يوم نختم على أفواههم) .. ويقول أيضاً (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) .. ويقول (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) مما يدل على أن الكفار يوم القيامة ممنوعون من الكلام حتى للدفاع عن أنفسهم..
ولكنا نجد في آية أخرى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ - فصلت)، كما يقول أيضاً عن الكفار (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ - الأنعام) وفي آية لاحقة (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ - الأنعام)..
فها نحن نرى آياتٍ صريحة في منع الكفار من النطق يوم القيامة وآيات أخرى صريحة في أنهم ينطقون فهل نصدق الآيات الأولى أم الثانية؟
والأمثلة الثلاثة السابقة تطرح سؤالاً بسيطاً: ان الله بعلمه للغيب يتحدث عن مشهد يوم القيامة كأنما يتحدث عن ماض، فهو في علم الله متحقق ومتيقن الحدوث، ولكن وصف الله لهذا المشهد غير متسق، فما الذي يدعو الله للتضارب في وصف هذا المشهد؟ هل لأنه لم يستقر على رأي فيما سيفعل يوم القيامة؟ وهل يصح ذلك في حق الله؟
التفسير البسيط لهذه التناقضات هو أنها وصف بشري لمشهد متخيل، يتأثر هذا الوصف بما يعتمل في نفس هذا الشخص من مشاعر وانفعالات لحظة الكتابة والتأليف، لأنه لا يعقل أن يتضارب وصف الله لنفس المشهد.