منطق قططيّ!
سنتحدث، من جديد، عن المنطق. وقبل كل شيء، سأحاول إلغاء خطأ على شكل مغالطة بصورة فورية: يمتلك مُصطلح " منطق " معاني عديدة، حيث يتصل أحدها بالمسلكيات، أغراض وصيغ التفكير عند البشر.
لا يملك شخصان ذات المنطق في العشق، في اختيار العمل أو في التفاوض.
في حال ترك شخص لأعماله، لعائلته وممتلكاته كي يختفي مع عشيقته، يمكننا القول بأنّ " الحب لا يستجيب للمنطق "، لأننا نفكّر بمصطلح " منطق " كما لو كان " قاعدة " اجتماعية تضبط السلوك، أو بوصفه مرادف لما نعتبره " صحيح " { ما نعتقد أنه يكون صحيح } كفعل.
يحدث ذات الأمر مع مصطلح " عقليّ أو عقلاني "، حيث يمكننا اعتباره كمرادف لما " هو مُنتظَرْ أو مقبول "، على سبيل المثال، يُقدم شخص على ارتكاب عمل " لاعقلاني " عندما يطلق النار على العامة في الشارع، وبهذا يكون أبعد ما يكون عن كلّ " منطق ".
حسناً، لا أتحدث، هنا، لا عن " منطق " ولا عن " عقلانية "، بل سأتحدث عن علم شكليّ. لنصرف النظر عن المنطق، ونرى ما الذي يحدث؟
فيما يلي سأشرح ثلاث قوانين أساسية للمنطق وثابت منطق { يوجد العديد منه }، ثمّ سأحاول إيضاح ما يمكن أن يحصل في حال عدم إكمال هذه القواعد، وأشدد " على أنني سأحاول " لاستحالة تقديم مثال صحيح 100% حول تلك القواعد دون وجود إمكانية لحدوث خطأ، حيث سترون لماذا.
القانون الأوّل: قانون التطابق
يطابق كل كيان س ذاته نفسه، أو...
آمل أن لا يكون الأمر هكذا، سنقول الآن بأنّ هذا القانون: لا يجري إكماله أو تنفيذه " دوماً ".
لكن لا تضيعوا، يمكن للشخص استعمال المفتاح الفرنسي لأجل طرق شيء ما، نتحدث هنا عن " كيان "، ستكون كل ذرّة بالمطرقة موافقة لعناصر محددة متطابقة مع ذرات مختلفة بالمفتاح الفرنسي المتواجدة في أماكن مختلفة في الفضاء أو الفراغ، لكن ستكون ذات الذرات في ذات المكان هنا.
غالباً ما نتمكن من تخيُّل أداة بكونها شيء بلحظة ما ثمّ شيء آخر بلحظة أخرى، فيما لو نتخيل الأداتين متداخلتين { الصورة أعلاه }، لن يكون الأمر صحيحاً، بحيث تبقى كل أداة مختلفة عن الأداة الأخرى بصورة منفصلة الواحدة عن الأخرى.
لكن ما الذي يحدث مع الضوء؟
يمتلك الضوء ثنائية الموجة / الجزيء، بحيث يكون أحيانا عبارة عن موجة وأحياناً أخرى عبارة عن جزيء أو جسيم. في الواقع، ينتمي تصنيف المادة والموجة إلى عالم المقياس العياني، فيما تتحدى الظواهر الفيزيائية كانتشار الضوء " المنطق " { نعود لتعريف المنطق بوصفه " فطرة سليمة "، ولا نتحدث هنا عن المنطق بوصفه علم شكلي }. ما يحدث هو أن الضوء يكون كلا الشيئين أو لا يكون، هل يخرق هذا قانون التطابق؟
كلا، يجري الخلط هنا بالتصنيف، حيث تكون خواص العالم " العياني أو المرئي macro " مختلفة عن خواص العالم " غير المرئي الدقيق micro "، ويحدث الخلط عندما نرغب بالتفكير في العالم " غير المرئي الدقيق " بذات خواص العالم " العياني " { مادة، طاقة، موجات } وتظهر تلك المفارقات.
سمحت تلك المفارقات الخاصة بالعالم الكوانتيّ بظهور كثير من العلوم المزيفة، التي تعكس تفسيرات سيئة أو خاطئة للظواهر الفيزيائية.
لكن ينتج بأنه يوجد " ثابت " منطقي، تكسره الفيزياء الكوانتية، وهذا ما سنراه بنهاية الموضوع.
بكل الأحوال، يمكنكم القول:
" لا يستطيع العقل تخيُّل إخفاق قانون التطابق، دون أن يعني هذا إمكان حصول هذا الأمر ".
حسناً، ربما لا يجري التقاط الفكرة، بهذا المثال، حول تبعات التخلي عن أحد قوانين التفكير الأساسية، لكن سيكون القانون الثاني أكثر وضوحاً.
القانون الثاني: قانون عدم التناقض
لا يمكن لاقتراح ونفيه، أن يكونا صحيحين بذات الوقت وبذات المعنى، أو ...
" لا يمكن أن يكون الشيء أو لا يكون بذات الوقت وذات المعنى "
سنحاول تطبيق هذا القانون على الحديث حول الألوهية، الذي دار بين الفيلسوف الغامض والشخص الغريب على الشكل التالي: الفيلسوف الغامض: يكون مؤكداً وجود يهوه، وكذلك يكون مؤكداً عدم وجوده.
الشخص الغريب: كيف؟ يعني أنه يكون موجوداً وغير موجود؟
الفيلسوف الغامض: كنتُ واضحاً للغاية، نعم ولا.
الشخص الغريب: إذاً، سيتوجب عليّ التحوُّل للمسيحية؟
الفيلسوف الغامض: نعم ولا.
الشخص الغريب: يُتمتم بصورة غير مفهومة!
الفيلسوف الغامض: يتنهّد ويُفكّر " متى ستفهم الناس بأنّ الأجوبة، تكون أبعد بكثير مما يسمى منطق؟ ".
أحد جيران الشخص الغريب: إي! هل أطعمت كلبك؟
{ ملاحظة: مات الكلب من الجوع ..... أو لا }
فيما لو يكن شيء مؤكد وغير مؤكد بذات الوقت، لن نتمكن من اتخاذ قرارات أو قول شيء مؤكد، لكن تعطي " نعم ولا " نغمة شعرية، حيث يمكن استخدامها للتحوّل إلى غورو العصر الحديث، الذي سيشكّل جنون الأديان الجديدة. القانون الثالث: قانون الاحتمال الثالث المُستبعد
يكون س حقيقيّ، أو لا يكون س حقيقي، لا يوجد خيار ثالث
على سبيل المثال، نطرح السؤال التالي:
" هل يكون الكلب حيوان ثديي؟ ".
يكون الجواب نعم أو لا، حيث لا يوجد خيار ثالث للإجابة، ومن المهم هنا إيضاح أننا لا نتحدث عن حالة، يقوم فيها الشخص " لا أعرف " أو " ربما ".
سنحاول كسر هذا القانون من خلال مثال الكلب والسؤال حول هويته، إن يكن حيوان ثديي.
لنعتبر أنّ الكلب، يكون هجين زاحف / ثديي ... أوووووووووووه ملك مات منطق!!!
لكن صنعنا فخّ هنا، لأننا نضع تعريف الثدييات بحالة غموض، حيث تتميز الثدييات بقيام إناثها بإرضاع صغارها، بكل بساطة، وحتى إن امتلك " الكلب " حراشف، دم بارد ويضع بيوض، فيما لو يقوم بإرضاع صغاره، فسيكون حيوان ثديي.
عملياً، تكون آكلات النمل وخلد الماء حيوانات تضع بيوض، لكنها ترضع صغارها، لهذا يجري تصنيفها كثدييات لا كطيور أو زواحف. بالتالي، فيما لو يُقصي مهندس قانون الاحتمال الثالث المُستبعد، عندما يسألونه:
" أستاذ مهندس: هل سيتحمل الجسر الزمن المُحدد له مسبقاً ؟ ".
يجيب المهندس:" إممممممممم .. تقريباً أو بزمن يقلّ أو يكبر ".
لا نكون بمواجهة كائن يخرق المنطق، بل نكون بمواجهة مهنيّ مُهمل أو مُقصِّرْ.
تشكّل التبعات " فيما بعد أو التالي " الشهير، يكون " لهذا " تبعة " الآخر "، وعادة
يمكن استخدام التبعات لأجل توصيف علاقات السبب والأثر، كمثال:
" تُمطر، بالتالي سيتبلل البيت "
في العالم الكوانتيّ، يوجد بعض الظواهر " العفوية "، مثل اضمحلال النشاط الإشعاعي أو الطاقة في النقطة صفر، حيث لا تمتلك هذه الظواهر " تبعات مؤقتة "، لكن لا يعني هذا بأنها لا تملك سبب من نوع آخر. في القوانين الثلاثة التي تحدثنا عنها، فيما سبق، يوجد شيء مشترك فيما بينها، حيث تمثل إمكانيتنا " بتصوُّر " أو " تخيُّل " شيء ما، فيما خرجنا عن هذه القوانين، لتصاعد الدخان من أدمغتنا!
تكون السببية واحدة من تلك المفاهيم، التي تملأ أدمغتنا، والتي نستخدمها في عقلنات منطقية، حيث نربط بين حدثين أو حادثين، ما الذي يحدث، في حال عدم إكمال قوانين السببية دوماً؟
عملياً، يمكن أن يظهر مبلغ 100 مليار دولار في غرفتنا، دون وجود أيّ سبب واضح، لما لا؟
تعتبر السببية أحد المباديء، الذي استخدمه الكثير من الفلاسفة: لاستخلاص امتلاك الكون لسبب أو مسبب، لكن فيما لو نقول بأنّ قاعدة السببية غير قابلة للتحقق هنا، سيكون بإمكاننا القول بأن الكون موجود دون مسبب وبلا سبب، وهذا ما لا يروق للمؤمنين سماعه بالطبع!
لماذا سيرفض ألوهي ما فكرة عدم تشكيل السببية لقانون مطلق؟
الجواب: لأنّه سمح لقواعد منطقية " بشرية " بتحديد عقله وتفكيره ببساطة!
هل التقطتم المُفارقة المهزلة؟؟!!