة ازدواجية وسيف ذو حدين
ذلك أنك مع كل معلومة جديدة تقترب من الفهم الأعم و تقترب من اتضاح الصورة رويدا رويدا
أي تقترب من النهاية
قد تجيبينني بأن المعرفة لا حد لها وبأنها لامتناهية وبالتالي فتلك النهاية من المستحيل الوصول اليها
لكن اتضاح الصورة رويدا رويدا يعلنها ويستبقها
وهذا ما سميته بالاتجاه نحو النهاية , الذي لا ينفيه كون النهاية غير موجودة