عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2016, 06:46 PM فينيق غير متواجد حالياً   رقم الموضوع : [1]
فينيق
عضو ذهبي
الصورة الرمزية فينيق
 

فينيق is on a distinguished road
افتراضي البُستانُ التطوريُّ

البستان التطوريّ {1}: تطوُّر القمح




إن ما يجمع: المعجنات، كثير من الحلويات، انواع الخبز المختلفة ...الخ، مادة سحريّة هي طحين القمح. من هنا تأتي ضرورة دراسة تطور هذه النبتة المتواضعه المسماة: قمح.

سلف متواضع وشبكيّ

ينتمي القمح الزراعي بشكل خاص الى نوع Triticum aestivum L ذو الاصل الحديث نسبياً، حيث يوجد منه سلالات عديدة وتتم زراعته على نطاق واسع بكل ارجاء العالم. يكون القمح، مثل الذرة، الأرز، الشعير ...الخ، ويُشكّل نبتة تنتمي الى عائلة النجيليّات، ذات دورة حياة سنويّة وتقوم بانتاج البذور.

لكن، لماذا تكون ذات أهميّة كبيرة من وجهة نظر تطوريّة؟

سنابل مليئة من نوع القمح المزروع Triticum aestivum L


حسناً، يتوجب البحث عن لغز هذه النبتة في جينومها. حيث تقوم كلمة واحدة بوصف طبيعتها، هي: Alopoliploide. لا تُصاب الذعر!! تعرف المؤسسة العلمية جيداً ما تقول، فتعني هذه الكلمة او المُصطلح حرفياً " مجموعات الصبغيات ( (-poli-) والغيريّة -ploidí المتعددة (alo-) "، أو بكلمات اخرى، هي عبارة عن نبتة تمتلك جينوماً مشكلاً من جينومات عديدة مختلفة. نعم كما تقرأ بالضبط!!

في هذه الحالة، يمتلك جينوم نوع Triticum aestivum حجم بقيمة 16000 مليون زوج من القواعد. يكون رقم ضخم، سيما اذا اخذنا بعين الاعتبار بان جينومنا نحن يمتلك فقط 3000 مليون زوج قواعد، مُرتَّبة وفق 22 زوج من الكروموزومات الجسديّة وزوج اضافي يحدّد الجنس. من جانبه، يتكوّن جينوم نوع القمح Triticum aestivum من 21 زوج من الكروموزومات التي يمكن ان تكون مصنفه وفق: AABBDD


النمط النووي جينوم قمحنا نوع Triticum aestivum L



اعتباراً من هنا يأتي ما هو ممتع فعليّاً. لدينا في الاعلى رسماً { فيه كل الكروموزومات المرتبة وفق الحجم والتشكيل } لنوع Triticum aestivum، كما يمكننا ملاحظة كل الجينوم المرتّب في ثلاث كُتل، هي: A ، B و D.
توافق الكتلة D لمجموعة الكروموزومات DD المعروفة جيداً. تشكّل تلك الكتلة من الكروموزومات قسماً من جينوم القمح، وتكون هي ذاتها جينوم كامل لنوع نباتيّ آخر هو Aegilops tauschii { كما تسمى ايضاً Aegilops squarrosa }، وهي عبارة عن عشبة تنمو بشكل برّي بصيغة دغليّة { من أدغال } من اصل شرق متوسطي .

سنابل قمح نوع Aegilops tauschii, Coss


من جانبهما، تشكل كتلتا كروموزومات A وB مجموعة الكروموزومات AABB التي بدورها تشكّل عملياً جينوم نوع نباتيّ آخر، هو Triticum turgidum ويكون نجيليّة اخرى من اصل شرق متوسطيّ، حيث تتم زراعة بعض انواعها للآن في تلك المنطقة من العالم.
هكذا وبناء على تلك المعطيات، يكون نوع Triticum aestivum في الواقع عبارة عن نوع متشكِّل من اندماج جيني وراثي لنوعين نباتيين، هما Aegilops tauschii و Triticum turgidum كنوع دغليّ ونوع " من القمح البرّي "، اللذان باتحادهما يؤصِّلان { يُعطيان الاصل } لنوع جديد بشكل كامل من القمح.

سنبلة القمح القاسي Triticum turgidum L


مع ذلك، للآن لم تنتهِ القضيّة، فكما رأيتم، يتحدّد جينوم نوع Triticum turgidum بكتلتين AABB، لكن لماذا؟
حسناً، لقد اثبت العلماء عبر ابحاثهم بأننا بمواجهة جينومين أكثر.

فمن جانب، لدينا مجموعة كروموزومات AA التي تنتمي للعشبة البريّة المسماة علمياً: Triticum urartu، من اقارب " القمح "، " النشويات " وغيرها.


من جانب آخر، تكون مجموعة كروموزومات BB موضع جدل. حيث يوجد صعوبات بتحديد النوع الملموس الذي ينتمي له جينوم BB، توصّل بعض الباحثين لتصنيفه بنطاق مجموعة نباتية تسمى " جماعة Aegilops شعبة sitopsis "، والتي انتشرت على الصعيد العالمي عبر تشكيلة متنوعة جداً . ولم يطل المقام، الى ان تظهر دراسات جزيئية حديثة: تُشير لتحدُّر مجموعة الكروموزومات BB من نوع محدد من تلك الجماعة النباتيّة هو Aegilops speltoides، عبارة عن نبتة متوطنة في جنوب شرق اوروبا وغرب آسيا. لكن القضية لا تنتهي هنا، فاحتمال كبير أن يكون Aegilops speltoides : عبارة عن نوع قد أعطى الاصل عبر صيغة عديدة الصبغيات alopoliploidía لنوع آخر من " القمح البري " هو Triticum araraticum.

ثمّة تناقض ظاهريّ، فالرؤية الشعبية للجنس Aegilops أبعد ما تكون عن القمح. يُطلق بالانكليزية عليه اسم goatgrass، والذي يعني حرفياً " عشبة الماعز " . حيث انها تمتلك فائدة وحيدة، تتمثّل باستخدامها كمرعى للقطيع. تمّ التعرّف عليها بوصفها واحدة من آباء قمحنا.


الى اليسار سنابل نوع النشويّ البرّي Triticum urartu L
الى اليمين سنابل نوع Aegilops speltoides Á. Löve Commons
أصل وتطور الانواع المختلفة من القمح


بالتالي ذات الصيغة السالفة الذكر، فنوع Triticum turgidum بدوره نوع آخر يأتي جينومه من اتحاد جينومين لنوعين مستقلين، يمكن ان يُعثر عليهما كاعشاب برية كما اعشاب مزروعة موطنها شرق المتوسط .

التطور والتآلف اللذان اعطا الاصل لقمحنا


ربما لا يمكن تفادي السؤال: كيف يمكن ان يحدث هذا؟ كمثالن نعرف بأننا لو نقم بتهجين حمار وفرس سنحصل على بغل، وهو حيوان مصاب بالعقم كليّاً.
يتأسّس الحلّ على واقع أنّ في مجموعات نباتية كثيرة، لا تعمل هذه الصيغة { وهذا ايضا سبب صعوبة تصنيفات نباتية لجماعات نباتية ملموسة في كثير من الاحيان }. حيث انه في هذه الحالة، يحدث الآتي:

اولاً: تشكل النجيليات نباتات تمتلك تكاثر هجينيّ بواسطة الرياح، حيث يكون غريباً أنّ غبار طلع لنوع يمكن ان يصل لزهور انثوية لنوع آخر.

ازهار نوع القمح ، Triticum aestivum, L ، لاحظوا تموضع الاسدية { السداة هي العضو الذكري في الزهرة } التي تسهل نثر غبار الطلع بواسطة الرياح


ثانياً: لسبب ما، تكون النباتات أكثر سلاسة وراثياً جينياً من الحيوانات، بصيغة تُمكِّنها من اعطاء ظواهر متعددة المجموعات الصبغية وحتى لتعدد مجموعات صبغية بين انواع مختلفة. حيث نرى بأن 30 نوع مُكتشف بين جنسي Triticum و Aegilop: يكون 75% منها على الاقل معروفة بكونها alotetraploides { ناتجة عن اتحاد نوعين } أو alohexaploides { ناتجة عن اتحاد 3 انواع }.

ثالثاً: لا تكون تلك النباتات هجائن بسيطة، حيث يجب أن يمتلك الهجين الصرف نصف جينوم من نوع ونصف آخر من نوع آخر، وكما من المعتاد حصوله في الحيوانات، إما تكون مُصابة بالعقم أو تمتلك خصوبة تالفة. تكون هذه الحالة مختلفة، هي ظواهر تعدّد للمجموعات الصبغية { تتضاعف المادة الوراثية لاحد تلك الهجائن }، وبهذا نمتلك جينومات كاملة وظيفيّة لانواع محددة. حيث يمتلك الافراد الناتجين بالعموم اكبر قدر من الخصوبة والقوة الفيزيائية.


في الواقع، يمكن ان تكون ظاهرة تعدد المجموعات الصبغية الغيريّة عامة بصيغة أكبر مما هو مُنتظر، وتكون قادرة على المساهمة في نشوء سريع للانواع بين النباتات، وهذا يتسبب بتغيرات هامة في تنظيم ونشاط المادة الوراثية. بكلمات اخرى، تشكّل قوّة فعّالة محرّكة للتطور.
لا تكون قواعد تعدد المجموعات الصبغية صعبة على الفهم. ففي الجدول التالي يتم توضيحها بشكل جيد:

جدول يلخص تعدد أو تغاير المجموعات الصبغية alopoliploidía



لنفترض وجود نوعين، نوع A ونوع B ، كلاهما متعدد الصبغيات، ما يعني، يمتلك كل واحد منهما مجموعه مضاعفة من كروموزومات (2n) في داخل خلاياه، والذي يكون في النوع A هو: AA، وفي النوع B سيكون: BB . خلال التكاثر الجنسي، يُنتج خلايا متخصصة لاجل التناسب مع مجموعة وحيدة من الكروموزومات (n) لكل واحدة منها، تستقبل تلك الخلايا اسم الامشاج { عند البشر هم البويضات والحيوانات المنوية }، بهذا يمتلك النوع A امشاج A والنوع B امشاج B .

ففي الالقاح العادي بين اعضاء من ذات النوع، يتحد مشيج ذكري (n) مع مشيج انثوي (n): مُعطياً لاقحة (2n). لكن خلال عملية تهجين، ما يحصل هو اتحاد مشيج نوع (A) مع مشيج نوع آخر (B) ما يؤدي لظهور لاقحة هجينة تمتلك مجموعة وحيدة من الكروموزومات لكل نوع (AB).


تلك الهجائن عند الحيوانات، من النادر ان يكون لها مستقبل. لكن عند النباتات، يكون شائعاً بلوغها عمر التكاثر، على الرغم من ان اغلبية المرات ستكون مصابة بالعقم، او تقريباً مصابة به. مع هذا، يمكننا الآن الالتفات الى ظاهرة معتادة في الطبيعة هي الطفرات.

لكن بحالتنا لا يتم الحديث عن أيّ طفرة، بل الحديث عن الطفرة: الآلة الجينية الوراثية الاكثر بهيميّة التي يمكن تخيلها. تضاعف كليّ وشامل للمادة الوراثية. يمكن ان تحدث عبر التلوث الكيميائي بمركبات مثل colchicina، في اخطاء خلال نشوء انفصال الكروموزومات في الانقسام الاختزاليّ meiosis ، أو بسبب ثغرات في الانقسام الخليوي. ستكون النتيجة امشاج بترتيب جيني 2n أو في حالة الهجائن مع ترتيب جيني AB.

كيف يؤصّل هذا لمتعدد أو متغاير المجموعه الصبغية؟

حسناً، تقتضي الخطوة التالية واحدة من " اللاترجيحات الكونيّة "، تستلزم حادث تخصيب بين امشاج ثنائية المجموعة الصبغية. فهكذا مشيج ثنائي (2n) + مشيج ثنائي آخر (2n) سيعطي المجال لظهور = لاقحة متعددة المجموعات الصبغية (4n).

في حالة الهجائن، ستكون النتيجة عبارة عن كائن: AB + AB = AABB، ويكون هؤلاء الافراد بعكس الهجين الذي أصَّلهم { أصّل، يؤصِّلُ .. يُعطي الأصل لكائن حيّ أو لشيء ..الخ } انواع فعّالة وذات خصوبة جيّدة. بكلمات اخرى، انواع كاملة، جديدة، حرّة ومستقلة.

لهذا، لا يكون قمحنا سوى احد الامثلة الاكثر وضوحاً عن التطور، الذي يمكننا العثور عليه كذلك من خلال التغيرات المورفولوجية والوراثية الهامة. من جانب آخر، على الرغم من كون نموذج نشوء انواعه غير مألوف كليّاً في المملكة الحيوانية، فإنّ تعدد المجموعات الصبغية يشكّل ظاهرة عادية في المملكة النباتيّة.

علم الوراثة والتدجين

أين ومتى تمّ اعطاء الاصل لقمحنا Triticum aestivum؟ على الرغم من ان الامر للآن موضع جدل، لكن يتفق كثير من الباحثين: على ان هذا قد حدث في منطقة شرق المتوسط، وقد حصل منذ 11000 عام حيث حصلت موجات ذوبان جليدية بآخر عصر الجليد، عندها انتشرت انواع مختلفة من البقول البرية لتصل الى منطقة الهلال الخصيب Creciente Fértil { المنطقة الممتدة بوقتنا الحالي لتشمل فلسطين، الاردن، لبنان، الجمهورية السورية والعراق } . استقرت بهذه المنطقة عدة انواع من القمح البري:

Triticum monococcum, T. urartu, T. boeoticum, T. dicoccoides, Aegilops tauschii).

ومن الشعير البري

(Hordeum spontaneum)

ومن الشوفان البري

(Secale vavilovii)
منطقة الهلال الخصيب


كان احد اهم خيوط التاريخ البشريّ: التحوّل من مجتمعات التقاط الثمار والصيد المتنقلة الى جماعات مستقرة متخصصة بالزراعة. ففي غرب آسيا، يُسجّل تحول كهذا عبر ثلاث انواع من النجيليات البرية، والتي يُعتبر الانسان من وقتها المتسبب بنهبها المستمر: نوع من القمح البري la escanda، القمح والشعير.

تسجلكثير من الدراسات الجينية بأنّ اصل بذرة تدجين تلك النباتات، أتت منمنطقة دياربكر الواقعة بجنوب شرق تركيا الحالية. من هنا انطلقت بداية زراعة " القمح البري الاصغر " عبارة عن نوع قمح (Triticum monococcum) ذو جينوم نموذج AA ومن اقارب نوع Triticum urartu السلف لقمحنا الحالي. كما ان تلك المنطقة عرفت البذرة المزروعة من القمح نوع T. turgidum ssp. Dicoccoides المعروف بيومنا هذا تحت اسم " النشويّ البريّ ".

سنابل نوع القمح البري الاصغرTriticum monococcum في الاعلى سنبلة لنوع قمح مزروع، وفي الاسفل سنبلة قمح برّي


وتُعتبر فلسطين من اوائل الاماكن التي استعمل فيها القمح، حيث يمكننا الحديث عن باقي " النشويات البرية "، مثل: Triticum turgidum ssp. Dicoccoides { تُعتبر في زمن آخر كنوع مستقل هو Triticum dicoccoides } كسلف مُباشر { او مباشر تقريبياً } لقمحنا الراهن. على الرغم من ان الاستعمال لا يعني التدجين، فإنّ اوائل الطبقات التي ظهرت فيها تلك الانواع تعود الى 19000 قبل الميلاد. فكما قلنا، بمجرد حصول تكييفها للزراعة، اعطت المجال لولادة الزراعة. يظهر تدجين هذا النوع في مناطق الهلال الخصيب اعتباراً من القرن الحادي عشر قبل الميلاد، بينما يعود ظهورها البرّي الى 13000 عام قبل الميلاد في الجنوب الشرقي لتركيا الحالية.

مقارنة بين النوع الخشن Triticum turgidum ssp. durum الى يسار الصورة
ونوع قمحنا الحديث Triticum aestivum إلى اليمين


لقد رأينا للآن بأنّ الظاهرة الابرز لفهم تطور قمحنا، قد كانت: تعددية المجموعات الصبغيّة poliploidía، مع ذلك، يُعتبر التدجين ايضاً قد لعب ورقة هامة.

فبخلاف قمحنا الحديث، يكون النشويّ البريّ عبارة عن نبات ذو بذور صغيرة الحجم، ويكون انتاجها بكميات قليلة، اضافة لكونها محمية بواسطة قشرة. ليس هذا فحسب، مثلما يكون كثير من النجيليات فإنّ نوع Triticum turgidum ssp. Dicoccoides عبارة عن نبات وسط نشره الطبيعي الرياح والحيوانات. لاجل هذا يحتوي على سنابل متفتحة " هشّة "، بحيث تنكسر تلك السنابل بسهولة، بمجرد نضوج البذور: محررة سنيبلاتها بصيغة فرديّة.

تشكّل تلك السنيبلات وحدة نشر هذا النبات، كوحدة تشكيل ازهار اساسية في النجيليات، ومن ثمّ تستقبل البذرة. هذا لا يحصل هكذا في قمحنا، في الواقع سيكون عبارة عن مشكلة. هل بامكانكم تخيّل سنبلة " دون حبوب " وقت الحصاد؟ بالتالي، يكون الاكثر اهمية بالنسبة لنا هو سنبلة تحتفظ ببذورها بكل لحظة.

مع ذلك، في الطبقات الاكثر قدماً، الموجودة في الجنوب الشرقي من تركيا الحالية وشمال سورية الحالية، والتي تعود الى 10200 عام، تنتمي كل البقايا الاثرية عملياً لسنيبلات متفتحة " هشّة ". لكن الوضع قد تغيّر. ففي الطبقات التي تعود الى 7500 عام، فنحن امام وضع فيه 30% من السنيبلات من النوع المُنغلق او المُطبق " الغير هشّة ". وبمرور 1000 عام، امتلك اكثر من 60% من تلك السنيبلات خصائص كتلك. تكون السنبلة المنغلقة او المطبقة: تلك التي تحتفظ بكامل بذورها عند النضوج، فقد أضحت عملياً السمة الثابتة في القمح.


السنبلة الحديثة المنفتحة { او " الهشّة " } للنشويّ البريّ A ، وسنيبلة منها B . تفاصيل لمقطع من ذات السنيبلة C قمح مدجّن منغلق D. وتفصيل من عينة عشوائية لسنيبلة منه E ، الرسم البيانيّ F يوضح تناوب عدد من الاحفوريات ذات الصلة لانواع هشّة منفتحة ولانواع منغلقة قاسية.طبقات موقع الأسود Aswad وطبقات موقع الرماد Ramad تنتمي لحالات من الشعير

في الوقت الذي عادت فيه السنابل منغلقة، ايضاً كانت ميزات اخرى قيد الانتقاء. سنابل منغلقة مع بذور اكثر صلابة: هو ما يمكننا رؤيته في النشويّ المزروع، الذي يسميه بعض الباحثين Triticum turgidum ssp. Dicoccon.

ملمح آخر يميزه عن النشويات: هو حضور بذور مغطاة ومحمية بقشرة. وتلك ميزة مضبوطة جينياً بما يسمى loci Tg (tenacious glume) وعناصر del locus Q. لكن تلك الميزة السلفيّة { من السَلَفْ } ايضاً كانت في مهب الاختفاء. وبسرعة تظهر بذور حرّة من القشرة في طبقات تعود الى 8500 عام.

شكّلت تلك الصيغ النيوليتية السلف المُباشر لقمحنا الحديث كما " للقمح القاسي " الذي ما يزال يُزرع في شرق المتوسط وشمال افريقيا، والمعروف تحت اسم Triticum turgidum ssp. Durum، عبارة عن نبات قد ورث كل الصفات الجيدة { من وجهة نظر زراعية } التي ظهرت في النشويّ، الى ما تمّت اضافته عبر حضور حبّة عارية، حرّة من القشرة، الامر الذي يسهل استعمالها ومعالجتها.

التعاقب التطوري لنوع قمحنا الحديث، فمن اليسار الى اليمين نجد: النشويّ البريّ A ، النشويّ المزروع B ، القمح القاسي C والقمح الحديث D ، الاحرف المتموضعة في الاسفل تمثل جينات تلك الانواع



بالنهاية، بلغ تدجين القمح ذروته بظهور نوع Triticum aestivum. الذي كان نتاج تعدد تنوعات نوع Triticum turgidum من بذور عارية وسنابل منغلقة في الغالب، ومن خلال " عشبة الماعز " تلك المسماة Aegilops tauschii. الامر الذي يُعطي الاصل لقمحنا الحديث، كنوع خاص حديث جداً. على الرغم من ان عمره لا يكون متناسقاً بكل حساباته، فإنّ الحساب على قاعدة ساعاته الجزيئية اجراه بعض الباحثين: حددوا عمره بحدود 9500 قبل الميلاد، بينما يُرجعه باحثون آخرون لزمن ابكر لحوالي 6000 عام قبل الميلاد، فيربطونه ببدء الزراعة جنوب غرب بحر قزوين: المكان الذي تنتشر فيه " عشبة الماعز " تلك بصورة طبيعية.

تمّ تبرير نجاح نوع القمح Triticum aestivum تقليدياً بمواجهة " القمح القاسي " عبر الاستعانة بصلابته العالية، الامر الذي شكّل افتراضاً اعرجاً! حيث يُنتج " القمح القاسي " بذور اكبر حجماً ويمتلك قدرة على انتاج مشابه بشروط نمو مفضلة. من وقت قريب جداً، طرح باحثون آخرون مقارنة لانواع قمح : tetraploides , Triticum aestivum الامر الذي يوفّر لدونة عالية بمراحل مختلفة وشروط الاستبراد { معالجة البذور بالبرد بُغية تسريع انتاشها او انباتها وتسريع نموّ النبات وازهاره .. قاموس المورد اسباني عربي }، سامحة له بالنمو والانتاج تحت تأثير ظروف مُناخية مختلفة، تطوير مقاومة للملوحة، انخفاض قيمة pH لحضور الالمنيوم وللتبريد، مقاومة عالية للاوبئة والامراض، كذلك امتلاك قدرة عالية لاجل تحضير نماذج مختلفة من المنتجات الغذائية.

تطور القمح. لاحظوا التغيرات في شكل السنبلة


خطّ سير الأنواع البريّة من القمح .. كانت رحلة طويلة!

الموضوع الأصل بالقسم الأجنبي

تعليق فينيق

تتكون سلسلة البستان التطوري من عشر مواضيع، وتتناول تطوُّر أنواع نباتيّة محددة، حيث تبدأ السلسلة بتطور القمح، تتميز هذه السلسلة بغناها بالمعلومة والتوثيق. سأنشر المواضيع على مداخلات متتابعة هنا. أشكر أيّ تصويب أو إضافة





:: توقيعي ::: الحلّ الوحيد الممكن في سورية: القضاء على مافيا الأسد الداعشيّة الحالشيّة الإيرانية الروسيّة الإرهابيّة فئط!
http://www.ateismoespanarab.blogspot.com.es
يلعن روحك يا حافظ!
https://www.youtube.com/watch?v=Q5EhIY1ST8M
تحيّة لصبايا وشباب القُدْسْ المُحتلّه
https://www.youtube.com/watch?v=U5CLftIc2CY
البديهيّات لا تُناقشْ!
  رد مع اقتباس