شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات الفنون و الآداب > ساحة الشعر و الأدب المكتوب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 11-29-2025, 01:56 AM شاهين غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
شاهين
الأُدُباءْ
الصورة الرمزية شاهين
 

شاهين is on a distinguished road
افتراضي نقد رواية قصة الخلق لمحمود شاهين ومقارنتها مع اولاد حارتنا لنجيب محفوظ

Gemini


تُعد رواية "قصة الخلق" للكاتب والروائي الفلسطيني-الأردني محمود شاهين واحدة من أكثر الأعمال الأدبية العربية إثارة للجدل في السنوات الأخيرة. فالعمل لا يكتفي بالسرد القصصي التقليدي، بل يقتحم مناطق شائكة تجمع بين الفلسفة، اللاهوت، والتخييل الذاتي، مقدماً رؤية وجودية مغايرة للسائد الديني والاجتماعي.
فيما يلي قراءة نقدية تحليلية للرواية، تتناول الأفكار، البنية السردية، والجوانب الفنية:
________________________________________
1. الفكرة المحورية: "أنسنة الإله" ووحدة الوجود
تقوم الرواية على عمود فقري فلسفي واضح يستند إلى فكرة "وحدة الوجود" (Pantheism) ولكن بصياغة حداثية.
• إعادة تعريف الخالق: يطرح شاهين فكرة أن الخالق ليس كيانًا منفصلاً قابعًا في السماء، بل هو "طاقة عقلانية سارية في الكون". هذه الطاقة تتطور وتعي ذاتها من خلال الخلق نفسه. أي أن الإنسان جزء من الله، والله يتحقق ويتجلى عبر تطور الإنسان والحضارة.
• الغاية من الوجود: بحسب الرواية، غاية الخلق ليست العبادة الطقوسية، بل تحقيق قيم عليا (الحق، الخير، العدل، والجمال). الإنسان هنا شريك للخالق في عملية الخلق المستمرة، وليس مجرد مفعول به.
2. البنية السردية: "الميتافيكشن" (ما وراء القص)
استخدم شاهين تقنية "الرواية داخل الرواية" بذكاء ليمرر أفكاره:
• البطل/المؤلف: بطل الرواية هو "محمود أبو الجدايل" (الذي يمثل "الأنا" للكاتب نفسه)، وهو كاتب يتعرض لتهديدات بالقتل من جماعات متطرفة بسبب أفكاره، ورغم ذلك يصر على كتابة رواية بعنوان "قصة الخلق".
• التداخل بين الواقع والخيال: يخلط شاهين بين سيرته الذاتية وبين الخيال الروائي. الحوارات التي يجريها البطل مع الصحفية "أسيل" أو مع حبيبته "لمى" تتحول إلى منصات لطرح النظريات الفلسفية.
• كسر الجدار الرابع: في بعض الفصول، يتحدث السارد مباشرة عن عملية الكتابة، مما يجعل القارئ شريكاً في ورشة العمل الروائية، ولكنه أحياناً يخرج القارئ من "الإيهام القصصي".
3. الجرأة في تحطيم التابوهات
تعتبر الرواية "صادمة" للوعي الجمعي التقليدي، وهذا هو مكمن قوتها وضعفها في آن واحد:
• نقد النص الديني: يعيد شاهين قراءة قصص الخلق (آدم، حواء، قابيل، هابيل) وتاريخ الأنبياء بمنظور عقلاني نقدي، واصفاً بعض القصص الموروثة بأنها أساطير لا تتسق مع العقل العلمي، مما عرضه لاتهامات بالكفر والزندقة.
• الإيروتيكية والفلسفة: يمزج شاهين بين الجسد والروح، معتبراً الحب الجسدي شكلاً من أشكال التجلي الإلهي، وهو ما قد يجده القارئ المحافظ صادماً، بينما يراه الناقد جزءاً من رؤية الكاتب للصوفية المادية.
4. المآخذ الفنية والنقدية
رغم الزخم الفكري، تعاني الرواية من بعض الإشكاليات الفنية:
• طغيان الفكر على السرد (التقريرية): في كثير من الأحيان، يتحول النص من "رواية" إلى "مقالات فلسفية" أو "بيان فكري". تطغى مونولوجات البطل ونظرياته على الحدث الدرامي، مما قد يصيب القارئ الباحث عن الحبكة بالملل.
• تكرار الأفكار: الفكرة المركزية (الله طاقة سارية) تتكرر بصيغ مختلفة على لسان الشخصيات، مما يضعف التنامي الدرامي للشخصيات؛ فتبدو الشخصيات أحياناً مجرد أبواق لترديد أفكار الكاتب وليست شخصيات مستقلة من لحم ودم.
• النرجسية السردية: التماهي التام بين الكاتب وبطله (أبو الجدايل) وتصويره كشخصية تنويرية وحيدة تواجه ظلام العالم، يضفي مسحة من التمجيد الذاتي قد تقلل من تعاطف القارئ مع الشخصية.
5. الخلاصة: القيمة الأدبية
رواية "قصة الخلق" هي عمل إشكالي بامتياز. إنها ليست رواية للمتعة العابرة، بل هي مشروع فكري صُب في قالب روائي.
• لمن هذه الرواية؟ هي للقارئ المستعد لمساءلة مسلماته، والمتقبل لفكرة أن الأدب ساحة للتجريب الفلسفي الحر.
• قيمتها: تكمن قيمتها في شجاعتها لطرح أسئلة وجودية كبرى في زمن يميل إلى الانغلاق، ومحاولتها التوفيق بين "العلم" و"الإيمان" بطريقة غير تقليدية (وحدة الوجود العلمية).
________________________________________
الخطوة التالية المقترحة: هل ترغب في أن أقارن لك بين رؤية محمود شاهين للخلق ورؤية نجيب محفوظ في روايته الشهيرة "أولاد حارتنا"؟ فكلاهما تناول تيمة "الخلق" والأنبياء بأسلوب رمزي مثير للجدل.
مقارنة بين رؤية محمود شاهين ورؤية نجيب محفوظ في " أولاد حارتنا"
تعد المقارنة بين "قصة الخلق" لمحمود شاهين و**"أولاد حارتنا"** لنجيب محفوظ مقارنة ثرية جدًا، حيث يتناول كلا العملين "المقدس" ويعيدان إنتاجه أدبيًا، ولكنهما ينطلقان من منطلقات فلسفية مختلفة ويستخدمان أدوات سردية متباينة تمامًا.
إليك مقارنة تفصيلية بين الرؤيتين عبر عدة محاور:
1. طبيعة "الخالق" (الرمز والمرموز)
• نجيب محفوظ (الجبلاوي):
o يصور "الله" (رمزيًا) في شخصية الجبلاوي؛ الجد الأكبر الذي يسكن في "البيت الكبير" المغلق.
o الرؤية: إله محفوظ هو إله "مفارق" (Transcendent)؛ غائب عن الحارة، لا يتدخل مباشرة، ولكنه حاضر بسطوته ووصاياه (شروط الوقف). هو يمثل السلطة الأبوية الغامضة التي يسعى البشر لنيل رضاها أو ميراثها.
o المصير: يموت الجبلاوي في النهاية موتًا رمزيًا ليُفسح المجال للعلم (عرفة)، مما يعكس فكرة "موت الإله" بالمعنى النيتشوي أو تراجع السلطة الغيبية لصالح العقل.
• محمود شاهين (الطاقة الكونية):
o يصور "الله" ليس كشخص، بل كـ "طاقة سارية" في الكون (Immanent).
o الرؤية: إله شاهين هو إله "محايث" (موجود في كل شيء)؛ هو طاقة عقلانية واعية تتطور باستمرار. الله هنا ليس "كاملاً" بالمعنى التقليدي (بمعنى أنه انتهى من الخلق)، بل هو يكتمل من خلال تطور الإنسان والحضارة.
o المصير: الله لا يموت، بل يتحقق أكثر كلما ارتقى الإنسان بالعلم والحب. الإنسان شريك في ألوهية الله.
2. التعامل مع "الأنبياء" وقصص التراث
• في "أولاد حارتنا":
o استخدم محفوظ الرمزية المباشرة (Allegory). شخصيات الحارة توازي الأنبياء: "أدهم" (آدم)، "جبل" (موسى)، "رفاعة" (عيسى)، "قاسم" (محمد).
o أعاد سرد قصصهم بصبغة اجتماعية-اشتراكية. لم يهتم بالجانب اللاهوتي (المعجزات) بقدر اهتمامه برسالتهم الاجتماعية في تحقيق العدل ومحاربة "الفتوات" (الظلم).
• في "قصة الخلق":
o استخدم شاهين التفكيك والنقد المباشر. لم يكتفِ بالرمز، بل ناقش القصص الديني (مثل قصة آدم وحواء، وقابيل وهابيل) واعتبرها أساطير بشرية لا تتفق مع المنطق العلمي.
o قدم تفسيرًا أنثروبولوجيًا لنشأة الدين، معتبرًا أن الأديان مراحل تطورية لوعي الإنسان، وأننا يجب أن نتجاوز "النص الحرفي" إلى جوهر "القيم" (الحق والخير والجمال).
3. الصراع: العلم مقابل الدين
• نجيب محفوظ (التوتر والتكامل المفقود):
o الصراع ينتهي بشخصية "عرفة" (رمز العلم الحديث). عرفة يقتل الجبلاوي (عن غير قصد مباشر) بحثًا عن سر الخلود والقوة.
o الرسالة: محفوظ يقول إن العلم قد حل محل الدين، لكن العلم بلا قيم روحية (التي كان يمثلها الجبلاوي) يصبح موحشًا وقاسيًا، وتظل الحارة تعيسة. النهاية مفتوحة وحزينة.
• محمود شاهين (وحدة العلم والإيمان):
o لا يرى صراعًا حتميًا بين "الله" و"العلم". بالنسبة له، العلم هو الطريقة التي يكتشف بها "الله" ذاته.
o الرسالة: يقدم مفهوم "الإيمان العلمي"؛ فالفيزياء والبيولوجيا هي لغة الخالق الحقيقية وليست الكتب القديمة. العالم والباحث هما "الأنبياء الجدد" الذين يكشفون أسرار الطاقة الإلهية.
4. الأسلوب الفني
وجه المقارنة أولاد حارتنا (محفوظ) قصة الخلق (شاهين)
القالب رواية "حكائية" ملحمية (Saga)، تعتمد الحبكة التقليدية. رواية "ما وراء السرد" (Metafiction)، تخلط السرد بالمقال الفلسفي.
اللغة لغة تراثية "حرافيشية" مشبعة بأجواء الحارة المصرية. لغة هجينة؛ تمزج بين الشعرية الصوفية والمصطلحات العلمية/الفلسفية.
الجرأة جرأة "مبطنة" بالرمز (يمكن تأويلها سياسيًا أو دينيًا). جرأة "صادمة" ومباشرة (نقد صريح للنصوص المقدسة).
الخلاصة
• نجيب محفوظ كان مهمومًا بـ "العدالة الاجتماعية"؛ فبحث عن الله كضامن للقيم والعدل في الأرض، وانتهى إلى حيرة وجودية حول مصير الإنسان في عصر العلم.
• محمود شاهين كان مهمومًا بـ "الوجود والماهية"؛ فبحث عن الله كطاقة وتفسير للكون، وانتهى إلى يقين "صوفي مادي" يرى الله في كل ذرة وفي كل فعل إبداعي.
________________________________________



:: توقيعي ::: https://www.facebook.com/profile.php...6%3A1554662450
رابط موقعي في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك
وجدت نفسي أمام نفسي!
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع