طرح الأسئلة بتلك الطريقة الدقيقة أمرٌ جيّد و يساهم في تطوير النقاش، و لكن من ذكر أميركا و إسرائيل على أنّهما سبب من الأسباب؟ مع أنّني بالفعل أعتقد بأنّ لأمريكا دورها في الأمر ( و ليس إسرائيل )، و لكن أنا لم أشر إلى ذلك. فعجبي!
اقتباس:
|
او كانت روما ديمقراطيه كما نحب أن نفهم الديمقراطيه اليوم او كانت عائله مدتشي الايطاليه ديمقراطيه حتى النخاع لتقود ماسمي بعصر النهضه؟
|
أنت أدرى بضخامة مصطلح نهضة أروبية و عمقِه و تعدّد أبعاده، و إنّه لمثار للعجب أن يرى المرء في كلامك ما ينسب هذه النهضة العملاقة إلى '' عائلة ''.
أمّا حديثك عن فولتير و روسو فهو غير ذي معنى في نقاشنا، فوجود النوابغ لم يتوقّف عبر التاريخ، سواءٌ في المجتمعات المتخلّفة أم المتحضّرة، و إن كان الفرق بين الاثنين أنّ الأولى تعرف نوابغ على شكل أفراد متألّقين، و أنّ الثانيّة تعرفهم على شكل حركات فكريّة و مؤسّسات.
لا زلت لم أفهم الفكرة التي تريد أن تصل إليها هنا. و أرجو طرحها لو تفضّلت!
اقتباس:
|
نحتاج الى مواجهه حقيقيه مع انفسنا اولا ونعترف بان تخلفنا متجذر في بناء المجتمعات العربيه الاسلاميه وان حكامنا الطغاه هم جزا من منظومه تبدا بالتسلط البطرياركي الابوي صعودا الى الحاكم الاب الاعلى او الاخ الاكبر.
|
تجذّر التخلّف في المجتمعات؟ ماذا تقصد به لو تفضّلت؟
نعرف أنّ المجتمع بنية ترتبط ببنى أخرى ( اقتصاديّة أساسا ) و أنّ البنية الاقتصاديّة ترتبط بالبنية السياسيّة الحاكمة باعتبارها الجهاز العصبيّ الذي يحرّك الدولة و المجتمع، فإن فسدت الدولة ( الجهاز العصبيّ ) فسد سائرُ ما يقع على كاهلها من بنية اقتصاديّة و اجتماعيّة و أخيرا ثقافيّة. فاستعمالك مصطلح '' متجذّر '' يجعل القارئ يخال أنّ للتخلّف أسبابا جينيّة، و ربطك إياه ب '' مجتمع '' يكشف تناقضا ظاهريا، لأنّ المجتمع بنية تتغيّر بتغيّر شروطها المحدّدة!
و عموما أتمنّى أن تدلّني على علاقة '' نظافة الأسنان لدى اللاجئيين السوريّين '' بـ '' بالبنية الاجتماعيّة للمجتمعات العربيّة الأبويّة ''.
اقتباس:
|
انا اتحدث عن اناس يعيشون الان في اجواء ديمقراطيه ولكنهم يرفضونها .
|
يرفضونها لأنّهم عاشوا عقودا في بيئة تسلّطيّة كرّست فيهم الأمراض النفسيّة و جذّرتها فيهم عميقا، لا بدّ أن يحدث هناك صدام نفسيّ و ثقافيّ بين اللاجئ الذي قضى عمره في بيئة متخلّفة، و بين بيئته الجديدة. خذّ نبتة من سوريا فازرعها في تربة ألمانيّة، هل تنجح؟ أم تذبل و تموت؟
ليس متوقّعا من اللاجئ السوريّ أن يتحوّل إلى فولتير بمجرّد دخوله الأراضي الفرنسيّة، بل و ليس متوقّعا منه أن يتحوّل إلى أيّ شيء فالأوان قد فات، لأنّ فولتير المستقبل يغذَّى و يوجَّه و يقوّم طفلا صغيرا، و ليس في العقد الثالث.
اقتباس:
|
وماذا عن اناس ولدوا في فرنسا وبلجيكا وهولندا لكنهم اختاروا الانتساب الى ابشع للمنظمات الارهابيه ومارسوا القتل والحرق ؟
|
ولدوا في أحياءَ، أسرٍ، تجمّعاتِ مهاجرين، تتميّز أساسا بالعطالة و الفقر، هذه العوامل ساعدت في إعادة إنتاج نفس المؤسّسات التي هربت منها في بلدها الأصليّ، و بالتالي نفس ثقافة كره الآخر و الفراغ العاطفيّ. و عموما، فهذا السؤال يجب أن يوجَّه ضدّ للأنظمة السياسيّة الغربيّة و ليس للمشارقة. و إلّا صار الذنب على العربيّ، سواءٌ أتانا الإرهاب من الشرق أم من الغرب. أ اليس هذا صحيحا؟
اقتباس:
|
هناك كارثه تعيشها المجتمعات العربيه والاسلاميه ان كانت في اوروبا او في السعوديه او في سوريا والعراق .والخطر كل الخطر في ان نختزل الاسباب في سبب واحد .
|
صحيح، الخطر كلّ الخطر في ذلك. نظريّة الفراشة تقول بأنّه من الممكن لرفّة فراشة في طوكيو أن تسبّب إعصارا في فلوريدا، و هذا مثبت في العلوم الطبيعيّة و لا ننكره. تداخل الأسباب و تعدّدها و تكاثرها، لذلك يمكن أن نقول بأنّ الأسباب في حالتنا يمكن أن تكون سياسيّة اقتصاديّة بيئيّة تاريخيّة ثقافيّة دينيّة عسكريّة نفسيّة ( سوريّة وطنيّة ) إقليميّة ....
لكن، في خضم ذلك التداخل و التراكب للعوامل و الأسباب، يكون هناك عامل واحد يأخذ حصّة الأسد في مقدار تأثيره في عموم الظاهرة، لأنّ هذا العامل يرتبط بباقي العوامل ارتباطا عليّا ( يسبّب باقي العوامل)، هذا العامل هو غالبا سياسيّ. ( المحدّد ). الاعتراف بغلبة تأثير الجانب السياسيّ ليس من شأنه تجاهل تأثير باقي العوامل، و لكن فقط لإعطائه قيمته الحقيقيّة القصوى، يجب التركيز عليه دائما، مع عدم إغفال العوامل الأخرى طبعا.
تحياتي