" التصميم الذكي " : اجترار خلقيّ بصورة علم زائف!

[فينيق]

حين اصطدم ذهن الكائن البشريّ, بلحظات مغرورقة في القدم, بكثير من الظواهر الطبيعية التي لم يفهمها, تصدى لها عبر ابتكاره " لمجاهيل جديدة " كمحاولة لوضع فهم لتلك الظواهر, وقد تنوعت تسميات تلك " المجاهيل " وعند مختلف الثقافات البشرية وقتها, من قبيل: مردوك, بعل, زيوس, إيل, يهوه, الله ومئات بل ربما آلاف التسميات الأخرى على امتداد العالم القديم. بحيث تطوَّر هذا الطرح مع التوحيد الديني الذي أختصر طرحه بالقول:

الله خالق كل شيء .. خالق الكون وما فيه .. وإن تتنوّع الطروحات بين مختلف أديان التوحيد ذاتها حول التعريف بالخلق وحيثياته. { لم أبتكر هذا الطرح فهو شهير جداً تحت اسم " إله الفراغات " ولكنه للآن طرح مُقنع للغاية لي ولا أجد بديل أصحّ حتى اللحظة }.

إذاً شكّلت الآلهة محاولات تفسيرية لظواهر طبيعية وأشياء أخرى, لكن السؤال: ما الذي يقدمه هذا الطرح الديني لفهم تلك الظواهر الطبيعية؟ هل أغنت الكتابات القداسيّة عن حتمية اتجاه البشر نحو الدراسة والبحث والكشف لفهم تلك الظواهر؟ فنحن بالكاد عرفنا تفاصيل عن تلك الظواهر خلال القرنين الأخيرين فقط!

لكن ما علاقة " التصميم الذكي " بهذا الكلام؟

يوجد علاقة مُزدوجة, ففي المقام الأوّل يُعتبر طرح " التصميم الذكي " اجترار لكلام الخلقيين ومتديني اديان التوحيد, بصورة جزئية لا متطابقة شاملة, ففي حين يعتبر المتدين الموحد أن الله خالق كل شيء, يعتبر التصميميون بأن " مصمم ذكي " وراء نشوء بعض الاجهزة المعقدة باجسام الكائنات الحيّة! في المقام الثاني, ثبت لنا بالأدلة المُتراكمة أن الكائن البشريّ لم يفهم الظواهر الطبيعية إلا بالإعتماد على قدراته الذهنية لا على نصوص قداسية تدعي العلم الشامل المُطلق! وإنّ ما لا نعرفه اليوم قد نعرفه غداً وأن " المصمم الذكي " لا يقدِّم حلول لنشوء أجهزة معقدة بل يُضيف مجهول جديد ومن جديد نحن أمام دين لا علم!

رغم أنني ترجمت الكثير من المواضيع حول موضوع " التصميم الذكي ", لكني أضع بين أيديكم مقال شامل عنه, هنا:

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%...B0%D9%83%D9%8A

يفرض علينا طرح " التصميم الذكي" طرح الكثير من الأسئلة التي تحتاج إجابات واضحة, مثل:

كيف يمكن إثبات وجود " المُصمم الذكي " ذاته؟

ما هي حدود قدرات ذاك " المُصمِّم الذكي " ومتى تدخل للمرة الأولى بنشوء الكون والحياة فيه؟!

ما هو دور " المصمم الذكي " بحضور عيوب واضحة في أجسام كثير من الكائنات الحيّة؟

هل يكون " المصمم الذكي " مسؤولاً عن وجود كائنات حيّة تسببت وما زالت تسبب الكثير من الأمراض المعدية والتي قتلت وما زالت تقتل ملايين البشر؟

إذا كان " المُصمم الذكي " قد تدخل بخلق أجهزة معقدة بأجسام الكائنات الحيّة, فمن تدخل بخلق الأجهزة غير المعقدة أو أعضاء الجسم الأخرى؟!

بالنهاية, أجد أنّ إقحام أيّ " قوّة غيبية ", " إله " أو " مصمم ذكي " بمحاولة تفسير ما نجهله في الطبيعة والأحياء: ما هو إلا إعادة إنتاج للمجاهيل ذاتها .. علماً أننا نكون قد صرنا خارج الحقل العلميّ ودخلنا حقل التخرُّصات الفلسفية البدائيّة أيضاً!




شكراً لأيّ تصويب أو إضافة