عرض مشاركة واحدة
قديم 08-12-2016, 09:06 AM فينيق غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
فينيق
عضو ذهبي
الصورة الرمزية فينيق
 

فينيق is on a distinguished road
افتراضي العَلْمَنَة الإسلامية



منذ عدّة قرون، تساءل الكاتب المسيحي البونيقي المثير للجدل ترتليان، مؤلف كتاب المسيحية الأصلية، قائلاً: ما الذي يربط بين أثينا والقدس؟ ما الذي يجب رؤيته في العلاقة بين الهراطقة والمسيحيين؟ اشتهر ترتليان، بصورة رئيسية، من خلال تأسيسه لتضاد مجازيّ بين أثينا { وطن الوثنية اليونانية } والقدس { مسرح الوحي الإلهي }، وقد كان على قناعة بأن الإيمان المسيحي والحكمة البشرية، يشكلان قطبان متعارضان.


بيومنا هذا، وفي الغرب كما في العالم الإسلاميّ، يطرح الكثيرون ذات الأسئلة، لكن بصيغة أخرى: ما الرابط بين الإسلام والعلمانية؟.

يرى بعض العلمانيين الدوغمائيين بأنّ الإسلام يشكِّل تهديد للتعددية وللعلمانية، فيما يرى مسلمون اصوليون دوغمائيون، بأنّ العلمانية عبارة عن تهديد وخطر على الهوية الإسلامية.


يحافظ كلا الفريقين على فجوة عميقة بين "نحن" و "هم"، دون الذهاب بعيداً عن الحدود الوهمية القائمة بين ما هو ديني وما هو علماني.

كذلك يتوجب علينا الاعتراف بعدم عزو كل مظاهر العنف في العالم للدين أو للعلمانية، وكذلك الاعتراف بعدم مسؤولية دين بعينه أو دولة علمانية بذاتها عن ذاك العنف. عملياً لم يُلاحظ، بلحظة ما، قيام أيّ دين يقوم بتبرير العنف. مع ذلك فقد تحول العنف الديني لعقبة ضخمة أمام التضامن الانساني، وأمام حوار دون احكام مسبقة بين العلمانيين والدينيين.


ومن البديهي القول، أنه عندما يجري استخدام العقائد والممارسات الدينية لتحديد الولاء السياسيّ، ستوجد فروقات كبرى بين تقديم مثال عبر الإصلاح وبين فرض الدين بقوّة السلاح.

يكون صحيحاً القول بانعدام التعددية أو الديموقراطية في الدين، وهذا لا يتوقف، وفق هذا المعنى، على مضمون الإيمان، بل على كيفية تفسيره من قبل المؤمنين ضمن مجتمع القيم.

بصورة رئيسية، يوجد في العالم، بيومنا هذا، توتُّر بين محاولة تنظيم المجتمع على حقوق الإنسان ومحاولة تنظيمه على مباديء الجماعات الدينية، وهو ما يمكننا توصيفه كجدال في القناعات. يمكن قول هذا بصيغة أخرى، ما يكون خيِّراً، حقيقياً وعادلاً بالمعيار الديني، لا يتوافق بالضرورة مع سياسات حماية حقوق الإنسان. بالتالي، كيف يمكننا التوفيق بين الاعتراف بالدين كجزء أساسيّ بالفضاء العام، وبين الحفاظ على المبدأ الكونيّ لناحية كوننا كلنا بشر متساوين؟ فيما لو نتقاسم الاحترام بموجب كرامة كل الناس المتجلية، سياسياً، بفضل حقوق الإنسان { حقوق كل البشر }، لجهة القواعد الناظمة الملزمة المطبعة على الجميع بالتساوي، إذاً ما هو الدور الذي يلعبه الدين هنا؟


يكون صحيحاً، ولو نظرياً، إسهام التقاليد الدينية بفكرة الكرامة البشرية، لكن عملياً، من البديهي أن المجتمعات الدينية لم تكن مناصرة دوماً للديموقراطية وحقوق الإنسان.

سيتوجب علينا مقاربة قضيتين، واحدة تخصّ الدين وأخرى تخصّ العلمانية.


في المقام الأوّل، أرى أنه يتوجب علينا التمييز بين مفهومين { تصورين } للعلمانية، مفهوم إيديولوجي والآخر سياسيّ، كذلك التمييز بين رؤيتين للدين بوصفه إيمان وإيديولوجيا.

بيومنا هذا، وعندما نتحدث عن العلمانية secularismo، فإننا نشير بالعموم للآلية المؤسساتية الحامية للحريات الدينية كأحد حقوق الإنسان.

من جانب آخر، لا يجب أن يدفعنا واقع قيام بعض اعضاء الثقافات الإسلامية، المسيحية أو الهندوسية بتحويل اديانهم لأيديولوجيات، إلى اعتبار تلك الاديان والعقائد كايديولوجيات. ترى غالبية المؤمنين العظمى في العالم بأن أديانهم تشكِّل عقائد لا ايديولوجيات. فعلى سبيل المثال، يرى بعض المسلمين بوجود عناصر محددة في التقليد القانوني الاسلامي تنفع بتوجيه الاشخاص ولا تشكّل برنامج عمل سياسيّ. بالنتيجة، سيتمكّن لاشخاص ذوي وجهات نظر دينية مختلفة، من تحقيق التوافق حول حقوق الإنسان الكونية بتطبيقاتها وعقائدها.




مع ذلك، يتوجب وضع التوتر بين ما هو ديني وما هو علماني، بصورة رئيسية، بإطار الجدل بين المواطنين، ما يعني تحقيق توتر خلاق بين الإلتزام الديني والأخلاق العلمانية.

وبينما نقوم بتحديد الديموقراطية كنقطة وسطية بين ما هو ديني وما هو علماني، فإنّ ذاك التوتر سيستمر كمحدد لسياساتنا الوطنية والدولية في المستقبل. بهذا الاتجاه، يجب اعتبار أي محاولة لرؤية القيم الديموقراطية باعتبارها شيء لا يمت بصلة للجوهر الروحيّ، كعمل مؤذي لتحقيق التوازن بين الدين والعلمانية. يفتقر " المجتمع العلمانيّ بصورة كليّة " للمعنى، لأن أيّ مجتمع ورث قيماً، سلوكيات وتوجهات خاصة من تقليد وماضي روحانيان حتماً.


يجب اعتبار أن الإسلام السياسيّ المأمول pos islamismo يُولَدُ بما هو أكبر من خبرة اسلامية، بعملية متواصلة تقتضيها عملية العلمنة laicismo.

يشكِّل هذا فضاء حواريّ يسمح للمجتمعات الإسلامية بإدخال الروح الديموقراطية إليها. تهدف ظاهرة الإسلام السياسيّ المأمول pos islamismo لصهر الحقوق العلمانية والعقائد الدينية في بعض أنحاء العالم الإسلامي.

لا يعني ظهور الإسلام السياسيّ المأمول، بالضرورة، القضاء على الإسلام السياسيّ التقليدي، لكن بالتأكيد يعني ولادة تفسير إسلامي للعلمانية السياسية التي تتبنى مباديء حقوق الإنسان والنظام الديموقراطي.


وبقول هذا بصيغة أخرى، يكون العالم الإسلامي على وشك عناق اصدار علماني سياسيّ يتفق مع شخصيته الإسلامية. ويختلف ذاك الإصدار عن النموذج الفرنسي الذي يستعدي الدين، والذي انتشر بكامل منطقة المشرق، وقد كان مسؤولاً عن ولادة دكتاتوريات حديثة وعن أدلجة الدين بتلك المنطقة.


تكون إعادة صياغة الفضاء العلماني من قبل جانب من الإسلام السياسيّ المأمول pos islamismo شيء من إسهام المجتمع المدني، مع تضمين المتغيِّر الروحيّ، بذات الوقت، في بناء وتطوير الجسم السياسيّ.

لكن كذلك يفترض هذا قيام مسلمين من كل انحاء العالم بطرح التصورات حول تحدي الديموقراطية وتجاوز الصدام بين الدين والعلمانية.

تكون إعادة الصياغة تلك بالغة الضرورة بسياق الحوار بين الثقافات، والمرتبط بذاكرة روحية تحدد مواقف اجتماعية وسياسية في عالمنا المعاصر. اضافة لأخذنا بالحسبان للدور الذي تلعبه القيم الدينية في العالم الإسلامي، بوصفها محددات للقواعد السياسية، ولأجل العودة للقيم الكامنة في الإسلام السياسي، ستكون محاولة التوفيق بين الإسلام والقيم العلمانية عبارة عن مبادرة جوهرية وشجاعة.

من جانب آخر، وفي تلك العملية، ستقلِّل التدابير العملية { البراغماتية } من فعالية وجهات النظر الايديولوجية. فكما أشار جواهر لال نهرو بإحدى المناسبات، قائلاً:

" لن يحقق السلام الدائم سوى أشخاص مسالمين فقط ".

في العالم الإسلامي، سيسود السلام الدائم، فقط، عندما سيتمكن المسلمون العلمانيون المسالمون والمسلمون المتدينون المسالمون من الاستماع لبعضهم البعض ويهجروا حوار الطرشان التقليدي السائد.



الكاتب رامين جاهانبيغلو، فيلسوف إيراني، استاذ كرسي في العلوم السياسية بجامعة تورنتو.



ترجم المقال إلى الإسبانية: Jesús Cuéllar Menezo.


النص الأصل بالقسم الأجنبي

تعليق فينيق

تكمن أهمية هذا المقال بإظهار الفارق بين الدين والدين السياسيّ المؤدلج، حيث امتلك تاريخياً، ومازال حتى تاريخه، الدين المؤدلج مشاريع اصطدام وعنف، كان وقوده مؤمنين مضللين بشعارات دينية يرفضها الكثير من المؤمنين!

ترتكز محاربة التطرُف الديني، بقسمها الأكبر، على إعادة قراءة النص الديني وتقديم قراءات تعزّز الانفتاح. ويوجد أمثلة تاريخية حيّة وفي كل الأديان تُثبت إمكان تحقيق هذا الأمر. نحن في العالم العربي الإسلامي أحوج ما نكون للعمل الحثيث في هذا الاتجاه .. أشكر أيّ تصويب أو إضافة



:: توقيعي ::: الحلّ الوحيد الممكن في سورية: القضاء على مافيا الأسد الداعشيّة الحالشيّة الإيرانية الروسيّة الإرهابيّة فئط!
http://www.ateismoespanarab.blogspot.com.es
يلعن روحك يا حافظ!
https://www.youtube.com/watch?v=Q5EhIY1ST8M
تحيّة لصبايا وشباب القُدْسْ المُحتلّه
https://www.youtube.com/watch?v=U5CLftIc2CY
البديهيّات لا تُناقشْ!
  رد مع اقتباس