البُستانُ التطوريُّ {4}: تطوُّر القطن
نماذج لنوع Zea mays subsp. mays L، دقّقوا جيداً بالنبات، ساق وحيد طويل حامل لعرانيس مُمتلئة
الذرة. نبتة متعاظمة اخرى، قد غزت نصف العالم. يستفيد منها كثير من الرئيسيات الحيّة، اسمها في بلدي panizo، اما العلماء فقد سموها: Zea mays ssp. mays L. انتشرت بالعالم جنبا لجنب مع القمح، الشعير والشوفان وعدد من الانواع الاخرة المنضوية تحت اسم عائلة النشويات. تمتلك دورة حياة سنوية ولديها القدرة لبلوغ اطوال حتى 2.5 متر. هي تكون وحيدة الجنس { يحضر الجنسان الذكري والانثوي بذات النبتة } monoica، وهذا يعني انها لا تمتلك ازهار ثنائية الجنس hermafroditas { كما هو معتاد في النباتات }، بل تمتلك ازهار ذكرية من جانب وازهار انثوية من الجانب الآخر.
لكن من أين تأتي الذرة؟ بمضيّ اعوام من الدرس وعقود من النقاشات، يتفق اغلب العلماء حول السلف المباشر البري لذرتنا المزروعة في الوقت الراهن.
حقّق هذا الامر نبتة محددة مثل Zea mays ssp. Parviglumis { البديل الاكثر قابلية للحياة هو Zea mays ssp mexicana من الاقارب المقربين جداً من النوع السابق }. انها نبتة معروفة على مستوى محلي وعالمي تحت اسم: teosinte، teocinteteosintle أو teocintle. ذات الامر، بكونها نوع فرعيّ بمنتصف الطريق نحو الانقسام لانواع عديدة مختلفة.
في الواقع، فيما لو نكن اكثر دقّة، يجب ان ناخذ بحسباننا عدم وجود نوع واحد فقط من teocinte، فهذا المُصطلح قد شاع بالعالم كتعبير عن انواع مختلفة من " الذرة البريّة "، مثل: Zea diploperennis, Zea perennis, Zea luxurians y Zea nicaraguensis
والعديد من الانواع الفرعيّة، مثل:
Zea mays: ssp. huehuetenangensis, ssp. mexicana y ssp. Parviglumis
حيث تشكّل مجموعة صغيرة من النباتات باعضاء ذوي دورة حياة سنوية ودورة سنتين، تجد اصلها في المكسيك واميركا الوسطى. في شجرة هذه الشعبة الوراثية الجينية وفي الشعبة اللاحقة: يمكن تقدير علاقاتها التطورية.
شجرة الذرة الوراثية الجينية وبعض اقاربها
بمستوى جينومي كلها تكون ذات الصيغة. انها نباتات ثنائيّة مع 10 ازواج من الكروموزومات فقط في كل جانب. باستثناء نوع واحد هو Zea perennis، فلقد ظهر من تضاعف جيني حصل بجينوم نوع Zea diploperennis ، ما يعني اننا نتحدث عن متعدد مجموعات صبغية آخر { ثلاث او اكثر } poliploide { هذه المرة من نوع رباعيّ 4n }. يمتلك 20 زوج من الكروموزومات اضافة لابرازه عدد من الفروقات نسبة للنوع الامّ بمستوى: الجذمور { ساق ارضية شبيهة بالجذور .. قاموس المورد اسباني عربي }، نمط حياة.
نماذج من teocinte o teosinte
ما الذي تمتلكه انواع Zea mays ssp. parviglumis y Zea mays ssp. Mexicana ولا تمتلكه النسخة " البريّة " من نباتات اخرى مزروعة؟
بببساطة النوع المزروع من الذرة والنوع البري: يكونان مختلفان بشكل كليّ، لدرجة امتلاكهما لخصائص متعارضة.
فمن جانب لدينا التشريح الذاتيّ للنبات، ففي الذرة: يوجد ساق منتصب طويل مزود بسنيبلات ذكرية ومليء بالاوراق التي يُلاحظ في براعمها تكوّن العرانيس. لكن نرى في الذرة البريّة teocinte ساقاً رئيسياً يتوزّع لتفرعات جانبيّة { وكل فرع جانبي بدوره يحمل سنيبلات ذكرية واوراق مع سنيبلات صغيرة انثوية في براعمها }.
فالمتطلبات تكون هائلة هنا، بحيث انه لاجل " تحول " نبات ذرة بري teocinte الى نبات ذرة مزروع، يجب قبل كل شيء : تحويل " فرع جانبي " الى عرنوس.
جدول مقارنة بين الذرة المزروعه والنوع البريّ
لكن المشكلة لا تنتهي هنا، فالنوع البري teocinte لا يُنتج عرانيس. يشكّل العرنوس بنية كبيرة، مخروط بطول 10 الى 20 سنتمتر، يحتوي بذور عارية مرتّبة بعدد يبلغ من 200 الى 400 بذرة { ويمكن ان تصل الى 1000 بذرة }. من جانبها، تحتوي سنبلة النوع البري teocinte بالكاد من 6 الى 12 بذرة بحجم صغير، غامقة اللون، بشعة ومحمية بقشرة قاسية جداً. يكون كل شيء بمثابة النقيض.
صورة مُقارنة بين النوع البريّ سنبلةفي الاعلى ولونها اخضر،) والذرة (عرنوسبالاسفل ولون اسود
ليس بمُستغرب اعتبار تطور النوع البري teocinte كواحدة من الظواهر الاكثر تطرفا وتعقيداً للتطور المورفولوجي الممكن العثور عليه بالوقت الراهن.
فلقد فكّر بعض الباحثين بأن النوع البري للذرة teocinte: قد كان اكثر قرباً من الرز منه من الذرة، مع ذلك فهجائن الذرة تكون بالعموم ناجحة وخصيبة بشكل كامل. وضعت الدراسات الجزيئية الحديثة النقطة الاخيرة في النقاش حول هذا الموضوع.
جدول مقارنة آخر بين النوعين البريّ والمزروع: A فروقات في التفرعات الجانبية للنوع البريّ الحامل للسنيبلات الذكرية، B مقارنة بين السنيبلة والعرنوس، C مقارنة بين السنيبلات الصغيرة والاغطية الحامية
هنا يحضرنا التساؤل: كيف ظهرت الذرة المزروعة اعتباراً من الذرة البريّة teocinte؟ لا تكون قضيّة سهلة الحلّ. تابعت اوائل الاجوبة " منطق الفروقات الضخمة، ثمّ كميّة الجينات الضخمة اللازمة ". هل حصل تطفُّر لعدد غير محدد من الجينات في العشر آلاف عام الاخيرة { يمكن افتراضه كتاريخ لبدء تدجين الذرة }؟ أيكون اصل الذرة اقدم بكثير مما نتخيّل؟
لقد اثبتت ابحاث الاربعين عام الاخيرة والتقدّم الحاصل بعلم الاحياء الجزيئي: بأنّ الفروقات الرئيسية بين الذرة الزراعية والذرة البريّة teocinte، تعود الى وجود خمس مجموعات من الجينات، او من الافضل القول خمس QTL (quantitative trait loci). حيث يشكّل QTL: التسمية التي تستقبلها تلك المجموعات من الجينات التي ترتبط بقوّة لاجل التوريث معاً، والتي تساهم ايضا ببناء ذات الميزة. بفضل اعمال عالم الوراثة الاميركي John Doebley نعرف النوع (teosinte branched1 (tb1، تكون وظيفة QTL منع النمو، اعاقة نمو التفرعات الجانبية { مع اوراقها، سنبلاتها الذكرية وسنبلاتها الانثوية }.
كيف يتصرف tb1 ؟ حسناً، لنقارن فعله في النوع البري teocinte وفي الذرة الزراعية:
أولاً: في البراعم الجانبية للنوع البريّ teocinte، يكون تعبير tb1 قليلاً أو مُنعدماً، بالتالي لا يظهر شيء بمستوى جزيئي يقوم بمنع نمو التفرعات الجانبية، وبالتالي تنمو تلك الفروع.
ثانياً: مع هذا يعبّر هذا الجين في الذرة الزراعية بسرعة مُضاعفة لسرعته في النوع البري، كنتيجة لرسالة " منع النمو " تنتشر في البراعم الجانبية، وكنتيجة لا تنمو التفرعات.
لهذا السبب، تقوم اغلب نباتات الذرة المتطفرة ب tb1 عند فقدان وظيفية QTL بتوليد افرع جانبية ذات حجم أكبر. بالنهاية من المعروف بأنّ النشاط المُختلف ل tb1 في النوع البري والنوع الزراعي، لا يعود لكون كلا الجينان مختلفان.
كلا ففي الواقع يكون الجين tb1 في النوع البري والنوع الزراعي هو ذاته. ما يحدث في كلا النباتين، هو أن ترتيب الجين يكون مُختلفاً، الامر الذي يقود الى ايقاع نشاط مختلف لكل نبات منهما. يقتضي اختلاف ايقاع التعبير الجيني أنّه في النوع البري، يكون هذا الجين اقلّ نشاط بوظائفه، وعلى العكس من هذا في الذرة المزروعه، حيث يكون الجين أكثر نشاطاً بكثير. الامر الذي يثبت لنا بأنّه لا يهم حجم او دقّة التعديل في جين واحد فقط باتجاه دقيق لاجل احراز فروقات مورفولوجية ضخمة.
A نبات ذرة بريّ teocinte Zea mays mexicana
C النوع المزروع Zea mays mays
E عيّنة الذرة المزروعة المتطفرة tb1
بما يتصل بما سلف، تمّ العثور على QTL آخر يسمى: barren stalk1 ba1، كما لو كان مرآة تبيّن لنا ثقتنا بانفسنا، كما لو كان الصيغة التي تحوّل الشاكي Jekyll الى الهمجيّ Hyde، يكون النوع barren stalk1 المُعاكس الخفيّ للنوع البري teosinte branched1.
ففيما لو رأينا الجين tb1 المتعرض لانخفاض نشاطه: حيث نرى نباتات بتفرعات جانبية هامة، فإننا سنجد بأنّ تخفيض نشاط الجين ba1، سيؤدي الى نباتات دون تفرعات جانبية { على الرغم بأنه في الواقع، تمّ العثور على طفرات بدرجة واسعة في هذا النوع من التعديلات }
بنوع من الثقة نقول بأنّ الجين ba1: يشكّل منظّم ضروري في التشكيل المبكر للبراعم التي تعطي السيقان الجديدة { سيقان جمع ساق }، الازهار او الثمار الجانبية. لهذا تُرى طفرات هذا الجين مصغّرة لنمو التفرعات الجانبية من جانب, مبيّنة من الجانب الآخر نمو عمودي قويّ للنبات.
تشكّل تلك الثنائية: قاعدة الشُبهة في التوازن بين ba1 و tb1، وتكون السبب المُحقق لراحة البنية التشريحية للذرة الحديثة.
مؤثرات طفرة الجين ba1على نمو الذرة.a : ازهرار ذكري بنبتة متطفرة، b : ازهرار ذكري بنبتة برية، c وd:فروقات في النموّ التكاثريّ والإنباتيّ،على التوالي،بين نباتات برية الى اليسارومتطفّرة الى اليمين، لاحظوا الافتقار الى البراعم الجانبية في الاخيرة
يوجد فارق بارز آخر، تكون بذور النوع البري teocinte محمية بقشرة سميكة، غامقة ومتخشبّة، وهي حماية غائبة في الذرة المزروعة ومُختصرة الى مقعد ضخم للبذور العارية.
تُشير دراسات جزيئية عديدة لأنّ واحد من QTL الاكثر أهميّة لنمو تلك الاغطية هو جين teosinte glume architecture1 tga1، والذي تحقّقت تقدمات اكثر اهمية به من قبل فريق البحث Wang, H. et al في العام 2005. فنتائج ابحاثه المنشورة بمجلة الطبيعة: تستخلص بأنّ tga1 عبارة عن جين مُنظّم آخر ويعمل كنقطة انطلاق في تشكيل تلك الكؤيسات.
ايضاً لاحظوا وجود 6 فروقات جينية بين جين الذرة الزراعية tga1 وبين جين الذرة البرية tga1، والتي من بينها: تغيّر في المنطقة السادسة بسبب النشاط المُختلف للجين في نبات أو آخر. بمطابقة نموذج الباحثين، نلاحظ بكفاية طفرة واحدة في جين اساسي لاجل اعطاء الاصل لبذور عارية نراها في الذرة الزراعية انطلاقا من بذور محمية بقوّة للنوع البري teocinte.
a : عرنوس ذرة يظهر محوره، b: عرنوس بري teocinte، c: ذات العرنوس البري مع أليل tga1، d: بذرة نوع بري، لاحظ نموّ القشرة الخارجية، e: بذرة للنوع البري مع الأليل tga1، f: عرنوس ذرة مزروع، لاحظ القشور، g و h: عرنوس بري مع الأليل tga1 استطالت القشور وتغلفت بعض البذور
يتبقّى علينا شرح الملامح الكبرى المتصلة بالبنية التشريحية للذرة الزراعية وبذورها العارية، ما يعني القيام بشرح اصل العرنوس ذاته، نموه وانتشاره، بالقياس مع سنبلة النوع البري teocinte. لا يكون حل هذه القضيّة خالي من المشاكل، فللآن لا يوجد معطيات قطعية ولا خلاصات نهائية، على الرغم من توفر معلومة كافية قادرة على اعطائنا فكرة عمّا حصل.
يعود الدليل الاقدم على الذرة الزراعية الى كهف Guilá Naquitz في المكسيك. عبارة عن مكان مليء بالادغال الكثيفة والواقعة على ارتفاع 1926 متر عن سطح البحر، مع هطولات مطرية لا تتعدى 600 مليمتر. اثبتت الحفريات حضور نشاطات بشرية لصيادين وملتقطي ثمار، منذ الفترة الواقعة بين 10650 الى 6980 عام قبل الآن حسب تقنية تأريخ الكاربون 14.
صورة تُظهر لنا مكان وادي Tehuacán وكهف Guilá Naquitz ، مكان التوزّع الحديث لسلف الذرة Z. mays parviglumis
تمتلك باقي انواع الذرة الاكثر قدماً في طبقات كهف Guilá Naquitz عمراً { محسوب عبر قياسات دقيقة بالكاربون 14 } لفترة تعود الى 5.420 ± 60 و 5.410 ± 4040 عام. ايضا عثروا على حبيبات من غبار الطلع لنوع Zea بعمر 9.500-6.980 عام، وكأدلة على زراعة اليقطين Curcubita pepo لفترة تعود الى 8.990-7.000 عام قبل الآن. لم يعثروا بين تلك البقايا على العرانيس التي نعرفها، لكنهم شاهدوا " ميني عرانيس " بميزات شديدة الخصوصية ولا يبلغ طولها أكثر من 25 ملمتر وهو حجم مشابه لسنابل النوع البري teocinte Z. mays ssp. Parviglumis.
تصوير لعرانيس الذرة المعروفة الاكثر قدماً والمُكتشفة في كهف Guilá Naquitz. في المكسيك، العرنوس الاكبر في الاسفل طوله 25 mm
يشكّل العرنوس بُنية خصوصيّة. فهو يمتلك محوراً صلباً ومرناً تنتظم عليه الحبيبات العارية بصيغة صفوف " مضاعفة ". بدورها الحبيبات تتموضع عمودياً على محور العرنوس الطولاني. من جانبها، تمتلك سنبلة النوع البري teocinte محوراً تنتظم عليه الحبيبات المحمية بقشرة قاسية بصفين " بسيطين " فقط بوضعية موازية للمحور الطولانيّ. بدورها لا تنتمي عرانيس كهف Guilá Naquitz لكلا النوعين، بل تمتلك ميزة خاصة انتقاليّة. انها متكونة من محور تنتظم عليه بذور عارية، بطريقتين: الاولى على طول صفين " مضاعفين " ومتشكلة بزاوية 45 درجة نسبة للمحور الطولاني { وليست موازية كما في النوع البري teocinte أو عمودية كما في الذرة الزراعية }، والثانية متشكلة من صفين " بسيطين " ومتوجهة بزاوية 180 درجة نسبة للمحور الطولانيّ.
هذا المزيج من الميزات { بعضها خاص بالنوع الزراعي، وبعضها بالنوع البري وبعضها الآخر متوسط } يوضح لنا حقبة كانت فيها ميزات الذرة الحديثة في بداية الطريق التكوينيّ.
تنوّع حاضر في عرانيس الذرة الاقدم المعروفة، المُكتشفة في كهفGuilá Naquitz
فيما لو تكن لُقى كهف Guilá Naquitz المدخل للموضوع، فإنّ لُقى وادي Tehuacán في المكسيك ايضاً: تشكّل العقدة وحلّها.فنجد في تلك المنطقة آثار بشرية وبقايا لذرة بدائيّة. فكما في كهف Guilá Naquitz، نلاحظ في الطبقات الاكثر قدماً عرانيس بطول يتراوح بين 19 و25 ميلمتر مع 4 الى 8 حبيبات، مع ذلك، ترتفع الطبقات في تلك المنطقة حتى تصل لوقتنا الراهن، الى ما قبل 500 عام من الآن. خلال كل تلك الحقبة، نواجه التعاقب التطوريّ الكامل لعرنوس الذرة مع الاسلاف من العرانيس الصغيرة في الطبقات الاكثر قدماً والعرانيس الحالية في الطبقات الحديثة.
التعاقب الكامل لتطور عرنوس الذرة منذ 7000 عام قبل الآن وصولاً الى 500 عام قبل الآن
وفق ما سلف، يمكن التأكيد على أنّه في ظهور وتطور العرنوس، تكون لحظة الصفر هي النقطة الاكثر عرضة للنقاش. ونعود لبداية كل شيء، ما الذي حوّل تشعباً { تفرّعاً } للنوع البري teocinte الى عُرينس صغير اصليّ ؟
بحسب اعادة بناء بقايا احفورية، فإنّ العرينس الاصلي: ظهر عبر بنية لا تكون اكبر بكثير من سنبلة النوع البري teocinte.
مقارنة بين A سنبلة النوع البري teocinte ، B نوع الذرة البدائي الاكثر قدما،C نوع الذرة الحديث
تمّ اقتراح عدد من التفسيرات لحلّ هذه الاحجية. يتطرق بعضها لنوع من التهجين، حيث سيكون نوع الذرة البدائي ثمرة عملية تهجين بين النوع البري teocinte من جنس Zea ونوع آخر من الجنس Tripsacum { وبينهما علاقة قرابة لصيقة جداً }.
يدافع اصحاب هذا الاقتراح على وجه الخصوص عبر الشبه الهائل لعرنوس بعض الهجائن بين Tripsacum و teocinte، والذي من المُفترض انه شكّل العرنوس البدائي للذرة، نقطة اخرى بسبب حضور تعدّد الاشكال الخاصة بالنوع البري teocinte وبنوع teocinte في الذرة، مع ذلك، لا يخلو هذا النموذج من المشاكل، كعدد كروموزمات الهجائن { المختلف عن 10 } أو ضعف الخصوبة وضعف النجاح بالتهجين بالتالي.
هجين F2بين النوع البري teocinte و نوعTripsacum ، لاحظوا الشبه الهائل مع النوع البدائي للذرة في الرسم.
اقتراح بديل للسابق، قدّمه عالم النبات الاميركي Hugh H. Iltis عبر " النظرية الكارثيّة للتحول الجنسيّ " Teoría Catastrófica de la Transmutación Sexual CSTT، وبحسبها: يظهر عرنوس الذرة بسبب تبدُّل في الفيزيولوجية الهرمونية، والتي تنتهي بافاضة الهرمونات الانثوية على السنابل الذكرية، محولة اياها الى عرانيس. في الوقت الراهن، لا يوجد اي اهتمام بهذا الاقتراح.
مع ذلك، يقترح عالم النبات ذاته تحديث لنظريته لتصبح " النظرية الجديدة للتحول الجنسي " Nueva Teoría de la Translocación Sexual STLT، وفق هذا النموذج: فيما لو تقترب السنابل الذكرية بوفرة من الازهار الانثوية، فان الهرمونات الانثوية ستنتهي بقلب جنسانية السنبلة الذكرية { اي تحويلها }. هذا بدوره سيجد اساسه في الانتقاء المتقدم للنماذج مع عرانيس كبيرة، يتأسس حجمه في اقترابه الاكبر من ساق النبات.
جدول موجز ومعدللنموذج STLT لعالم النبات Hugh H. Iltis لاجل تفسير اصل عرنوس الذرة، 1 فرع جانبي مع سنبلات انثوية محورية وسنابل ذكرية طرفية
2 تحول جزئي لسنبلة ذكرية طرفية الى سنبلة انثوية، 3 انتقاء السنبلة الانثوية الطرفية، 4 سيطرة للسنبلة الانثوية الطرفية.
ربما يكون هذا النموذج معقولاً، وهنا ندخل في نموذج ثالث للخلاف، " الفرضية المُجمع عليها للنوع البري Teocinte " (OTH)، وبحسب هذا النموذج فإنه بفضل طفرات اساسية بجينات اساسية، أُعطي الاصل ليس فقط للجسم التشريحي للذرة، بل ايضاً لتكوين عرانيسها. فيما لو نتذكر الطفرة tb1 فإنّ الذرة المتطفرة قد طورت سيقان طويلة جانبية شبيهة بما لدى النوع البري teocinte، لكن ليس هذا فقط، اضافة لانه في اطراف تلك الفروع الجانبية نمت سنابل ذكرية كما في النوع البري teocinte { وليست انثوية كما في الذرة }. مع هذا، يمكن الذهاب ابعد من هذا، عندما يصطدم مع اقتراح Iltis.
جرت ملاحظة أنه عند حدوث " طفرات مضاعفة " واحدة منها tb1 والاخرى dwarf1 d1 أو anther ear1 an1 طفرات تساهم بانتاج نباتات قزمة، في الفروع الجانبية تتابع السنبلة الذكرية تشكّلها. هذا يُشير لأنّ تشكيل السنبلة الذكرية لا يتوقف على طول الفرع الجانبي، بل هو عبارة عن ميزة مستقلة.
فكما رأينا، على الاقل بجزء " تطور معكوس " من الذرة الى النوع البري teocinte، هل يوجد لُقى اكثر بفضل النموذج OTH؟ باتجاه واضح، نعم. دون الذهاب بعيداً، نعرف بعض الطفرات, مثل ts2 وهي قادرة على التسبّب بانهاء نمو الازهار الذكرية الى ازهار انثوية. ليس هذا فقط، ايضا أكّدت بأنّ الطفرات المضاعفة tb1: ts2 تحقق السنابل الذكرية جزئياً أو السنابل الانثوية كليّاً.
في الصورة (A) تفرعات جانبية للطفرة المضاعفة tb1 : ts2 للطفرة tb1 والطفرة المضاعفة tb1 : an1 يمكن ملاحظتها كطفرة مضاعفة فقط tb1 : ts2 تبيّن تأنيث السنبلة الذكرية، في الصورة (B) نمو اكبر في شعيرات النبتة المتعرضة للطفرة المضاعفة ts2 : tb1
بل اكثر من ذلك، في وقتنا الراهن، يجري اختبار حول امكانية تحوله الى نوع Zea mays ssp. Parviglumis بمدة قصيرة، عبر ضغط انتقائيّ في نموذج نباتي يذكّرنا بنوع الذرة البدائيّ. تبين نتائج الاختبار المعمول في جامعة Wisconsin بأنه منذ الحلقة الاولى يمكن رؤية: نباتات بتفرّع طبيعي، نباتات بتفرّع غير موجود تقريباً ونباتات بتفرّعات متوسطة. ليس هذا فقط، بل ظهرت سنابل ذكرية مؤنثة جزئياًن والتي تُذكِّرنا بصيغة مؤكدة " بالذرة البدائية " والتي شاهدنا بقاياها " الاحفورية " سابقاً.
سلسلة من صور الاختبار المسمى
حيث نلاحظ التناقص التدريجي للتفرّع الجانبي بالنوع البري
c يمكننا رؤية سنبلة ذكرية مؤنثة جزئياً
بالاضافة لملاحظة كيفية تغيّر النوع البري teocinte بيئياً بفضل ميزات الوسط الموجود فيه، فهو يُكيّف تشكّلات مختلفة. الكثير منها يذكرنا بالذرة الحديثة:
جدول يبين التكيفات البيئية للنوع البري، A مثال من نوع Z. m. parviglumis التي تنمو في منطقة Balsas في الشروط المفضلة للنبتة، B نموذج من المنطقة العليا في Missouri شبيهة بنماذج وادي Río Grande في المكسيكتكون اكثر ارتفاع واقلّ تفرعات،فيها عرانيس باربع حبّات، C نماذج شمالية مع عرانيس بثماني حبيبات، من المفترض انها انتشرت من تكساس والمكسيك، Dذرة حديثة.
تمّ التقدّم كثيراً بمحاولات فهم " كيف " تطورت الذرة من النوع البري teocinte. لكن، ما دور البشر في تأصيله؟ اسباب تدجينه؟
أحد آلهة الذرة Yuum Kaax ويعني اسمه " سيّد الذرة اليافع "!
وفق الدليل الآركيولوجي، يُشتبه بحدوث تدجين الذرة في الفترة الممتدة بين 5000 الى 10000 عام قبل الآن. لا يكون غير معقول التأكيد على انّ بدايات تدجينها لتغزو العالم منذ 9000 عام، قد كانت في وادي Río Balsas في جنوب المكسيك. دون ذهابنا بعيداً، فمصطلح teocinte يأتي من كلمة Nahuátl والمستخدمة من قبل شعوب اميركا القديمة للتعبير عن " حبّة الآلهة "، ويقصدون بها النباتات السنوية، مثل:
Zea luxurians y Z. mays o las perennes Z. perennis y Z. diploperennis
تعود اللقى الاحفورية الاكثر قدماً لطبقات وادي Tehuacán وكهف Guilá Naquitz والتي تعود للفترة الممتدة بين 6000 الى 5000 عام قبل الآن، مع حضور عرانيس مختلفة عن العرانيس الحالية وبميزات مشتركة للذرة الحالية والنوع البري teocinte، وجرت ملاحظة هذه الميزات في اكتشافات حديثة في وادي Río Balsas، والتي تشير لحضور الذرة الزراعية المدجنة منذ 8700 عام على الاقل.
يتبع 