اخترت لكم [34]: العرب ظاهرة صوتية

[المسعودي]

رابط الكتاب:
العرب ظاهرة صوتية

[المسعودي]

1.
"الظاهرة الصوتية" تتحول تدريجياً إلى كارثة لغوية تكاد تبتلع كل ما يقف في طريقها. فكلما تزداد الخسائر يزداد شعورهم بالانتصار؛
وكلما ضاعت منهم أراض جديدة كلما تتعالى أصواتهم بالافتخار؛
وكلما تضاعفت أعداد القتلى كلما قرروا أنهم أجبروا العدو على الفرار!
2.
هذا هو "الفخر" الذي يردده أنصاف المتعلمين من عصور الجاهلية.
والآن تبدو الكلمات لا معنى لها إزاء المأساة والآلام والحيرة التي تصاحب مليونين من الفلسطينيين - المجرمون اللاهوتيون غادروا مسبقاً منذ فترة طويلة.
ومسؤولوا الكلام من غير مسؤولية هم الآن في دول أجنبية!
أما القطط السمان فقد غادروا قبل الجميع بسيارتهم المسروقة من أموال المساعدات الأجنبية.
3.
إنها لحيرة أن يتكلم المرء أمام ما يحدث. والحيرة الكبرى أنَّ الصمت يتحول إلى طعم مُرِّ لا يوفر غير الأسى.
"الظاهرة الصوتية" جمعت حولها جميع الموتى،
وانضم إليها أصحاب العاهات اللغوية.
ها هم يهتفون بقرب الانتصار "النهائي" بعد أن لم يعد فوق الأرض غير الموتى والخراب . . ا
4.
"الظاهرة الصوتية" تتسع وتتعالى حتى تكاد تغطي على جميع الأصوات.
إنه حقاً انتصار الأوهام والأساطيرالعربية.

[المسعودي]

1.
من حقائق العلم المبرهن عليها تجريبياً هي العلاقة البنيوية ما بين اللغة والتفكير حتى أصبحت هذه العلاقة من التعقيد بحيث من الصعب الجزم أيهما كان في البداية.
هذه الحقيقة تعطيناً منطلقاً للقول بأن تخلف لغة ما، أو عدم اتقانها، يعني تخلف التفكير.
نحن نفكر من خلال اللغة كأداة للتعبير والاتصال.
وعندما لا يتقن المرء هذه الأداة - اللغة - فإنه عاجز عن التفكير المتقن، أو أن كفاءة التفكير لا تتعدى حدود الكفاءة اللغوية.
بل أن عدم كفاءة اللغة يؤثر على كفاءة الاتصال والتعبير في آن واحد.
وجل العرب لا يتقنون اللغة العربية. وهذا واقع لا يحتاج إلى أدلة. غير أنه يحتاج إلى توضيح.

[المسعودي]

2.
لا توجد لغة حية على الأرض الآن لم تخضع مكوناتها الأساسية كالنحو والقواعد والمتن القاموسي للمفردات للتطورغير اللغة العربية. والعرب يفتخرون بذلك.
لكن هذا "الفخر" هو أساس تخلفهم. لأنهم عاجزون عن اتقانها؛
إنهم عاجزون عن اتقان مئات المكونات النحوية الفارغة من المعنى والعاطلة وظيفياً والتي يجب أن تسقط؛
عاجزن عن إدراك معاني مئات الآلاف من الكلمات الميتة المنقرضة والتي لا تزال موجودة في القاموس.
عاجزون عن تذليل الصعوبات الأسلوبية التي قرروا أن لا وجود للغة بدونها.
عاجزون عن تذليل الشروط والقواعد الشكلية والأسلوبية التي تتعارض مع طبيعة التطور التي خضعت له جميع اللغات الحية.
العربي مصر على لغة تبلورت إلى حد ما في القرن الرابع أو الخامس الميلادي!

[المسعودي]

3.
وبالإضافة إلى هذا كله فإن أساليب وتقنيات تعليم اللغة العربية في المدارس العربية متخلفة وعاجزة عن مواكبة تطور ثقافة الطفل المعاصرة واحتياجاته اللغوية.
لكن أزمة اللغة العربية لا تقف عند هذا الحد بل تتعداها إلى ما هو أسوأ:
لا يوجد ولا "عربي" واحد [وأنا أعرف بأن الكثير سوف يثور كالأمواد الهادرة] يمكن القول أن اللغة العربية هي "لغة الأم" بالنسبة له!
"لغة الأم" بالنسبة لكل عربي و100% هي اللهجة الدارجة "العامية" "الشعبية" - سمها ما شئت.
هذه هي لغة الأم ولا شيء آخر - و90% من الأمهات لا يتقنن غير اللهجة العامية.
والكل يعرف نسبة الأمية بين النساء في الدول العربية!

[المسعودي]

4.
إنَّ من يتقن اللغة العربية فهو يتقنها بنفسه كلغة أجنبية. ومن لا يبذل جهودا ذاتية ومستمرة لتعلم واتقان مستوى كفوء من اللغة العربية فإنه لن يتعلمها مطلقاً.
العربي يولد مع اللجهة المحلية - واللهجات المحلية هي بالمئات [ليس من النادر أن توجد أكثر من لهجة في إطار دولة واحدة].
واللهجات تتعارض مع لغة الكتاب ولا تدعم هذه اللغة.
العربي يفكر من خلال "لغة" متدنية تقنياً وأسلوبياً واصطلاحيا وهي "اللهجة" المحلية.
ولهذا نرى أن أكثر من 90% من مقدمي البرامج التلفزيونية والأذاعية ومنصات اليوتيوب يتكلمون لهجة عامية فجة وينقلون للمشاهد والمستمع أفكاراً أكثر فجاجة وساذجة.

[المسعودي]

5.
فما هي أسباب هذه الكارثة اللغوية؟
إنَّ منطلق الأزمة واحد أحد وحيد لا شريك له:
هو الإسلام والأصرار على أن كتاب محمد هو "كلام الله!"؛ ولغته هي "لغة الله في اللوح المحفوظ!"؛ وإن اللغة العربية هي "أشرف!!!!" اللغات.
ولهذا فإن إصلاح اللغة العربية يعني بالنسبة لهيئات التخريف اللاهوتي الإسلامي ومرتزقة الجامعات العربية والدولة العربية المتواطئة معهم يعني إلغاء "كتاب الله"!!!
وهذه في الحقيقة "نكتة" بحد ذاتها.
لأن "كتاب الله" هذا لا يستطيع قراءته وفهمه حتى من قبل خريجي المدارس الجامعية.
90% من المسلمين لا يقرأون، وإن قرأوا لا يفقهون هذا "الكتاب" الممل بدون مجلدات من كتب التفسير!
بل أن امتحاناً موضوعياً وينسجم مع المستوى الأكاديمي/الجامعي في مجال اللغة العربية سوف تعجز عن اجتيازه الغالبية العظمى من الطلاب والطالبات في الجامعات العربية.
ألا نعرف هذا كله وقد شاهدناه بأنفسنا؟
باختصار:
هذه هي نتائج ثقافة "الظاهرة الصوتية".

[المسعودي]

1.
توجد علاقة وثيقة ما بين أصحاب العاهات اللغوية والظاهرة الصوتية؟
فعندم القدرة على التعبير بسبب العجز اللغوي يؤدي إلى تحول الكلام إلى زعيق على طريقة رواد المقاهي.
وأصحاب الشخابيط في المنتديات نماذج أصيلة لهذا الزعيق.
2.
فالكلام الطبيعي المعبر عن المعنى ليس من طبيعة الإيمان الديني.
الإيمان يتطلب "الولولة". و"السبحلة" و"الحوقلة" و"الحمدلة" هي ولولة أصيلة لا معنى لها إلا لمن يولول.
3.
لكنه حالما يكف عن الولولة يبدأ بالزعيق.
فهم اعتادوا على مفاهيم ساذجة وجاهلة: الانتصار بالزعيق طالما غابت الأدلة والبراهين والقدرة على المحاججة.

[إبسلون0]

اللغة هي وسيلتنا للتعبير. وعندما نقول ما لا يعجب الآخرين فهي ما نستطيع إليه سبيلاً.
هل تريد أن يتخذ العالم وسيلة أخرى للتعبير بدلا عن اللجوء للمحاكم الدولية وتعاليمها؟
تحية لليمن السعيدة أنها اسطاعت أن تواجه بالفعل بدلاً من الأقوال الجوفاء والإنكار الذي لا يقي طفل في فلسطين بلاء الطغيان مهما كان

أما عن استشهادك بحبيبنا القصيمي، فنحن ايضا سوف نستشهد به سبيلا.
إن كان العرب ظاهرة صوتية، فهم من يقف إزاء الغزو الفكري الحصبري للماكينة الإعلامية الصهيونـية
التي تظن أن هناك إله فضلها عن باقي البشرية ليفعلوا بهم ما هم بهم فاعلين.