۞واذا نظرنا للآية الخامسة عشر من سورة محمد نجدها تقول: " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها انهار من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين ". فاذا كان الخمر يصلح ان يكون جائزة للمتقين الذين يخافون الله ويفعلون كل ما امر به الاسلام، لماذا حُرمت الخمر في هذه الحياة؟ او اذا وضعنا السؤال بطريقة مختلفة: اذا كان من الممكن في هذه الحياة ان يشرب الانسان ماءً غير آسن ولبناً لم يتغير طعمه وخمراً لذيذ الطعم لذة للشاربين، فماذا يغريه بالعمل الصالح لكي يدخل الجنة غير الحياة الازلية. فالاشياء الاخرى مثل بنات الحورالجميلات والفواكه العديدة والولدان الذين اذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً، فكلها يمكن الحصول عليها هنا. اما الأسرة المصنوعة من ذهب او زبرجد فليست مغرية للغالبية العظمى من الناس. فالحياة الازلية هي الشئ الوحيد الذي لا يوجد في هذه الحياة.
۞ولما لم يكن هذا شيئاً محسوساً ولا يمكن تبيانه للناس لجأ القرآن للتهديد والوعيد بنار جهنم التي يفوق وصفها في القرآن وصف اي شئ آخر. فدعنا نقرأ ما كتب الشيخ محمد سيد طنطاوي، شيخ الازهر الشريف، عن حديث القرآن عن يوم الحساب: (من ألاساليب الحكيمة لتعميق الايمان، تذكير الناس بأهوال هذا اليوم، ومن ألآيات القرآنية التي صورت أهوال هذا اليوم تصويراً ترتجف له القلوب، قوله تعالى: "يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد". وقد أفتتح سبحانه هذه السورة الكريمة بهذا الافتتاح الذي تهتز له النفوس، لكي يزداد الناس إيماناً على إيمانهم، ويقيناً على يقينهم بأن يوم القيامة حق، وان الثواب والعقاب فيه صدق)
وصف مروّع ولا شك، ولكن هل يحتاج الذين آمنوا الى مثل هذا التخويف ليزيدوا ايمانهم، كما قال الشيخ طنطاوي؟
|