شبكة الإلحاد العربيُ  

العودة   شبكة الإلحاد العربيُ > ملتقيات في الإلحاد > حول الحِوارات الفلسفية ✎

إضافة رد
 
أدوات الموضوع اسلوب عرض الموضوع
قديم 01-11-2019, 02:00 AM faryak غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
faryak
عضو جديد
 

faryak is on a distinguished road
mes44 نظرتان في مسائل شبه فلسفية

هاتان فكرتان مستقلتان كنْتُ كتبْتُ فيهما على عجلٍ مستشهدًا فيهما بما أسعفَتْني به الذاكرة ، إذ كنْتُ شبه معزولٍ عن مقوماتِ الحضارةِ في تلك الفترة ، وأنا أستمحي القارئ عذرًا .. فأنا لم أكتبْ هذا لأنشرَه ولا لأبثه على مسمع أحدٍ فأسلوبه جلفٌ بعض الشيء ( إن صح التوصيف ) .. ولكم التحية

لو افترضنا جدلًا أنك عشت عشرين سنة أو ثلاثين أو ستين أو مئة ثم في يوم عظيم حُبِيْتَ بنعمة لم ينعمْ بها بشرٌ من قبل ؛ الحياة ألف سنة راغدًا منعمًا شابًّا صحيحًا .. بشرط – وسبق ذهنك عند سماعك وجود شرط إلى أمر ممض أو مطلب عسير فإذا الشرط هين : قبل أن تفرغ هذه الألف سنة بدقائق ستمحي من ذاكرتك كل أحداثها وآثارها وستعود في جسدك الذي كنت فيه بسنك الذي كنت فيه في "دنياك " التي كنت فيها في زمانك الذي كنت فيه .. أتراك توافق ؟ هذه يا مولانا هي نظرية النسبية . هذا ما عناه برتراند رسل بقوله : لو كان العالم كله مخلوقًا قبل خمس دقائق بما في ذلك ذكرياتنا عنه ، فإنه لا توجد طريقة لإدراك هذا الأمر _ أي كونه مخلوقًا من خمس دقائق فحسب . والأمر ينطبق على هذا المثال كذلك : سيسبق ذهنك إلى أصناف اللذائذ وأوجه النعيم التي ستتقلب بها في تلك الفترة الطويلة ، ولكن المنطق يقول تصوَّرْ أنَّ : هذا الافتراض ليس مجرد افتراض ولكنه حقيقة ، وليس في حقك وحدك بل في حق كل البشرية وليس لألف سنة فحسب بل لملايين السنين ، ولم يقع في حياة كل منهم مرة واحدة فحسب بل آلاف المرات ... والآن أخبرني : هل تغير شيء ؟
في درس العلوم الطبيعية لا يفتأ المتعلم يُذَكَّرُ بأن التجريد العلمي يحتم علينا تثبيت المتغيرات الأخرى وحصرها قبل الحكم على المتغير محل الدراسة ، أو بعبارة أخرى : لا يمكن أن تحكم على أحداث الأمس بمنظور اليوم ، لا يمكنك أن تقارن بين صفات معدنين مختلفين في درجة حرارة متغيرة ؛ لا يمكنك أن تنفذ آمالك في زمان الطفولة بإنفاق أكثر مالك في شراء الحلوى في وقتٍ قد صرْتَ فيه بالغًا وتغير موقفك من الحلوى وموقف الحلوى منك وموقفك من الدنيا وموقف الدنيا منك . عندما يندهش شخص ما من أسهل تبسيط للنظرية النسبية وهو : لو زاد حجم كل شيء عشرات المرات في الوقت نفسه لما أمكن إدراك ذلك ، لأن النسبة بين الأشياء لا تزال ثابتة . أقول : عندما يندهش شخص ما من هذه الحقيقة فلأنه لا يزال يحمل معه افتراضات وخبرات عالم يستحيل فيه أن تزيد حجوم كل شيءٍ معًا بالدقة نفسها في الزمن نفسه - خبرات العالم الواقعي . ففي هذا العالم الواقعي قد يزيد حجم شيءٍ ما أو بعض الأشياء أو تُتَخيَّلُ هذه الزيادة فينبهر بها الناس : كلب في حجم حصان ، دجاجة في حجم خروف، آكل لحوم في حجم ناطحة سحاب ، تمرة في حجم كرة سلة، كل هذه الأشياء تثير في النفس معاني الخوف أو الإعجاب ... أو الجوع! فكيف يصير الإنسان أضعاف حجمه ثم لا يثير هذا في النفس شيئًا ، من أين سيأكل ؟ وتكون الإجابة أن ما سيأكله قد تضخم هو الآخر ، ولكن من أين سيأتي بالماء التربة والغذاء لهذه المأكولات ؟ كل هذا قد زاد حجمه أيضًا ... يستغرق الأمر ثوان حتى تزول الأسئلة الساذجة وتتبدل إلى أسئلة أكثر علمية : هل الإنسان قد زادت ذرات جسمه عددًا أم أنها قد زادَتْ هي الأخرى في الحجم ؟ لا بد أنها قد زادت في الحجم ، وإلا لبقيتْ نقطة ثابتة يمكن معها مقارنة هذا العالم العملاق الجديد بعالمنا هذا والوصول إلى نقاط اختلاف ، وليس هذا هو مراد المثال . ومن ثم السؤال الأكثر جوهرية : هل هناك نقطة ثبات في معارفنا العلمية يستحيل _ على الأقل على قدر معرفتنا الحالية _ أن تتضخم هي الأخرى في هذا العالم المتضخم ، والإجابة هي نعم ، تمامًا كافتراض أن زيادة سرعات جميع الأجسام المتحركة بالنسبة نفسها سيبقي شعورنا بالسرعة والبطء ثابتًا ، وهذه حقيقة ، ولكن هناك ثابت هو سرعة الضوء ، ولهذا فمضاعفة السرعات الحالية _ مع إبقاء النسبة بينها ثابتة _ سيقف عند هذا الثابت ، ثم ستزول النسبة بينها ، تمامًا كما تزول المسافة بين السيارات عندما تتوقف في إشارة أو بسبب زحام ، سيان من وصل أولًا وأخيرًا كلاهما سيقف . وسيبلغ المتأخر المتقدم ولو بعد حين ، وعندها ستتساوى السلحفاة مع الطائرة . هناك أيضًا ثابت على المستوى الزمكاني ، وتضاعف الأجسام أو تضاؤلها محدود بهذا الثابت ، وهو أن معارفنا الفيزيائية _ مع أن هذه هي بطلة العالم في الدقة والكفاءة العلمية على مستوى جميع المعارف الإنسانية _ تستعمل قانونين بينهما اختلاف على أساس "ضخامة " المادة محل الدراسة ، وندر في زماننا من لم يسمع بقانون (كل شيء) الذي أفنى أينشتاين عمره ليصل إليه ولم يفعل ، واستمر في طريق البحث عنه كثيرون يكفي أن فيهم ستيفن هوكنج ، و"كل شيء" أي كل "الضخامات والأحجام " ؛ الذرية وفوق الذرية وتحت الذرية . ولكن حتى ذلك الحين فالتضاعف في الحجم يؤدي إلى الحاجة إلى قوانين جديدة ، وعالم مفرط العملقة قد يحتاج إلى أينشتين آخر أو العكس يجعل نيوتننا يبدو كأينشتين بالنسبة لهم . والعكس كذلك .
فالواقع أنه في حال وجود أي قيمة أو معطى ثابت فلن تتحقق النسبية بين المتغيرات وسيبقى مسمار لجحا باعتبار جحا هو الإحساس بأن شيئًا ما قد تغير . ولكن على المستوى الافتراضي فالمثال الذي بدأنا به دقيق علميًا : لو تحققت كل مطالب وغايات الإنسان في الماضي ثم لم يتبع ذلك أثرٌ ثابتٌ فيه ؛ في عقله ولا جسده ، فإن هذا كأنه لم يكن بالنسبة للحاضر الذي يعيشه هذا الإنسان ، ومن ثم فافتراض حصوله أو عدم حصوله لن يؤثر كثيرًا على هذا الحاضر محل الدراسة ، فالمؤمنون بتناسخ الأرواح يقولون لعلي كنت في زمن ما رجلًا عظيمًا أو امرأة عظيمة أو كليهما أو كلبًا أو قطة أو قائدًا أو فنانًا ، ولكني نسيت حياتي تلك أو حيواتي تلك ، ولو انتهى ما يقولونه عند هذا لما اهتم أحد بما يقولونه ، نعم ، ولعلنا كذلك كنا نجومًا وكنا سدمًا وعشنا آبادًا وفنينا في المجهول ، ثم ؟ ثم لم نعد نذكر من هذا شيءٌ ولا سبيل إلى تذكره ، فكأن لمْ يكنْ . ولكنّ المؤمنين بالأرواح لا يقولون هذه الجزئية الأخيرة : " ولا سبيل إلى تذكره" . بل لا بد من ربط يربطون به الحاضر بالماضي ؛ إما بإمكانية تذكر ، وإبما بإفادة خبرة ما تجعل المستفيد أحرص على فعل ما يَحْسُن ليترقى في الكائنات ( بأن يتناسخ فيما هو شريف منها على حد اعتقاد فريق من المؤمنين بتناسخ الأرواح ) وإما بالتلذذ في حاضرهم بافتراضٍ ما في ماضيهم ( والوهم علاج سحري فعالٌ للبشرية ، كما يقول ويلمح لذلك بإبداع وودي آلن في أكثر من عمل له ) أو ما سوى ذلك ، المهم أنْ يبقى أثرٌ ما لهذا الماضي في معارفنا الحالية وإلا .. فكأنْ لمْ يكنْ .
والآن فلنعد لهذا المثال الذي بدأنا به :
- عش ألف سنة سعيدًا .
-حسنًا متى سنبدأ .
- لقد بدأنا وانتهينا قبل قليل .
- ولكنْ لم يمر سوى ثانية واحدة على هذا العرض ، حتى شركات المحمول لا تخادع عملاءها إلى هذا الحد ؛ ألف سنة إلى ثانية واحدة ، يا للنصب .
- ولكنك لم تنتبه إلى أنك ستنسى كل شيء عن هذه السنين الألف وستعود إلى النقطة نفسها في زمانك ومكانك التي بدأت منها رحلة الألف سنة من النعيم ... أو إلى ما قبلها بقليل حتى لا تذكر حوارنا هذا فتذكر الألف سنة .
- حسنًا ، أنا موافق ، ولكن امنحني ألفًا أخرى ، أرجوك .
- قد فعلْتُ ،
- متى ؟
- لقد خضنا هذا الحوار ألف مرة من قبل !
منطقيًا ، ما الذي يمنع أن يكون هذا الحوار واقعيًا ؟ ما يمنعه هو أن يقع في عالمنا الحالي لأن معارفنا الحالية لا تتماشى مع العودة في الزمان والقدرة على محو أي أثر لألف سنة كاملة من الأكل والشرب والنوم والنبضات العصبية ، ولا تتماشى أيضًا مع قدرة الجينوم البشري على الاستمرار ألف سنة بدون أن تظهر علامات شيخوخة حتى .. كل هذا يتنافى مع معارفنا الحالية ومن ثم فهو مروع مدهش . ولكن حتى بمعايير عالمنا الحالي هل هناك ما يمنع فرضيًا إمكانية وقوع حوارٍ كهذا مع افتراض وجود إمكانية لتحقيقه خارج قدرتنا المعرفية ؟ الإجابة هي لا !

***
كل واشرب وتقلب في المتع كما تشاء . بدون ما ينغصها سيزول قدر لا يستهان به من لذتها . لو كان توق الإنسان للبارد العذب من المشروبات وقد استبد به العطش هو إياه توقه له في سائر أحواله لتنعم الإنسان دنياه كلها وهو لا يجد إلا ما يشربه ! ولذلك فالرغبة في شيء والسعادة بتحصيله مترتبة على مقدار حاجة الإنسان المادية إليه ، وفي هذا دفع له على تحصيل أسباب بقائه ، وأذكر أن أستاذاً في الطب النفسي قد قال لنا معنًى قريبًا من هذا في حديثه عن أضرار المخدرات ، كنا ننتظر منه الحديث عن سرطانات واضطرابات عصبية وجسدية وأعراض انسحابية ، فإذا به يتحدث عن غائية شعور الإنسان باللذة والألم ، والمخدرات تفسد هذه الغائية لأنها تقرب اللذة وتبعد الألم بدون فعل ما يسهم في استمرار الإنسان أو في حفاظه على النوع في شخصه أو في المجموع البشري ؛ لهذا فالمخدرات خطرة .. لا بد أن يبقى بالفرد البشري حاجة إلى ما يقيم أوده ويدفئ جسده ويديم العرق البشري حيًا بعد أن يفنى جيله .. وعندما يحقق هذه الأشياء وغيرها فإن مركز اللذة في الدماغ يفرز هرموناته ليشعر الشخص باللذة والسعادة فيداوم على طلب فعل هذه الأشياء ، فإذا أدرك الجسد أنه لم تعد به حاجة إلى هذه الأشياء لأنها قد تحققت توقف الدماغ عن إفرازاته تلك ورفع السقف درجة فوجب حتى يشعر صاحب الدماغ باللذة نفسها أن يفعل ما هو أكثر وأعلى في الحفاظ على دورة الحياة البشرية أو ما يتوهم الدماغ أنه أكثر وأعلى .. والعكس : متى فُقِدَتِ الأسباب الأولية للحياة كانت أكبرُ المتعِ تحقيقَ هذه الأوليات وتوفيرها أكلًا وشربًا ودفئًا وصحة .
والعكس صحيح مع الألم فهو الدافع لتجنب ما يضر بدورة الحياة البشرية أو بحياة الفرد ذاته ، وهو شعور ممض ليدفع الإنسان دفعًا إلى تجنب ما فيه هلاكه أو انقطاع نسل البشرية .. ومتى وُفِّرَتْ أكثر احتياجات الإنسان رُفِع سقف الألم هو الآخر فصار أقل القليل ممضًّا مقلقًا مؤلمًا ، والعكس صحيح كذلك .
أي أن الإنسان _ بدوافعه لطلب اللذة ودوافعه لتجنب الألم وتمحور حياته كلها حول هذين النوعين من الدوافع _ لن يستطيع _على الأغلب_ أن يعيش في عالم مثالي كامل تتوفر فيه كل متطلبات البشر بلا عناءٍ وينعدم في حقهم الخوف من أي منغص ؛ على الأغلب فإن العيش في هذا المجتمع سيقضي على البشرية أكثر من أي كارثة أو وباء أو حرب .
***



  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
مسائل, نظرتان, النسبية, اللذة والألم, تناسخ الأرواح, شتم, فلسفية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من كل بستان سبخة ( شبه قصة جنسية سادية شبه ساخرة) faryak ساحة الشعر و الأدب المكتوب 0 11-24-2018 10:52 PM
" أديب في الجنة " ملحمة روائية فلسفية لمحمود شاهين ! شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 1 07-31-2017 12:29 AM
رواية فلسفية هكذا تكلم زاردشت الكائن ساحة الكتب 4 01-28-2017 09:55 PM
أديب في الجنة . ملحمة روائية فلسفية . النص الكامل على أجزاء شاهين ساحة الشعر و الأدب المكتوب 11 09-08-2016 12:07 AM