مصيدة الفئران وبداية العد التنازلي لحكم بوتين

[المسعودي]

1.
عادة ما يصنع البشر (ومن ضمنهم الروس) مصائد الفئران لصيد الفئران الضارة في المنازل.
وهذا منطق سوي:
فليس للفئران مصلحة في أنْ تصنع هي لنفسها مصيدة!
2.
ولكن هذا ما قام به بالضبط بوتين:
صنع لنفسه مصيدة مُحْكَمَة وورط نفسه بنفسه للدخول فيها: وهي شن الحرب على دولة حرة مستقلة لا تشكل أي تهديد لروسيا. أما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أوهام بوتين عن نفسه وعن العالم فإن الأمر مختلف تماماً.
3.
بعد 23 عاماً من الحكم الفردي والاستبدادي فَقَدْ فَقَدَ بوتين علاقته بالواقع وأصبحت السلطة – والسلطة فقط هي شغله الشاغل.
إنَّ هذا الهوس بالسلطة سبب ونتيجة في آن واحد:
فهو سبب للحرب التي شنها على أوكرانيا. فلم يعد قادراً على الحفاظ على سلطته بالوسائل التقليدية: قمع الحريات واضطهاد المعارضة الديمقراطية بصورة قاسية وعنيفة. كما أن المجتمع الروسي أصبح عاجزاً عن تحمل نتائج العقوبات الاقتصادية السابقة.
ولهذا فإنَّ ترحيل الأزمات الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى الخارج أصبحت ضرورة لابد منها والحرب هي الوسيلة التقليدية والحل الذي تتبعه أنظمة الحكم الاستبدادية لحل الأزمات الداخلية.
4.
لكن هوس بوتين بالسلطة من جهة أخرى هو نتيجة أيضاً لمساوئ ذات السلطة.
فالمعارضة الداخلية لسلطة بوتين التي قاربت 23 عاماً هي أكثر عنفاً وقوة من المعارضة الخارجية. لقد ارتكب بوتين جرائم لا عد لها ولا حصر بحق المعارضة الروسية والشعب الروسي ولا يبدو أن هذا سوف يُغفر له ذلك.
5.
وها هو الآن في المصيدة:
فقد كان يأمل نصراً سريعاً وحاسماً يُخضع من خلالها الدولة الأوكرانية فارضاً عليها شروطه. ولكن هذا لم يحدث. بل ظهر أن الدولة الأوكرانية حكومة وشعباً عبرت عن مقاومة حقيقية للغزو الروسي وفي حالة أي تقدم روسي نحو المدن فإن حرب العصابات التي سوف تتخذها المقاومة الأوكرانية ستكلف الجيش الروسي ثمناً باهضاً يتعدى بكثير الثمن الذي دفعه الجيش السوفياتي في التدخل في أفغانستان.
6.
أما العقوبات الاقتصادية والسياسية التقنية الجديدة التي اتخذها الاتحاد الأوربي وبريطانيا وكندا والولايات المتحدة فهي مفاجأة ليس للنظام الروسي فقط بل وحتى بالنسبة للرأي العام الأوربي.
ومن أهم العقوبات الجديدة التي سيكون بوتين عاجزاً عن الصمود أمامها هي:
- تجميد ممتلكات البنك المركزي الروسي من العملة الصعبة في البنوك العالمية. وهذا يعني أن البنك المركزي الروسي سيكون عاجزاً عن دعم سعر الروبل. وأمس فقط انخفض سعر الروبل بمقدار 30% في الأسواق المالية.
- رفع الاتحاد الأوربي ولأول مرة في تاريخه الحظر على تزويد دولة من خارج الاتحاد الأوربي بالأسلحة المتطورة.
- منع القسم الأكبر من البنوك الروسية من استخدام نظام SWIFT. وهذا يعني عجز النظام الروسي ورجال الأعمال الروس والبنوك الروسية من القيام بأية عمليات تحويل بنكية.
- تجميد الحسابات البنكية لأقطاب السلطة الروسية ومن ضمنها الحسابات البنكية لبوتين والألغاركية الروسية.
- حجب وسائل البروباغاندا الروسية ومكونات الآلة الإعلامية التي تخدم مصالح بوتين من الوصول إلى الرأي العام العالمي.
- قامت جميع دول الاتحاد الأوربي – وخصوصاً الدول المجاورة لأوكرانيا بالترحيب باللاجئين الأوكرانيين وتم تقديم جميع الخدمات الإنسانية الضرورية لهم.
7.
هذا ما لم يكن يتوقعه بوتين وما حدث فعلاً منذ إعلان شن الحرب على أوكرانيا.
إنها ومن غير مبالغة مصيدة جهنمية صنعها بوتين لنفسه وللشعب الروسي. وكما علق الكثير من الشخصيات الثقافية والسياسية الأوربية فإن عالماً جديداً قد بدأ لن يجد فيه بوتين أي تسامح أو مجاملة لأنه قد خرق جميع الخطوط الحمراء بإشعال حرب في وسط أوربا وخلق فوضى ليس لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن معالم الموقف السياسي المعارض للسياسة الروسية فإن جميع قرارات العقوبات الاقتصادية ضد روسيا قد تم المصادقة عليها بالإجماع من قبل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد – ومن بينها هنغاريا التي لها علاقة متميزة مع روسيا.
8.
إنَّ بوتين وحده في مصيدة الفئران والعالم يتفرج كيف سيخرج منها!
إنَّه دخل الآن في مرحلة العد التنازلي لنهاية حكمه.

أنظر أيضاً:
بوتين يلوح بورقة الأسلحة النووية

[المسعودي]

1.
كشفت عملية التصويت في مجلس الأمن على قرار إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا وإيقاف العمليات العسكرية والإنسحاب من أوكرانيا عزلة روسيا الدولية.
فقد تمت الموافقة على القرار من قبل 11 عضواً دائماً في المجلس، وثلاثة أصوات بالتحفظ على القرار وهي الصين والهند ودولة الإمارات العربية. وقد تم رفض القرار بسبب استخدام روسيا لحق النقض.
وكما هو واضح لم يصوت أحد من الأعضاء الدائمين الـ [15] ضد القرار غير روسيا.
2.
ولهذا فقد صرح ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة بأن أمريكا سوف تقوم بطرح القرار في الجمعية العامة المتكونة من [193] عضواً.
ومن المعروف أن الموافقة على القرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة تكون بالأغلبية البسيطة.
3.
تواصل الكثير من الدول والمؤسسات الأنضمام إلى قرار المقاطعة والعقوبات ضد روسيا.
وقد تبعت سويسرا (المعروفة بعدم الأنحياز) سياسة الأتحاد الأوربي وقامت بتجميد الأموال الروسية في البنوك السويسرية وهي خطوة تقوم بها سويسرا لأول مرة.
فمن وجهة النظر السويسرية الرسمية أنَّ ما يحدث الآن من البشاعات في أوكرانيا بسبب الغزو الروسي لم يحدث في تاريخ أوربا منذ الحرب العالمية الثانية.

[المسعودي]

تم التصوت أمس بالأغلبية العظمى في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار أدانة العدوان الروسي على أوكرانيا.
وقد صوت لصالح القرار 141 عضواً من الدول الأعضاء، وامتنع عن التصويت 35 دولة من بينها الصين.
أما الدول التي صوتت ضد القرار فهي 5 دول من بينها روسيا وبيلاروسيا وسوريا وأريتيريا وكوريا الجنوبية!

[المسعودي]

1.
لماذا يعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا بداية العد التنازلي لبوتين؟
إلى جانب ما أشرت إليه في الموضوع فإنَّ الخرق الفظ للمبادئ الدولية والهجوم على دولة جارة واحتلال أراضيها وتهجير سكانها وتدمير مدنها من غير أسباب وجيهة ومنطقية ومبررة فإنَّ بوتين قد تعدى جميع الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تعديها.
2.
لقد اتبع الاتحاد الأوربي، وخصوصاً ألمانيا وفرنسا، حتى ساعة الغزو الروسي لأوكرانيا سياسة متوازنة وسلمية بالعلاقة مع روسيا مقارنة بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية من روسيا. وقد كان المنطق السياسي الذي حكم موقف الاتحاد الأوربي من روسيا هو السعي إلى إيجاد نقاط تفاهم ومواقف مشتركة والعمل على تحييد السياسة المتطرفة لروسيا(وخصوصاً سياسة القمع الداخلي للمعارضين) - باختصار أو كما يقول المثل: عدم حرق جميع الأوراق مع روسيا.
3.
لكن روسيا وبقيادة بوتين وفي تدميرها لأوكرانيا قد حرقت جميع الأوراق - مثلما حرقت جميع قوارب النجاة والعودة إلى نقطة البداية.
إن هذه السياسة المتطرفة والروح التدميرية التي هاجمت به روسيا دولة مستقلة وحرة مثل أوكرانيا لم تُخرج ألمانيا :الهادئة" فقط عن طورها وتدفعها إلى الموافقة ولأول مرة في تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية إلى الموافقة على تسليح أوكرانيا، بل ودفعت سويسرا ولأول مرة الموافقة على تجميد حسابات الدولة الروسية وأقطاب الحكم الروسي في البنوك السويسرية.
لم يعد وجود بوتين مقبولاً في أوربا ولم يعد ثمة شيء مشترك ما بين بوتين وأروبا.
لقد انتهت مرحلة التسامح!
4.
إنَّ أوربا قد الخراب في أوكرانيا ومئات الآلاف من اللاجئين من الأطفال والنساء وكبار السن والهاربين من كابوس الحرب وهو أمر لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية ولم يعد بمقدور أحد (حتى من كان قريب من روسيا) أن يوافق على هذه السياسة وألا يقوم بشجبها ورفضها.
فالسقوط قد بدأ والعد التنازلي لنهاية بوتين قد بدأت حتى من قبل الشعب الروسي.
إن روسيا مقبلة (وقد بدأت فعلاً) على أزمات اقتصادية كارثية لم تشهدها خلال سياسة العقوبات الاقتصادية السابقة. وقد بدأت هذه الأزمة بالتدهور الفظيع للعملة الروسية "الروبل". وكل هذا قد حدث لأسباب لا يستطيع الشعب الروسي فهمها أو قبولها إلا بربطها بسياسة بوتين وشنه حرب لا معنى لها ولا يمكن أن تكون غير مغامرة سياسية لبوتين لاستمرار سلطته الآيلة إلى الزوال.


للمعلومات:
دشن هتلر حربه المدمرة بالهجوم على بولونيا في الساعة الرابعة صباحاً.
وهذا ما قام به بوتين: شن الحرب على أوكرانيا في الساعة الرابعة صباحاً حسب توقيت أوكرانيا!

[المسعودي]

1.
حسب تقديرات خبراء اقتصاديين وعسكريين فإن خسائر روسيا حتى الآن هي كالآتي:
- حوالي7 مليارات دولار أمريكي خلال الأيام الخمسة الأولى
- 146 دبابة [آليات مدرعة 800 مليون دولار]
- 27 طائرة حربية [يقدر ثمنها بحدود 2.4 مليارد دولار].
- 26 هيليكوبتر عسكري [450 مليون دولار]
أما ثمن الخسائر المتعلقة بالقواعد الصاروخية فهي بحدود 117 مليون دولار
واستناداً إلى هذه التقديرات فإن روسيا تقوم بصرف ما يعادل 20 مليارد دولار أمريكي في اليوم الواحد!
وإذا ما أخذنا بنظر الأعتبار التأثير التدميري للاقتصاد الروسي التي قد بدأ يظهر مفعوله بسبب العقوبات الاقتصادية العالمية لروسيا فإن استمرار بوتين في الحرب لم يعد غير مغامرة خرقاء لمستبد فِقَدَ علاقته بالواقع تماً.
- لحد الآن لا توجد تقديرات حيادية دقيقة تتعلق بالقتلى بين صفوف القوات الروسية.
2.
أما ما يتعلق بالخسائر العسكرية الروسية في أوكرانيا حسب وزيرة الدفاع الأوكراني Hanna Maliar من تاريخ 24/2 حتى 28/2 فهي كالآتي:
- 29 طائرة حربية
- 29 طائرة هليكوبتر
- 3 طائرات بدون طيار
- 5 أنظمة دفاع جوي
- 5300 قتيل بين صفوف القوات الروسية.
3.
ومن المؤكد فإنه ليس من السهل في الوقت الحاضر قبول المعلومات المتعلقة بالخسائر الروسية سواء الروسية أو الأوكرانية كا هي.
ولهذا وطالما لا تزال الحرب قائمة فإنه لابد من القيام بمقاربات ومقارنات ما بين المعلومات الرسمية الروسية والأوكرانية من جهة والمعلومات الصادرة من مراكز محايدة رغم أنها ذات طابع تقديري.
4.
لكن الخراب الشامل للإقتصاد الروسي فإن الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الأدلة. وإنَّ هذا الخراب سوف يلقي بظلاله على روسيا عقوداً في المستقبل وبغض النظر فيما إذا توقفت الحرب الآن أم لم تتوقف.

[المسعودي]

فيما يلي رابط لموضوع من ويكابيديا يقدم معلومات مفصلة تتعلق بخسائر الطائرات الحربية التي لحقت بالقوات الأوكرانية والروسية والانفصالية منذ عام 2014 حتى 11 آذار 2022.
والموضوع يستند إلى مصادر مختلفة كثيرة.
https://en.wikipedia.org/wiki/List_o...-Ukrainian_War